على الرغم من التطمينات المتكررة التي تطلقها الحكومة العراقية ممثلة برئاسة الوزراء ووزارة الكهرباء، حول قرارها القاضي بالتعاقد مع شركات القطاع الخاص لغرض استحصال أجور استهلاك الكهرباء من المواطنين، فإن الاحتجاجات الشعبية ضد القرار الذي اتخذته الحكومة منذ نحو سنتين متواصلة منذ أسابيع في مختلف المدن والمحافظات في وسط وجنوب العراق.
وكان العبادي اعتبر، في معرض حديث عن موضوع أجور الكهرباء والضجة المثارة حولها، أن «التضليل والكذب واستخدام مصالح المواطنين لأغراض سياسية خيانة ما بعدها خيانة، لأننا نأخذ بنظر الاعتبار الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل، خصوصاً في موضوع جباية الكهرباء». وتقول الحكومة العراقية إن عقودها مع الشركات الخاصة تتضمن «جباية الأموال وأعمال صيانة»، وليس خصخصة، وتحصل الشركة المستثمرة مقابلة تلك الخدمة على 12 في المائة من تلك الأموال المستحصلة من المواطنين، وتبقى مهمة الدولة مرتبطة بتجهيز الكهرباء من محطات التوليد المملوكة لها إيصالها إلى مولدات الكهرباء الصغيرة في الأحياء، كما يتوجب على الشركة المستثمرة دفع نحو 80 في المائة أجور الموظفين الحكوميين في المنطقة أو الحي المستثمر.
وتقول الحكومة العراقية إنها لجأت إلى هذا التدبير نتيجة المشكلات الكثيرة التي تواجهها في مجال توزيع الطاقة التي تنعكس سلباً على بقاء مشكلة الكهرباء قائمة، ومنها امتناع المواطنين عن دفع أجور الكهرباء في منازلهم. وتقول وزارة الكهرباء إن كوادرها غير قادرة على جباية الأموال لأسباب مختلفة، ولديها أكثر من مليار دولار مستحق على المواطنين غير قادرة على استعادته. ويرى عدد غير قليل من المراقبين المحليين لموضوع الانتقادات والاحتجاجات ضد موضوع جباية الأجور عبر شركات خاصة، أن الموضوع يتجاوز حدود المطالب الشعبية المحقة بتوفر الخدمات ومنها خدمة الطاقة الكهربائية وتوفيرها بأسعار مدعومة من قبل الدولة، إلى حدود الصراع السياسي المضمر الذي تحركه جماعات مصالح مالية وحزبية ضد مشروع القرار الذي تتبناه حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، خصوصاً مع اقتراب موسم الانتخابات العامة المقررة منتصف مايو (أيار) المقبل.
وكان زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، المعروف بدفاعه عن رئيس الوزراء حيدر العبادي، رحّب الأسبوع الماضي، بموضوع الخصخصة، معتبراً أنه مفيد للطبقات الفقيرة والمعدمة من الشعب. وقال الصدر في تغريدة له عبر «تويتر»: «نرحب بخصخصة الكهرباء إذا كانت نافعة للشعب لا سيما الطبقات الفقيرة والمعدمة، وإلا فإننا سنقف مع الشعب في تظاهراته (السلمية) حصراً».
ويقول مصدر مقرب من رئاسة الوزراء لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحملة التي تتبناها بعض الجهات السياسية حول موضوع أجور الكهرباء واضحة وتلك الجهات هي من يقوم بتحريض المواطنين العاديين». ويشير إلى أنه «من الخطأ الحديث عن خصخصة لموضوع الكهرباء، والصحيح هو خصخصة قطاع الجباية عبر عقود للصيانة وجباية تقدمها الحكومة للقطاع الخاص».
ويؤكد أن العقود التي أبرمتها الحكومة مع القطاع الخاص «مفيدة جداً لجهة معالجة مشكلة الجباية وعطل أغلب عدادات الكهرباء في المنازل، بجانب التخلص من أسلاك المولدات الأهلية التي تشوه منظر المدينة، إضافة إلى أنها تساعد على تخفيض نسبة استهلاك الكهرباء».
وكانت قد خرجت مظاهرات حاشدة في محافظات الجنوب في غضون الأسبوع الأخير بدعم وتحريض من الحكومات المحلية وشخصيات سياسية، مطالبة بإلغاء قرار جباية الأجور الذي تتناه الحكومة. وتركز أغلب الانتقادات الموجهة إلى موضوع الخصخصة على أنها «ستزيد من كاهل الإنفاق على الكهرباء بالنسبة للمواطنين، كما تتهم المروجين لها بالسعي لسرقة أموال الناس والفساد عبر السيطرة على ملف توزيع الكهرباء».
لكن وزارة الكهرباء تؤكد أن «تجربة الخصخصة» ستزود المواطنين بالتيار الكهربائي لمدة 24 ساعة مقابل فواتير مالية إضافية، وأن المواطن سيسدد من خلال هذه التجربة فواتير تقل بـ80 في المائة عما يقوم بدفعه حالياً للمولدات الأهلية، وتشير إلى أن من شأنه هكذا إجراء إنهاء «الضائعات» بنسبة 50 في المائة من حجم الإنتاج.
العبادي: استخدام مصالح المواطنين لأغراض سياسية خيانة
مظاهرات عراقية غاضبة ضد «خصخصة الكهرباء»
العبادي: استخدام مصالح المواطنين لأغراض سياسية خيانة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة