تركيا تبدأ محاكمة زعيم أكبر حزب مؤيد للأكراد بتهمة الإرهاب

يواجه 142 سنة سجناً... وأنصاره يعتبرون قضيته استهدافاً للمعارضة

صلاح الدين دميرتاش الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي
صلاح الدين دميرتاش الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي
TT

تركيا تبدأ محاكمة زعيم أكبر حزب مؤيد للأكراد بتهمة الإرهاب

صلاح الدين دميرتاش الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي
صلاح الدين دميرتاش الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي

بدأت محكمة تركية، في العاصمة أنقرة، أمس، محاكمة صلاح الدين دميرتاش الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي، أكبر حزب تركي مناصر للأكراد، وثالث أكبر حزب بالبرلمان التركي من حيث عدد المقاعد بعد حزبي العدالة والتنمية الحاكم والشعب الجمهوري المعارض، بتهم تتعلق بالإرهاب.
واعتقل دميرتاش (44 عاماً)، الذي خاض الانتخابات الرئاسية في أغسطس (آب) 2014 منافساً للرئيس رجب طيب إردوغان، في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 مع 10 نواب من حزبه بعد أن وسّعت السلطات ما تسميه «حملة التطهير» التي أطلقتها عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016، والتي اتهمت السلطات الداعية التركي المقيم بأميركا فتح الله غولن وحركة الخدمة التابعة له بتدبيرها، لتشمل الأوساط المؤيدة للأكراد.
وتمّ توقيف دميرتاش ونواب حزبه بموجب تعديل دستوري أقره البرلمان التركي في مايو (أيار) من العام الماضي، يسمح برفع الحصانة البرلمانية عن النواب المتهمين في قضايا منظورة بالمحاكم. وتتهم السلطات التركية حزب الشعوب الديمقراطي بأنه الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني المحظور، الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنه «منظمة إرهابية»، ويرفض الحزب الذي كان يمتلك 59 مقعداً من أصل 550 مقعداً بالبرلمان التركي هذه الاتهامات، مؤكداً أنه مستهدف لأسباب سياسية بسبب معارضته الشديدة للرئيس رجب طيب إردوغان.
ولم يحضر دميرتاش، الموقوف في سجن في ولاية أدرنة أقصى شمال غربي تركيا، في جلسة الاستماع الأولى، أمس، أمام المحكمة، وإنما شارك في الجلسة عبر دائرة تلفزيونية بناء على قرار السلطات القضائية، كما لم تسمح المحكمة للمراقبين المحليين والدوليين بحضور الجلسة.
وأكد محامو دميرتاش، وكذلك حزبه، أن مذكرة الاتهام الصادرة عن النيابة العامة في تركيا، المؤلفة من 500 صفحة تتهم دميرتاش بصورة رئيسية بسبب وقائع ترتبط بعمله السياسي، وتستند إلى خطابات وبيانات صحافية.
وحالياً، يوجد 9 نواب من الحزب في السجن كما أسقطت عضوية خمسة من نوابه الـ59 الذين انتخبوا في البرلمان في الانتخابات المبكرة في الأول من نوفمبر 2015، وبينهم رئيسته المشاركة فيجان يوكسكداغ، التي حلت محلها في هذه المنصب سربيل كمال باي.
وتمّ توقيف نواب حزب الشعوب الديمقراطي بموجب قانون رفع الحصانة البرلمانية الذي أقر في مايو 2016، في إجراء واجه تنديداً شديداً من الحزب الذي اعتبره مناورة من الحكومة موجهة ضده. ويواجه ديمرتاش اتهامات تتلخص في الانتماء إلى «منظمة إرهابية» وقيادتها، و«الدعاية الإرهابية»، و«التحريض على ارتكاب جرائم»، ويطالب الادعاء العام بسجنه 142 عاماً.
وتجمع مئات الأشخاص أمام المحكمة الواقعة في ضاحية سنجان بالعاصمة أنقرة، وبعض زملائه بالحزب للتعبير عن دعمهم لدميرتاش. وقال المتظاهرون إن الجريمة الوحيدة لدميرتاش هي «معارضته لإردوغان»، ورفع بعض المتظاهرين وأعضاء الحزب لافتات حملت عبارات مثل «الضغوط لن ترهبنا أبداً»، و«حزب الشعوب الديمقراطي هو الأمل... والأمل موجود دائماً».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن هيو ويليامسون من منظمة «هيومن رايتس ووتش» أنه في ضوء العناصر التي يحاكم دميرتاش على أساسها، «من الصعب ألا نستنتج أن المحاكمة ضده ليست سوى مبادرة دوافعها سياسية من قبل الحكومة التركية لتخريب المعارضة البرلمانية».
وتشمل القضية 31 ملفاً، دمجتها السلطات القضائية في قضية واحدة، ووضع دميرتاش رهن التوقيف الاحترازي منذ أكثر من 400 يوم في إطار هذه القضية.
ولم يمثل دميرتاش الذي أقيمت ضده أكثر من 100 دعوى قضائية أمام أي محكمة منذ توقيفه، ولم يكن حاضراً أمس لأن المحكمة أمرت بأن يدلي بإفادته عبر اتصال فيديو.
وتثير القضية قلقاً واسعاً من جانب كثير من المنظمات الحقوقية الدولية، وندّد حزب الشعوب الديمقراطي في نوفمبر الماضي برسالة وجهتها السلطات إلى كل المحاكم التي تلاحق دميرتاش، تدعوها فيها إلى عدم السماح له بالمثول أمامها بشخصه. وأرجع مراقبون هذا الأمر إلى خوف السلطات من وقوع أعمال عنف من جانب أنصار دميرتاش.
بدورها، قالت هيئة الدفاع عن دميرتاش إن مجهولين قاموا الأحد الماضي بعملية سطو على مكتب أحد محاميه سرقوا خلالها جهاز الكومبيوتر الذي حفظ فيه مرافعات الدفاع عنه التي كانت معدة لجلسة الأمس.
ويعد وجود دميرتاش، وهو محامٍ بالأساس، في السجن ضربة كبيرة لحزب الشعوب الديمقراطي الذي يستعد لانتخابات مهمة بلدية وبرلمانية ورئاسية في 2019.
وكان دميرتاش، الذي يلقّبه البعض بـ«أوباما الكردي» نجح في تحويل حزب الشعوب إلى تشكيل يساري حديث يجذب ناخبين أبعد من مؤيديه الأكراد، وهو الحزب الكردي الأول في تاريخ تركيا الذي ينجح في تخطي الحد النسبي لدخول البرلمان بحصوله على أكثر من 10 في المائة من أصوات الناخبين مرتين في انتخابات 7 يونيو (حزيران) والأول من نوفمبر 2015.
وفجر الحزب مفاجأة مدوية في الانتخابات البرلمانية في يونيو 2015 بحصوله على 80 مقعداً، ليحرم حزب العدالة والتنمية الحاكم من الأغلبية المطلقة في البرلمان للمرة الأولى منذ 14 عاماً، لكن فقد الحزب في انتخابات جديدة مبكرة أجريت في أول نوفمبر من العام نفسه، بعد فشل رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو في تشكيل حكومة ائتلافية، 21 مقعداً.
وألف دميرتاش، وهو في سجنه مجموعة من القصص الصغيرة بعنوان «فجر» وزعت في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي. ونفدت كل النسخ البالغ عددها 20 ألفاً في 3 أيام فقط، بحسب ما ذكرته دار النشر «ديبنوت» التي أكدت أنها تقوم بطباعة الكتاب الذي يحوي هذه القصص للمرة الخامسة عشرة، حيث وزعت 155 ألف نسخة منه. وطالب الادعاء في جلسة الأمس باستمرار حبس دميرتاش أثناء المحاكمة.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.