طهران تسمي انتفاضة اليمنيين ضدها «مؤامرة»

مسؤولون إيرانيون يحضون الميليشيات على مواصلة القتال

قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري.
قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري.
TT

طهران تسمي انتفاضة اليمنيين ضدها «مؤامرة»

قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري.
قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري.

أعلن كبار المسؤولين الإيرانيين، أمس، عن تأييدهم قتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، برصاص ميليشيات الحوثي الموالية لإيران، ووصفوا مجابهة اليمنيين للميليشيات بأنها «مؤامرة».
وبينما عدّ قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري أن قتل صالح «وأد فتنة في المهد»؛ قال مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، إنه «نال جزاءه»، في الوقت الذي تجاهل فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني التعليق المباشر على قتله، واكتفى باتهامات وجهها لتحالف دعم الشرعية في اليمن لعملياته العسكرية، موجها تهديدات ضمنية إلى دول التحالف.
وهاجم السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، إيران، وقال إنها ترسل الموت إلى اليمن، وأضاف في حديث نشرته «الشرق الأوسط» أمس: «لم يتبق مع الحوثي إلا ميليشياته المسلحة، أما الشعب اليمني فقد انضم لدولته وقبيلته وعروبته».
وكان قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري أول مسؤول إيراني أنهى صمت طهران الرسمي على قتل علي عبد الله صالح، وأعلن في خطاب له بطهران تأييده خطوات الميليشيات الحوثية، واصفا التطورات الأخيرة في اليمن بـ«المؤامرة» ضد الحوثيين. ومن دون أن يذكر اسم الرئيس اليمني السابق عدّ أن قتله «وأد فتنة في المهد».
وجاء قتل صالح بعد نحو أسبوعين على أول إعلان رسمي من جعفري بتقديم دعم «استشاري» حينما أقر قائلا إن بلاده «تقدم الدعم بطلب من السلطة والحكومة في اليمن للحوثيين، ودعمنا بشكل أساسي استشاري ومعنوي».
وترتطم تصريحات جعفري بنفي إيراني متكرر لتهمة الوقوف وراء الصواريخ الباليستية والأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي تطلقها ميليشيات الحوثي على السعودية وفي اليمن وتهدد بها الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وتطلق إيران على وجودها العسكري في سوريا والعراق تسمية «الاستشاري» أيضا، وعلى خلاف ما تقوله طهران، قال نائب قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي إن «القوات البرية لـ(الحرس الثوري) أثبتت قدراتها في سوريا».
وضمن تصريحاته، تطرق جعفري إلى تصدير الثورة الإيرانية إلى سوريا والبحرين واليمن، مضيفا أنها «استفادت من التجارب الإيرانية».
وشبه قائد «الحرس الثوري» قتل علي عبد الله صالح بـ«إحباط مؤامرة كردستان» في إشارة إلى استفتاء إقليم كردستان العراق.
وفي السياق نفسه، زعم أن «إحباط المؤامرت في سوريا والعراق استغرق سنوات، ونرى انتصارات في الآونة الأخيرة».
ولم يتطرق إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بقيادة أميركا ودور التحالف في القتال مع تنظيم داعش الإرهابي.
بدوره، حاول روحاني لعب ورقة «مكافحة الإرهاب» لتبرير الموقف الإيراني من الأحداث في اليمن ودعم ميليشيات الحوثي. وقال في تعليقه على قتل الرئيس اليمني السابق إن «أسس الإرهاب في المنطقة انهارت». ومع ذلك، حرض روحاني الميليشيات الحوثية في اليمن على مواصلة القتال. ويتعارض ما قاله روحاني مع تصريحاته على مدى اليومين الماضيين، التي دعا فيها إلى «الحوار لحل مشكلات المنطقة وتعزيز التعاون بين الدول».
كما تتعارض التصريحات الإيرانية في مسألة اليمن مع طلب وزارة الخارجية الإيرانية فور إعلان صالح انتفاضته ضد الحوثيين بالتهدئة، مع التصعيد الذي طرأ بعد قتل صالح. ورد السفير السعودي لدى اليمن على دعوة الخارجية الإيرانية بالقول: «هذا حرص منهم على الميليشيات. لم تطلب إيران هذا من قبل، فهم يمدون الحوثيين بالذخيرة والسلاح، كالصاروخ الباليستي الذي استهدف الرياض في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واعترضته قوات الدفاع الجوي السعودي. وكم من الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية ضد اليمنيين، ولم نرَ طهران أو (حزب الله) أو المنظمات التابعة لإيران تطالب بالتهدئة، إلا عندما شاهدت انتفاضة الشعب اليمني ورفضه الميليشيات. جميعنا شاهدنا كيف واجه اليمنيون ميليشيات الحوثي دون ذخيرة وسلاح، وهذا تغير استراتيجي في اليمن ومستقبل المنطقة ككل. هذا مركز انطلاق حقيقي من الميدان لرفض العرب أي وجود إيراني داخل أراضيهم».
وخلافا لروحاني، قال مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي في تصريحات إن «صالح نال جزاء أعماله». ولمح ولايتي إلى استمرار الدعم الإيراني للحوثيين.
وسبقت الصحف الإيرانية أمس بمختلف اتجاهاتها مواقف كبار المسؤولين الإيرانيين في تغطية الحدث. ولم تبتعد عناوين الصحف المحافظة والمقربة من مؤسسة المرشد الإيراني والحرس الثوري، عن تلك في الصحف الإصلاحية.
صحيفة «جوان» التابعة لـ«الحرس الثوري» أوردت تقريرا بصفحتها الأولى تحت عنوان: «نهاية خيانة صدام الصغير» وقالت إنه «واجه مصير صدام حسين ومعمر القذافي بعد سنوات قليلة» وادعت الصحيفة أن المئات من أنصار صالح في صنعاء سلموا أنفسهم للحوثيين بعد قتله.
وعلى خلاف صحيفة «جوان» حاولت صحيفة «كيهان» التابعة للمرشد الإيراني التعامل مع قضية صالح بتحفظ، وادعت مقتل صالح «على يد مجهولين»، ووصفت الصحيفة في عنوانها الرئيسي مقتل صالح بـ«إحباط فتنة صنعاء».
على المنوال نفسه، أبرزت صحيفة «وطن أمروز» المتشددة في عنوانها الأول: «نهاية الفتنة»، وفي مقالها الافتتاحي تحت عنوان «الدور الاستراتيجي»، قالت الصحيفة المقربة من «الحرس الثوري» إن «تحول قوة إيران إلى الهيمنة في المنطقة بلغ مستويات لا يمكن الوقوف بوجهها».
وقال الصحيفة إن ما حدث عمليا على أرض المعركة هو حصول إيران ومحورها على الأراضي التي خسرها تنظيم داعش. وعدّت أن «مكسب إيران الثاني» هو حصولها على ممرات استراتيجية في العراق وسوريا.
وقالت الصحيفة إن إيران تحولت إلى غرفة عمليات مشتركة لمجموعات «المقاومة»، وإن «(المقاومة) تحولت إلى استراتيجية ونموذج للعمل الموحد في المنطقة»، كما تطرقت الصحيفة إلى تزويد طهران الجماعات الموالية لها بالصواريخ، وقالت إن «(المقاومة) استطاعت أن تعمل على انسجام بين قوتها الصاروخية والإقليمية» وهو ما «ساعد على تنمية القوة القتالية من بعد مع أقل الخسائر».
بدورها، عدّت صحيفة «إطلاعات» الرسمية أن قتل صالح «مرحلة جديدة في الحرب اليمنية». فيما عنونت صحيفة «إيران» الناطقة باسم حكومة روحاني في صفحتها الأولى: «نهاية السياسي العربي المعقد»، بينما كتبت صحيفة «شرق» الإيرانية تحت صورة ثلاثية تجمع صالح والرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والرئيس الليبي السابق معمر القذافي: «نهاية دامية لناكر العهود».


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».