استغل بابا الفاتيكان فرانسيس، اليوم الثاني من زيارته التاريخية لميانمار، الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا، والتي تصدرت أخبارها وسائل الإعلام خلال الأشهر الماضية بسبب مأساة مسلمي الروهينغا، للقاء زعماء بوذيين وهندوس ومسلمين ومسيحيين ويهود في يانجون. البابا فرنسيس تحدث عن الوحدة في التنوع، والسلام والتآخي بين الأقليات، إلا أنه لم يذكر الروهينغا بالاسم، مشيراً إلى أن هؤلاء الذين اجتمعوا معه هم إخوة ينبغي ألا يخافوا الخلافات.
وقال البابا لهم إنه في حالة وقوع جدالات بينهم فلا بد من أن يتصالحوا سريعاً.
ودعا البابا فرنسيس إلى «الالتزام بالعدالة واحترام حقوق الإنسان» في ميانمار، فيما كانت تقف إلى جواره زعيمة ميانمار أون سان سو تشي، التي تتعرض لإدانة دولية بسبب عملية عسكرية أجبرت أكثر من 600 ألف من الروهينغا على الفرار عبر الحدود إلى بنغلاديش نتيجة ما وصفته الأمم المتحدة والولايات المتحدة بأنه «تطهير عرقي».
لكن دبلوماسية البابا في التعاطي مع قضية الروهينغا أدانتها منظمات حقوق الإنسان.
واستنكر فيل روبرتسون، نائب مدير قسم آسيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، عدم قيام البابا باستخدام الاسم، قائلاً: «إن التعرف على الذات مهم جداً لأنه في هذه المرحلة، تم تجريد الأقلية المسلمة من الكثير، لدرجة أنه لم يتبقَّ سوى القليل جداً». وقال ماثيو سميث من منظمة «فورتيفايي رايتس»، ومقرها بانكوك، لوكالة الأنباء الألمانية، إن «إنكار الهوية العرقية للروهينغا كان له تأثير لا إنساني، ولا ينبغي للمجتمع الدولي أن يشارك فيه». وأضاف سميث «إن الروهينغا تعرضوا لمجازر في الأسابيع الأخيرة، فكان أقل ما يمكن أن يفعله البابا هو ذكرهم بالاسم». وقال مارك فارمانر، من حملة ميانمار بالمملكة المتحدة، إن عدم استخدام كلمة الروهينغا سيشجع القوميين في ميانمار، وإن «هذا سيتم الاحتفال به كانتصار من قبل مشجعي عملية التطهير العرقي التي يتعرض لها الروهينغا». وكانت الكنيسة الكاثوليكية في ميانمار قد حثت البابا على احترام وجهة نظر غالبية سكان ميانمار التي لا تَعتبر الروهينغا مواطنين، وتطلق عليهم اسم «البنغال»، المستمدة من بنغلاديش.
من ناحية أخرى، استنكر رهبان بوذيون قوميون في ميانمار، زيارة البابا، وكذلك دعوة حكومة ميانمار له للزيارة. وأصدر «الاتحاد الوطني لرهبان ميانمار» بياناً وصف فيه الزيارة بأنها «قمع» لميانمار البوذية.
وفي كلمته التي ألقاها باللغة الإيطالية، دعا البابا إلى «احترام كل مجموعة عرقية وهويتها»، مضيفاً أن شعب ميانمار «عانى كثيراً، ولا يزال، من صراع أهليّ وعدائيات استمرت لفترات طويلة جداً، وأدت إلى انقسامات عميقة»، وحث البلاد على التعاون مع المجتمع الدولي. وعقد البابا مع أونغ سان سو تشي الحاكمة المدنية الفعلية لميانمار، لقاءً في القصر الرئاسي في نايبيداو، أمس (الثلاثاء).
وقد التقى قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ في اليوم الأول في زيارته، الذي أكد «عدم وجود تمييز ديني» في بلاده رغم اتهامه بممارسة «تطهير عرقي» بحق المسلمين الروهينغا. وأعلن قائد الجيش عبر حسابه على موقع «فيسبوك» أنه أكد للبابا فرنسيس خلال لقائهما «عدم وجود تمييز ديني» في بلاده، و«كذلك الأمر بالنسبة إلى جيشنا، فهو يسعى من أجل سلام واستقرار البلاد».
من جانب آخر أعلن المجلس البلدي لمدينة أوكسفورد عن سحب أعلى وسام تمنحه المدينة البريطانية من زعيمة ميانمار أونغ سان سو تشي، بسبب صمتها و«عدم تحركها» في إدارة أزمة أقلية الروهينغا المسلمة.
وقال المجلس البلدي للمدينة البريطانية، في بيان: «عندما تلقت أونغ سان سو تشي (وسام) حرية المدينة في 1997، كانت تجسد قيم التسامح والعالمية التي تتبناها أوكسفورد». وتابع: «اليوم اتخذنا قراراً غير مسبوق بسحب التكريم الأعلى في المدينة بسبب عدم تحركها أمام قمع أقلية الروهينغا»، وذلك في بيان نُشر غداة التصويت بالإجماع على هذا القرار مساء أول من أمس (الاثنين).
في آخر سبتمبر (أيلول)، قررت جامعة أوكسفورد المرموقة إزالة لوحة تمثل الزعيمة، الطالبة سابقاً في هذه المؤسسة. وتواجه أونغ سان سو تشي انتقادات حادة بسبب عدم تعاطفها مع أقلية الروهينغا المسلمة التي تعتبر من الأكثر عرضة للاضطهاد حول العالم وتواجه، حسب الأمم المتحدة «تطهيراً عرقياً».
ويقيم نحو 900 ألف شخص من هذه الأقلية العرقية في أضخم مخيم للاجئين في العالم في جنوب بنغلاديش. وفر مئات الآلاف منهم منذ أواخر أغسطس (آب) من قراهم في ولاية راخين (غرب ميانمار) هرباً من حملة عنف يخوضها الجيش ضدهم.
بابا الفاتيكان ينادي بالتآخي في ميانمار ويتجنب تسمية الروهينغا
منظمات حقوقية تستنكر... وأكسفورد تسحب وساماً منحته لسو تشي بسبب صمتها
بابا الفاتيكان ينادي بالتآخي في ميانمار ويتجنب تسمية الروهينغا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة