الطريق إلى «أومبريا» عبر نسمات رومانية

اكتشفها على طريقة «الطليان» و«الوظيفة الإيطالية»

أسنري التاريخية التي تعود إلى القرون الوسطى
أسنري التاريخية التي تعود إلى القرون الوسطى
TT

الطريق إلى «أومبريا» عبر نسمات رومانية

أسنري التاريخية التي تعود إلى القرون الوسطى
أسنري التاريخية التي تعود إلى القرون الوسطى

لقبها «قلب إيطاليا الأخضر»، شهيرة بمطبخها المميز ومزاياها الريفية الخضراء على مدار العام وغناها التراثي مع تأثيرات رومانية ونفحات من القرون الوسطى. باختصار هذه هي «أومبريا» Umbria، الواقعة على بعد ساعتين من العاصمة روما و30 كيلومترا من مدينة «بيروجيا» Perugia التاريخية الشهيرة بمدارس تعليم اللغة الإيطالية.
وروما غنية عن التعريف، فهي العاصمة الإيطالية التي تتميز بفوضى وصفتها دائماً بالـ«فوضى المنظمة» لأنها لو لم تكن هكذا، فلمَ كانت على هذا النحو من الجمال والحيوية الممزوجة بالتاريخ والإرث الثقافي والإبداع الفني الذي يعشش في كل زاوية من أزقتها الضيقة؟.
وهنا ذَكرت مدينتين مختلفتين تماماً من حيث الموقع والنمط ومتفقتين على المطبخ، لأن إيطاليا لا يكتمل ذكرها إلا من خلال التنويه بأطباقها التي تختلف من منطقة إلى أخرى.
وإذا كنت تنوي زيارة روما فأنصحك بزيارة المدن القريبة منها للتعرف على الوجه الآخر لإيطاليا، وهذه المرة وبحكم عدم توفر الرحلات المباشرة في هذا الموسم من لندن إلى بيروجيا بهدف الإقامة في «فيلا مونتي سولاري» Villa Monte Solare أشهر عنوان في المنطقة فكان لا بد من السفر إلى روما للتوجه منها بالسيارة إلى أومبريا الريفية الجميلة التي تحمل في عبقها النسمات الرومانية القادمة من روما «مع كل الحب».

فيلا مونتي سولاري
عنوان أنيق للإقامة في أومبريا، يعود مبناها إلى القرن الثامن عشر وتحيط بها الحدائق وأشجار الزيتون وأشجار الليمون التي تنبعث منها رائحة تفتح الشهية على الأكل في مدرسة تعليم الطهي التابعة للفيلا التي تجعل من الزائر طاهيا ممتازا في حصة واحدة تكون كافية لتعليمك كيفية تحضير المعكرونة وصلصاتها اللذيذة.
تصل إلى الفيلا عبر طريق خاص يجعلك تتأمل الوديان المحيطة.
هذا المبنى الأثري الشامخ كان في الماضي سكنا لأحد أعيان المنطقة واليوم تحول إلى فندق من فئة «بوتيك» وهو مؤلف من 25 غرفة، ولا تزال هذه الفيلا تحافظ على جميع مفرداتها القديمة من حيث الديكور والأثاث وتخضع حاليا لعملية تجديد من دون التأثير على رونقها الأثري.
وتضم الفيلا مركزا صحيا يقدم العلاجات بشتى أنواعها، وعبر حديقة منمقة تصل إلى بركة سباحة خارجية لا يفصلها عن الجبال إلا وديان تكسوها الخضرة من كل الجوانب، وتوجد أيضاً كنيسة صغيرة جدا كانت خاصة بأصحاب الفيلا واليوم من الممكن إجراء مراسم الزفاف فيها.
وفي المبنى الرئيس للفيلا تتوزع الغرف، البهو الرئيسي صغير جدا مع غرفة طعام أشبه بمطابخ البيوت الإيطالية القديمة، يقدم فيها الفطور كل صباح، والمطعم الوحيد في الفيلا يقدم العشاء، ولائحة الطعام تعتمد على المنتجات المحلية في موسمها الأصلي بالإضافة إلى أطباق الباستا على طريقة أهالي أومبريا، وهناك وصفة خاصة بالفلاحين والطبقة الفقيرة للمعكرونة التي تحضر من الماء والدقيق فقط، لأن البيض كان يباع في السوق لجني المال منه. ولكن بالحقيقة لم يتأثر مذاق المعكرونة لا بل على العكس فكانت النتيجة مذاقا لذيذا وخفيفا.
ولمحبي المشي، من الممكن التجول في الأراضي المحيطة بالفيلا التي تمتد على مساحة 80 هكتاراً والتي تعود ملكيتها لأصحاب المشروع الجدد، هضبات وتلال تصل إلى أعلى القمة لتلقي نظرة على روعة طبيعية حقيقية متمثلة بالخضرة والجبال المحيطة بها وبحيرة ترازيمينو التي تتوسط المشهد. ومن الممكن الوصول إلى القمة عن طريق سيارة رباعية الدفع تقدمها الفيلا، وفي الأعلى من الممكن تناول الغداء أو العشاء في أجواء رومانسية بتنسيق مع الفيلا، مع إمكانية إقامة الحفلات الخاصة والـ«بيكنينك» في الغابة المحيطة تحت أشجار الزيتون الوارفة التي يبلغ عددها 3 آلاف شجرة بعضها يتعدى عمرها المائتي سنة. وأجمل ما في هذا النشاط هو الهدوء والسكينة، فموقع الفيلا يناسب الباحثين عن الراحة التامة والعلاج والأكل اللذيذ.

أهم الزيارت
أومبريا محاطة بالمعالم الجميلة، وتبقى عاصمتها بيروجيا الواقعة على هضبة من أجمل الأماكن التي يجب عليك زيارتها، فهي مدينة يعود تاريخها إلى القرون الوسطى، غنية بالتاريخ وشاهدة على عدة حقبات تجسدها من خلال معالم تذكرك بالزمن الغابر. والجميل فيها أنها لم تبك على أطلال ثراء تاريخها لا بل تقدمت وتفتحت ومزجت القديم والعصرية بشكل جيد، فهي من أكثر المدن حيوية وتضم بعضا من أجمل أماكن التسوق في إيطاليا في أجواء عصرية تنافس المدن الكبرى.
من الزيارات الضرورية فيها «أسيزي» الواقعة على بعد 50 كلم من فيلا مونتي سولاري، وهذه المنطقة لا تحظى بشهرة محلية فحسب، بل هي مرشحة للفوز بلقب عاصمة الثقافة لعام 2019 نسبة لما تزخر به من روعة وثقافة وتاريخ. وأجمل ما يمكنك القيام بها زيارة الأديرة والكنائس والمشي بين أزقتها وتذوق مأكولات مطاعمها الصغيرة التي تقدم المأكولات الإيطالية بنكهات مطابخ المنازل. مع فرصة لالتقاط الصور الفوتوغرافية لأن موقع أسيزي على هضبة ومنها تطل على باقي المناطق المحيطة.
كما تشتهر بيروجيا كونها واحدة من أهم المدن الإيطالية التي تضم الجامعات المعترف بها دوليا وتنظم بها مهرجانات كثيرة يأتيها الزوار من كل بقاع الكون. من أهم الزيارات: «ذا إيتروسكان ارتش» و«روكا باولينا» و«المعرض الفني الوطني في أومبريا»، ولمحبي التسوق، فهناك أسواق كثيرة سيقف المتسوق عاجزا عندما يأتي الأمر على الاختيار فيما بينها. ولمحبي الشوكولاته هناك مصنع لتلك الحلوى يمكن زيارته وتذوق ألذ الأصناف فيه.
من أجمل المناطق المحيطة والتي تستحق الزيارة قرية سبيلو Spello التي تبعد 55 كيلومترا و«مونتيفالكو» (60 كلم) و«بيفانيا» (51 كلم) الشهيرة بهندستها المميزة ومطبخها.
إذا كان لديك الوقت الكافي ننصحك بزيارة منطقة «سبوليتو» التي تبعد ساعة بالسيارة عن أومبريا وهذه المنطقة رائعة من حيث الهندسة وتشتهر أيضاً كونها تقدم مهرجان «Dei Due Mondi» والترجمة هي «مهرجان العالمين» ويعتبر هذا المهرجان من أهم ما يتم تنظيمه في أوروبا من حيث الفن والفعاليات.
المواصلات في إيطاليا التي تربط مدنها بعضها ببعض جيدة، ولكن إذا أردت اكتشاف أكثر من مدينة ومنطقة فأنصحك بتأجير سيارة للتعرف على الخبايا التي لا يعرفها إلا أهل البلد.

أين تأكل؟
في إيطاليا من الصعب الشعور بالجوع لأن الطعام مغرٍ لدرجة أنه من المستحيل مقاومة أكل الأطباق اللذيذة التي تختلف طرق تحضيرها من منطقة إلى أخرى.

من المطاعم الجيدة في أومبريا
- مطعم «دوليوم» Dolium الذي يتميز بتقديم أطباق تقليدية في قالب من الرقي، وتتغير لائحة الطعام بحسب مواسم المنتجات، ويتميز مطبخ هذا المطعم بنكهات توسكانا مع مراعاة هؤلاء الذين يعانون من الحساسية على بعض المكونات مثل الغلوتين وغيره.
- تراتوريا برونو كوبيتا Trattoria Bruno Coppettaفي منطقة «تشيتا ديلا بييفي»، الحجز المسبق في هذا المطعم ضروري جدا، لأن الطلب عليه عال جدا، يقدم المأكولات الإيطالية بالإضافة إلى تخصصه في تقديم اللحومات وأجود أنواع الستيك، وفيه واجهة للحوم يتمكن الزبون اختيار ما يريده منها وفرن كبير للبيتزا.
الجميل في المطعم أنه لا يزال يحافظ على نمطه التقليدي وتعمل فيه ربات بيوت إيطاليات يطلق عليهن اسم «ماماز».

نشاطات موسمية
زيارتنا كانت خريفية وهذا هو موسم قطف الكمأة السوداء التي تعتبر من أغلى أنواع الفطر البري، والكمأة تستخدم كثيرا مع زيت الزيتون في صلصات الباستا ونكهتها مميزة جدا ولكنها لا تروق للجميع لأنها قوية.
فتنظم في المنطقة رحلات لقطف الكمأة من الغابات المجاورة مع دليل سياحي يشرح لك عن أنواع الكمأة وما إلى ذلك من معلومات مفيدة.
ومن النشاطات ذات الصلة، الالتحاق بمدرسة تعليم الطهي في «فيلا مونتي سولاري» وتعلم وصفات إيطالية سهلة التحضير، ويتولى الشيف الإيطالي ماتيو راغني الذي اختار لنا وصفة معكرونة الفقراء مع الكمأة الطازجة التي يصل سعر القطعة منها إلى 100 يورو وتباع بالوزن.
وإذا كنت من محبي ركوب الدراجات الهوائية والمشي فقد يكون تأجير دراجة فرصة للتعرف على معالم المدينة والتوقف عند أهمها. كما تنظم رحلات خاصة بالمشي في الغابات.

أجمل نقطة للتصوير
المنطقة بأكملها جميلة وجذابة من حيث الطبيعة، ولكن منطقة بانيكالي Panicale توفر أجمل إطلالة على بحيرة ترازيمينو، وتنتشر فيها المقاهي والقناطر والطرقات المخصصة للمشاة، وفيها تتذوق ألذ شوكولاته ساخنة، تختار النكهة التي تفضلها مثل البندق وغيره. ويقام في هذه المنطقة معرض شهير يقتصر على الخبز وزيت الزيتون ويطلق عليه اسم «بان أوليو» Pan’Olio.

الوصول إلى أومبريا
عن طريق الجو، أقرب مطار هو مطار بيروجيا (الطيران إليه ليس متوفرا على مدى أيام السنة) أو مطار فيوميتشينو (يبعد ساعتين و15 دقيقة)، ومطار تشامبينو (ساعتين) ومطار بيزا (ساعتين و42 دقيقة) عن طريق البر، عبر الطريق السريع وتستغرق المسافة نحو ساعتين.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».