أنقرة تطالب واشنطن بإسقاط قضية رجل أعمال متهم بخرق «عقوبات إيران»

بدء ملاحقات مكثفة لأتباع غولن بالخارج

رئيس الوزراء بن علي يلدريم ورئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي في لندن أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء بن علي يلدريم ورئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي في لندن أمس (إ.ب.أ)
TT

أنقرة تطالب واشنطن بإسقاط قضية رجل أعمال متهم بخرق «عقوبات إيران»

رئيس الوزراء بن علي يلدريم ورئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي في لندن أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء بن علي يلدريم ورئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي في لندن أمس (إ.ب.أ)

تزامنا مع بدء إجراءات محاكمته، طالبت تركيا الولايات المتحدة بإسقاط أو إنهاء القضية المتهم فيها رجل الأعمال التركي من أصل إيراني رضا ضراب بانتهاك العقوبات الأميركية على إيران، الذي كان أبرز المتهمين في تحقيقات الفساد والرشوة الكبرى في تركيا أواخر عام 2013 التي قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنها كانت محاولة من «حركة الخدمة» بزعامة حليفه السابق الداعية فتح الله غولن المقيم بأميركا منذ عام 1999، لإطاحة حكومته في ذلك الوقت، بينما بدأت أنقرة في الوقت نفسه ملاحقة دولية لبعض أعضاء الحركة متهمين بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو (تموز) العام الماضي واتهمت السلطات أيضا غولن بتدبيرها.
وأكد نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ في مقابلة تلفزيونية أمس (الاثنين) ضرورة «إسقاط أو إنهاء» القضية الأميركية ضد الملياردير التركي من أصل إيراني رضا ضراب. وكرر بوزداغ أن القضية، التي بدأ اختيار هيئة المحلفين فيها في نيويورك أمس، «لا أساس قانونيا لها».
واعتقل تاجر الذهب ضراب في الولايات المتحدة العام الماضي، ويقول ممثلو الادعاء الأميركيون إنه كان وراء مخطط لتفادي العقوبات المفروضة على إيران تبلغ قيمته مئات الملايين من الدولارات.
وبدأ أمس اختيار هيئة محلفين خلال محاكمة ضراب، المعروف أيضا باسم رضا عارف، الذي سيمثل أمام محكمة في مانهاتن، حيث وجهت له تهم خرق العقوبات المفروضة على إيران عبر عمليات كثيرة لنقل مئات الملايين من الدولارات إلى الحكومة الإيرانية أو الكيانات ذات الصلة.
وتسود توقعات بأن تعقد المحكمة صفقة مع ضراب ليصبح بموجبها شاهدا حكوميا، مما يعني أنه سيفصح عن كثير من المعلومات بشأن القضية التي تمس مسؤولين أتراكا في دائرة مقربة من إردوغان.
وبحسب الادعاء الأميركي، فقد استغل ضراب ثغرات في العقوبات الأميركية على إيران لشراء النفط والغاز في مقابل الذهب، واستخدم شبكة كبيرة من الشركات لإخفاء التعاملات المالية بالنيابة عن كيانات إيرانية تندرج في لائحة العقوبات.
واحتوى ملف التحقيق في أميركا على محادثات هاتفية مسجلة ووثائق يقول المدعون إن من بينها مكالمة هاتفية في 16 أبريل (نيسان) 2013 تحدث فيها ضراب مع متهم آخر عن مساعيه لشراء بنك لإيجاد قناة لمعاملات إيرانية. وأشار الادعاء إلى أن ضراب وإردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك الوقت، تحدثا قبل ذلك بأربعة أيام خلال حفل زفاف.
وبحسب ما نقلت «نيويورك تايمز» عن ملفات التحقيق، فقد قال مدعون إن ضراب قال لمتهم آخر: «سأعود وأقول... سيادة رئيس الوزراء (إردوغان)... إذا وافقت؛ فأعطني رخصة وسأذهب إلى (هيئة التنظيم والرقابة على البنوك التركية) حتى لو اشتريت البنك بأي طريقة».
وطفت هذه القضية على السطح في ديسمبر (كانون الأول) 2013، عندما أقدمت الشرطة التركية على اعتقال مسؤولين كبار فيما سميت وقتها «فضيحة (بنك خلق)»، التي ظهر فيها اسم بلال نجل الرئيس التركي.
وكان رجل أعمال تركي، معارض في المنفى، تقدم بشكوى مؤكداً أن بلال نجل الرئيس التركي كان قد هرب إلى إيطاليا «مع مبلغ كبير من المال» وفريق من الحراس الشخصيين المسلحين، الذين استخدموا جوازات سفر دبلوماسية في 2014 عقب تحقيقات الفساد والرشوة، قبل أن يعود إلى تركيا معلنا أنه كان في إيطاليا من أجل دراسة الماجستير.
في سياق مواز، قررت المحكمة العليا في تركيا مراسلة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)، لإصدار مذكرة اعتقال حمراء، بحق 3 مدعين عموم سابقين بتهمة الانتماء إلى حركة غولن.
وذكر المكتب الجنائي للمحكمة، في بيان أمس، أن قرار طلب إصدار مذكرة الاعتقال الحمراء، جاء بعد عدم تطبيق أوامر القبض الصادرة بحق المدعين العموم الثلاثة (زكريا أوز، وجلال كارا، ومحمد يوزغجي) بوصفهم فارين إلى خارج البلاد، وجميعهم ممن شاركوا في تحقيقات الفساد والرشوة في 2013.
في غضون ذلك، قالت مصادر تركية إن جهاز المخابرات التركي نجح في اعتقال أحد قادة حركة غولن في السودان وجلبه إلى الأراضي التركية. وبحسب وسائل إعلام تركية؛ فإن المخابرات التركية تمكنت من جلب ممدوح تشيكماز، وهو أحد كبار رجال الأعمال في حركة غولن، الذي يوصف بأنه أحد أبرز ممولي الحركة، ونقلته إلى الأراضي التركية بالتعاون مع دائرة المخابرات والأمن السودانية بعد القبض عليه داخل بيت كان يختبئ فيه. ونقل تشيكماز إلى تركيا بعد إتمام الإجراءات القانونية اللازمة في السودان.
ويمتلك تشيكماز عددا من محطات الوقود ومصانع لمواد البناء في ولاية تشوروم وسط تركيا.
في السياق ذاته، كشفت أوزلام زنجين، مستشارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عن مساع تقوم بها حكومة بلادها لدى الحكومة البريطانية لتسليم رجال أعمال وناشطين هاربين في بريطانيا، لاتهامهم بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة.
وأضافت: «لدينا علاقات جيدة مع المملكة المتحدة، وهناك طلبات لتسليم المجرمين تتعلق ببعض رجال الأعمال فيها. تعمل وزارة العدل في أنقرة على هذه القضايا، كما شارك (الإنتربول) في القبض على المشتبه في انتمائهم إلى الحركة».
وأشارت إلى أن مسألة تسليم هؤلاء المطلوبين كانت على رأس قضايا النقاش خلال لقاء رئيس الوزراء بن علي يلدريم ورئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي في لندن أمس الاثنين.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».