على وقع «مذبحة المصلين» التي راح ضحيتها 305 أشخاص في هجوم استهدف مسجد الروضة بشمال سيناء يوم (الجمعة) الماضي، عادت إلى الواجهة من جديد قضية «تكفير داعش»، وفي حين ظهر اتجاه في بعض وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية في مصر لدعوة مؤسسة الأزهر الشريف إلى إصدار فتوى أو حكم بـ«تكفير» عناصر التنظيم الذي ينفذ عمليات دامية بحق المدنيين وقوات الجيش والشرطة، تمسكت المؤسسة الدينية الإسلامية الأكبر في البلاد بعدم الدخول في تلك المساحة بنزع الإيمان عنهم، مستندة إلى ضوابط «شرعية وفقهية» تحول دون إقدامها على تلك الخطوة.
وبدا لافتاً تخصيص مساحة من برامج «التوك شو» لمناقشة «تكفير داعش»، ومنها انتقاد الإعلامي المصري عمرو أديب في برنامجه، مساء أول من أمس، عدم إقدام «الأزهر» على وصف منفذي الهجوم بأنهم «كفار»، وقال: «حتى لم يقولوا إنهم خارجون عن الملة... قالوا إنهم غير مسلمين... ماذا يعني هذا؟».
لكن رئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأخبار» القومية «المملوكة للدولة» ياسر رزق، تحدث في مقاله في عدد الصحيفة الصادر صباح أمس، عن القضية، وقال: «إذا كان هناك في مؤسستنا الدينية من يتحفظ على إطلاق وصف كافر، على القتلة الإرهابيين، بدعوى أنهم ينطقون بالشهادتين، أو بحجة أن التكفير سلاح لا ينبغي التراشق به مع التكفيريين، فما هو تعريف من يدنس بيوت الله ويقتل المصلين؟! إننا نريد فتوى شجاعة تعتبر من يعتدي على مسجد أو كنيسة، محارباً لله ومفسداً في الأرض، جزاؤه حد الحرابة».
وعلى الجانب الآخر، خصص الموقع الرسمي للأزهر واجهته الرئيسية لنشر مواقف المؤسسة من القضية، ونشر في بيانين منفصلين، ما بدا أنه رد غير مباشر على دعاوى «تكفير داعش». وجاء في فتوى بعنوان «حُرمة الاعتداء على دُور العبادة ومن فيها»، أن «الاعتداء على دُور العبادة وقتل مَن فيها فساد في الأرض مخالف لما جاء به الإسلام، وحكمه: (حرام شرعاً، وهذه الأفعال بعيدة كل البعد عن الإسلام وتعاليمه)».
وزاد الأزهر في فتوى أخرى، بعنوان حكم «ترويع الآمنين»: «إن الذي يفعل هذه الأفعال يحارب الله ورسوله، ويفسد في الأرض، ويستحق عقاب البغاة في الدنيا والعذاب في الآخرة»، وأضاف: «ومن يحمل علينا السلاح بقصد التخويف أو القتل أو إدخال الرعب علينا فليس متّبِعاً لطريقتنا أو سنتنا».
وقال الدكتور إبراهيم الهدهد، عضو مجمع البحوث الإسلامية (أحد هيئتين يرأسهما شيخ الأزهر مع «هيئة كبار العلماء» ويختصان بإصدار المواقف الرسمية والشرعية للمؤسسة)، لـ«الشرق الأوسط» إن موقف الأزهر فيما يتعلق بالتكفير ثابت ويتمثل في أنه «ليس جهة تكفير، وأن المعني بهذا الأمر هو القضاء أو الحاكم، وأن مسألة الخروج من الإسلام لا تقع إلا بنكران أبوابه الخمسة، وأن من ينكر أحدها لا يمكن اعتباره كافراً».
وأضاف: «إذا كانت الدعوة للتكفير، غرضه إباحة قتال أفراد (داعش) فإن ذلك أمر مفروغ منه من قبل مؤسسة الأزهر التي تجيزه، بناءً على اعتبارهم مفسدين في الأرض، وينطبق عليهم الحكم الشرعي في ذلك والمعروف باسم (حد الحرابة)».
وبشأن تفسيره لأسباب دعوة الأزهر إلى الخطوة، قال الهدهد: «نحن لا نبني مواقفنا على ضغوط إعلامية، ونعمل بشكل مؤسسي يتمثل في الهيئتين الممثلتين للأزهر، وهما هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، اللذان يختار أعضاؤهما بالانتخاب، وتصدر الفتاوى عنهم بعد الدراسة واستطلاع الآراء»، واستكمل: «البعض يبحث عن شماعة لتحميل الأزهر المسؤولية عن أمر لا علاقة له به».
«تكفير داعش» يشعل معركة فتاوى بين الأزهر والإعلام
عضو في «مجمع البحوث» لـ«الشرق الأوسط»: لا نخضع للضغوط
«تكفير داعش» يشعل معركة فتاوى بين الأزهر والإعلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة