قال المخرج المصري محمد حماد إن فيلمه «أخضر يابس» الذي فاز بعدة جوائز سينمائية قبل أن يعرض أمس الأحد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي «محاولة لاكتشاف الوقت» وما يفعله فينا نحن البشر. يتناول الفيلم قصة الفتاة اليتيمة (إيمان) التي تعيش مع أختها الأصغر (نهى) بعد أن توفي شقيقهما الوحيد متأثرا بمرض السرطان. يمر قطار الحياة بطيئا يحمل داخله (إيمان) التي تعمل بائعة في محل حلوى، وذات يوم تكشف لها الفحوص الطبية انقطاع الطمث رغم عمرها المبكر بينما في المقابل تتعجل شقيقتها الأصغر بإتمام خطبتها من شاب في عامه الجامعي الأخير.
وقال حماد (37 عاماً)، في ندوة عقب عرض الفيلم بالمسرح الصغير في دار الأوبرا المصرية، والتي شهدت انتقادات من بعض الحضور للإيقاع البطيء للفيلم: «الوقت هو الفكرة الرئيسية في أخضر يابس، والفيلم محاولة لاكتشاف الوقت وما يفعله فينا نحن البشر»، حسب «رويترز».
وأضاف: «الحياة في الخارج غير الحياة في الداخل، هذا إيقاع ما يدور داخل إيمان ووجهة نظرها في الحياة. لم يكن هدفي أن أطرح كيف ننظر نحن إلى إيمان بل أردت أن أعرض كيف تنظر هي للحياة».
وفاز الفيلم (75 دقيقة) بجائزة أفضل إخراج من مهرجان دبي السينمائي عام 2016 كما عرض في العديد من المهرجانات الغربية منها مهرجان ستوكهولم في السويد، ومهرجان نامور في بلجيكا، ومهرجان ساو باولو في البرازيل.
وعن ظروف إنتاج وتصوير فيلمه الروائي الأول قال حماد إن الفيلم من إنتاج 11 شخصا من بينهم المخرج، ولم يحصل على تمويل من أي صندوق سينمائي أو شركة لإنتاجه، حتى يستطيع صناعه قول رأيهم بحرية.
وقال: «قدمت هذا الفيلم بالاشتراك مع صناعه من دون دعم أو تمويل حتى نستطيع أن نقول ما نريده، بالطريقة التي نريدها، في الوقت الذي نريده، بكل حرية».
وأضاف: «لم نحصل على تصاريح للتصوير، ولم يعرض السيناريو على الرقابة لاستخراج تصريح أو موافقة الجهات الأمنية، وذلك بشكل أساسي، لأننا لم يكن لدينا شركة إنتاج للقيام بكل هذا، وكان جزء من المغامرة أن ننزل للشارع من دون أي حماية، لكن كان لدينا تصميم على صنع الفيلم».
وشارك حماد في صنع الفيلم الذي تم تصويره بين عامي 2015 و2016 مجموعة من أصدقائه وأقاربه غير المحترفين الذين اقتنعوا بالفكرة وتحمسوا لها.
وقال: «من بداية كتابة الفيلم كان لدي قناعة بأن جميع الممثلين لازم يكونوا بيظهروا على شاشة السينما لأول مرة؛ لذلك استغرقنا وقتا طويلا في تجارب الأداء، وفي النهاية استقررت كمخرج على أفراد من أصدقائي وعائلتي من اللي شوفت فيهم إمكانية القيام بالأدوار رغم عدم احترافهم التمثيل».
وأدت هبة علي دور (إيمان) في الفيلم، فيما أدت أسماء فوزي دور الأخت الصغرى، وكان من بين المشاركين بالتمثيل والد ووالدة المخرج، كما تولت زوجته الإنتاج الفني للفيلم، وشارك والدها بالتمثيل أيضا.
وقال حماد: «أفتكر إن الطاقة التي صنع بها أفراد العائلة الفيلم نابعة من حبهم لنا ويتمنون مساعدتنا بأي طريقة... محدش منهم فكر يمثل قبل كده لكنهم حسوا إننا بنعمل شيء حقيقي... حاجة ونفسنا فيها فظهر أداؤهم على الشاشة طبيعيا».
ويعرض (أخضر يابس) ضمن 8 أفلام في برنامج «بانوراما السينما المصرية الجديدة» بالدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي والممتدة حتى الثلاثين من نوفمبر (تشرين الثاني).
إلى ذلك، بدأ المخرج التشيكي بيتر فاكلاف فيلمه (سكوكان) بتساؤل: هل نتحكم في مصائرنا أم يحركنا القدر؟ الذي يتناول فيه رحلة غجري تشيكي يحاول أن يجد لنفسه مكانا في العالم في مزج فريد بين الروائي والوثائقي.
الفيلم، الذي عرض مساء السبت في القسم الرسمي خارج المسابقة من الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، يتتبع رحلة شاب من الغجر التشيك من السجن إلى مدينة كان الفرنسية، ثم إلى روما عاصمة إيطاليا لا يحركه خلالها سوى دافع واحد هو إيمانه الشديد بأن مصيره بيديه، وأنه يملك القدرة على قلب حياته رأساً على عقب.
سكوكان ليس اسم بطل الفيلم الحقيقي لكنها كلمة تعني الضفدع ويطلقها المساجين على الشخص الذي يملك القدرة على القفز بعيدا عن المشاكل، لكن دون القدرة على الكشف عن طبيعة هذه المشاكل والتعامل معها.
بعد خروجه من السجن الذي دخله بسبب المخدرات يقرر البطل أنه يريد أن يصبح ممثلا ليبدأ رحلة على الطريق لا ترافقه فيه سوى خيالات الفتاة التي كان يحبها، وابنته التي تعيش الآن في ملجأ للأيتام. لعل العنصر الأكثر تفردا في هذا الفيلم هو أن كل أبطاله تقريبا ممثلون غير معروفين أو محترفين، بل هم أشخاص عاديون من القبائل الغجرية التي أسرت اهتمام المخرج منذ الصغر.
وأشار المخرج قبل بداية عرض الفيلم في المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية إلى أنه استغرق شهورا حتى يعثر على بطله واسمه الحقيقي جوليوس أوراكو ويقنعه بالتمثيل في الفيلم.
ويقول: «بشكل ما هذا فيلم وثائقي في قالب روائي... فسكوكان هو نسخة من جوليوس الذي كان في السجن أيضاً لفترة قبل تصوير الفيلم وأثنائه بتهمة جمع المعادن بشكل غير قانوني».
في مدينة كان الفرنسية التي تستضيف واحدا من أشهر المهرجانات السينمائية في العالم يبدأ الفصل الثاني من رحلة البطل. يحاول أثناء وجوده أن يكسب عيشه بالغناء في الشارع ويسعى من خلال السرقات الصغيرة والتحايل للدخول في المهرجان والتعرف على أهم شخصياته. لكن بعد مرور عدة أيام يصطدم البطل بواقع أن وجوده غير مرحب به في هذه المدينة إلا في إطار الغناء والتسول في الشارع، فيقرر أن يضع حدا لأحلامه هذه ويركز بدلا من ذلك على محاولة العثور على الفتاة التي يحبها، والتي تعمل عاهرة في روما، ليخبرها بمشاعره نحوها.
يقول فاكلاف إن من أبرز الأمثلة على الطبيعة الوثائقية لهذا الفيلم هي الطريقة التي تطورت بها قصته وتحديدا في فصلها الثالث مع بدء رحلة البحث عن الفتاة.
وقال في الندوة التي أعقبت عرض الفيلم: «كانت خطتي في البداية هي أن أتتبعه وحده وهو يتحرك في شوارع روما بحثا عنها لكن كل هذا تغير عندما تعرفت على مجموعة من الغجر الإيطاليين الذين رحبوا بالمشاركة في الفيلم فأصبحت رحلة البحث جماعية ووجد سكوكان من يؤانسه على الطريق».
وهذا ليس أول فيلم يخرجه فاكلاف عن الغجر في التشيك. فقد سبق وأخرج فيلمين هما (ذا واي أوت) و(وي وير نيفر ألون) واللذين يحكيان قصصا مختلفة عن حياة مجتمع الغجر في التشيك. وعرض الفيلم الأول في مهرجان كان السينمائي عام 2014 بينما كان الثاني فيلم الافتتاح في دورة عام 2016 من مهرجان برلين.
وقال فاكلاف لـ«رويترز» ردا على سؤال عن سر اهتمامه الشديد بهذا المجتمع قائلا: «منذ طفولتي كان الغجر يقيمون في أحياء منفصلة، وكنت أسمع تحذيرات من كل من حولي يقولون لي... لا تتعامل معهم... احذر منهم... ولم يزدني هذا إلا فضولا لمعرفتهم وعندما عرفتهم فُتنت بهم».
المخرج محمد حماد: فيلم «أخضر يابس» محاولة لاكتشاف الوقت
فيلم «الضفدع» يتناول رحلة غجري تشيكي يبحث عن مكانه في العالم بمهرجان القاهرة
المخرج محمد حماد: فيلم «أخضر يابس» محاولة لاكتشاف الوقت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة