استدعت الحكومة الباكستانية الجيش للانتشار في العاصمة إسلام أباد أمس، بعدما أدت أعمال عنف اندلعت لدى محاولة قوات الأمن فض اعتصام لمتشددين أغلقوا مدخل العاصمة الرئيسي إلى مقتل شخص على الأقل وإصابة نحو 190.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، في حين أغلق المحتجون الشوارع، وأحرقوا مركبات الشرطة في محيط منطقة الاعتصام. واتسعت رقعة المظاهرات لتشمل كذلك مدينتي لاهور وكراتشي الرئيسيتين، إضافة إلى بلدات أخرى أصغر في أنحاء البلاد.
كانت الشرطة تحاول فض اعتصام تنفذه مجموعة متشددة لا يعرف عنها الكثير، حيث أغلقت الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى إسلام أباد منذ السادس من تشرين نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ما تسبب باختناقات مرورية أغضبت السكان.
ولم يتضح عدد المتظاهرين الذين بقوا في شوارع العاصمة في وقت متأخر أمس. وكان هناك نحو ألفي محتج عند انطلاق العملية، فيما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن العشرات غيرهم توافدوا إلى المكان أثناء النهار، وتراجعت الشرطة والقوات المساندة لها عقب الاشتباكات التي قتل فيها شخص وأصيب 190، بينهم 137 من عناصر الأمن.
وبعد وقت قصير، تقدمت سلطات العاصمة بطلب لتدخل الجيش. وأفاد الأمر الصادر عن وزارة الداخلية أن الحكومة الفيدرالية أذنت بنشر «ما يكفي من القوات لضبط القانون والنظام» في المدينة حتى إشعار آخر. ولم يصدر أي تعليق بعد من مسؤولين عسكريين.
وشكلت المظاهرات تهديداً لحكومة حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز» قبيل الانتخابات العامة المنتظرة العام المقبل. وترددت السلطات لأيام بشأن تفريق المتظاهرين خشية اندلاع العنف، في وقت ازداد فيه غضب السكان جراء الاختناقات المرورية، حيث تعطلت حركة السير بشكل يومي على مدى أسابيع.
ويطالب المحتجون باستقالة وزير العدل زاهد حميد إثر جدل يتعلق بتعديل تم التخلي عنه في نهاية المطاف للقسم الذي يؤديه المرشحون للانتخابات.وتم بث مشاهد من عملية إجلاء المتطرفين على الهواء مباشرة، حتى أمرت الهيئة التنظيمية لوسائل الإعلام الإلكترونية في باكستان بإغلاق جميع القنوات. وأشارت الهيئة إلى مدونة السلوك لوسائل الإعلام الإلكترونية لعام 2015، قائلة إنه «يتم منع التغطية الحية لأي عملية أمنية». وأكد متحدث باسم الهيئة تقارير إعلامية أن رئيس الوزراء، شاهد خاقان عباسي، أمر بوقف بث جميع القنوات الخاصة. كما عرقلت السلطات أيضاً الوصول إلى موقعي «تويتر» و«فيسبوك» لمتصفحي الإنترنت، على الرغم من أنه يمكنهم الوصول إليهما من خلال تطبيقاتهم. وكانت وسائل إعلام محلية قد ذكرت في وقت سابق أن أتباع الحركة المؤيدة لقوانين التجديف احتشدوا في مدن رئيسية وأغلقوا الطرق. وذكرت الحكومة أن المحاكم أمرت باتخاذ إجراء ضد المتظاهرين. وقال وزير الداخلية، إحسان إقبال: «استخدمت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق المتظاهرين. ولم يتم السماح للشرطة بحمل أسلحة نارية». من جانبه، ذكر إسحاق أشهر من مستشفى المعهد الباكستاني للعلوم الطبية: «لقد استقبلنا 36 شخصاً على الأقل، لديهم إصابات طفيفة». وكانت وكالات إنفاذ القانون الباكستانية قد بدأت عملية صباح أمس (السبت)، لتفريق رجال دين متشددين وإنهاء الحصار المفروض على طريق سريعة كبيرة في العاصمة الاتحادية. ولقد حظرت الحكومة الباكستانية كل أشكال التغطية الإعلامية لدى جميع قنوات البث الإخبارية التي تنقل الاحتجاجات على مستوى البلاد عبر الأثير. وأمرت هيئة الرقابة الإلكترونية الباكستانية بوقف البث على كل القنوات الإخبارية التي توفر التغطية الحية لعمليات الشرطة في العاصمة. ويشارك ما يقرب من 8500 عنصر من أفراد الشرطة المدنية والقوات شبه العسكرية بمعدات مكافحة التظاهر والشغب في عملية الإخلاء التي بدأت في أعقاب انتهاء المهلة التي حددتها الحكومة للمتظاهرين اعتباراً من الساعة السابعة من صباح أمس (السبت). إلى ذلك، أبدى مسؤول أميركي، أول من أمس، قلق واشنطن الشديد من رفع الإقامة الجبرية عن زعيم باكستاني متشدد متهم بتدبير هجوم دموي عام 2008 في مدينة مومباي الهندية. وأصدرت محكمة باكستانية، هذا الأسبوع، قراراً برفع الإقامة الجبرية عن حافظ سعيد بعد ما فرضت عليه منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. وألقى سعيد خطبة الجمعة في مسجد بمدينة لاهور في شرق البلاد. وذكرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر ناورت، أن جماعة «عسكر طيبة» التي أسسها سعيد كانت مسؤولة عن قتل مئات المدنيين بينهم مواطنون أميركيون. وأوردت ناورت في بيان: «على الحكومة الباكستانية اعتقاله وتوجيه الاتهام له بما اقترفه من جرائم».
ويعتقد أن جماعة «الدعوة» هي واجهة لجماعة «العسكر الطيبة» المسلحة. وكان مقاتلو المنظمة قد قتلوا أكثر من 160 شخصاً في هجمات بالبنادق والقنابل اليدوية، على غرار هجمات الكوماندوز في مدينة مومباي الهندية في عام 2008. وينفي سعيد، الذي كان قد تم رصد مكافأة قيمتها 10 ملايين دولار أميركي، لمن يدلي بمعلومات تقود لاعتقاله بسبب الهجمات التي أسفرت عن مقتل 6 أميركيين، تورطه في الهجمات. وفي رسالة فيديو الليلة الماضية، قال سعيد إن إطلاق سراحه هو انتصار للحقيقة. وقال رجل الدين المتشدد: «إنني سعيد لأنه لم يتم إثبات شيء ضدي. كانت الهند تضغط ضدي». وكانت محكمة باكستانية قد رفضت التماساً قدمته الحكومة لتمديد احتجاز سعيد لمدة 3 أشهر أخرى، على أساس أن إطلاق سراحه سيقوض السلامة العامة. وكان سعيد قد وضع رهن الإقامة الجبرية في يناير الماضي، لكن لم يتم توجيه اتهامات ضده. وكانت السلطات قد واصلت احتجازه، نظراً لأن أحد قوانين السلامة العامة يسمح للحكومة باحتجاز المشتبه بهم لفترة مؤقتة. ويأتي إطلاق سراحه بعد أسبوعين من موافقة الكونغرس الأميركي على مشروع قانون، ينص على أن الإدارة الأميركية لن تضغط على باكستان لاتخاذ إجراء ضد جماعة «العسكر الطيبة».
قتيل وعشرات الجرحى مع توسع احتجاجات إسلام آباد
إغلاق قنوات إخبارية خاصة على خلفية مظاهرات المتطرفين - واشنطن تدعو باكستان إلى اعتقال زعيم متشدد
قتيل وعشرات الجرحى مع توسع احتجاجات إسلام آباد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة