60 فناناً يروّجون لمفاهيم «الجمال» و«السلام» بمعرض جماعي في القاهرة

يضم 65 عملاً تتنوع بين تصوير زيتي ونحت ومشغولات فنية

إحدى اللوحات المشاركة في المعرض
إحدى اللوحات المشاركة في المعرض
TT

60 فناناً يروّجون لمفاهيم «الجمال» و«السلام» بمعرض جماعي في القاهرة

إحدى اللوحات المشاركة في المعرض
إحدى اللوحات المشاركة في المعرض

بأعمال فنية مستلهمة من مفهومي «الجمال» و«السلام»؛ انطلقت في القاهرة فعاليات أولى دورات سلسلة معارض الفن التشكيلي التي تحمل شعار «جمال وسلام»، الذي ينظمه بيت السناري الأثري بحي السيدة زينب في القاهرة؛ التابع لمكتبة الإسكندرية.
يشارك في المعرض الذي يستمر لمدة عشرة أيام، في عرض مفتوح للجمهور، نخبة متنوعة من الفنانين التشكيلين يصل عددهم إلى 60 فنانا وفنانة، ينتمون لجيل الشباب والوسط وكبار الفنانين، كما يشارك فيه فنانون من الكويت والعراق.
يضم المعرض نحو 65 عملاً فنياً من تصوير زيتي ونحت ومشغولات فنية، تقدم وجبة فنية منوعة للمتلقي المصري، كما يتيح الفرصة أمام المواهب الشابة لعرض إبداعاتهم، حيث تسيطر فئة الشباب على لوحات وأعمال المعرض، بما يعكس تطوير حركة الفنون والإبداع.
يذكر أن معرضاً حمل أيضا مسمى «جمال وسلام» احتضنه بيت السناري الشهر الماضي وخُصص لفنون الخط العربي، وهدف إلى إبراز كيفية استخدام فن الخط العربي في إظهار نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية والأشعار والحكم التي تتحدث عن سماحة الإسلام ووسطيته، من خلال صور فنية نفذت بخطوط كلاسيكية أو بالاتجاهات الخطية الحديثة، وشارك فيه أساتذة متخصصون وفنانون ومبدعون لفن الخط العربي سواء من مصر أو خارجها، حيث بلغ عدد الفنانين المشاركين فيه 50 فناناً.
أيمن منصور، مدير إدارة المشروعات الخاصة والمشرف على بيت السناري الأثري، قال لـ«الشرق الأوسط»: «أطلقنا مجموعة معارض تحمل عنوان (جمال وسلام)، كان أولها معرض لفنون الخط العربي الشهر الماضي، والهدف أن نؤكد من خلال هذه المعارض على إحياء مفهوم الجمال بعد أن أصبح القبح يحيط بنا في كثير من جوانب الحياة، وتشوهت الكثير من المفاهيم، فنحن نحاول التأكيد على أنّ وجود الجمال ضرورة في حياتنا، ومكتبة الإسكندرية تعمل منذ عامين على إحياء مفهوم الجمال بعد أن طغت عليه عناصر غطت على وجوده». ويستطرد: «كذلك من خلال الأحداث التي تمر بها المنطقة من إرهاب وتطرف وويلات الحروب، يتوجب علينا أيضا أن نبحث عن السلام، وإرسائه كقيمة إنسانية عظيمة، وخُلق ديني يحثنا عليه ديننا الإسلامي الحنيف، وهي الصفة التي تميز طبيعة المصريين وقد ألصقها بهم المؤرخون على مر العصور».
ويتابع منصور: «لهذه العوامل مجتمعة كان التفكير في الجمع بين المفهومين والتعبير عنهما فنيا، فكان اختيار شعار (جمال وسلام) لنعبّر من خلاله عن حضارتنا وديننا بشكل حقيقي، ونعكس أيضاً من خلاله كيف أنّ الإسلام لم يتعارض مع الفن، ولأنّ أسرع وسيلة للتواصل الفني تكون من خلال الرؤية البصرية، كان التفكير في التعبير عن هذا الشعار عبر مجموعة من المعارض التشكيلية، لأنّ الصورة تأثيرها غير محدود، وبالتالي سهولة إيصال الهدف الذي نعمل عليه».
ويكشف مدير إدارة المشروعات الخاصة عن أنّ معارض «جمال وسلام» للفن التشكيلي مُخطط لها أن تنظم بشكل ربع سنوي، بعد الاتفاق مع نقابة الفنانين التشكيليين المصريين على ذلك، مع التوسع في إيجاد عناوين وشعارات أخرى فرعية، وهو ما يعمل على التنوع والتوسع في نشر مفهومي الجمال والسلام، إلى جانب أنّ ذلك يتيح الفرصة لعدد كبير من الفنانين التشكيليين للاشتراك في هذه المعارض بما يبرز مواهبهم وإبداعاتهم الفنية.



إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)
الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)
TT

إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)
الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)

الشكل الإنساني بالسترة الحمراء والبنطال الرمادي، يتحرّك وسط الأُطر فيُحرّرها من ثباتها ويمنحها أنفاس الحياة. رسمُ الفنان الأميركي أندرو سكوت ظاهرُه فكرةٌ واحدة، وفي عمقه ولّادٌ وغزير. بطلُه بشريٌ يُطلق سراح المحبوس ويُجرّده من سجّانه؛ وهو هنا إطار اللوحة. ذلك القادر على ضبطها والتحكُّم بمساحتها، ثم إحالتها على قدرها: معانقة الجدار. التحريك الطارئ على المشهد، يُعيد صياغته بمَنْحه تعريفاً جديداً. الحركة والفعل يتلازمان في فنّ أندرو سكوت، على شكل تحوّلات فيزيائية تمسّ بالمادة أو «تعبث» بها لتُطلقها في فضاء أوسع.

صبيُّ الفنان يتحرّك وسط الأُطر فيُحرّرها من ثباتها (أندرو سكوت)

في ثلاثينه (مواليد 1991)، يمتاز أندرو سكوت بفرادة اللمسة لإضفائه تعديلاً على مفهوم الإطار، ومَيْله إلى تفضيل الوسيط المُحطَّم، مثل الزجاج، وما يطمُس الخطّ الفاصل بين الموضوع وحدوده، فإذا بالإطار المكسور يستميل الناظر إليه ويوقظ سؤال الـ«لماذا»؛ جرَّار الأسئلة الأخرى.

تُحاور «الشرق الأوسط» الفنان الشهيرة حساباته في مواقع التواصل، والمعروضة أعماله حول العالم؛ من إيطاليا وألمانيا إلى نيويورك... يعود إلى «سنّ مبكرة من حياتي حين شغفني الفنّ وكوَّنتُ ذكريات أولى عن الإبداع بحبسي نفسي في غرفتي بعد المدرسة للرسم لساعات». شكَّلت عزلته الإبداعية «لحظات هروب من العالم»، فيُكمل: «بصفتي شخصاً عانيتُ القلق المتواصل، بدا الفنّ منفذاً وتجربة تأمّلية».

يمتاز بفرادة اللمسة لإضفائه تعديلاً على مفهوم الإطار (أندرو سكوت)

لكنَّ الإنجاز الفنّي لم يكن دائماً جزءاً من حياته: «في سنّ الـ13 تقريباً، تضاءل شغفي بالرسم. هجرتُ قلمي حتى سنّ الـ28. طريقي إلى الفنّ طويلة ومتعرّجة. لـ10 سنوات عملتُ في كتابة الإعلانات، وخضتُ تجربة زواج فاشل. أدمنتُ المُخدِّر وواجهتُ تحدّيات أخرى. بُعدي عن الفنّ لـ15 عاماً، شكَّل أسلوبي».

تسلَّل عدم الرضا لتعمُّق المسافة بينه وبين الرسم: «شعرتُ بحكَّة إبداعية، ولم أكن متأكداً من كيفية حكِّها! التبس السبب وراء عجزي عن العودة إلى الرسم. تفشَّى الوباء وفقدتُ وظيفتي، لأقرر، هنا فقط، إحياء شغفي بالإبداع».

شخصيته أقرب إلى الانطوائية، باعترافه، ويفضِّل عدم الخوض في مسارات حياته، وإنْ لمحاولة التعمُّق في قراءة فنّه. ذلك يُفسّر تطلُّعَه إلى شهرته في مواقع التواصل، بأنها «أقرب إلى الشرّ الضروري منه إلى المتعة». فتلك المساحة المُضاءة تُشعره بأنه «فنان بدوام كامل»؛ يُشارك أعماله مع العالم. لكنَّ متعة هذا النشاط ضئيلة.

وماذا عن ذلك الصبي الذي يتراءى حزيناً، رغم ارتكابه فعلاً «حراً» بإخراج الإطار من وظيفته؟ نسأله: مَن هو صبيّك؟ فيجيب: «أمضيتُ فترات من الأحزان والوحدة. لم يحدُث ذلك لسبب. على العكس، أحاطني منزل العائلة بالأمان والدفء. إنها طبيعتي على الأرجح، ميَّالة إلى الكآبة الوجودية. أرسم الطفل ليقيني بأنه لا يزال ثمة واحد في دواخلنا جميعاً. جوابي على (مَن هو صبيُّك؟) يتغيَّر. على الأرجح إنه بعضي».

رغم سطوع الحزن، يتلألأ الأمل ويعمُّ في كل مرة يُكسَر الإطار لتخرج منه فكرة مضيئة. يؤيّد أندرو سكوت هذه النظرة. فالأُطر المكسورة تُشبه مرايا حياته. لسنوات ارتمى في الفخّ، ثم تحرَّر: فخّ العادة السيئة، الكسل، التأجيل، العجز، والتخبُّط. كسرُه الإطار إعلانٌ لحرّيته.

لعلَّ إعلان الحرّية هذا يشكّل إيماناً بالنهايات السعيدة ويجترح مَخرجاً من خلال الفنّ. فأندرو سكوت يفضِّل فناً على هيئة إنسانية، لا يركُن إلى الأفراح حسراً، لاستحالة ثبات الحالة النفسية والظرف الخارجي على الوضع المُبهج. يقول: «أحب تصوير الحالة الإنسانية، بنهاياتها الحلوة والمريرة. ليست كل الأشياء سعيدة، وليست أيضاً حزينة. أمام واقعَي الحزن والسعادة، يعكُس فنّي النضال والأمل».

وتُفسِّر فتنتُه بالتحوّلات البصرية ضمن الحبكة، إخراجَ الإطار من دوره الكلاسيكي. فالتفاعل مع الأُطر من منطلق إخضاعها للتحوّل البصري النهائي ضمن حبكة الموضوع، ولَّده «بشكل طبيعي» التفكير بمعرضه الفردي. يقول: «لطالما فتنتني المنعطفات البصرية في الحبكة. لم يتأثر أسلوبي بفنانين آخرين. أمضيتُ معظم حياتي خارج عالم الفنّ، ولم أكُن على دراية بعدد من فناني اليوم المعاصرين. بالطبع، اكتشفتُ منذ ذلك الحين فنانين يتّبعون طرقاً مماثلة. يحلو لي التصديق بأنني في طليعة مُبتكري هذا الأسلوب».

فنُّ أندرو سكوت تجسيد لرحلته العاطفية وتأثُّر أعماله بالواقع. يبدو مثيراً سؤاله عن أعمال ثلاثة مفضَّلة تتصدَّر القائمة طوال تلك الرحلة، فيُعدِّد: «(دَفْع)، أو (بوش) بالإنجليزية؛ وهي الأكثر تردّداً في ذهني على مستوى عميق. لقد أرخت ظلالاً على أعمال أخرى قدّمتها. أعتقد أنها تُجسّد الدَفْع اللا متناهي الذي نختبره نحن البشر خلال محاولتنا الاستمرار في هذا العالم».

يرسم الطفل ليقينه بأنه لا يزال ثمة واحد في دواخلنا (أندرو سكوت)

من المفضَّل أيضاً، «المقلاع»: «هي من الأعمال الأولى التي غمرها الضوء، ولها أمتنُّ. لقد شكَّلت تلك القطعة المُبكِرة كثيراً من نجاحي. أحبُّ رمزية المقلاع، فهي اختزال للبراءة والخطيئة في الوقت عينه».

ثالث المفضَّل هي «الغمّيضة»، أو «الاختباء والبحث»: «قريبة وعزيزة على قلبي لتحلّيها بالمرح. أراها تُجسّد نقاء الطفولة وعجائبها. إنها أيضاً اكتشاف مثير للاهتمام لشكل الإطار. فهو يرتكز عادةً، ببساطة، على مستوى واحد، وإنما هنا ينحني باتجاه الزاوية. أودُّ اكتشاف مزيد من الأفكار القابلة للتلاعب بالأشكال مثل هذه الفكرة».

هل تتأكّد، بهذا التفضيل، «مَهمَّة» الفنّ المتمثّلة بـ«حَمْل الرسالة»؟ رغم أنّ أندرو سكوت لا يعتقد بوجود قواعد عالمية في الفنّ، وإنما آراء شخصية فقط، يقول: «بالنسبة إليّ، الرسالة هي الأهم. ربما أكثر أهمية من مهارة الفنان. لطالما فضَّلتُ المفهوم والمعنى على الجمالية عندما يتعلّق الأمر بجودة الخطوط والألوان. أريد للمُشاهد أن يُشارك رسائلَه مع أعمالي. وبدلاً من قيادة الجمهور، أفضّل إحاطة فنّي بالغموض، مما يتيح لكل فرد تفسيره على طريقته».