السجن مدى الحياة لـ«جزار البلقان» ملاديتش

إدانته تُنهي عمل المحكمة الخاصة بيوغوسلافيا بعد مثول 161 متهماً أمامها

السجن مدى الحياة لـ«جزار البلقان» ملاديتش
TT

السجن مدى الحياة لـ«جزار البلقان» ملاديتش

السجن مدى الحياة لـ«جزار البلقان» ملاديتش

بعد أكثر من 20 عاماً على حرب البلقان، التي استمرت ثلاث سنوات وأوقعت أكثر من مائة ألف قتيل وتسببت بنزوح 2.2 مليون شخص، أُدِين راتكو ملاديتش، القائد السابق في جيش صرب البوسنة، أمس (الأربعاء)، المعروف بلقب «جزار البلقان»، بعشر تهم، من بينها ارتكاب جرائم إبادة في سريبرنيتشا، وجرائم ضد الإنسانية، وحكم عليه بالسجن المؤبد لدوره في المذابح وعمليات التطهير العرقي. وبذلك تُطوى صفحة من التاريخ بالنسبة ليوغوسلافيا السابقة، شهدت محاكمة أهمّ مرتكبي الجرائم فيها ومثولهم أمام القضاء الدولي. ودانت المحكمة الدولية ستة متهمين من بينهم رادوفان كراديتش في مأساة سريبرنيتشا التي تُعتَبَر أسوأ مجزرة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وصرح القاضي الفونس أوريه بأن «المحكمة تحكم على ملاديتش بالسجن مدى الحياة لارتكابه هذه الجرائم»، مضيفاً، في تصريحات نقلتها عنه «رويترز»، أن «كثيراً من هؤلاء الرجال والصبية تعرضوا للسباب والإهانة والتهديد، وأُجبِروا على ترديد أغانٍ صربية وضُرِبوا أثناء انتظار إعدامهم». وقال إن «الجرائم التي ارتكبت تُصنَّف بين الأسوأ في البشرية».
وقال سيرج براميرتز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التي أُسِّست لمحاكمة المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب خلال النزاع في البلقان (1992 - 1995) إن الحكم يشكل «مرحلة مهمة في تاريخ المحكمة وبالنسبة إلى القضاء الدولي». وكان قد وجه إليه في 25 يوليو (تموز) 1995 تهمة ارتكاب مجزرة، بعد أيام على مقتل نحو ثمانية آلاف رجل وشاب في سريبرنيتشا شمال البوسنة. وكان قد عُيّن ملاديتش ضابطاً مهنياً في الجيش الشعبي اليوغوسلافي لتولي قيادة القوات الصربية بعد اندلاع الحرب في أعقاب انفصال البوسنة.
اعتقل ملاديتش في 2011 بعد اختفائه لأكثر من عشر سنوات، في منزل أحد أفراد عائلته في صربيا ونقل إلى لاهاي ليمثل للمرة الأولى أمام المحكمة بعد أيام. ولوحق ملاديتش أيضاً لدوره في حصار ساراييفو الذي دام 44 شهراً وقُتِل خلاله عشرة آلاف شخص معظمهم مدنيون، ولاحتجاز مائتي جندي ومراقب تابعين للأمم المتحدة عام 1995.
ويعتبر القائد العسكري الصربي السابق آخر المتهمين البارزين أمام هذه المحكمة التي أُنشِئت عام 1993 لمحاكمة الأشخاص الذين يُشتبه بارتكابهم جرائم حرب خلال حرب البلقان. ويعتبر المدعي سيرج براميرتس أنه «أحد أول الملفات التي بررت إنشاءها».
بعدما حاكمت خلال السنتين الأخيرتين راتكو ملاديتش وحكمت على رفيقه السياسي رادوفان كرادجيتش بالسجن 40 عاما، تغلق المحكمة الدولية أبوابها نهائيا في 31 ديسمبر (كانون الأول) بعدما مثل أمامها 161 متهماً. وبذلك تُطوى صفحة من التاريخ بالنسبة ليوغوسلافيا السابقة شهدت محاكمة أهمّ مرتكبي الجرائم فيها ومثولهم أمام القضاء الدولي. وكان الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسوفياتش، الذي عُثر عليه ميتاً في زنزانته عام 2006 خلال محاكمته، أول رئيس دولة يمثل أمام محكمة دولية.
وقال ملاديتش إنه غير مذنب في جميع الاتهامات المنسوبة. وقال فريق الدفاع عنه إنه سيستأنف الحكم. وقال المحامي دراجان إيفيتش للصحافيين: «من المؤكد أننا سنستأنف وأن الاستئناف سينجح».
وعند وصوله إلى قاعة المحكمة رفع ملاديتش الذي ارتدى بدلة قاتمة وربطة عنق حمراء قانية، إبهامه مبتسماً للمصورين. وبدا نحيل الجسم وعجوزاً، كما جاء على لسان مراسل الصحافة الفرنسية.
ورفض ملاديتش الإدلاء بشهادته أمام ما اعتبره «محكمة شيطانية»، بعد طلب مثوله عام 2014 أمام القضاة خلال محاكمة رادوفان كراديتش. ورفض ملاديتش الوقوف عند دخول القضاة المحكمة أمس، وحيّا أسرته، خصوصاً نجله داركو ملاديتش. وأخرج ملاديتش (74 عاماً) من قاعة المحكمة قبل دقائق من النطق بالحكم. ولدى عودته صاح قائلاً: «كل هذه أكاذيب كلكم كاذبون». ولا يزال ملاديتش يثير انقساماً في البوسنة بين الذين يعتبرونه «بطلاً» والذين يرون فيه «جزاراً».
وبينما اتهم في لاهاي بأنه «العقل المدبر لمقتل آلاف الأشخاص»، لا يزال يُعتَبَر «بطلاً» في الجمهورية الصربية الكيان الصربي في البوسنة. ودعا الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش مواطنيه إلى «التطلع نحو المستقبل»، وإلى التفكير في «أولادنا والسلام والاستقرار في المنطقة».
وقالت أنا برنابيتش رئيسة وزراء صربيا إن «الحكم الصادر على ملاديتش اليوم لم يكن مفاجئاً». وأضافت: «نحتاج للتطلع للمستقبل بعد أن ساد الاستقرار بلادنا أخيراً». وتابعت: «نحتاج لطي صفحة الماضي».
ووقفت نساء فقدن أزواجاً وأبناء وأقارب وهن يبكين في الساحة أمام المحكمة حيث عُرِضَت صور 300 رجل قُتِلوا بأيدي قوات ملاديتش تحت أعين أسرهم وصحافيين أتوا من مختلف أنحاء العالم. لكن رئيسة جمعية أمهات سريبرنيتشا أعربت، للصحافة الفرنسية، عن «رضا جزئي، فالحكم أكبر مما صدر على (رادوفان) كراديتش، لكنهم لم يدينوه بالإبادة في العديد من القرى».
وقالت أرملة أحد الضحايا إن ملاديتش نظر إليها واضعاً أصبعه تحت حلقه، مشيراً إلى حكم إعدام بحقه. وعلقت داتوفيتش عند خروجها من القاعة بأن هذا السلوك «جبان» و«مؤسف».
وكانت عانت من الجوع والبرد خلال اعتقالها في معسكر بشمال غربي البوسنة في 1992 بينما كانت حاملاً بابنتها البالغة ست سنوات.
ويُعتَبَر قتل الرجال والصبية في سريبرنيتشا بعد أن فصلوا عن النساء، واقتيدوا في حافلات أو سيراً على الأقدام لإطلاق النار عليهم أسوأ مذبحة تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي جنيف، وصف الأمير زيد بن رعد الحسين مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ملاديتش، بأنه «رمز الشر» وقال إن إدانته بعد ملاحقته 16 عاماً، وبعد محاكمة استمرت أربعة أعوام تمثل «انتصاراً مهماً للعدالة». وأضاف في بيان: «محاكمة ملاديتش نموذج لما تمثله العدالة الدولية». وقال: «الحكم الصادر اليوم يمثل إنذاراً لمرتكبي مثل هذه الجرائم بأنهم لن يفلتوا من العدالة مهما كانت قوتهم أو مهما طال الزمن».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.