روحاني يقر بوجود فساد في مشروع سكاني دمره الزلزال

خامنئي يطالب الحكومة باتخاذ خطوات عملية لتخفيف معاناة المتضررين

TT

روحاني يقر بوجود فساد في مشروع سكاني دمره الزلزال

بينما بحث المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، مع كبار المسؤولين تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب غرب البلاد، أقر الرئيس الإيراني حسن روحاني بوجود فساد في مجمعات سكانية شيدتها الحكومة قبل سنوات قليلة وانهارت بسرعة في الزلزال.
والتقى خامنئي رئيس الحكومة حسن روحاني ورئيسي القضاء والبرلمان الإخوة صادق وعلي لاريجاني، وقائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، وأمين عام مجلس الأمن القومي علي شمخاني.
ولم تنقل وسائل الإعلام تفاصيل ما جرى في اللقاء، لكن خامنئي طالب الحكومة باتخاذ خطوات عملية لتخفيف تبعات الزلزال من المتضررين، واعتبر الزلزال «اختباراً لجميع الأجهزة، بما فيها القوات المسلحة».
وضرب زلزال بقوة 7.3 على مقياس ريختر الشريط الحدودي بين إيران والعراق، وألحق أضراراً كبيرة بمحافظة كرمانشاه، وارتفع عدد الضحايا إلى أكثر من 500 قتيل و9500 جريح، بحسب ما ذكرته وكالات الأنباء الإيرانية.
وكان روحاني رفض تسييس المناطق المتضررة أول من أمس، إلا أنه قال إنه «سيبحث عن المسؤولين عن مشروع سكاني حكومي وسيكشف هوياتهم أمام السكان». وقال: «إن أي أخطاء في تشييد المباني التي نفذتها الحكومة بمنطقة الزلزال ستخضع للمحاسبة». مضيفاً: «إن سرعة انهيار منازل، شيدتها الحكومة، في زلزال يوم الأحد يشير إلى وجود فساد وقت بنائها».
وبنيت بعض المنازل التي انهارت في الزلزال، في إطار خطة للإسكان منخفض التكلفة بدأها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عام 2011. ونقلت وسائل إعلام حكومية عن روحاني قوله في اجتماع للحكومة الإيرانية «عندما يصمد منزل بناه مواطنون في منطقة سربل ذهاب وينهار مبنى أمامه شيدته الحكومة فهذا دليل على وجود فساد». وأضاف: «واضح أن عقود البناء بها فساد».
ويعد الزلزال الأخير أول اختبار حقيقي للمشروع السكاني الذي خصصت له الحكومة السابقة ميزانية واسعة.
وسلطت وسائل الإعلام تركيزها على الأضرار الجسيمة التي سجلت في سربل ذهاب على صعيد مشروع «مسكن مهر» البرنامج الوطني للإسكان بأسعار مخفضة إبان رئاسة محمود أحمدي نجاد (2005 - 2013)، وسط أجواء من الاستنكار على شبكات التواصل الاجتماعي. وانتشرت صورة بين المواطنين الإيرانيين على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مبنى في سرب الذهب عليه آثار دمار قليل نسبياً بجانب مبنى آخر تعرض لدمار كبير، وهو من تلك المباني التي شيدتها الحكومة.
وأذكت هذه الصورة فكرة أن سوء حالة الأبنية الحكومية كانت سبباً في زيادة عدد القتلى والمصابين جراء الزلزال، وسيطرت صورة المباني على مدى الأيام الثلاثة الماضية.
وقال محمد حسين صديقي، المدعي العام في كرمانشاه، أكبر مدينة في المنطقة التي ضربها الزلزال، إنه سيتم التحقيق في مدى جودة الأبنية الجديدة التي تضررت بشدة من الزلزال، وسيتم توجيه الاتهامات إلى أي شخص يثبت تقصيره.
ونقلت وكالة «أنباء الطلبة» عن صديقي قوله «إذا كانت هناك أي مشكلات في البناء يجب محاسبة من أهملوا عن أعمالهم».
وشكا سكان في منطقة الزلزال من بطء تحرك الحكومة وعدم كفاءة إجراءاتها في مواجهة الكارثة التي ألمّت بهم وتحدثوا عن معاناتهم للحصول على الغذاء والماء والمأوى.
وقُدرت كلفة الأضرار نتيجة الزلزال بـ26 ألف مليار ريال إيراني (6.3 مليار دولار أميركي)، بحسب تقديرات أولية أعلنها مجتبى نيكردار، مساعد حاكم كرمانشاه، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن وكالات محلية. ويشكل ذلك 1.5 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، بحسب توقعات صندوق النقد الدولي للعام 2017. وتقول السلطات إن ما مجمله 30 ألف منزل تعرض لأضرار أو دُمّر.
وعرض وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي صباح الأربعاء قائمة أمام النواب بمبادرات الحكومة في المناطق المتضررة. وقال: «لقد أرسلنا 36 ألف خيمة وسنرسل 10 آلاف أخرى بعد؛ لتتمكن كل الأسر التي تخشى الهزات الارتدادية من النوم بأمان خارج منازلها»، بحسب ما نقلت عنه وكالة «إيسنا».
وشدد الوزير على «عدم وجود مشكلة معينة على صعيد الأمن» في المناطق المنكوبة، إلا أن بعض السكان في كويك خصوصاً اشتكوا من حصول سرقات، أو قيام غرباء عن المنطقة بالاستيلاء على قسم من المساعدات.
وصادقت الحكومة خلال اجتماع للوزراء على سلسلة من إجراءات القروض من دون فوائد وهبات إلى الأسر التي تعرضت لأضرار في منازلها من أجل مساعدتها على استبدال أثاثها أو أغراضها المدمرة.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».