جزر فيجي مهددة بالغرق

أخليت قرى من سكانها بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر

«مخلوق الماء» منحوتة من قطع البلاستيك المضرة بالبيئة تُعرض خلال مؤتمر المناخ في بون لجلب الانتباه إلى التغير المناخي (إ.ب.أ)
«مخلوق الماء» منحوتة من قطع البلاستيك المضرة بالبيئة تُعرض خلال مؤتمر المناخ في بون لجلب الانتباه إلى التغير المناخي (إ.ب.أ)
TT

جزر فيجي مهددة بالغرق

«مخلوق الماء» منحوتة من قطع البلاستيك المضرة بالبيئة تُعرض خلال مؤتمر المناخ في بون لجلب الانتباه إلى التغير المناخي (إ.ب.أ)
«مخلوق الماء» منحوتة من قطع البلاستيك المضرة بالبيئة تُعرض خلال مؤتمر المناخ في بون لجلب الانتباه إلى التغير المناخي (إ.ب.أ)

حتى لو تم تطبيق اتفاق باريس للمناخ بالكامل، فإن مستوى سطح البحر سوف يظل مرتفعاً بمقدار 65 سنتيمتراً مع نهاية القرن الحالي في فيجي، الدولة الصغيرة التي تتكون من 300 جزيرة مهددة أن تغمرها المياه المالحة في المحيط الهادئ.
فيجي من بين البلدان التي تشعر بشكل قوي للغاية بتأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، الظاهرة التي يحاول المجتمعون في بون هذا الأسبوع شحذ همم دول العالم من أجل التغلب عليها. غير أن أرخبيل فيجي أصبح في الوقت الحاضر، في بؤرة الاهتمام، ولهذا فقد أعطي رئاسة قمة المناخ السنوية للأمم المتحدة، وهي أول دولة جزرية تقوم بذلك. ولكن بسبب نقص الموارد، يُعقد المؤتمر، الذي يستغرق أسبوعين والذي بدأ في السادس من الشهر الجاري ويستمر حتى السابع عشر منه، على بعد نحو 16 ألف كيلومتر في مدينة بون الألمانية.
على الرغم من شهرتها كوجهة سياحية في بحر الجنوب، لا توجد غرف كافية للمشاركين البالغ عددهم 25 ألف شخص. وكان نقل مثل هذا العدد الكبير من الأشخاص إلى وسط المحيط الهادئ سيكون بداية ساخرة بالنسبة إلى مؤتمر المناخ، نظراً إلى ما سينتج عن ذلك من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وهناك سبب آخر هو أن بون، بوصفها موطناً لأمانة الأمم المتحدة المعنية بالمناخ، قد اضطلعت بدور المضيف في غياب مرشح مناسب في آسيا، وهي القارة المنوط بها -حسب الترتيب- استضافة المؤتمر. ورفضت الصين واليابان استضافة المؤتمر على أراضيهما. ونتيجة لذلك، تترأس فيجي المؤتمر وتشاركها ألمانيا في استضافته.
وقال مبعوثون خلال المحادثات الحالية إن سوريا تعتزم الانضمام إلى اتفاق باريس للمناخ المبرم عام 2015 بهدف إبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري، مما يجعل الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تعارض الاتفاق. وكانت سوريا ونيكاراغوا في 2015 الدولتين الوحيدتين خارج إطار الاتفاق الذي يضم 195 دولة. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في يونيو أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق، وقالت نيكاراغوا إنها ستنضم إليه. وقال الوفد السوري في الاجتماع الذي ضم ممثلين عن نحو 200 دولة، إن سوريا تعتزم التوقيع على اتفاق باريس. وقال رونالد جوميو من سيشيلز، لـ«رويترز»: «نريد انضمام الجميع... ونريد انضمام الولايات المتحدة أيضاً. لم يرُق لنا انسحاب الولايات المتحدة». وقال نيك نوتال، المتحدث باسم أمانة اتفاقية الأمم المتحدة، إن سوريا لم تقدم أي وثائق بشكل رسمي بعد بخصوص هذا الأمر.
وارتفع مستوى سطح البحر في أرخبيل فيجي بمقدار 6 مليمترات في المتوسط سنوياً منذ عام 1993، ليصل إلى ما مجموعه 15 سنتيمتراً تقريباً. وإذا لم يتم القيام بعمل أي شيء، فمن المرجح أن يرتفع مستوى سطح البحر بمقدار 4.‏1 متر بحلول نهاية هذا القرن.
وناريكوسو واحدة فقط من 42 قرية تخطط حكومة فيجي لإجلاء سكانها وتوطينهم في مكان آخر في المستقبل المنظور. وتشير بعض التقديرات إلى أنه سوف يكون هناك ما إجماليه أكثر من 100 قرية تشملها خطة الحكومة.
وفي بعض الجزر في الأرخبيل، تراجع خط الساحل لمسافة 25 متراً في غضون بضع سنوات. وعلاوة على ذلك، أصبحت الأحوال الجوية أكثر حدة. ففي العام الماضي، أودى إعصار ونستون بحياة 44 شخصاً. وكان هذا الإعصار هو الأكثر شدة الذي تم تسجيله حتى الآن. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع درجات حرارة البحر يعرّض الشعاب
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الاهتمام الدولي متدنٍّ، خصوصاً أن فيجي تحقق تقدماً جيداً نسبياً مقارنةً بغيرها من الدول في المنطقة. هذه الدولة الجزرية لديها تلال وحتى جبال؛ في حين أن الدول الجزرية مثل كيريباتي ترتفع فقط بضعة أمتار فوق سطح البحر في أعلى نقاط لها.
وتتمتع قرية ناريكوسو في جزيرة أونو، بكل ما يجب أن تقدمه جزيرة في بحر الجنوب: الشاطئ الرملي والنخيل والبحر الأزرق. ولكن البحر الأزرق أصبح مشكلة على نحو متزايد. في المد العالي، ترتفع مياه المحيط الهادئ الآن لتصل تماماً إلى أمام المنازل، حيث يقدم ارتفاع مستوى سطح البحر دليلاً على تغير المناخ ليراه الجميع. وكيليبي سوكيتوغا، وزوجته مورياني، وأبناؤهما الأربعة، سوف يضطرون إلى التحرك لبضع مئات من الأمتار من المكان الذي تصل إليه الآن الأمواج للابتعاد عن البحر. وقال الأب، البالغ من العمر 40 عاماً، في تصريحات للوكالة الألمانية: «لدينا هنا في فيجي مثل يقول إن المياه لا تفصل الجزر بل تربطها». وأضاف: «لكن في مرحلة ما أصبحت المياه عدونا». والهدف الرئيسي لسوكيتوغا الآن هو الهرب مع عائلته. وقُوضت أساسات منزلهم، وظهرت التصدعات والشقوق في كل مكان، في الوقت الذي ترتفع فيه الرطوبة في الجدران. ويُظهر المطبخ أدلة على العفن في السقف.
وسكان قرية ناريكوسو أعربوا عن آراء إيجابية قليلة عن العالم الصناعي بوصفه السبب وراء ظاهرة الاحترار العالمي. ولكن السكان المحليين يدركون أنهم أسهموا من جانبهم في تدهور الوضع البيئي. وعلى مدى أجيال، تم استغلال غابات المانجروف، حيث يتم قطع أشجارها لاستخدامها حطباً ومواد للبناء. وتظهر التربة الرملية علامات تآكل في العديد من الأماكن.
وقال سيمونو فاتو، الذي يزاول مهنة صيد السمك لكسب العيش، في تحقيق للوكالة الألمانية عن القرية: «بالطبع نحن جزء من المشكلة». «الناس ببساطة لم يفكروا فيما كانوا يفعلونه». وفي هذه الأيام، فإن غرامة قطع أشجار المانجروف بشكل غير قانوني نحو 480 دولاراً أميركياً، وهذا المبلغ أكثر من متوسط الدخل الشهري للفرد.


مقالات ذات صلة

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

العالم «النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
الاقتصاد حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس) play-circle 00:30

البنك الدولي: الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً

قال البنك الدولي إن الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً، موضحاً أن له تأثيرات البشرية والاقتصادية بعيدة المدى.

عبير حمدي (الرياض)
بيئة مواطنون في حديقة بمدينة شوني بولاية أوكلاهوما الأميركية في نوفمبر 2024 (أ.ب)

2024 يتجه لتسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ الأرض

سجلت درجة حرارة الأرض خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثاني أعلى درجة حرارة في مثل هذا الشهر من أي عام.

«الشرق الأوسط» (برلين )
العالم العربي برامج البنك الدولي تساهم في التوعية بمخاطر التغير المناخي في اليمن (البنك الدولي)

تدهور الأراضي الزراعية في اليمن... ونصف مليون نازح بسبب المناخ

حذّر اليمن من تدهور الأراضي الزراعية بمعدل مقلق، بالتوازي مع إعلان أممي عن نزوح نصف مليون شخص خلال العام الحالي بسبب الصراع والتغيّرات المناخية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».