«أمن عدن» يعلن انتهاء {هجوم الـ24 ساعة} على مقر المباحث

محللون قالوا إن الاعتداء جاء رداً على الانتكاسات الأخيرة لـ«القاعدة»

قوات الأمن تعاين أمس الدمار الناجم عن الهجوم ضد مقر المباحث في عدن (ا.ف.ب)
قوات الأمن تعاين أمس الدمار الناجم عن الهجوم ضد مقر المباحث في عدن (ا.ف.ب)
TT

«أمن عدن» يعلن انتهاء {هجوم الـ24 ساعة} على مقر المباحث

قوات الأمن تعاين أمس الدمار الناجم عن الهجوم ضد مقر المباحث في عدن (ا.ف.ب)
قوات الأمن تعاين أمس الدمار الناجم عن الهجوم ضد مقر المباحث في عدن (ا.ف.ب)

أعلنت أجهزة الأمن في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن أمس، انتهاء الهجوم الذي نفذه مسلحون يعتقد بانتمائهم لتنظيم «القاعدة» على مقر المباحث الجنائية في حي خور مكسر، حي السفارات، وذلك بالسيطرة الكاملة على المبنى، بعد 24 ساعة من المواجهات والاشتباكات والتفجيرات بالسيارات المفخخة والانتحاريين. وقالت أجهزة أمن عدن إن الحصيلة النهائية لقتلى الأمن هي 20 جنديا، وعدد من المدنيين المارة كانوا موجودين في مقر المباحث، إضافة إلى عشرات الجرحى. واكتفت أجهزة أمن عدن بذكر أنها حررت 11 سجينا من السجناء الذين حاول المهاجمون تحريرهم، واعتقلت أحد المهاجمين كان اندس بين السجناء قبل أن يتعرف عليه السجانون بأنه من المهاجمين.
وأعاد الهجوم الذي نفذه، أول من أمس، مسلحون يعتقد أنهم متطرفون، إلى أذهان سكان عدن المرحلة التي تلت عملية تحريرها من قبضة ميليشيات الحوثي وصالح من عمليات اغتيالات وسيطرة على المواقع، رغم أن عمليات الاغتيالات لم تتوقف ولكن حدتها خفت، بشكل كبير، خلال أكثر من عام، بفعل تحركات أمنية أفضت إلى نوع من الاستقرار وفرض الأجهزة الأمنية سيطرتها، شبه الكاملة، على العاصمة المؤقتة عدن، عبر إجراءات أمنية مكثفة وحملات دهم واعتقالات.
غير أن الهجوم الكبير، الذي عطّل الحياة ليومين في المدينة، كشف عن ثغرات أمنية عديدة، من أهم وأبرز أسبابها، بحسب المراقبين، وجود مجاميع وكتائب مسلحة تحت شعار المقاومة، خارج إطار الأجهزة الأمنية، وهذه الكتائب تسيطر على بعض المناطق وتتحرك بعيدا عن التنسيق الأمني، وهو الأمر الذي سهل للمجاميع الإرهابية العمل بنفس الآلية.
ويقول المحلل الأمني والعسكري، العميد الركن ثابت صالح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما جرى في عدن ليس مجرد عملية إرهابية سارعت إلى تبنيها تنظيم داعش، بل أخطر وأكثر خطورة مما يتخيل لعامة الناس، فما حدث كان محاولة مخططة ومدروسة لتغيير موازين القوى العسكرية والأمنية في عدن والجنوب كله لصالح قوى الإرهاب والفساد، خاصة بعد النجاحات التي حققها أمن عدن والحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية والشبوانية في مكافحة الإرهاب واستتباب الأمن».
ويعتقد محللون أن الهجوم لم يكن بغرض الإفراج عن سجناء، فحسب، وإنما جاء رداً على النجاحات التي حققتها أجهزة في ملاحقة خلايا تنظيم «القاعدة» سواء في عدن نفسها، أو محافظتي لحج وأبين المجاورتين، طوال أشهر طويلة، وآخر تلك النجاحات العثور على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والقذائف الموجهة في أحد أوكار التنظيم بمديرية المحفد، شرق محافظة أبين.
ووفقاً لعدد من المواطنين، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، فإن «المصيبة الأكبر تكمن في انتشار السلاح في عدن وعدم ضبط إيقاع حمله واستخدامه من قبل الأجهزة الأمنية منذ ما بعد تحرير المدينة منتصف عام 2015. وحتى اليوم». ويعتبر مواطنون انتشار السلاح «تشجيعا لكل الخارجين على القانون للقيام بأعمال تضر أمن البلاد وبمصالح المواطنين، ومنها العمليات الإرهابية»، إضافة إلى الانتقادات التي توجه للجميع في عدن بـ«التهاون في مسألة إيجاد جهاز أمني شامل يتبع وزارة الداخلية وإدارة أمن عدن، يتولى بالمهام الأمنية والاستخباراتية، إلى جانب قوات مكافحة الإرهاب التي أسست مؤخراً». وفي هذه الحال، يعوّل المواطنون، كثيراً، على التنسيق المشترك بين التحالف والحكومة الشرعية في الجوانب الأمنية وأن لا يظل هذا الملف الهام والخطير بيد جهات معينة، نظرا لخطورته على كافة الجهات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.