«الفن في حروف»... لوحات الخط العربي بين الشرق والغرب

معرض لندني يجمع فناناً عراقياً ودبلوماسياً بريطانياً

TT

«الفن في حروف»... لوحات الخط العربي بين الشرق والغرب

في لقاء يجمع بين الشرق والغرب بمعنى الكلمة تجتمع الحروف العربية والشعر العربي مع مهارات فنان عراقي وآخر بريطاني من خلال معرض تحتضنه لندن يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
المعرض يقيمه غاليري يونس إمري بلندن ويحمل عنوان «الفن في حروف»، ويقدم من خلاله أعمالا تتبارى في استخدام مهارات الخط العربي كما أبدعها الفنان العراقي د. عمر قاسم كهية والسير تيرينس كلارك السفير السابق لدى عمان والعراق والبحرين. لا شك أن الإبداع الناتج عن هكذا خلفيات متنوع لأقصى حد ومع ذلك تلتقي الأعمال سويا في حب الفن الإسلامي وفنون الخط فيه.
المعرض يضم 22 عملا للفنانين تصور فيما بينها أساليب تراثية وأخرى حديثة في فنون الخط العربي حيث تنثر الكلمات والحروف جمالا وقوة في التعبير. السير كلارك والذي تعلم العربية وعمل في بلدان عربية اختار أن يتوجه للخط العربي من خلال أبيات الشعر مستلهما شعراء مثل جلال الدين الرومي وأبو نواس ليحول تلك الكلمات الشعرية لأشكال معبرة، فهو تارة يرص حروفه ويلفها لتمثل شخص «درويش» يدور في حركات هائمة وفي أخرى تطاوعه الحروف ليكون شكل الكلب السلوقي وهو حيوان اهتم به كلارك بل وألف فيه كتابين بعنوان «السلوقي» في عام 1994 و«الكلاب في الآثار القديمة» عام 2001.
ومن جانبه يغوص كهية في تراث الخط العربي ويستخدم الأدعية والمأثورات ليعرض مهارته وخطوطه التي تبث الروحانية والراحة لدى المتأمل.
يقول يونس إمري الذي يقيم المعرض بصالته اللندنية بمناسبة مرور سبع سنوات على افتتاحها، أنه سعيد باستضافة تلك المجموعة من أعمال الخط العربي ويضيف: «على الورق تبدو المسافة شاسعة ما بين حياة كهية وكلارك ولكن المعرض يظهر لنا تقديرهما لهذا النوع من الفن الإسلامي الكلاسيكي وقدرتهما على إنتاج أعمال خط عربي تتجاوز حدود الجغرافيا والثقافة».
المعرض ينظم بالمشاركة مع مكتب الثقافة والسياحة التركي ومعهد يونس إمري بلندن.
السير تيرينس كلارك والذي عمل دبلوماسيا منذ عام 1955 قضى جانبا كبيرا من حياته العملية مهتما بشؤون الشرق الأوسط سواء من خلال عمله في وزارة الخارجية البريطانية أو من خلال دوره كدبلوماسي في عدد من بلدان المنطقة. درس اللغة العربية في لبنان وعمل في البحرين والأردن وسوريا والمغرب والإمارات العربية المتحدة وعمان وليبيا. وبعد فترة قضاها في أوروبا عاد للمنطقة سفيرا لدى العراق في عام 1985 ثم عمان في 1990. وبعد انتهاء خدمته حافظ السير كلارك على صلاته بالشرق الأوسط عبر توليه منصب نائب رئيس الجمعية العمانية البريطانية ورئيس مجلس إدارة أصدقاء متحف البصرة.
د. عمر قاسم كهية هو خطاط ومؤلف ومحاضر ولد في الموصل بالعراق وتخرج من قسم الفنون الجميلة بجامعة بغداد في 2006. وعمل محاضرا في تاريخ الفن الإسلامي الخط العربي.



مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».