الغوطة الشرقية لدمشق هدأت... والغربية اشتعلت

بانتظار توزيع المساعدات

سورية مع ابنتها أمام مقر للاجئين في أثينا (إ.ب.أ)
سورية مع ابنتها أمام مقر للاجئين في أثينا (إ.ب.أ)
TT

الغوطة الشرقية لدمشق هدأت... والغربية اشتعلت

سورية مع ابنتها أمام مقر للاجئين في أثينا (إ.ب.أ)
سورية مع ابنتها أمام مقر للاجئين في أثينا (إ.ب.أ)

ساد الهدوء الحذر أمس مدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية، بعد يوم دامٍ شهدته المنطقة في وقت كثفت فيه قوات النظام القصف الجوي والمدفعي على غوطة دمشق الغربية وسط محاولات متجددة لقوات النظام للتقدم.
وقال مصدر في المعارضة السورية لوكالة الأنباء الألمانية إن طيران النظام ألقى على مواقع فصائل المعارضة في الريف الغربي أكثر من 10 براميل وحاوية متفجرة و19 لغما بحريا وأكثر من 27 صاروخاً من نوع أرض أرض إضافة إلى عشرات قذائف المدفعية والدبابات من مواقع قوات النظام في اللواء 68 وتلة حينة وتلة دربل وعين الشعرة في ريف دمشق الغربي.
وأكد المصدر أن قوات النظام ورغم التمهيد الناري الكثيف الذي استهدف مواقع فصائل المعارضة فشلت في محاولة اقتحام تلة البرادعيا الاستراتيجية، وتكبدت خسائر كبيرة من كمائن مسلحي المعارضة الذين يعرفون طبيعة الأرض الوعرة وكثيفة الأشجار وقتلوا سبعة عناصر من القوات الحكومية حاولوا التقدم باتجاه التلة، كما دمروا ثلاث آليات للقوات الحكومية».
في المقابل، قالت مصادر إعلامية مقربة من النظام للوكالة نفسها إن «سلاح الجو السوري استهدف مواقع لجبهة النصرة في منطقة مغر المير وتلة مروان وتلة البرادعيا بريف دمشق الغربي وتصدت لمحاولة مجموعات تابعة لجبهة النصرة من التسلل إلى مواقع الجيش في بلدة حينة بجبل الشيخ وكبدتهم خسائر كبيرة». وتشهد مناطق ريف دمشق الجنوبي الغربي المتصل مع ريفي درعا والقنيطرة معارك مستمرة بين فصائل المعارضة وقوات النظام.
وفي وقت لا تزال عائلات الغوطة تنتظر توزيع المساعدات التي كانت قد وصلت إلى المنطقة للمرة الأولى منذ شهر سبتمبر (أيلول) اجتمعت الهيئة السياسية للائتلاف الوطني مع قيادات مدنية من الغوطة الشرقية المحاصرة، عبر سكايب، لمتابعة مجريات الأحداث وما تتعرض له الغوطة من حملة عسكرية إجرامية من نظام الأسد والميليشيات الطائفية.
وأوضح مسؤولون في المجال الطبي بالغوطة التي شهدت يوم أمس هدوءا حذرا بعد أسبوع دام قتل وأصيب خلاله عشرات الأشخاص، أن الوضع الصحي والطبي سيئ للغاية، مشيرا إلى أن هناك 200 حالة بحاجة إلى إخراج فوري للعلاج في مستشفيات متخصصة، إضافة إلى 450 مصاباً بالسرطان يعوزهم العلاج والدواء، كما أن المخزون الدوائي للغوطة قد نفد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.