صعدت أسعار النفط فوق مستوى 60 دولاراً بفضل الدعم القوي للنفط من قبل السعودية، التي أعلن ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان عند جاهزية بلاده لتمديد اتفاق خفض الإنتاج القائم بين دولة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والدول خارجها بعد انتهائه في مارس (آذار)القادم.
وسيعطي هذا الدعم السعودي للاتفاق الذي تزامن مع دعم روسي على أعلى المستويات، استقرارا للأسعار عند مستويات قريبة من 60 دولارا إلا أنها غير مرشحة للارتفاع فوق مستويات الستين دولارا ما لم تحصل أزمة كبيرة في الإمدادات، بحسب ما أوضحه بعض المحللين.
ورفع مصرف جي بي مورغان الأميركي من توقعاته لأسعار النفط في العام القادم بفضل النمو القوي للطلب على النفط إضافة إلى التحسن الملحوظ في مستويات الالتزام من قبل الدول بالاتفاق. وقال المصرف إن سعر برنت قد يزيد في العام القادم بنحو 11 دولارا إلى 58 دولارا فيما سيزيد سعر غرب تكساس بنحو 11.4 دولار للبرميل إلى 54 دولارا.
ونقلت وكالة بلومبيرغ أمس عن مصرف الإمارات إن بي دي أن المصرف لا يرى احتمالية صعود الأسعار فوق 60 دولاراً، ومن المرجح أنها ستظل في نطاق سعري بين 55 و60 دولاراً ما لم تتعطل إمدادات العراق.
وقال إحسان عبد الجبار المدير العام لشركة نفط البصرة لـ«رويترز» أمس الاثنين إن العراق زاد الصادرات من حقوله الجنوبية إلى 3.45 مليون برميل يوميا لتعويض نقص الإمدادات من حقول كركوك في الشمال.
وكان إنتاج كركوك تراجع في وقت سابق من الشهر الحالي عندما استردت القوات العراقية حقول النفط من المقاتلين الأكراد الذين سيطروا عليها منذ 2014.
ويقول المصرف الإماراتي إن المخاطر القائمة حيال أسعار النفط هذا العام متعلقة باتفاق أوبك مع روسيا والدول الأخرى خارجها، حيث إن عدم قدرتهم على الوصول إلى اتفاق في الاجتماع القادم أو عدم قدرتهم على الوصول إلى سياسة واضحة للتخارج من الاتفاق في العام القادم قد يؤدي إلى عمليات قوية لبيع عقود النفط بعد الاجتماع، وهو مماثل لما حصل في اجتماع الصيف عندما انخفضت الأسعار عقب الاجتماع.
دعم سعودي
ولكن من المستبعد أن تصل الأمور إلى هذا الحد، فالتصريحات التي أطلقها ولي العهد السعودي والتي أظهر فيها دعم بلاده للتمديد نظراً لأهميته لاستقرار السوق، إضافة إلى التصريحات التي صرح بها وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في الرياض الأسبوع الماضي أزالت الكثير من الضبابية حول التخارج من الاتفاق.
وقال الفالح للصحافيين في الرياض إن أوبك ستظل تواصل جهودها لخفض المخزونات النفطية في العالم إلى مستويات متوسط الخمس سنوات، وإن أوبك لن تتخارج بسرعة من الاتفاق بعد انتهائه ووصولها إلى الهدف المنشود بل سيكون خروجها منه تدريجيا وهادئا حتى لا تتأثر السوق النفطية.
وأمس انضمت الإمارات إلى قائمة الدول التي تدعم الاتفاق، حيث قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن هناك حاجة لتمديد اتفاق خفض إنتاج النفط العالمي. وأبلغ الصحافيين في أبوظبي «هناك حاجة للتمديد حسبما أرى».
وقال الوزير عندما سئل إن كان قرار تمديد التخفيضات سيتخذ في نوفمبر (تشرين الثاني) عندما تعقد أوبك اجتماعها التالي أم في يناير (كانون الثاني) 2018: «آمل أن نتفق على ما هو أفضل للسوق».
تهديد أميركي
ونقلت بلومبيرغ كذلك عن أوليفير جاكوب من «بتروميتريكس» قوله إن أحد المخاطر التي لن تؤدي إلى صعود أسعار النفط عالياً في العام القادم هو زيادة صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام.
وتشهد صادرات النفط الخام الأميركي طفرة منذ رفع الحظر، الذي استمر عقودا، على تصدير الخام قبل أقل من عامين، وبلغت الشحنات مؤخرا مستوى قياسيا عند مليوني برميل يوميا. لكن شركات النقل البحري والتجار يخشون أن هذا الاتجاه الصعودي لا تتوفر له مقومات الاستمرارية، وإذا بلغت الصادرات الحدود القصوى، فقد يضغط ذلك على سعر الخام الأميركي.
ولا تزال كميات الخام التي تستطيع الولايات المتحدة تصديرها أمرا غامضا. فلن تفصح غالبية مشغلي الموانئ والشركات عن الطاقة التصديرية التي لن ترصدها أيضا وكالات حكومية مثل وزارة الطاقة الأميركية. لكن البنية التحتية لتصدير النفط لا تزال في حاجة إلى المزيد من الاستثمارات في الأعوام القادمة. وستطال عقبات ليس فقط طاقة التخزين والتحميل، بل أيضا عوامل مثل توصيلات الأنابيب وحركة السفن.
ويعتقد محللون أن المشغلين سيبدأون في مواجهة مشكلات إذا ارتفعت الصادرات إلى 3.5 - 4.0 مليون برميل يوميا. ويخفض محللو آر.بي.سي كابيتال الرقم إلى نحو 3.2 مليون برميل يوميا.
ولم تقترب الولايات المتحدة بعد من تلك المستويات. وتشير تقديرات كبلر التي ترصد خدمات الشحن إلى أن أعلى تحميل للخام من موانئ تصدير رئيسية ربما يصل في بعض الأيام إلى نحو 3.2 مليون برميل يوميا.
ويبلغ إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام حاليا 9.5 مليون برميل يوميا، ومن المتوقع أن يشهد زيادة من 800 ألف إلى مليون برميل سنويا، ولذا فإن الطاقة التصديرية قد تختبر في وقت ليس ببعيد. وعلى مدى الأربعة أسابيع السابقة، بلغ متوسط الصادرات 1.7 مليون برميل يوميا، وهو أعلى بما يزيد على ثلاثة أمثال مستوياته قبل عام. وقال مايكل كوهن رئيس بحوث أسواق الطاقة لدى باركليز: «في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام، إذا واصل الإنتاج الأميركي النمو بالمستويات الحالية، فستظهر السوق في نهاية المطاف أن هناك حاجة إلى المزيد من البنية التحتية. لكن لا أعتقد أن هناك الكثير من تلك الخطط جاهزة الآن».