تحديات أمنية ومخاوف في أوروبا من عمليات إرهابية محتملة

40 ألفاً انضموا إلى «داعش» ومئات من المقاتلين عادوا لدولهم

تحديات أمنية ومخاوف في أوروبا من عمليات إرهابية محتملة
TT

تحديات أمنية ومخاوف في أوروبا من عمليات إرهابية محتملة

تحديات أمنية ومخاوف في أوروبا من عمليات إرهابية محتملة

ماذا سيحمل مقاتلو تنظيم داعش العائدون من سوريا والعراق لأوروبا، سؤال ما زال يؤرق الغرب، خاصة مع إعلان تقارير كثيرة حذرت من عودتهم، كان آخرها تقرير «مركز صوفان» الاستشاري للشؤون الأمنية ومقره واشنطن، الذي أبدى تخوفه من عودة المئات من التنظيم إلى دولهم الأوروبية.
بينما حذر خبراء ومحللون، من أن الغرب يواجه مأزقا خطيرا الآن بعودتهم، مؤكدين لـ«الشرق الأوسط»، أن العائد من «داعش» لدولته، إما كره التجربة ويريد أن يتركها وهذا يمكن إدماجه في المجتمعات، وإما أن يتحول لـ«خلايا نائمة» ينتظر أي تعليمات للقيام بعمليات جديدة.

وتكبد التنظيم الإرهابي الأكثر دموية، خلال الأشهر الماضية، خسائر يومية بسبب هجمات التحالف الدولي، أضحت تُهدد دولة «الخلافة المزعومة» التي أعلن عنها عام 2014.
وقال مراقبون إن «داعش» كان يسيطر على مناطق في سوريا والعراق تُعادل مساحة إيطاليا عام 2014. وفقد نحو 85 في المائة منها أمام القوات المدعومة من روسيا والولايات المتحدة.
ويشار إلى أن التنظيم منذ ظهوره في 2014 استهدف تجنيد أكبر عدد ممكن من الأوروبيين لأهداف استراتيجية، مستغلاً في ذلك حالة التخبط التي يعانيها الشباب هناك، نظراً لغياب الوعي الديني الصحيح... وبالفعل ارتفع أعداد المنضمين للتنظيم من الدول الأوروبية خلال عامي 2014 و2015 ارتفاعاً ملحوظاً وخاصة من فرنسا وروسيا وألمانيا.
وقال تقرير مركز «صوفان» إنه حتى الآن عاد ما لا يقل عن المئات من الدول الأوروبية فقط، ما يشكل تحدياً هائلاً للأمن، ولعمل أجهزة الأمن هناك.
وأوضح التقرير أن أكثر من 40 ألف أجنبي انضموا إلى «داعش» قبل وبعد إعلان تشكيل نواته الأولى في يونيو (حزيران) 2014... وأن بعضهم سيبقى متمسكاً بشكل من أشكال «الجهاد العنيف» الذي يدعو إليه تنظيما «داعش» و«القاعدة».
وسلط التقرير الضوء على مشاكل النساء والأطفال الذين التحقوا بتنظيم داعش... وأشار كذلك إلى سياسة الحكومات الأوروبية مع العائدين إلى ديارهم.
وأفاد تقرير المركز بأنه من غير المتوقع، أن تتلاشى قريباً ظاهرة المقاتلين، وانضمامهم إلى ما بقي من تنظيم داعش أو إلى مجموعات أخرى مشابهة قد تظهر لاحقاً.
وأشار التقرير إلى أن روسيا أرسلت أكبر عدد من المتطرفين الأوروبيين إلى «داعش» في سوريا والعراق (3417)، تليها فرنسا (1910)، وألمانيا (900)، وبريطانيا (425)، والسويد (267)، وإسبانيا (204)، وإيطاليا (110).
ويشار إلى أن «داعش» يقوم بتنفيذ مخطط خطير لمواجهة هروب مقاتليه الأجانب وعودتهم إلى دولهم، وذلك عن طريق الاعتماد على الأطفال والأرامل للقيام بمهام مقاتليه في القتل والتفجير.
وقال الشيخ نبيل نعيم، القيادي السابق في جماعة الجهاد بمصر، إن العائدين من مقاتلي «داعش» لدولهم ينقسمون إلى نوعين، الأول كره التجربة ويريد أن يتركها، وهذا يمكن دمجه في المجتمع، حال عرض نفسه على المجتمع، واعترافه بفشل التجربة، شريطة أن يخرج في الإعلام لينصح الشباب في الدول الغربية بعدم الانضمام للتنظيم ويفند أكاذيبه التي يروج لها.
وعانى تنظيم داعش خلال الأشهر الماضية من هروب العديد من مقاتليه، بسبب اكتشافهم زيف مزاعم التنظيم وأكذوبة –أرض الخلافة المزعومة-، وادعاءات العيشة الرغدة والرواتب الكبيرة التي حلموا بها.
وأضاف الشيخ نعيم: أما النوع الثاني من العائدين فلا يمكن إدماجه في المجتمعات، لأنه يحمل أفكارا تعتبر هذه المجتمعات –كافرة على حد وصفهم– ولا بد من إيصال الإيذاء لهذه الدول، لأنها طاعة وتقرب إلى الله من وجهة نظره وهم الأغلبية، لافتاً إلى أن هؤلاء سوف يتحولون لخلايا نائمة مُجرد ما يأتي لهم تعليمات من التنظيم الأم، وسوف يقومون بسرعة بتنفيذ العمليات حال توفر الدعم المادي لها.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أكدت تحقيقات وتقارير أوروبية أن «داعش» اعتمد خطة لإعادة المقاتلين الأجانب إلى أوروبا منذ بضعة أشهر، بعد توقيعهم على استمارات خاصة تتضمن عزمهم على تنفيذ عمليات في أوروبا... وهو ما عده مراقبون «بمثابة القنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في أي وقت وفي أي مكان بالعالم».
من جهته، قال اللواء محمد قدري الخبير الأمني والاستراتيجي، إن «داعش» سوف يعتمد على استراتيجية «النكاية والإنهاك» التي ينفذها العائدون، وتسبب خسائر فادحة للدول التي تتعرض لها، خاصة مع صعوبة تحديد هوية العناصر المقاتلة، وأماكن اختفائهم والأماكن المستهدفة بالعمليات الإرهابية، وهو ما يسبب وقوع الكثير من العمليات الإرهابية التي تهز كيان الدول وتضرب استقرارها وتهدد مواردها الاقتصادية، لافتاً إلى أن «داعش» سوف يسعى إلى تكوين خلايا نائمة أو ذئاب منفردة - وفق مصطلحات التنظيم – مما يحتم على دول الغرب أن تغير من استراتيجيتها من المواجهة العسكرية المباشرة، إلى مواجهة «الخلايا النائمة» التي قد تنتشر على مساحات واسعة وتقوم بعمليات إرهابية نوعية بشكل لا مركزي، ثم ما تلبث أن تعود للخفاء مرة أخرى لتتوارى عن الأنظار والملاحقة الأمنية.
ورجح قدري أن يكون سبب عودة مقاتلي «داعش» لدولهم هو المُساعدة في تجنيد مُوالين جُدد للتنظيم في أوروبا، وإقناعهم للقيام بأعمال متطرفة عقب هزائم التنظيم، مضيفاً أنه «حال تضييق الدول على هذه العناصر الداعشية، ستنحصر مُهمتهم في تجنيد الشباب والفتيات والعناصر الجديدة، من أجل ضمان مورد دائم لتجنيد مقاتلين جُدد لصفوف التنظيم بعيدا عن مُراقبة سلطات هذه الدول».


مقالات ذات صلة

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.