السوريون في برلين يغيّرون طابع «شارع العرب»

تحول ملاذاً للواصلين حديثاً... وانتشار المتاجر السورية يثير حساسية «القدامى»

حلويات من محلات تحمل أسماء «الشام» و«دمشق» بـ«شارع العرب» في برلين («الشرق الأوسط»)
حلويات من محلات تحمل أسماء «الشام» و«دمشق» بـ«شارع العرب» في برلين («الشرق الأوسط»)
TT

السوريون في برلين يغيّرون طابع «شارع العرب»

حلويات من محلات تحمل أسماء «الشام» و«دمشق» بـ«شارع العرب» في برلين («الشرق الأوسط»)
حلويات من محلات تحمل أسماء «الشام» و«دمشق» بـ«شارع العرب» في برلين («الشرق الأوسط»)

من بعيد لا يبدو شارع زوننالي مختلفا عن غيره من شوارع برلين. أشجار تغمر أطرافه وتمتد طوال وسطه. أبنية من طبقات قليلة تُتَوّجها قراميد حمراء، وبينها بضعة أبينة قديمة مهجورة لم يتشجع أحد على ترميمها، ربما عمدا، لتذكر البرلينيين بتاريخهم الأسود.
ولكن رواد هذا الحي والعاملين فيه ليسوا بحاجة لما ينعش ذاكرتهم، فصور الحرب ما زالت منتعشة في أذهان كثيرين. نظرة أقرب إلى هذا الشارع والانطباع الأول يتغير. هو فعلا مختلف؛ بمرتاديه وصوته وحتى شكله.
فالأبنية التي تبدو من الأعلى برلينية تتغير عندما يحرك المار ناظريه إلى الأسفل. فيرى لافتات مكتوبة بالأحرف العربية وأسماء تشير إلى أصول المحال المنتشرة: «ياسمين الشام»، و«الدمشقي»، و«سوق الشام». والأصوات التي تسمعها في الشارع تتحدث اللغة نفسها.
حتى نبض زوننالي مختلف؛ فهنا تسمع وترى في الشارع أحاديث حيوية، أحيانا أكثر من اللازم. يبدو واضحا أن المتحدثين ليسوا ألماناً.
زوننالي تحول إلى مكان أشبه بالملجأ لكثير من السوريين الواصلين حديثا إلى ألمانيا. «أعيش في مكان يبعد نحو ساعة من هنا، ولكن كلما احتجت للتبضع آتي إلى هنا. أجد البضاعة التي أعرفها ومعتاد عليها»، يقول محمد لاجئ سوري وصل برلين قبل عامين. يشعر محمد، ومثله كثيرون، بأن هذا الشارع يحد من قسوة اللجوء بعض الشيء.
«شارع العرب» كما يُعرف هنا في برلين، قصته قديمة، عمرها من عمر الحرب الأهلية اللبنانية. مهاجرون لبنانيون وأيضا فلسطينيون قدموا في الثمانينات وحولوا شارع زوننالي شيئا فشيئا شارعهم، واستحوذوا عليه من الجالية التركية الكبيرة هنا. فتحوا فيه مطاعم تقدم الشاورما والمناقيش، ومحال خضراوات تبيع الملوخية والبامية، وملاحم تحضر اللحم الحلال، حتى بات نحو 90 في المائة من المحال في الشارع مملوكة لعرب، بحسب عمدة المدينة.
ولكن في الأشهر الأخيرة بدأت تحولات جديدة تطرأ على زوننالي. وصبغته راحت تتحول من «اللبنانية - الفلسطينية» إلى «السورية».
هنا تجد محل حلويات سورية فتح قبل عام ونصف. وهناك مقابله فتح قبل 6 أشهر، مطعم صغير اسمه «ياسمين الشام» لبيع الشاورما. وأبعد بقليل مطعم «الدمشقي» الذي يقدم الأطباق السورية، انتقل من دمشق بكامل طاقمه إلى برلين، وافتتح قبل 6 أشهر.
إلا أن هذه «الغزوة» السورية للشارع لا يبدو أنها تلاقي ترحيبا من «قدامى» الحي. أو من بعضهم على الأقل.
«هناك حساسية مع اللبنانيين. كثير من أصحاب المتاجر السورية يتعرضون لمضايقات منهم»، يقول رامي، أحد العاملين في متجر سوري افتتح مؤخرا. ويروي آخر كيف اضطر لإقفال الباحة الخارجية لمطعمه «بعد شكاوى من الجيران».
هذه الحساسية يقول تجار لبنانيون إنها غير موجودة، «على العكس نساعدهم في أمور الضرائب والمعاملات الرسمية إذا احتاجوا»، بحسب ملحم، تاجر قديم في الحي.
في مطعم «الباشا»، مطعم لبناني افتتح قبل 4 سنوات، معظم العاملين من اللاجئين السوريين. يقول يوسف صاحب هذا المطعم، إن السوريين هم الذين يتقدمون للوظائف. وينفي وجود حساسيات: «الكلام بالسياسة والطائفية ممنوع هنا».
ورغم المهاترات هذه يبقى زوننالي شيئا مألوفا بالنسبة لكثيرين. «عندما نكون في العمل نشعر بأننا في بيتنا، ولكن عندما نغادر نتذكر أن المشكلات نفسها ما زالت موجودة»، يقول رامي أحد العاملين في مطعم سوري. من ذلك، مشكلات إيجاد سكن، وسماسرة عرب يحتالون على القادمين الجدد، وتعلم اللغة وتعبئة استمارات لا تنتهي بالألمانية… يعدد الشاب العشريني.
عندما يخرج مساء من مكان عمله أو بيته، يرفع رامي ناظريه إلى الأعلى ويحدق في الأبنية، ثم ينظر من بعيد إلى الشارع، ويتذكر لحظتها أنه ليس في دمشق… بل في برلين.


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.