مصر تؤكد قتل إرهابيين في حادث الواحات

«حسم» تعلن مسؤوليتها... عضو بمجلس {مكافحة الإرهاب} لـ«الشرق الأوسط»: ملاحقة المتطرفين مستمرة

تشييع جثمان النقيب احمد فايز بعد ساعات من العملية الارهابية في الواحات (إ.ب.أ)
تشييع جثمان النقيب احمد فايز بعد ساعات من العملية الارهابية في الواحات (إ.ب.أ)
TT

مصر تؤكد قتل إرهابيين في حادث الواحات

تشييع جثمان النقيب احمد فايز بعد ساعات من العملية الارهابية في الواحات (إ.ب.أ)
تشييع جثمان النقيب احمد فايز بعد ساعات من العملية الارهابية في الواحات (إ.ب.أ)

أعلنت وزارة الداخلية المصرية أمس، مقتل وإصابة 15 إرهابياً في حادث الواحات الإرهابي. وقالت «الداخلية» في بيان لها، إن 16 من قوات الشرطة قتلوا خلال المواجهات مع الإرهابيين بينهم «11 ضابطاً و4 مجندين ورقيب شرطة»، فضلاً عن إصابة 13 من القوات من بينهم «4 ضباط و9 مجندين».
وبينما أعلنت حركة «حسم» التي تعتبرها السلطات المصرية إحدى أذرع جماعة «الإخوان» مسؤوليتها عن الحادث، أكد العميد خالد عكاشة، عضو المجلس الوطني لمكافحة الإرهاب والتطرف لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاشتباكات ما زالت مستمرة حتى الآن مع الإرهابيين... وهناك إصرار من القوات للوصول إلى باقي العناصر الإرهابية والقضاء عليهم».
ووقعت اشتباكات مع عناصر «إرهابية» بصحراء الواحات بمحافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة القاهرة أول من أمس، عقب ورود «معلومات للأجهزة الأمنية تفيد بوجود عناصر متطرفة اتخذت صحراء الواحات مخبأ لها، للتخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية ضد قوات الشرطة والجيش».
وتتعرض قوات الشرطة المصرية لهجمات متكررة على كمائنها منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة في عام 2013. وتقول الحكومة إن «عدداً من رجال الأمن قتلوا في هجمات استهدفت مرتكزات ونقاطاً أمنية».
وقالت الداخلية في بيان لها أمس، رداً على تضارب أعداد القتلى والمصابين بين قواتها، إن «المعلومات وردت لقطاع الأمن الوطني حول اتخاذ مجموعة من العناصر الإرهابية من إحدى المناطق بالعمق الصحراوي بالكيلو 135 بطريق (أكتوبر الواحات) بمحافظة الجيزة مكاناً للاختباء والتدريب والتجهيز للقيام بعمليات إرهابية، مستغلين في ذلك الطبيعة الجغرافية الوعرة للظهير الصحراوي وسهولة تحركهم خلالها».
مضيفة: «تم إعداد القوات للقيام بمأموريتين من محافظتي الجيزة والفيوم، لمداهمة تلك المنطقة؛ إلا أنه حال اقتراب المأمورية الأولى من مكان وجود العناصر الإرهابية، استشعروا بقدوم القوات وبادروا باستهدافهم باستخدام الأسلحة الثقيلة من كل الاتجاهات، فبادلتهم القوات إطلاق النيران لعدة ساعات مما أدى إلى وقوع قتلى ومصابين من الشرطة».
وأوضحت الداخلية أنه «في وقت لاحق تم تمشيط المناطق المتاخمة لموقع الأحداث بمعرفة القوات المعاونة، وأسفر التعامل مع العناصر الإرهابية عن مقتل وإصابة 15 إرهابياً... وما زالت عمليات التمشيط والملاحقة مستمرة».
وأهابت وزارة الداخلية بوسائل الإعلام تحري الدقة في المعلومات الأمنية قبل نشرها والاعتماد على المصادر الرسمية، وإتاحة الفرصة للأجهزة المعنية في التحقق من المعلومات وتدقيقها، لا سيما في ظل ما قد تفرضه ظروف المواجهات الأمنية من تطورات، الأمر الذي قد يؤدي إلى التأثير سلباً على سير عمليات المواجهة والروح المعنوية للقوات.
بدوره نعى مجلس الوزراء، ضحايا رجال الشرطة، وقال رئيس الوزراء شريف إسماعيل، أمس، إن «الأعمال الإجرامية التي ترتكبها العناصر الإرهابية التكفيرية في حق الوطن لا تزيدنا إلا إصراراً على استكمال جهود القضاء على ذيول الإرهاب والتطرف واستكمال العمل والبناء».
وخيم الحزن على الشارع المصري أمس، ونعت محافظات مصر ضحايا الشرطة الذين طالتهم يد الغدر والخيانة، وأعرب مواطنون عن حزنهم للعدد الكبير من القتلى المصابين في صفوف الشرطة، مطالبين بسرعة القصاص من الإرهابيين... كما سادت الشارع المصري حالة من الغضب أمس، وخاصة من أهالي ضحايا الشرطة، وشيعت عدد من المحافظات أمس جثامين الضباط والجنود الذين اغتالتهم يد الإرهاب إلى مثواهم الأخير في جنازات شعبية.
وسبق أن أعلنت حركة سواعد مصر (حسم) مسؤوليتها عن مقتل عناصر من الشرطة في أنحاء البلاد خلال الأشهر الماضية، كما تبنت كثيراً من حوادث استهداف الارتكازات الأمنية. وكانت الحركة قد أعلنت سابقاً مسؤوليتها عن عدد من العمليات الإرهابية، أبرزها محاولتا اغتيال مفتي البلاد السابق علي جمعة، والنائب العام المساعد زكريا عبد العزيز.
وفتحت نيابة أمن الدولة العليا أمس، تحقيقا موسعا وفوريا في الحادث الإرهابي، وكشفت التحريات الأولية، عن أن «الواقعة بدأت عندما توصلت الجهات الأمنية إلى مكان معسكر الإرهابيين بعد أن ألقي القبض على أربعة إرهابيين في القليوبية اعترف اثنان منهم، بوجود معسكر في موقع بالصحراء الغربية قريب من طريق الواحات ووادي الحيتان، وقدموا تفاصيل كاملة عن موقع المعسكر والطرق المؤدية إليه».
وأوضحت التحريات الأولية، أنه تم مناقشة المعلومات التي أخبر بها المتهمون بين أعلى المستويات الأمنية في القطاعات المسؤولة، لإجراء البحث والرصد والتأكد من مدى صحة هذه المعلومات.
وقالت التحريات إن عناصر الإرهاب رصدت دخول القوات بمسافة كبيرة ولديهم تفاصيل واتجاهات توزيع القوات المشاركة، بما يوحي بأن لديهم تفاصيل دقيقة سابقة عن العملية وتوقيتها، فاستعد الإرهابيون للمواجهة، ونصبوا كميناً للقوات بزراعة المدقات المؤدية إلى المعسكر بالمتفجرات، مع انتشار العناصر الإرهابية في قمم الجبال والتلال المحيطة بالمدقات، وفور وصول مدرعات وسيارات الشرطة والقوات المشاركة، تعامل الإرهابيون معهم بالأسلحة الثقيلة و«الآر بي جي».
وذكرت التحريات التي أجرتها النيابة أن المعسكر الإرهابي كان يوجد فيه ما لا يقل عن مائة شخص يتلقون تدريبات عسكرية ولديهم حياة كاملة في هذه المنطقة، ويعلمون الطرق المحيطة والمدقات المؤدية إلى المدن أو المحافظات القريبة، وكذلك المدقات والطرق المؤدية إلى عمق الصحراء في اتجاه الحدود الغربية مع ليبيا.
من جانبه، قال العميد عكاشة إن «قوات الشرطة ما زالت حتى الآن تقوم بعمليات الملاحقة للعناصر الإرهابية، خاصة أن المكان الذي حدثت فيه الاشتباكات موجود في عمق الواحات البحرية»، مضيفاً أن «هناك إصرارا من القوات للوصول إلى الإرهابيين والقضاء عليهم».
وأضاف عكاشة لـ«الشرق الأوسط» أن مصر في حرب مع الإرهاب، وأن السلطات تكافح لتحقيق نجاحات، وبالفعل أوقعت بخلايا خلال الفترة الماضية، ووصلت إلى تنظيمات إرهابية في أماكن محددة. لكنه عاد وأكد أن «الخلاص من الإرهاب في مصر مرتبط بالوضع الإقليمي... فلو انحسر الإرهاب إقليمياً فسوف ينحسر في مصر».
وتقول الحكومة إن «حسم» ذراع مسلحة لجماعة الإخوان التي تعتبرها السلطات المصرية إرهابية؛ لكن الجماعة تنفي ذلك... وسبق أن أعلنت الداخلية قبل 10 أيام توقيف 14 عضواً من الحركة.
من جانبها، تؤكد الشرطة المصرية أنه في الآونة الأخيرة قتل عدد كبير من قادة الحركة وعناصرها خلال مداهمات مدن عدة بالبلاد خاصة في الجيزة، كان أبرزها مقتل مسؤول الدعم المالي للحركة في تبادل لإطلاق الرصاص مع الشرطة بضاحية مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.