قوات النظام تستعيد مدينة القريتين من «داعش»

مجلس دير الزور يطالب بتحرك لإنقاذ المدنيين

TT

قوات النظام تستعيد مدينة القريتين من «داعش»

استعادت قوات النظام السوري مدينة القريتين، الواقعة في ريف حمص الشرقي، بعد انسحاب تنظيم داعش منها، في وقت استمرت المعارك على جبهتي القتال في دير الزور على وقع قصف الطائرات الذي يؤدي يومياً إلى مقتل عدد من الأشخاص، وهو ما أدى بالمجلس المحلي لمحافظة دير الزور لمطالبة الأمم المتحدة والمبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا ومجموعة أصدقاء الشعب السوري، بالتحرك العاجل لإنقاذ المدنيين.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن قوات النظام والميليشيات الموالية لها، بدأت عملية تمشيط لمدينة القريتين الواقعة على بعد نحو 70 كيلومتراً في جنوب شرقي مدينة حمص، عقب انسحاب عناصر «داعش» منها، واستسلام مجموعة صغيرة منهم. وقال إن «نحو 200 عنصر من التنظيم، انسحبوا باتجاه البادية، فيما تتعقّب قوات النظام عددا قليلا من المسلحين الذين رفضوا الانسحاب». ونقل المرصد عن مصادر متقاطعة، أنه «جرى تأمين ممر لعناصر التنظيم، للعبور نحو مناطق سيطرتهم في البادية السورية خلال الساعات الماضية».
من جهتها، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، بأن «وحدات من الجيش (النظامي) السوري بالتعاون مع القوات الرديفة، أعادت الأمن والاستقرار إلى مدينة القريتين بعد القضاء على مسلحي تنظيم داعش الذين تسللوا إليها». وأعلنت أن «وحدات الهندسة في الجيش، قامت بإزالة العبوات الناسفة والألغام التي زرعها إرهابيو تنظيم داعش في المنازل والشوارع والساحات والمؤسسات الحكومية في المدينة».
أما موقع «الدرر الشامية» الإخباري المعارض، فنقل عن مصادر محلية، أن «هذا التقدم جاء بعد عملية عسكرية بدأتها قوات النظام على المنطقة في الساعات الأولى من الصباح (أمس)، تحت غطاء ناري كثيف وغارات جوية». وأشارت المصادر المحلية إلى أن «الحصار الخانق الذي فرضه النظام على المدينة خلال الأيام الـ20 الماضية، تسبب بأزمة إنسانية صعبة، حيث قطع كل وسائل الاتصال ومنع دخول المواد الغذائية إليها».
وكانت قوات النظام أخفقت خلال الـ20 يوماً الماضية، في استعادة المدينة، التي سيطر عليها التنظيم في اليوم الأول من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بعد عملية تسلل مباغتة، نفذها في عمق مناطق سيطرة النظام، ببادية حمص الجنوبية الشرقية، كما شهد محيط المدينة في الأيام الماضية عمليات تقدم لقوات النظام واستعادة المرتفعات التي خسرتها بمحيط القريتين والتلال المحيطة بها.
وسيطر التنظيم للمرة الأولى على القريتين التي تعد رمزاً للتعايش بين المسلمين والمسيحيين في وسط سوريا مطلع أغسطس (آب) 2015. وعمل إثر ذلك على تدمير دير أثري من القرن السادس ميلادي وإحراق عدد من الكنائس. ثم تمكنت قوات النظام من استعادة المدينة بدعم روسي في بداية أبريل (نيسان) 2016. وكان عدد سكان القريتين يقدر بنحو ثلاثين ألف شخص بينهم 900 مسيحي قبل الحرب السورية.
إلى ذلك، دارت اشتباكات عنيفة خلال الساعات الماضية، في الريف الشمال الشرقي لحمص، القريب من ريف دير الزور الجنوب الشرقي، إثر هجوم عنيف شنّه تنظيم داعش على مواقع تابعة للنظام في منطقة حميمة. وقال المرصد السوري إنه وثّق «مقتل 14 عنصراً من المسلحين الموالين للنظام غالبيتهم من جنسيات غير سورية، كما تمكن التنظيم من الاستيلاء على أسلحة وذخيرة».
وفي دير الزور طالب المجلس المحلي في بيان له بالضغط على النظام السوري والتحالف الدولي من أجل تحييد المدنيين عن القصف الجوي العشوائي الذي استهدف في معظمه الأحياء السكنية في مدن وبلدات وقرى محافظة دير الزور، وأودى بحياة مئات المدنيين بينهم نساء وأطفال، كما الاستهداف المتعمد من قبل طيران النظام وحلفائه للمعابر المائية التي يسلكها المدنيون عبر نهر الفرات هرباً من العمليات العسكرية والقصف العنيف، مطالباً بتأمين ممرات إنسانية آمنة للمدنيين الهاربين من المنطقة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بقصف طائرات حربية مناطق في مدينة البوكمال الواقعة بريف دير الزور الشرقي وأحياء لا تزال تحت سيطرة «داعش» في مدينة دير الزور بالتزامن مع اشتباكات عنيفة يشهدها محور حويجة صكر، بين قوات النظام والتنظيم إثر هجوم للأخير على المنطقة، انطلاقاً من بعض الأحياء المحاصر فيها. وفي دير الزور الشمالي، تواصلت الاشتباكات العنيفة بين التنظيم و«سوريا الديمقراطية» في محاولات قوات عملية «عاصفة الجزيرة» تحقيق مزيد من التقدم في المنطقة، بالتزامن مع قصف جوي من قبل طائرات التحالف الدولي يستهدف محاور القتال.
ولا يزال التنظيم يسيطر حالياً على بضعة أحياء في مدينة دير الزور (شرق) وعلى مدينة البوكمال الحدودية مع العراق وعلى مناطق صحراوية واسعة، في موازاة احتفاظه بجيوب صغيرة في ريفي حمص وحماة (وسط)، وفي درعا (جنوباً)، وفي مخيم اليرموك في جنوب دمشق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».