سفير إسبانيا في الرياض: تصرفات الانفصاليين مجازفة باتجاه الهاوية

قال لـ «الشرق الأوسط» إن الأزمة الحالية مسألة داخلية وستحل دستورياً

البارو إيرانتو السفير الإسباني لدى السعودية (تصوير: بشير صالح)
البارو إيرانتو السفير الإسباني لدى السعودية (تصوير: بشير صالح)
TT

سفير إسبانيا في الرياض: تصرفات الانفصاليين مجازفة باتجاه الهاوية

البارو إيرانتو السفير الإسباني لدى السعودية (تصوير: بشير صالح)
البارو إيرانتو السفير الإسباني لدى السعودية (تصوير: بشير صالح)

وصف دبلوماسي إسباني تصرفات سلطات إقليم كاتالونيا الأخيرة، وتهديدها بإعلان الاستقلال، بأنها مجازفة في اتجاه الهاوية، وكارثة اقتصادية على إسبانيا وعلى الكاتالونيين، تنهي عقوداً من العيش المشترك والمنفعة العامة، وقال: «الشعبويون يقومون على مبدأ تحريك الشارع، ولكن الشارع ليس دائماً يعبر عن الغالبية، فدولة القانون الديمقراطية يختارها الشعب وفق ما يريد عبر الانتخابات، وليس بالشارع».
وقال السفير الإسباني لدى الرياض البارو إيرانتو، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن الشعب الكاتالوني شعب حيوي، وإن كاتالونيا من أجمل مناطق العالم، ويزورها سنوياً ملايين السياح، حيث الصناعة والفن والجمال، مشيراً إلى أنه بين كاتالونيا وإسبانيا روابط دم، خلال قرون كثيرة من التعايش، شكلت الوضع الحالي، وقد شهدتا سوياً مراحل تطور إسبانيا. ويأمل بالحكمة التي يتمتع بها الكاتالونيون، باعتبار أن الغالبية منهم ليست لديهم النزعة الانفصالية غير المسؤولة من قبل الانفصاليين في الإقليم، مقراً بأن جزءاً من الكاتالونيين يرون أن مستقبلهم خارج إسبانيا، ولكن في الوقت نفسه لا يمثلون الغالبية.
ونفى السفير الادعاءات بأن مدريد ترفض الحوار مع الأقاليم التي تتمتع بحكم ذاتي ضمن الدولة الإسبانية، قائلا إن بلاده ليس لديها أي مشكلة في الحوار الذي طالب به رئيس إقليم كاتالونيا كارليس بوتشيمون، كشرط لتأجيل إعلان الاستقلال، مشدداً على ضرورة احترام قواعد الديمقراطية، وأن يكون الحوار تحت سقف القانون والدستور.
وقال السفير إيرانتو: «إن السلطات الكاتالونية تمردت على قوانين الحكم الذاتي والدستور الإسباني، مع أنه يوجد كثير من الأشياء التي يمكن التحاور حولها، فمثلاً قامت الحكومة الإسبانية وبعض القوى السياسية في البرلمان الإسباني بتشكيل لجنة لتعديل الدستور، بهدف التحسين لدرجة الحكم الذاتي لكل الأقاليم، بما فيها إقليم كاتالونيا».
ولفت السفير إلى أن الانفصاليين مشاركون في البرلمان الإسباني وجزء من هذه اللجنة، ولذلك كل شيء يمكن الحوار حوله تحت سقف الديمقراطية، في حين أن لجنة تعديل الدستور إذا أقرّت شيئاً ما يتحتم طرحه على البرلمان، ومن ثم طرحه للاستفتاء العام لكل أفراد الشعب.
وأعلن رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، عن اجتماع استثنائي لمجلس الشعب الإسباني، اليوم (السبت)، لمناقشة آلية تفعيل المادة 155 من الدستور، من أجل إقالة الحكومة المحلية، واستلام زمام الأمور في الإقليم، ورفع ما يتفق عليه لمجلس الشيوخ الإسباني، الذي يتضمن ممثلين عن جميع أقاليم إسبانيا، للمصادقة عليه وتنفيذه.
وقال السفير إيرانتو: «بإمكاننا تجنب تفعيل المادة 155 من الدستور الإسباني، وهذا ما تم طرحه من قبل الحكومة على رئيس إقليم كاتالونيا، من خلال تنظيم انتخابات مبكرة، ولكن أخيراً انكشف الكذب حول العهود والعقود التي سوقتها السلطات الكاتالونية، بأن كاتالونيا ستكون مستقلة وضمن الاتحاد الأوروبي، وستحافظ على الازدهار الاقتصادي».
ونوه إيرانتو بأنه إذا رفض رئيس إقليم كاتالونيا إقامة انتخابات، كمخرج ديمقراطي للحكم الحالي، ستضطر الحكومة لتفعيل المادة 155، ومن خلالها تدعو لانتخابات لتشكيل حكومة جديدة لإقليم كاتالونيا، والقيام بشرح كل حزب رؤيته لمستقبل العلاقة مع الحكومة المركزية في مدريد.
وأضاف السفير أن «الحكومة لديها كامل الشرعية لاستعمال القوة، وحالياً السلطات في كاتالونيا تتبع العمل السياسي، ولكن إذا لجأت لاستخدام القوة، سنطبق القانون ونستخدم القوة بشكل ردعي، للحفاظ على دولة القانون والحريات وحقوق المواطنين».
وشدد إيرانتو على أن الأفراد الذي يقومون بإعطاء أوامر للشرطة مخالفة للدستور الإسباني ولقانون الحكم الذاتي في كاتالونيا سيتم إيقافهم، كما سيتم توقيف القائمين على تمويل المشروع الانفصالي، مطالباً رئيس إقليم كاتالونيا بالعودة إلى رشده، وإلى دولة القانون والدستور، والكف عن السير في اتجاه الانفصال، منوهاً بأن حكومة مدريد تحظى بدعم كامل من أفراد المجتمع الدولي. وقال إن أوروبا تقف إلى جانب إسبانيا، وضد مغامرة الانفصاليين في كاتالونيا.
وتابع: «من المفترض أن يختار الشعب الكاتالوني حكومة جديدة، ويمكن أن يكون فيها حضور من الأحزاب الانفصالية، ولكن ستضطر هذه الأحزاب الانفصالية أن تشرح للشعب الكاتالوني كيف بإمكانهم القيام بمشاريعهم الانفصالية، وكيف يمكنهم الانفصال عن إسبانيا والبقاء داخل الاتحاد الأوروبي والمحافظة على التنمية، إذا تم الانفصال». وأضاف أن «النظام القائم مثال رائع على العيش المشترك، ما أدى إلى ازدهار اقتصادي واجتماعي في إسبانيا لمصلحة الجميع».
وقال إيرانتو: «مقتنعون بأن الحق سيصطف إلى جانبنا، كذلك القانون الدولي. أما فيما يتعلق باحتمال تدخل الأمم المتحدة، فإن ميثاقها يتضمن وحدة الأرض، وقد يوجد في الميثاق ما يشير إلى استقلال الدول التي تقع تحت الاحتلال الاستعماري، ولكن لا يمكن لأحد أن يعتبر أن إقليم كاتالونيا منطقة محتلة من قبل دولة استعمارية».
واستطرد إيرانتو: «أرى مشكلة إسبانيا مشكلة داخلية، ولا أعتقد أن الأمم المتحدة ستتدخل فيها، وأي تدخل في هذه الناحية سيكون بحذر شديد، ويكون قائماً على مبدأ الحفاظ على أكبر قدر من الحكم الذاتي في كاتالونيا».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.