بوتين يقول إن بلاده تعمل مع جميع الأطراف لحل الأزمة السورية

«آستانة 7» نهاية الشهر... والمعتقلون ملف رئيسي

بوتين متحدثاً في منتدى «فالداي» امس (رويترز)
بوتين متحدثاً في منتدى «فالداي» امس (رويترز)
TT

بوتين يقول إن بلاده تعمل مع جميع الأطراف لحل الأزمة السورية

بوتين متحدثاً في منتدى «فالداي» امس (رويترز)
بوتين متحدثاً في منتدى «فالداي» امس (رويترز)

اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ملامح الحل السياسي في سوريا، في وقت اتفقت روسيا وتركيا وإيران، الدول الضامنة الراعية لعملية آستانة، على عقد الجولة السابعة من المشاورات حول الأزمة السورية «آستانة 7» يومي 30 و31 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وسيركز اللقاء على لجنة العمل الخاصة بملف المعتقلين ومسائل نزع الألغام في سوريا.
وأكد المكتب الإعلامي في وزارة الخارجية الكازاخية، أمس، هذا الموعد، وقال في بيان رسمي إن «اللقاء الدولي رفيع المستوى حول الأزمة السورية، في العاصمة الكازاخية يعقد في 30 و31 أكتوبر، بموجب توافق بين الدول الضامنة لوقف إطلاق النار في سوريا». وأكد البيان أنه «من المخطط خلال المفاوضات في آستانة تثبيت الفقرات حول مجموعة العمل الخاصة بإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، وتسليم جثث القتلى، والبحث عن المفقودين». ويضيف بيان الخارجية أن المشاركين في «آستانة 7» سيبحثون مسائل التصدي للإرهاب وتبني بيان حول نزع الألغام في سوريا، وقضايا أخرى ذات اهتمام مشترك.
وتجدر الإشارة إلى أن عقد لقاءات في آستانة حول الأزمة السورية جاءت بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نهاية العام الجاري. ولم تشهد عملية «آستانة» أي مفاوضات بين المعارضة والنظام، وكانت بصورة رئيسية عبارة عن مشاورات بين وفود الدول الضامنة بهدف الاتفاق فيما بينهم على آليات تثبيت وقف إطلاق النار في سوريا. وبعد الفشل في تثبيت وقف إطلاق النار طرحت روسيا فكرة إقامة مناطق خفض التصعيد، وباشرت الدول الضامنة مشاوراتها في آستانة وعواصم أخرى لتنفيذ الاقتراح، إلا أنها فشلت، بينما تمكنت روسيا من الاتفاق مع الولايات المتحدة على إقامة منطقة خفض التصعيد جنوب غربي سوريا، ومن ثم تم التوصل لاتفاق بوساطة مصرية على إقامة منطقتي خفض التصعيد في الغوطة وفي ريف حمص الشمالي. وبقيت عالقة منطقة خفض التصعيد في إدلب، إلى أن أعلنت الدول الضامنة في ختام لقاء «آستانة 6» في سبتمبر (أيلول) الماضي عن الاتفاق حولها. وقال ألكسندر لافرينتيف، رئيس الوفد الروسي إلى آستانة، إن «آستانة 6» يشكل نهاية عملية إقامة مناطق خفض التصعيد، لكن لا يعني نهاية المفاوضات على مسار آستانة، وأكد أن الدول الضامنة ستواصل بحث مسائل التسوية السورية خلال لقاء «آستانة 7».
إلى ذلك باشر المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا التحضيرات لعقد جولة جديدة من المفاوضات الدولية حول سوريا في جنيف، وذلك بتكليف من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وفي هذا السياق وصل دي ميستورا أول من أمس إلى موسكو، وأجرى مشاورات مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وينتظر، وفق ما أعلن دي ميستورا، أن يجري مشاورات كذلك مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وبحث دي ميستورا وشويغو أفق الانتقال من مرحلة مناطق خفض التصعيد إلى «تسوية سياسية أكثر ثباتا للأزمة السورية». واستهل شويغو المحادثات، مؤكدا أهمية التعاون الوثيق في جهود التسوية السورية، والتنسيق فيما بين جميع الأطراف المنخرطة في تلك الجهود. وأشار بالدرجة الأولى إلى أهمية التعاون مع الأمم المتحدة، لافتا إلى الدور الذي تلعبه في سوريا منذ عدة سنوات في المجال الإنساني، وعملها الرامي إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن «التي تنص على الخطوات اللاحقة لاستقرار الوضع في سوريا» حسب قوله. وتوجه بالشكر إلى دي ميستورا على تلبيته دعوة الجانب الروسي، موضحا أن المحادثات ستتناول «جميع القضايا المتصلة بكل المسائل القادمة من التسوية السورية، وفق سيناريو آستانة، وكذلك عبر العمل في جنيف»، دون أن يوضح ما الذي يقصده من عبارة «سيناريو آستانة».
من جانبه، عبر دي ميستورا عن شكره للدعوة وإتاحة الجانب الروسي الفرصة لتبادل وجهات النظر، وقال إن «الوقت عامل غاية في الأهمية. وهذا توقيت صحيح تماما لمثل هذه المشاورات من أجل مناقشة إمكانية الدفع في التسوية السورية إلى مراحل أكثر تقدما». وشدد على أهمية مواصلة الحوار عبر صيغة آستانة على أبواب اللقاء في جنيف.
وكانت الأزمة السورية موضوعا رئيسيا في كلمة ألقاها بوتين أمس أمام المشاركين في منتدى «فالداي» الحواري الدولي، وقال فيها إن روسيا تعمل بحذر شديد وبتوازن مع جميع الأطراف المنخرطة في الأزمة السورية. وشدد على ضرورة «حل العقد» عوضا عن «تقطيعها» في التعاطي مع الأزمة هناك، كما ومع الأزمتين الكورية والأوكرانية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.