أكثر من 6 ملايين ناخب نمساوي يختارون اليوم 183 برلمانياً

كل الاحتمالات قائمة... واليمين أصبح مقبولاً أكثر في العملية الديمقراطية

امرأة تسير أمام ملصق في فيينا لوزير الخارجية سابستيان كورتز زعيم حزب الشعب المحافظ (إ.ب.أ)
امرأة تسير أمام ملصق في فيينا لوزير الخارجية سابستيان كورتز زعيم حزب الشعب المحافظ (إ.ب.أ)
TT

أكثر من 6 ملايين ناخب نمساوي يختارون اليوم 183 برلمانياً

امرأة تسير أمام ملصق في فيينا لوزير الخارجية سابستيان كورتز زعيم حزب الشعب المحافظ (إ.ب.أ)
امرأة تسير أمام ملصق في فيينا لوزير الخارجية سابستيان كورتز زعيم حزب الشعب المحافظ (إ.ب.أ)

يتوجه اليوم (الأحد)، أكثر من 6 ملايين نمساوي لاختيار 183 نائباً برلمانياً لدورة تستمر 5 سنوات، ويخوض المعركة الانتخابية 13 حزباً في مقدمتها «الاشتراكي الديمقراطي»، الذي يطلق عليه اسم «الحزب الأحمر»، بقيادة المستشار الحالي كرستيان كيرن، الذي يتمتع بأكبر عدد مقاعد في البرلمان الحالي للحزب (52 نائباً). ويحتل حزب «الشعب المحافظ» بقيادة وزير الخارجية سابستيان كورتز المركز الثاني بـ47 نائباً في البرلمان الحالي. و أضاف كورتز كلمة «الجديد» لاسم الحزب. يأتي في المركز الثالث حزب «الطريق للحرية» اليميني بقيادة هاينز كرستيان اشتراخا، وكان أقوى أحزاب المعارضة واحتل 40 مقعداً برلمانياً. أما حزب «الخضر»، الذي يأتي في المركز الرابع بعدد المقاعد البرلمانية (20 مقعداً) فترأسه أولاريكا لونا تشيك. وهناك أيضاً حزب «النيوز (المستقبل)» بقيادة ماتياس اشتولز (9 مقاعد)، إضافة إلى أحزاب صغيرة أخرى تُمثّل بـ15 مقعداً، إلا أنها قد تتلاشى هذه المرة.
منذ نهاية الحرب العالمية ظل الحزبان، «الاشتراكي الديمقراطي» و«الشعب المحافظ»، يحكمان النمسا ائتلافاً برئاسة الأول، ودائماً بفارق أصوات ضئيل بينهما، عدا الفترة ما بين 2000 و2006 عندما تكونت حكومة بتحالف بين حزب الشعب وحزب يميني كان بقيادة السياسي النمساوي الأشهر يورغ هيدر، مما أدى إلى حصار ومقاطعة أميركية غربية حاسمة ضد تلك الحكومة اليمينية، عقاباً لقبولها بمشاركة حكومية لحزب شعبوي متطرف.
مع بداية هذا العام تغيرت الأمور عالمياً وقويت شوكة التطرف وزادت درجات قبوله، خصوصاً مع صعود اليمين في مناطق مختلفة من دول العالم. ويقول النمساويون إنهم لا يختلفون عن أي مكان آخر، والمثال على ذلك أن الولايات المتحدة الأميركية يحكمها رئيس يميني متطرف وعدواني.
كما دخل البرلمان الألماني للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، حزب يميني عنصري تطال بعض أعضائه اتهامات بالنازية، مما يسهل بالتالي ظهور حكومة نمساوية يمينية، سيما أن مؤشرات قوية تشير إلى إمكانية تغلب الحزب المحافظ الذي انعطف أكثر إلى اليمين.
ولا يستبعد أي مراقب إمكانية أن يحكم متحالفاً مع حزب «الطريق للحرية» اليميني. إنْ تحقق هذا السيناريو سيتحول الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمعارضة، وتكون الحكومة النمساوية الجديدة حكومة يمينية يتنافس حزباها على أيهما الأكثر تشدداً تجاه المهاجرين. وكان المستشار كيرن، 51 عاماً، قد أعلن إبان الحملة الانتخابية أن حزبه سيذهب إلى مقاعد المعارضة في حال لم ينل العدد الأكبر من الأصوات، مؤكداً أنه لن يتحالف مطلقاً مع حزب «الطريق للحرية» تاركاً الباب مفتوحاً لأي تحالفات أخرى.
بإعادة النظر إلى مواقف الأحزاب وبرنامجها الانتخابي يعتبر الحزب الاشتراكي أكثر الأحزاب -بالإضافة إلى حزب الخضر- دعماً للمهاجرين واللاجئين، ولا يعتبر معادياً للإسلام ويعتبره ديانة يعترف بها الدستور النمساوي منذ عام 1912، كما يدعو لرفع الحد الأدنى للأجور، مشدداً على أهمية المساعدات الاجتماعية التي تقدمها الدولة وعلى التأمين الصحي والمعاشي، ودور النمسا ضمن منظومة الاتحاد الأوروبي، ودورها عالمياً كدولة ثرية ومتقدمة، وأنها رغم حيادها يمكن أن يكون لها أثر بالغ الأهمية. ما يؤخذ على الحزب الاشتراكي الديمقراطي فقدانه تلك الزعامات التي اشتهر بها على سبيل المثال إبان فترة المستشار الأشهر برونو كرايسكي الذي حقق للحزب أغلبية بلغت 51,03 في المائة من أصوات الناخبين، بينما انخفض معدله في الانتخابات الأخيرة إلى 26,82 في المائة. بدورهم يتهم معارضو الحزب ما يصفونه بالتهاون وفتح الحدود النمساوية للاجئين بتلك الكثافة، مما أصبح عبئاً مالياً على دافع الضريبة، خصوصاً أن بعض الإعانات المالية للأسر الكبيرة قد تصل إلى 3 آلاف يورو شهرياً. ليس ذلك فحسب بل يتخوف مؤيدون للحزب من ضعف قدرته على مواجهة الموجات اليمينية الآخذة في التوسع.
ويُنظر إلى حزب الشعب على أنه حزب أصحاب العمل والأثرياء. وإبان الحملة الانتخابية الأخيرة لاحقته الاتهامات بالانحراف يميناً، سيما بعد أن تولى رئاسته شهر مايو (أيار) الماضي الشاب سابستيان كورتز، 31 عاماً، الذي يقف وراء سياسة الحدود المغلقة في وجه المهاجرين وطالبي اللجوء. كما يعتبر عرّاب قانون الاندماج الجديد الذي يمنع البرقع. ويطالب كورتز وبشدة بخفض المساعدات الاجتماعية التي تقدّم للاجئين، مهدداً بسحبها في حالة عدم الاندماج في المجتمع النمساوي، داعياً لتشديد قواعد الحصول على الجنسية النمساوية.
أوروبياً، يبدو كورتز متفائلاً بتغييرات يمكن أن تُحدثها النمسا داخل منظومة الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن الفرصة واسعة أمام النمسا حين تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي العام المقبل. أما حزب «الطريق للحرية» فهو حزب عنصري شعبوي ظل صوته يعلو ضد الإسلام والأجانب، ويقف معادياً لسياسات الاتحاد الأوروبي، مطالباً بإغلاق النمسا أمام المهاجرين، محذراً مما يصفه بضياع ثقافتها وإرثها مع الانفتاح.
زعيمه هاينز كرستيان اشتراخا، 48 عاماً، شعر بالقلق تجاه المنحى اليميني الجديد الذي ينحاه سابستيان كورتز، خصوصاً أن كورتز يتميز بالهدوء وعدم التشنج، كما يسنده من وراء الستار عدد من كبار رجال المال والسياسة النمساويين فيما تُكسبه وسامته أصواتاً لا بأس بها مع دعاية تقول «إنه أعزب أمامه مستقبل عريض». وكان اشتراخا الذي حقق حزبه نجاحاً واضحاً إبان الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي، وقسمت المجتمع النمساوي إلى نصفين، قد دخل المعركة الانتخابية البرلمانية ظناً أنه سيكسب منصب المستشار، ولكن مع ظهور كورتز كمنافس يميني، لم يبقَ أمام اشتراخا غير تغيير استراتيجيته، مؤكداً أنه الأصل وأن كورتز مجرد تقليد.
من جانبه يولى حزب الخضر، وهو الحزب الكبير الوحيد الذي تتولى رئاسته امرأة، أولاريكا لونا تشيك، 60 عاماً، اهتماماً أكبر للبيئة، وهي أقل قلقاً تجاه فتح النمسا ودعمها للاجئين، كما يقف حزبها ضد حظر البرقع والنقاب، باعتباره تعدياً على الحريات الفردية، مطالباً بالمساواة الكاملة بين الجنسين، مؤمناً بفوائد الانفتاح كتلك التي تسببها الاتفاقات التجارية والاقتصادية التي تُفرض بدعوى العولمة.
وأكثر ما يخشاه الحزب الأخضر ألا يحقق النسبة التي حققها إبان الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وبلغت 12,42 في المائة، وذلك بسبب ما تعرض له من انقسامات كانشقاق قياديه الأسبق بيتر بيلز، الذي انسلخ ومن معه وركب موجة الشعبوية ضد الإسلام وضد المهاجرين، آملاً أن تنال قائمته نسبة 4 في المائة من الأصوات، وهي النسبة اللازمة لدخول البرلمان حتى يكون -كما قال- محققاً ورقيباً يقف في مواجهة كل التهديدات التي قد تحدق بالنمسا وضد سياسات الاشتراكيين أو ما وصفه بسياسات التهاون في تحقيق مبادئ العدالة والحرية والدفاع عن القيم النمساوية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».