مقتل صانع الألغام الحوثية قرب الحدود اليمنية ـ السعودية

معارك في الجوف... ونقاط تفتيش جديدة للانقلابيين تزيد معاناة السكان

TT

مقتل صانع الألغام الحوثية قرب الحدود اليمنية ـ السعودية

كشفت مصادر عسكرية مقتل خبير في مجال تصنيع الألغام والمتفجرات، تابع للميليشيات الانقلابية في محافظة حجة اليمنية الحدودية مع السعودية.
وتحدث بيان عسكري للمنطقة العسكرية الخامسة، عن مقتل المدعو علي أحمد المحبشي، وهو خبير في صفوف ميليشيات الحوثي والمسؤول الأول عن صناعة المتفجرات والعبوات الناسفة والألغام في كل من جبهتي ميدي وحرض، قبل نحو شهر، بغارة جوية - جوية لمقاتلات التحالف العربي التي استهدفت مصنعاً للمتفجرات والعبوات الناسفة الذي كان يعمل فيه في مزارع الجر التابعة لصالح. وقالت المصادر إن «الميليشيات تكتّمت عن خبر مقتل الخبير في صناعة المتفجرات خشية ردة فعل أهله، إلا أن أحد الجرحى الذين سقطوا في تلك الغارة أسر بالخبر لأحد أقاربه لتعلن الميليشيات أخيراً مصرعه».
يأتي ذلك في الوقت الذي تتكبّد فيه ميليشيات الحوثي وصالح خسائر بشرية ومادية كبيرة في جبهات ميدي وحرض المحاذية للسعودية، بغارات مقاتلات تحالف دعم الشرعية ومواجهاتهم مع الجيش الوطني الذي يواصل تقدمه واستعادة مواقع استراتيجية كانت خاضعة للانقلابيين، وسط تكتم كبير من قبل الانقلابيين عن خسائرها ومقتل كثير من قادتها وعناصرها.
واحتدمت المواجهات بين الجيش الوطني وميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في عدد من جبهات القتال باليمن أبرزها محافظة البيضاء.
وبينما تتواصل الاشتباكات لليوم الرابع في جبهات البيضاء، قال أحمد الحمزي، وهو ناشط سياسي من أبناء البيضاء، لـ«الشرق الأوسط» إن «اشتباكات عنيفة وقعت في أشعاب ناصر بمديرية ذي ناعم بين المقاومة الشعبية وعناصر من الميليشيات، عقب محاولة الأخيرة زرع الألغام حول المواقع التي تتمركز فيها كمحاولة لمنع استمرار هجمات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بالتزامن مع اشتباكات أخرى شهدتها جبهة ذي ناعم، وما زالت مستمرة». وأضاف أن «جبهات الزاهر والصومعة هادئة نسبياً وتشهد اشتباكات متقطعة، عدا عملية مداهمات واختطافات شنتها الميليشيات على منازل المواطنين واختطافات من النقاط العسكرية التي استحدثتها في الطرق الرئيسية وكذا مداخل القرى». وأشار إلى أن «ميليشيات الحوثي وصالح استحدثت منفذ جمرك جديداً بمنطقة آل شازب بمديرية ذي ناعم، في الطريق المتجهة إلى المحافظة الجنوبية خط البيضاء - يافع، وبدأت بتدشين عمل المنفذ غير القانوني في مواصلة لعمليات نهب المواطنين والتجار، وذلك من خلال فرض إتاوات غير قانونية وضرائب على الحاويات ونهب المواطنين أصحاب السيارات المحملة بالمواد التجارية وكل ما هو مقبل من المحافظات الجنوبية عبر تلك الطريق». ولفت إلى أن الانقلابيين «استحدثوا في أغسطس (آب) الماضي، منفذاً بمنطقة عفار بمديرية الملاجم، طريق مأرب - البيضاء، وهي الطريق المتجهة إلى المحافظات التي ما زالت خاضعة للانقلابيين». وأكد الحمزي أن «هذه المنافذ غير القانونية زادت من معاناة المواطنين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها، لأنها تفرض إتاوات على التجار، وهو ما يعكسه التجار من خلال رفع أسعار بضاعته على المواطن».
وفي محافظة الجوف بشمال البلاد، تجدّدت المواجهات في سلسلة جبال حام الاستراتيجية بمديرية المتون وسط تمكن الجيش الوطني من السيطرة على أجزاء من سلسلة الجبال. وأكد مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» استمرار العمليات العسكرية في جبهات الغيل والمصلوب وصولاً إلى سلسلة جبال حام مع استمرار الفرق الهندسية انتشال العشرات من الألغام التي زرعتها الميليشيات في المواقع التي تم تحريرها، مضيفاً أن «جبل عنبر بسلسلة جبال حام شمال مديرية المتون شهد أعنف المواجهات مع دك مدفعية الجيش الوطني مواقع الانقلابيين بوادي وجبل الربطة غرب حام». كما شهدت جبهات تعز هدوءاً حذراً مع جبهات متقطعة في محيط معسكر التشريفات، شرق المدينة، وسط القصف المستمر من قبل الانقلابيين على مواقع الجيش الوطني والأحياء السكنية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.