إسرائيل تعتبر أن المواجهة {حتمية} مع إيران على الأرض السورية

TT

إسرائيل تعتبر أن المواجهة {حتمية} مع إيران على الأرض السورية

كشفت مصادر مطلعة في تل أبيب، أمس، أن هناك قناعة راسخة، وتزداد رسوخاً كل يوم، بأن «المواجهة بين إسرائيل وإيران، التي تجري علناً على الأرض السورية، أصبحت لا رجعة فيها. ومسألة تفاقمها مسألة وقت لا أكثر».
وقالت هذه المصادر، ما بين الشكوى والتهديد، إنه «يتضح أن النظام الإيراني لا يأخذ على محمل الجد التحذيرات التي أدلى بها علنا رؤساء المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، ويواصل بشكل محموم الاتصالات مع الحكومة السورية والجولات الميدانية لإيجاد قاعدة جوية عسكرية بالقرب من دمشق، لتكون قاعدة لطائرات (الحرس الثوري الإيراني). وفي الوقت نفسه، تتقدم الاتصالات بين الإيرانيين والسوريين لإنشاء رصيف عسكري إيراني مستقل في ميناء طرطوس، وإنشاء فيلق إيراني على الأراضي السورية. وقد أوضحت إسرائيل من جانبها للإيرانيين، وللسوريين، وكذلك للروس، أنها لن تسمح بوجود إيراني في سوريا، مما يعني رفض السماح بهبوط الطائرات المقاتلة أو إنشاء رصيف إيراني في ميناء طرطوس».
لكن المسؤولين في إسرائيل يدعون أنه لا توجد في الأزمة الحالية أي طريقة دبلوماسية مجدية لإحداث تغيير كبير في السلوك الإقليمي لإيران، و«بالتالي، فإن السبيل الوحيد للتعامل معها هو تكثيف العقوبات، بمعنى معاقبتها، أو عن طريق ما تسمى (أزمة أخرى) في المنطقة. وبكلمات أخرى، توجيه تهديد عسكري لإيران، في سوريا أو في أي حلبة أخرى». ويقولون إن «الأجواء التي أنشأتها إدارة ترمب ضد الاتفاق النووي، تسهم هي الأخرى في عاصفة الإعصار الذي يقترب من هنا».
وأوضحت المصادر الإسرائيلية أن الجهود الرامية إلى منع التدهور ستستأنف مباشرة بعد عطلة الأعياد اليهودية في الأسبوع المقبل. وبعد 9 أيام سيصل وزير الدفاع الروسي سيرغى شويغو إلى إسرائيل للاجتماع بنظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان وكبار مسؤولي المؤسسة العسكرية. وفي اليوم التالي، سيغادر ليبرمان إلى الولايات المتحدة للاجتماع بوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس. في مركز كل هذه الاجتماعات، ستقف المسألة الإيرانية؛ على المستويين الإقليمي والعالمي، فيما بات الرئيس ترمب يشير في الخلفية إلى التغيير المحتمل في السياسة الأميركية تجاه الاتفاق النووي مع طهران.
وستطلب إسرائيل من الروس منع إنشاء قواعد إيرانية في سوريا، ومنع استئناف العمل في مصنع الصواريخ السوري الذي تعرض لهجوم مجهول قبل بضعة أسابيع. كما ستطلب إسرائيل من الروس العمل في إطار التسوية الدائمة في سوريا، على إعادة الوضع في هضبة الجولان إلى ما كان عليه وفقا لاتفاقات وقف إطلاق النار لعام 1974، التي تلزم نزع السلاح الكامل على مسافة 5 كيلومترات من الحدود وتخفيف القوات باتجاه العمق السوري؛ بل ستطلب إسرائيل أن يكون طريق درعا - دمشق هو الخط الذي لا يجتازه أي إيراني باتجاه الغرب.
لقد عارض الروس حتى يومنا هذا، الطلبات الإسرائيلية بشأن كل هذه القضايا المتعلقة بالانتشار الإيراني في سوريا، ولكن في الأشهر الأخيرة تجد إسرائيل خلافات جوهرية ليست قليلة بين مصالح إيران ومصالح روسيا، التي يمكن أن تلعب لصالحها. وعلاوة على ذلك، يحتاج الروس إلى إسرائيل في عدة مجالات؛ أولها المخابرات؛ فعلى الرغم من أن الروس أعلنوا النصر مرتين في سوريا في العام الماضي، فإنهم يواصلون القتال اليومي ضد قوات «داعش» و«جبهة النصرة» الذي يسبب لهم خسائر في الممتلكات والأرواح. وفي مثل هذه الحالة، لا يحتاج الروس إلى جبهة أخرى على الأراضي السورية بين إسرائيل وإيران و«حزب الله»؛ الأمر الذي سيجعل من الصعب عليهم تنفيذ سياسة المصالحة. وعلى هامش الطريق يكمن ما ينظر إليه على أنه دعم إسرائيلي للدولة الكردية المستقلة. من المؤكد أنه سيكون لدى الروس ما يقولونه لإسرائيل حول هذه القضية أيضا، ومطالبتها بالحفاظ على ظهور منخفض في هذه المسألة. «إذا لم تثمر الخطوة الدبلوماسية الإسرائيلية، فإننا نسير نحو المواجهة مع الإيرانيين».



غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
TT

غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)

أثار إعلان زعيمي الجزائر وتونس غيابهما عن حضور القمة العربية الطارئة في القاهرة، الثلاثاء، حول غزة والقضية الفلسطينية، تساؤلات حول مستوى مشاركات الدول العربية في القمة وتأثير ذلك على مخرجاتها، بينما أكد مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده «وجهت الدعوة لجميع زعماء الدول العربية الأعضاء في الجامعة، وكان هناك حرص على مشاركة الجميع للتشاور واتخاذ موقف بشأن هذه القضية المصيرية في تلك اللحظة الحرجة بالمنطقة».

ومساء الأحد، أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بأن رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، قرر عدم المشاركة في القمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر يوم 4 مارس (آذار)، لبحث تطورات القضية الفلسطينية.

وبحسب ما نقلته الوكالة عن مصدر، «كلف تبون وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الأفريقية أحمد عطاف، لتمثيل الجزائر»، وأرجعت القرار إلى «اختلالات ونقائص شابت المسار التحضيري للقمة»، ومنها «احتكار مجموعة محدودة من الدول العربية إعداد مخرجات القمة دون تنسيق مع بقية الدول العربية المعنية كلها بالقضية الفلسطينية»، وفق تقرير وكالة الأنباء الجزائرية.

والاثنين، قبل ساعات من انعقاد القمة، أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس التونسي قيس سعيد، كلف وزير الخارجية، محمد علي النفطي، بترؤس الوفد التونسي المشارك في القمة الطارئة.

وحسب الرئاسة التونسية، فإن تونس «ستجدد موقفها الثابت والداعم للحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها إقامة دولة مستقلة ذات السيادة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف».

من جانبه، قال المصدر المصري المطلع إنه «لا يمكن اعتبار موقف الجزائر وتونس غياباً عن المشاركة في القمة، لأن إيفاد ممثل لرئيس الدولة وبتكليف منه يعدُّ مشاركة رسمية للدولة، وهذا هو الهدف، أن تكون هناك مواقف ومشاركة رسمية من الدول».

ونوه المصدر بأن «هناك عدداً من الدول سواء في هذه القمة أو قمم سابقة درج على إرسال ممثلين للرؤساء والملوك، ولم يقلل هذا من مشاركة تلك الدول، لأن الممثلين يعبرون عن مواقف دولهم، مثلهم مثل الرؤساء، حتى إن كان ممثل الرئيس يغيب عن بعض الاجتماعات التي تعقد على مستوى الزعماء، لكن في النهاية يتم عرض ما تم الاتفاق عليه على الجلسة الختامية للقمة لاتخاذ موقف جماعي بشأنه من كل الوفود المشاركة».

وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي مع نظيره التونسي محمد علي النفطي الذي سيمثل بلاده في القمة بالقاهرة الاثنين (إ.ب.أ)

وحول ما ساقته الجزائر من أسباب لغياب رئيسها عن القمة، أوضح المصدر أن «القاهرة من اللحظة الأولى حرصت على إطلاع الجميع على خطة إعادة الإعمار التي أعدتها لقطاع غزة، لأن هذه هي النقطة الرئيسية والهدف من وراء تلك القمة، ومن المصلحة أن يكون هناك موقف موحد واتفاق حولها، ولم يكن هناك تجاهل أو إقصاء لأحد، فضلاً عن أن هذه قضية كل العرب ولا يمكن تصور أن دولة أو عدة دول يمكن أن تمنع دول أعضاء من أن يكون لها دور في القضية».

وشدد المصدر على أنه «ليس هناك قلق من مستوى التمثيل في القمة، لأن الاجتماع يحيط به الزخم المطلوب منذ الإعلان عنه، فضلاً عن كون الدول التي تأكدت مشاركتها سواء عبر زعمائها أو ممثلين لها هي من الدول الفاعلة والمشتبكة مع القضية، التي لا تنتظر من أحد أن يحدد لها دورها الطبيعي والمطلوب».

يأتي ذلك بينما بدأ قادة عرب، الاثنين، التوجه إلى القاهرة للمشاركة في القمة، حيث أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، بأن الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد غادر البلاد متوجهاً إلى مصر للمشاركة بالقمة العربية.

وفي البحرين، أعلن الديوان الملكي أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة، رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، سيغادر المملكة الاثنين، متوجهاً إلى مصر. وأضاف الديوان أن الملك سيرأس وفد البحرين المشارك في القمة، لبحث تطورات القضية الفلسطينية، كما سيرأس أعمال القمة، بحسب وكالة الأنباء البحرينية الرسمية (بنا).

كما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) أن ممثل أمير البلاد مشعل الأحمد الجابر الصباح، ولي العهد صباح خالد الحمد الصباح «يغادر أرض الوطن، الثلاثاء، متوجهاً إلى مصر لترؤس وفد الكويت في القمة العربية غير العادية».

ويرى مندوب مصر السابق لدى الأمم المتحدة، السفير معتز أحمدين، أن «المشاركة في القمم الدولية تكون بمن تحدده الدول ممثلاً لها، فإن حضر الرئيس فهذا جيد، وإن كان رئيس الحكومة فهذا جيد أيضاً، وإن كان وزير فهذا معقول، وإن لم يكن وكان المندوب الدائم أو سفير الدولة في بلد القمة فهذا لا ينقص من تمثيلها».

أحمدين أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى غياب تمثيل الدولة تماماً بالقمة، فهذا لا يعطل صدور القرارات، لأن القرارات تصدر بالإجماع، والغياب يعني أن الدولة تنازلت عن صوتها، لكن إن شاركت بأي مستوى من التمثيل وسجلت موقفها، فهذا هو الأفضل في الدبلوماسية».

وبحسب جدول أعمال القمة الطارئة المرسل من المندوبية الدائمة لمصر إلى أمانة الجامعة العربية، يبدأ استقبال رؤساء الوفود المشاركة، الثلاثاء في الثالثة عصراً بتوقيت القاهرة، وتنطلق أعمال الجلسة الافتتاحية في الرابعة والنصف، وبعد مأدبة الإفطار الرمضاني المقامة على شرف الوفود المشاركة، ويتم عقد جلسة مغلقة، ثم جلسة ختامية وتنتهي أعمال القمة في الثامنة والنصف مساء، بإعلان البيان الختامي والقرارات التي تم الاتفاق عليها.