مصمما «ديور» و«سان لوران» يفتحان جدلاً فكرياً وفنياً في اليوم الأول من أسبوع باريس للموضة الجاهزة

رغبة في تعزيز مكانة المرأة وقوتها تطغى على الأزياء المقترحة لربيع وصيف 2018

من عرض «سان لوران» - من عرض «ديور»- الإكسسوارات لعبت دوراً مهماً في عرض «سان لوران» - اكتسبت الأحذية في عرض «سان لوران» مرحاً وشقاوة - قبعة البيريه التي ارتبطت بالفنانة نيكي دي سان فال - رغم قلة عدد فساتين السهرة فإن ما قدمته ماريا غراتزيا كيوري كان مميزاً وعصرياً
من عرض «سان لوران» - من عرض «ديور»- الإكسسوارات لعبت دوراً مهماً في عرض «سان لوران» - اكتسبت الأحذية في عرض «سان لوران» مرحاً وشقاوة - قبعة البيريه التي ارتبطت بالفنانة نيكي دي سان فال - رغم قلة عدد فساتين السهرة فإن ما قدمته ماريا غراتزيا كيوري كان مميزاً وعصرياً
TT

مصمما «ديور» و«سان لوران» يفتحان جدلاً فكرياً وفنياً في اليوم الأول من أسبوع باريس للموضة الجاهزة

من عرض «سان لوران» - من عرض «ديور»- الإكسسوارات لعبت دوراً مهماً في عرض «سان لوران» - اكتسبت الأحذية في عرض «سان لوران» مرحاً وشقاوة - قبعة البيريه التي ارتبطت بالفنانة نيكي دي سان فال - رغم قلة عدد فساتين السهرة فإن ما قدمته ماريا غراتزيا كيوري كان مميزاً وعصرياً
من عرض «سان لوران» - من عرض «ديور»- الإكسسوارات لعبت دوراً مهماً في عرض «سان لوران» - اكتسبت الأحذية في عرض «سان لوران» مرحاً وشقاوة - قبعة البيريه التي ارتبطت بالفنانة نيكي دي سان فال - رغم قلة عدد فساتين السهرة فإن ما قدمته ماريا غراتزيا كيوري كان مميزاً وعصرياً

يمكن اعتبار كل من ماريا غراتزيا كيوري وأنطونيو فاكاريللو يلعبان في ملعب جديد عليهما. فالأولى دخلت دار «ديور» كأول مصممة منذ تأسيسها والثاني تسلم مشعل دار «سان لوران» من هادي سليمان منذ فترة قصيرة أيضا، ومع ذلك نجح الاثنان في تحقيق الأهداف المتوخاة منهما كل بأدواته الخاصة والمختلفة.
في دار «ديور» لا تزال القصات أنثوية والقصة نسوية. فقد اختارت ماريا غراتزيا كيوري، المصممة الفنية للدار الفنانة كاثرين ماري أنييس المعروفة بنيكي دو سان فال كمُلهمة. ومن هنا كان ظهور المرايا في الديكورات وفي أشكال الفسيفسائية على بعض الأزياء إضافة إلى الألوان المتباينة بين الأزرق والأصفر وغيرها من التأثيرات التي أخذت أشكال تنورات من التول وفساتين منطلقة أو كنزات مطرزة بصور تنانين وديناصورات بالأخضر النباتي أو الأحمر القاني أو الفوشيا. أشكال القلوب التي ظهرت في كثير من أعمال الفنانة في الستينات من القرن الماضي أيضا كانت حاضرة. ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه نظرا لثراء أرشيف الدار، فإن المصممة حددت فترة مارك بوهان المصمم الفني للدار الفرنسية من الستينات إلى الثمانينات كنقطة انطلاق وتركيز لا سيما وأنه كان صديقا مقربا للفنانة نيكي واستلهم منها بدوره في فترة من الفترات. لكن ليس هذا هو السبب الوحيد الذي جعل ماريا غراتزيا تستقي من هذه الفترة وهذه العلاقة الكثير من الخطوط والألوان في تشكيلتها لربيع وصيف 2018، فتاريخ دو سان فال يشير إلى أنها فنانة قوية ساهمت في الحركة النسوية وتحرر المرأة بشكل فعلي ومباشر. ولم تقف هذه الحركة، أو بالأحرى تسليط الضوء عليها عند هذا الحد. فلدى وصول الضيوف إلى أماكنهم في متحف رودان وجدوا على كراسيهم كتيباً مفصلاً من حجم صغير بعنوان «لماذا ليست هناك فنانات عظيمات؟». سؤال أثار الكثير من الذكريات لأنه كان بحثا مهما نشرته الباحثة الأميركية ليندا نوشلين في عام 1971 وأصبح بدوره لصيقا بالحركة النسوية الفنية إلى حد كبير.
المصممة الإيطالية الأصل أجابت على سؤال الباحثة بأسلوب عصري راعت فيه رموز الدار وتطلعاتها التجارية في الوقت ذاته. فهذه التشكيلة، بكل ما تحمله من فنية وجمالية، يسهل تسويقها للعالم، نظرا للغتها السهلة البعيدة عن أي تعقيدات. ورغم أنها تعبر عن وجهة نظر امرأة قوية وواثقة تريد أن تتحرر من كل القيود وتُكسر التابوهات، فإنها في الوقت ذاته تخاطب كل الأعمار والأذواق لتحقق المعادلة الصعبة بين الفني والتجاري. وهذا عز الطلب بالنسبة للدار التي تحتفل هذا العام بمرور 70 عاما على تأسيسها بمعرض ضخم تستعرض فيه أعمال كل المصممين الذين مروا عليها وتركوا بصماتهم عليها، من إيف سان لوران الذي خلف كريستيان ديور بعد موته المفاجئ في عام 1957 إلى ماريا غراتزيا كيوري أول امرأة تنضم إلى اللائحة مرورا بجون غاليان وجيانفرانكو فيري ومارك بوهان وراف سيمونز. كان بإمكان كيوري أن تختار أياً منهم لتسلط الضوء على مفهوم الأنوثة الذي أصبح لصيقا بشخصية الدار، لكنها اختارت مارك بوهان تحديدا لأنه يمثل بالنسبة لها حقبة مهمة تزامنت مع تحرر المرأة في الستينات ونشاط الحركة النسوية في السبعينات، وهو ما يتماشى مع نظرتها إلى الحياة والفن والإبداع وطبعا توقها إلى الغوص في عالم المرأة لاستكشاف مكامن قوتها. فعنصر الأنوثة وحده لا يكفي ولا بد من إبراز جوانب أخرى من شخصية المرأة. صحيح أنها لم تُلغ وجود التنورات المستديرة أو المنسابة على التول لكنها ضختها بخطوط تضج بالقوة والتحدي. من هنا كانت أهمية اللعب على صورة الفنانة نيكي دو سان فال نفسها.
فأعمالها لم تكن المنبع الوحيد الذي غرفت منه المصممة بل أيضا أسلوبها الخاص. فالفنانة كانت معروفة بقبعات «البيريه» التي ظهرت على منصات العرض مزينة بستارة مخرمة تخفي نصف الوجه لكن تزيده غموضا وسحرا. كانت أيضا تعشق القمصان الواسعة، وهو ما ظهر هنا أيضا من خلال مجموعة مقلمة برقبة قوية تم تنسيقها مع فساتين بكورسيهات. وغني عن القول إنه كانت هناك الكثير من الفساتين المصنوعة من التول. فهذه أصبحت ماركة ماريا غراتزيا المسجلة منذ دخولها «ديور»، تماما مثل ميلها لتفكيك التعقيدات بهدف تسهيل الجانب التجاري. ورغم أن تقيدها بهذا الجانب جعلها محل انتقاد البعض فإنها ظلت وفية له، مبررة ذلك بأن الموضة يجب أن تحتضن الكل وهو ما يتطلب أسلوبا مباشرا، تُلخصه غالبا في التصاميم السلسة والرسائل التي تكتبها على «تي - شيرتات» أو كنزات بل وحتى الأحذية. أحيانا كلمة واحدة مثل الدار «ديور» مكتوب بالبنط العريض على شريط تكفي لتسويقها للعالم أجمع. والنتيجة أنه مهما كان حنين البعض إلى الموضة عندما كانت مختبر أفكار ورغبة محمومة للابتكار بمعنى تقديم الجديد والثوري، فإن الإكسسوارات والـ«تي - شيرتات» في أرض الواقع لا تزال تشكل المصدر الأول للربح. وما يُحسب لماريا غراتزيا كيوري منذ التحاقها بالدار أنها لم تستسلم للضغط ومقتنعة بوجهة نظرها الفنية. «فنحن نعتقد أحيانا أن الموضة تُغير المرأة بينما العكس يحصل. المرأة تتغير وهو ما يُحتم على الموضة أن تتغير لتسايرها»، هذا ما قالته بعد العرض وترجمته بالتخفيف من الأحجام الدرامية. فالتنورات المستديرة مثلا والفساتين الدرامية أصبحت أكثر حداثة، لا سيما وأنها باتت تركز على أزياء النهار والإكسسوارات أكثر مما تركز على فساتين السهرة والمساء، من منطلق أن امرأة اليوم تريد أزياء تناسب إيقاع حياتها اليومية المتسارع. فهي تعمل وتسافر كما أنها سيدة أعمال وأم وربة بيت، وبالتالي تتطلع إلى خزانة أنيقة تحملها من النهار إلى المساء بسهولة ودون متاعب. وهذا تحديدا ما قدمته لها امرأة مثلها، إضافة إلى درس تثقيفي فتحت فيه حوارا فكريا مع كل من الفنانة نيكي دو سان فال والباحثة والمؤرخة الفنية ليندا نوشلين، امرأتان كان لهما دور مهم في تاريخ الحركة النسوية وتسلمت مشعلها ماريا غراتزيا، التي تأمل بدورها أن تسلمها لجيل جديد من النساء.
إذا كانت ماريا غراتزيا كيوري اختارت أن تُسلح بنات جنسها بالقوة في عالم جديد يعيش عدة تغيرات سياسية واجتماعية، فإن أنطوني فاكاريللو اختار في نفس اليوم وعلى الساعة الثامنة مساء أن يُسلحها بالأنوثة من مفهوم حسي مثير. على خلفية برج إيفل قدم المصمم الشاب ما يمكن وصفه بأقوى تشكيلة قدمها لدار «سان لوران» لحد الآن.
من المكان «بلاس دي فارسوفي» إلى الأزياء كان كل ما فيه دراميا ومؤثرا. كونه أقيم في الهواء الطلق، أتاح للعامة أو السياح ممن لم يسعفهم الحظ بالحصول على دعوات خاصة متابعته من بعيد، الأمر الذي أشعل فضولاً حتى من لا يهتم بالموضة على الإطلاق ويجهل خباياها تماماً على الوقوف مشدوها من رهبة المنظر والاحتفالية.
كانت هذه ثالث تشكيلة يقدمها فاكاريللو للدار، وبدا فيها واثقا إلى حد الجرأة. لم تكن امرأته بريئة وهو ما أكدته مجموعة باللون الأسود تهادت فيها العارضات فيما يشبه رقصة البجع، وفسرها فيما بعد بأنها «امرأة تتمتع بجانب غامض وخطير في الوقت ذاته... تلف نفسها بالأسود لكن من خلال فساتين مطرزة تتألق مثل الإسفلت بعد وقف تساقط المطر» حسبما قاله بعد عرضه.
فاكاريللو يعرف أن جذور «سان لوران» راسخة في باريس وكل ما تعنيه من ليل يلفه الغموض والإثارة.
يعرف أيضا أن قوة الدار تكمن في إرث مؤسسها إيف سان لوران وشريكه بيير بيرجيه. من هنا استحضرت الكثير من التصاميم جرأة وشجاعة إيف الفنية كما استحضرت ذكاء وفطنة بيرجيه الذي كان القوة المحركة للمصمم.
سواءً تعلق الأمر بالأزياء أو الألوان أو الطريقة التي قسم بها كل مجموعة، تشعر بأن المصمم كان يحكي قصة «سان لوران» لجيل جديد لم يسعفه الحظ ويعايش الثورة التي قام بها في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. بدأ الحكاية من مراكش من خلال تصاميم بلمسات «هيبية» وأنهاها بمجموعة تحاكي الـ«هوت كوتير». أدواته كانت الكثير من الريش والبريق والأحجام الدرامية حول الصدر والأكتاف والأكمام والفساتين والتنورات القصيرة جدا.
لكن الفني لم يكن على حساب التجاري، لا سيما وأن المصمم يعرف أن زبونته الشابة لا يهمها التاريخ والماضي بقدر ما يهمها الحاضر وجماله، لهذا وافق بين رغباتها وبين رؤية الدار الفنية. أبقى على الأزياء قوية في تصميمها وفنيتها، بينما لباها من خلال الإكسسوارات، التي يعرف مسبقا أنها أكثر ما سيحقق الأرباح، لهذا كان واضحا أنه صب فيها الكثير من الجهد، سواءً من حيث الألوان التي رشها بالكثير من البريق أو الكعوب الفنية. حسب ما قاله فإنها «موجهة لفتاة تريد أن تستمتع بالحياة ولا ترغب في أن يكون للحزن والكآبة مكان في حياتها».
لكن اللافت في هذه التشكيلة أن أنطونيو فاكاريللو لم يلب رغبات زبوناته وزبائنه فحسب، بل قدم فيها رسالة حب في غاية الرقة والوفاء لكل من إيف سان لوران وبيير بيرجيه الذي غيبه الموت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.