أصدرت مكتبة الملك عبد العزيز العامة كتاباً توثيقياً ضمن سلسلة الأعمال المحكمة (120)، حمل عنوان «أثر السود في الحضارة الإسلامية»، للمؤلف الدكتور رشيد الخيون، سعياً من المكتبة لتوثيق الأدوار الإنسانية والحضارية التي تركها أصحاب البشرة السوداء، بوصفهم أعضاء فاعلين في الحضارة الإسلامية، من خلال التتبع لمسار العلاقة التي انطبعت بحساسية تربط بين لون البشرة والعبودية، خصوصاً في عهد الخلفاء الراشدين.
وجاء الكتاب في (438) صفحة من القطع المتوسط، و(10) فصول مقسمين على بابين: الأول عن الرق وأحوال الرقيق، والثاني يتناول أعلام السود وتراجمهم.
ويحتوى الباب الأول على 4 فصول: يعرض الفصل الأول المصادر التي تناولت السود، منها المختص بهم فقط، والمصادر العامة. ونفهم من شرح دواعي تصنيف تلك الكتب أنها جاءت دفاعاً عن السود، الذين ظلموا اجتماعياً، وميزوا بسبب اللون. وبحث الفصل الثاني في دراسة وضع السود والعبودية قبل الإسلام، بداية من عهد بابل، مروراً بحضارة الرومان وحضارة اليونان الأقدمين، إلى العهود الأوروبية المتأخرة، والدعوات لإلغاء العبودية وتجارة الرقيق. ويختص الفصل الثالث بموضوع العبودية، ومعاملة السود في الإسلام على وجه التحديد.
أما الفصل الرابع، فيتناول الثورات والحراك الاجتماعي، مثل ثورات السود وتمردهم التي قاموا بها 3 مرات بالبصرة، على فترات مختلفة، حيث حصل التمرد الأول والثاني خلال القرن الأول الهجري، بينما حصل التمرد الثالث في منتصف القرن الثالث الهجري. وتناولت الفصول الستة من الباب الثاني ما يمكن اعتباره المادة الأساسية للكتاب، من سير وترجمات أعلام السود المسلمين. ومن خلالها، يتعرف القارئ على دور كل من هؤلاء الأعلام في مجاله بالتحديد، وقد روعي توزيع التراجم والسير على الزمن.
وتأتى أهمية كتاب «أثر السود في الحضارة الإسلامية» كمحاولة توثيقية جامعة لأدوار إنسانية قدّمها السود بوصفهم أعضاء فاعلين في الحضارة الإسلامية، من خلال تتبع لمسار العلاقة التي انطبعت بحساسية تربط بين لون البشرة والعبودية، خصوصاً بعد عصر الخلفاء الراشدين، وترصد أهمية تقدير الأدوار التي قدمها «السود» عبر مختلف ما قدموه في مجالات الحياة؛ في العلم والشعر والسلطة، وغيرها من المجالات.
وفى تتبع المؤلف للإطار العام الذي ارتبط بظاهرة السود في المجتمعات البيضاء، نظام العبودية، حاول أن يرسم مساراً تاريخياً لذلك النظام، سواء في علاقته بالرقيق الأبيض أم الأسود، ليستخلص بعد ذلك الأهمية الكبرى للدور الإسلامي على مستوى التعاليم والتشريعات، وتقدمه في ذلك على سائر النظم التي حاولت توظيف علاقات الرق، بعيداً عن التقويم الإنساني، باستثناء العصر الحديث.
وخلال هذا الكتاب، والإضافة المهمة التي قدمها، سنتعرف على أدوار وشخصيات ونماذج إنسانية ممتازة، ربما لم ينتبه كثير من القراء إلى أن أصحابها كانوا من ذوي البشرة السوداء، الذين يذكر الكاتب أهميه الاستعدادات التي بذلوها، من قمع مشاعر العبودية والاختلاف، ليبلغوا تلك المقامات الرفيعة.
ومكتبة الملك عبد العزيز العامة، إذ تقوم بنشر هذا الكتاب، تحاول أن تساهم في رسم صورة مشرقة للدور الذي ينبغي أن يُذكر، وأن يُسجل لتلك الجماعة ولأبنائها الذين ساهموا في الحضارة الإسلامية بفاعلية، والذين أثبتوا أن قيم تلك الحضارة هي بحق قيم إنسانية، وذات رصيد أخلاقي وأصول عظيمة تحترم إنسانية الإنسان وكرامته في نصوصها الدينية ونظامها التشريعي.
ويعد الكتاب بمثابة إضاءة تنويرية مهمة ترد الاعتبار للجهود الإنسانية في مختلف مجالات الإبداع التي قدمها السود في الحضارة الإسلامية، ونتمنى أن تضاف إليه أبحاث ودراسات أخرى في هذا الصدد.
كتاب يرصد الدور الريادي لأصحاب البشرة السمراء
ضمن سلسلة الأعمال المحكمة لمكتبة الملك عبد العزيز
كتاب يرصد الدور الريادي لأصحاب البشرة السمراء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة