الأزمة الكورية و«هستيريا» الاستفزازات المتبادلة

العالم يحذر واشنطن من تداعيات الخيار العسكري... ويدرس خوض «مفاوضات نووية» جديدة

الأزمة الكورية و«هستيريا» الاستفزازات المتبادلة
TT

الأزمة الكورية و«هستيريا» الاستفزازات المتبادلة

الأزمة الكورية و«هستيريا» الاستفزازات المتبادلة

40 دقيقة و30 ثانية، هي كل المدة التي سيستغرقها وصول صاروخ باليستي عابر للقارات من كوريا الشمالية إلى نيويورك، كبرى مدن الولايات المتحدة. وهي كذلك المدة التي قد تتسبب في تغيير النظام العالمي كما نعرفه.
اليوم تزعم كوريا الشمالية أنها طوّرت صواريخ باليستية متوسطة المدى وطويلة المدى قادرة على استهداف الأراضي الأميركية، في حين يشكك الخبراء في نجاحها في تصغير رأس نووي بحجم يتيح لها تركيبه على صاروخ عابر للقارات. ولكن، في كلتا الحالتين، بلغت الاستفزازات التي تمارسها القيادة في العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ والردود الأميركية حدة غير مسبوقة. وبين تجربة قنبلة هيدروجينية تفوق قوتها القنبلة النووية التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما اليابانية بنهاية الحرب العالمية الثانية، وتوعُّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظام بيونغ يانغ بـ«الغضب والنار»، يتخوف مراقبون من أن تؤدي المبالغات في التصريحات المتبادلة إلى خطوة عسكرية تودي بحياة مئات الآلاف. والسؤال المطروح هنا: ماذا يريد كيم جونغ أون من استفزازاته المتكررة؟ وهل التصعيد العسكري خيار وارد؟ وما الخطوط الحمراء للسياسة الأميركية تجاه الأزمة؟

ماذا يريد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون؟
إنه السؤال الذي يفرض نفسه وسط أجواء التوتر والتصعيد غير المسبوقة، آسيويّاً وعالمياً.
وهو منذ وصول كيم جونغ أون إلى السلطة في عام 2011، خلفاً لأبيه كيم جونغ إيل، حدّد هدفين أساسيين لسياسته الداخلية والخارجية، هما تطوير برنامج بلاده الصاروخي، وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية لشعبه.
في الحقيقة، تعود الطموحات النووية للنظام الكوري الشمالي إلى ستينات القرن الماضي، وهي تتماشى مع مساعي بيونغ يانغ للحصول على الاستقلالية السياسية والعسكرية أمام أعداء كوريا الشمالية الشيوعية التقليديين، مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، وكذلك التخلص من «وصاية» الحليفين الروسي والصيني.
جون نيلسون - رايت، الزميل في معهد «شاتهام هاوس» بالعاصمة البريطانية لندن، يرى أن تمسك نظام كيم جونغ أون بالبرنامج الصاروخي «مبني على تقييم منطقي لمصالح كوريا الشمالية الاستراتيجية، فهو يرى في حرب العراق مثالاً على أن تطوير آلة عسكرية ونووية قوية السبيل الوحيدة لحماية بلاده في إطار العزلة الدولية التي يعيشها».
وبينما لم تطلق واشنطن، قبل التجربة النووية الأخيرة، أي تهديدات عسكرية مباشرة لكوريا الشمالية، فإن لديها 28 ألف جندي أميركي على الأقل في أرض «جارتها» اللدود كوريا الجنوبية، كما أنها أتاحت بيع أسلحة متطورة لكل من اليابان وكوريا الجنوبية، فضلاً عن تنظيمها مناورات سنوية مشتركة مع كل منهما. ولذا، ترى سلطات كوريا الشمالية في ذلك استفزازاً بالغاً وتهديداً لأمنها الوطني.

ذاكرة الحرب الكورية
وهنا يوضح نيلسون - رايت أن «النظام الكوري الشمالي يستخدم الحرب الكورية التي اندلعت في عام 1950، واستمرت ثلاث سنوات ذريعةً داخليةً لأنشطته العسكرية، ويعيد التذكير عبر آلته الإعلامية بمشاهد الدمار وأعداد الضحايا التي سقطت في القصف الأميركي لترسيخ طموحات واشنطن (الاستعمارية) في ذهن شعبه». وكانت الحرب قد اندلعت بين الكوريتين بعدما اندفع نحو 75 ألفاً من جنود جيش الشعب الكوري الشمالي عبر خط الحدود مع كوريا الجنوبية (وهو المرتسَم عند خط العرض 38). تلك الحدود كانت تفصل شطري شبه الجزيرة الكورية، وهما الشطر الشمالي الشيوعي المدعوم من الاتحاد السوفياتي والصين الشعبية، والشطر الجنوبي الموالي للغرب والمدعوم من واشنطن.
الأميركيون تدخلوا في تلك الحرب بعد شهر من اندلاعها إلى جانب كوريا الجنوبية. وبعد شهور من القتال، ودخول الحرب مرحلة جمود، سعى مسؤولون أميركيون إلى التوصل لهدنة مع الكوريين الشماليين، إذ كانوا يخشون أن البديل سيكون حرباً تشمل الاتحاد السوفياتي والصين. وفعلاً، انتهت الحرب في عام 1953، ولكن بعدما أودت بأرواح نحو 5 ملايين شخص بين مدنيين وعسكريين.

تصريحات ترمب
عدد من المراقبين يرون أن التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترمب تشكل هدية لتطرف كيم جونغ أون، بحيث إنها تخدم «البروباغندا» الإعلامية للزعيم الكوري الشمالي وتعزز صورته قائدَ القوات المسلحة وحامياً لبلاده من الأطماع الخارجية. وتقول جيني تاون، مديرة تحرير موقع «38 نورث» الأميركي المتخصص في معهد الدراسات الدولية التابع لجامعة جونز هوبكنز بواشنطن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «كيم جونغ أون ليس مجنوناً، فهو يقوم بخطوات مدروسة ومحسوبة، ويبحث عن خدمة مصالحه الوطنية وعن اعتراف دولي. إلا أن ذلك لا يعني أن تحركات الطرفين محسوبة، وقد تكون لخطوة خاطئة تداعيات مأساوية».
واعتبرت تاون في مكالمة هاتفية أن كيم جونغ أون لا يبحث عن اعتراف دولي بقدرات بلاده العسكرية فحسب، بل يهدف كذلك إلى تعزيز مكانته داخل بلاده وتعزيز نفوذه ومصداقيته كقائد لإحدى آخر الدولة التي تصف نفسها بـ«الشيوعية».

الخيار العسكري مستبعد
موقع «38 نورث» يفيد بأن تجربة القنبلة الهيدروجينية التي أجرتها كوريا الشمالية مطلع هذا الشهر ولدت طاقة قدرها 250 كيلوطناً، أي أقوى بـ16 مرة من قوة القنبلة الذرية التي دمرت هيروشيما عام 1945. كذلك أعلن رئيس القيادة الاستراتيجية للجيش الأميركي أن القنبلة التي فجرتها كوريا الشمالية يوم 3 سبتمبر (أيلول) الحالي خلال تجربتها النووية السادسة كانت على الأرجح قنبلة هيدروجينية، وفق ما نقل عنه موقع «ديفينس نيوز» المتخصص. وكان الكثير من الخبراء أفادوا بعد التجربة بأن القنبلة لديها كل أوصاف القنبلة الهيدروجينية، وهو ما أعلنته بيونغ يانغ نفسها، لكن أياً من الدول الغربية لم يؤكد ذلك.
وقال الجنرال جون هايتن: «رأيت الحدث، رأيت المؤشرات التي تأتَّت عنه، رأيت حجمه ورأيت التقارير... وبناء على ذلك، أفترض من جانبي أنها كانت قنبلة هيدروجينية ذات حجم يسمح بتثبيتها على رأس صاروخ».
في هذه الأثناء، لم يستبعد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ولا «سيد» البيت الأبيض الخيار العسكري بعد تجربة القنبلة الهيدروجينية مطلع هذا الشهر، لكنهما شددا على أنه ليس خيارهما الأول. وبينما يبدو المجتمع الدولي متفقاً على أن الحوار يبقى الخيار المفضل، أو الوحيد بالنسبة لكل من موسكو وبكين، انتقد الرئيس ترمب مواصلة محاولات الحوار مع كوريا الشمالية معتبراً أن الإدارات الأميركية السابقة اعتمدت هذا النهج لكنها فشلت في ثني النظام عن مواصلة تطوير برنامجه الصاروخي الباليستي، قال ترمب معلقاً على التجربة النووية السادسة التي قامت بها كوريا الشمالية «لا تزال كلماتهم وأفعالهم معادية وخطيرة جداً تجاه الولايات المتحدة». وتابع في تغريدة عبر حسابه في «تويتر»، مضيفاً: «كوريا الشمالية دولة مارقة، وأصبحت تشكل تهديداً عظيماً وحرجاً كبيراً للصين التي تحاول المساعدة، ولكن دون نجاح يُذكَر». وفي تغريدة ثالثة، قال ترمب إن «كوريا الجنوبية تجد، كما قلت لهم، أن الحديث عن استرضاء كوريا الشمالية لن يفيد، فهُمْ يفهمون فقط شيئاً واحداً!».
في أي حال، أكد الوزير ماتيس آنذاك أن «أي تهديد يطال الولايات المتحدة أو أياً من أراضيها، بما في ذلك جزيرة غوام (جنوب أرخبيل اليابان)، أو أياً من حلفائها، سيلقى رداً عسكرياً شاملاً»، دون أن يستبعد احتمال استخدام إمكانات واشنطن النووية. وجاء ذلك بعدما شارك ماتيس في اجتماع للأمن القومي لإحاطة الرئيس ترمب بجميع الخيارات المتاحة للتحرك ضد كوريا الشمالية. وتعقيباً على هذه التصريحات، أجمع المجتمع الدولي، بما يشمل حلفاء كوريا الشمالية وروسيا والصين، على أن خيار التدخل العسكري غير وارد، وأن السبل الدبلوماسية لم تستنفد بعد.
وينضم خبراء نوويون ومتابعون لسياسات كيم جونغ أون لهذا الطرح، ويحذّرون من سقوط واشنطن في فخ كوريا الشمالي الاستفزازي وتوجيه ضربة عسكرية «جراحية» تستهدف موقعاً معيناً أو مقر إقامة كيم جونغ أون. وبهذا الصدد تقول جيني تاون إن «الحوار يبقى السبيل الوحيدة لتخفيض الأزمة الكورية»، معتبرة أن نتيجة حلقة التصريحات العدائية المتبادلة غير واضحة، وقد تؤدي إلى تجاوز من أحد الطرفين. كذلك يخشى المراقبون أن يصل النزاع إلى «نقطة لا عودة»، أي اللجوء إلى الخيار العسكري وتعريض حياة مواطني الجنوب والكوريين الشماليين إلى الخطر.

«اللاءات الأربع»
أكثر من هذا، سارعت كل من بكين وموسكو لرفض التلميح الأميركي بتدخل عسكري لحل الأزمة الكورية، واعتبرتا أن ذلك سيؤدي إلى نتائج كارثية؛ إذ قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أسابيع إن المبالغة في «الهستيريا العسكرية» قد يؤدي إلى كارثة عالمية، مشددا على أن الدبلوماسية هي الحل الوحيد. ومن ثم، كرر مندوباً البلدين في الأمم المتحدة أخيراً موقف بلادهما المعروف بـ«اللاءات الأربع» لحل الأزمة الكورية، وهي «لا لتغيير النظام، ولا لانهيار النظام ولا لعملية توحيد متسرّعة للكوريتين، وأخيراً لا لانتشار عسكري في المنطقة الحدودية بين الجارتين الجنوبية والشمالية». وطرحت «كفيلتا بيونغ يانغ الاقتصاديتان» (أي بكين وموسكو) خطة «الوقف مقابل الوقف» التي تقوم على وقف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مناوراتها العسكرية الكبيرة، مقابل وقف كوريا الشمالية برامجها الباليستية.
وفي حين لا تدعم روسيا فرض عقوبات شديدة على كوريا الشمالية، فإنها مع ذلك صوتت لصالح مشروع القرار الأميركي الأخير بعدما ضغطت على واشنطن لتخفيف بنوده. وللعلم، لطالما كرّر بوتين أن بيونغ يانغ لن ترضخ للعقوبات الدولية بل ستعزز تطوير برامجها النووية والصاروخية، لأنها تعتبرها الوسيلة الوحيدة للدفاع عن النفس. وأضاف الرئيس الروسي في كلمة ألقاها في مؤتمر اقتصادي بمدينة فلاديفوستوك بشرق سيبيريا أنه «من المستحيل إخافة الكوريين الشماليين».

حزمة عقوبات جديدة
من جهة أخرى، يعاد طرح النقاش حول الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مع كل تجربة صاروخية أو نووية جديدة، ولم يشكل إطلاق صاروخ باليستي متوسط المدى من بيونغ يانغ فوق اليابان مساء أول من أمس استثناءً. ولقد عقد مجلس الأمن في الأمم المتحدة اجتماعاً طارئاً آخر أمس، هو الأخير في سلسلة اجتماعات أدت إلى تشديد العقوبات الاقتصادية والسياسية على كوريا الشمالية خلال الأشهر الماضية. ومن المعلوم أن سلطات بيونغ يانغ تعتبر هذه العقوبات المشددة استفزازا يدعو إلى رد يعكس حجم قوتها. وكان الصاروخ الأخير قد أُطلق من موقع قريب من العاصمة الشمالية بعد أقل من أسبوع على إقرار مجلس الأمن الدولي مجموعة ثامنة من العقوبات على نظامها الانعزالي، سعياً لحمله على التخلي عن برامجه العسكرية المحظورة. وجرت عملية الإطلاق الجديدة بعد أيام على سادس تجربة نووية أجرتها كوريا الشمالية وكانت الأقوى حتى الآن، وأعلنت يومها أنها فجرت خلالها قنبلة هيدروجينية بحجم يسمح بتثبيتها على رأس صاروخ.
ومن ردات الفعل، أصدر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بياناً أدان فيه التجربة الأخيرة وحث الصين وروسيا على الموافقة على فرض أقصى العقوبات على نظام كيم جون أون. وقال تيلرسون في بيانه إن «الإطلاق الاستفزازي للصواريخ من كوريا الشمالية يشكل المرة الثانية التي يتعرض فيها شعب اليابان للتهديد المباشر في الأسابيع الأخيرة». وتابع أن حزمة العقوبات الأخيرة التي اتخذتها الأمم المتحدة هي الحد الأدنى من الإجراءات، داعياً الصين وروسيا إلى دعم تدابير جديدة ضد نظام بيونغ يانغ. ولفت تيلرسون إلى أن الصين تزود كوريا الشمالية بكميات كبيرة من النفط، بينما تعد روسيا «أكبر رب عمل للعمال القسريين القادمين من كوريا الشمالية»، على حد قوله.
من جانب آخر، يؤمن قادة الاتحاد الأوروبي كذلك بفاعلية العقوبات الاقتصادية، التي شددت الخميس عبر تبني إجراءات أعلنتها الأمم المتحدة بداية أغسطس (آب) المنصرم ردا على إطلاق صاروخ باليستي. وقال مجلس الاتحاد الأوروبي، الذي يمثل الدول الأعضاء الـ28، في بيان إن العقوبات «تستهدف أبرز صادرات كوريا الشمالية ما دامت تفرض حظراً تامّاً على أي تصدير للفحم والحديد ومشتقات الحديد والمنتجات البحرية والرصاص ومشتقات الرصاص».
وتستهدف العقوبات أيضاً «تجارة الأسلحة في كوريا الشمالية والتعاون بين شركات (كورية شمالية) ومؤسسات أجنبية والمصارف (الكورية الشمالية) وقدرتها على تأمين عائدات والمشاركة في النظام المالي الدولي».
إلى ذلك، باشر الاتحاد بحث احتمالات مختلفة تتراوح بين إدراج كبار القادة الكوريين الشماليين (بمن فيهم الرئيس كيم جونغ أون) على اللائحة السوداء... وطرد مئات من الكوريين الشماليين العاملين في أوروبا، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية لوكالة الصحافة الفرنسية. وقد يعمد الأوروبيون كذلك إلى الحد من بيع المنتجات الأوروبية الفاخرة في كوريا الشمالية أو فرض حظر تام على الصادرات النفطية إلى هذا البلد، وفق المصادر نفسها.
من جهته، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إلى «رد عالمي» وكتب على «تويتر» أن «إطلاق كوريا الشمالية الصاروخ هو انتهاك جديد متهور لقرارات الأمم المتحدة (ويشكل) تهديداً كبيراً للسلم والأمن الدوليين يستوجب رداً عالمياً». وبينما رأت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أن الصاروخ عبر على الأرجح مسافة 3700 كيلومتر على ارتفاع أقصاه 770 كيلومتراً، قبل أن يسقط في المحيط الهادي، قال وزير الدفاع الياباني إيتسونوري أونوديرا إن «غوام كانت في بال» بيونغ يانغ، أمس (الجمعة)، وأشار إلى أن مدى الصاروخ كان كافياً ليبلغ هذه الجزيرة الواقعة على مسافة نحو 3400 كلم من كوريا الشمالية.
وبحسب طوكيو، فإن الصاروخ حلّق فوق جزيرة هوكايدو في شمال اليابان قبل أن يسقط على مسافة نحو ألفي كلم إلى الشرق، ولا تفيد أي مؤشرات في الوقت الحاضر بسقوط شظايا على الأراضي اليابانية. وعلى الأثر، أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أن بلاده «لن تقبل أبداً بأعمال كوريا الشمالية الاستفزازية التي تهدد السلام في العالم»، محذراً بأنه «إذا استمرَّت كوريا الشمالية بالسير في هذا الطريق فإن مستقبلها لن يكون مشرقاً».
أما السلطات الكورية الجنوبية في سيول، فردّت بتمرين على إطلاق صاروخ «هيونمو» في البحر الشرقي، بحسب التسمية الكورية لبحر اليابان، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع. وعبر الصاروخ مسافة 250 كلم، أي ما يكفي نظريّاً لبلوغ موقع سونان لإطلاق الصواريخ في كوريا الشمالية، قرب مطار بيونغ يانغ.
هذا، وقرأ خبراء التجربة الكورية الأخيرة على أنها رسالة موجهة للعالم، بأن العقوبات الأخيرة «لا تخيفنا». وقال يانغ مو جين، من جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الشمال يبعث الرسالة التالية: لسنا خائفين من أي عقوبات وتهديداتنا ليست فارغة».

اتفاق نووي ثانٍ؟
وسط هذه التطورات، عرضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أخيراً الوساطة في الأزمة الكورية، وطرحت إمكانية دخول القوى الغربية في حوار مباشر مع كوريا الشمالية يفضي إلى اتفاق نووي شبيه بالذي أبرمته القوى العظمى مع إيران في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وذلك عندما أعلنت المستشارة الألمانية في مقابلة مع صحيفة «فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ» الأسبوع الماضي أن بلادها مستعدة لممارسة ضغوط دبلوماسية لإنهاء برنامج تطوير الأسلحة النووية والصاروخية لكوريا الشمالية، على غرار الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إيران.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المفاوضات بين إيران والدول الست الكبرى كانت قد أسفرت عن اتفاق عام 2015 تتخلى طهران بموجبه عن برنامجها النووي، وتسمح بعمليات تفتيش مقابل رفع بعض العقوبات. وترى ميركل أن تلك المفاوضات كانت «طويلة الأمد، لكنها شكلت حقبة دبلوماسية مهمة».
وأضافت موضحةً موقف حكومتها «يمكنني تصور صيغة مشابهة من أجل تسوية النزاع مع كوريا الشمالية. على أوروبا، خصوصاً ألمانيا أن تكون مستعدة للمشاركة بشكل فاعل».
ووفق المعطيات الحالية، بدا الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون موافقين على هذا الاقتراح الألماني، أمس، وذلك بعدما وجهاً دعوة إلى عقد «مفاوضات مباشرة» مع كوريا الشمالية لخفض التوتر.
وأعلن الكرملين في بيان أن الرئيسين أكدا خلال اتصال هاتفي بينهما «وحدة الموقف إزاء الطابع غير المقبول للتصعيد» في شبه الجزيرة الكورية. وأضاف أنهما اتفقا على «ضرورة حل هذا الوضع البالغ التعقيد حصريّاً بالوسائل السياسية والدبلوماسية، من خلال استئناف المفاوضات المباشرة». ونددا «بشدة بالأعمال الاستفزازية لكوريا الشمالية التي تنتهك بشكل خطير قرارات مجلس الأمن الدولي».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».