كان كل شيء يسير على ما يرام، عرض مبهر، أجهزة جديدة، استقبال مرحب... لكن الأسواق استقبلت منتجات شركة «آبل» الجديدة بشكل مختلف، إذ هبطت أسهمها بشكل حاد عقب بدء المؤتمر الصحافي قبل أن تتحسن قليلا، لكنها اختتمت تعاملات الثلاثاء على انخفاض.
وبمراقبة مؤشر ناسداك أمس، بدأ سهم آبل تعاملات الثلاثاء على ارتفاع، مدعوما بشكل كبير بأجواء «يوم الإطلاق» للمنتجات الجديدة للشركة، حيث وصل المؤشر إلى 162.74 دولار للسهم في تمام الساعة 9:30 صباحا بتوقيت نيويورك. لكن مع مرور الدقائق، بدأ السهم في الهبوط خاسرا أكثر من نقطتين مئويتين عند الساعة العاشرة.
وعاد السهم للتذبذب، ليصل إلى قمته خلال الجلسة قبل الساعة 2 عصرا، محققا 163.96 دولار، لكن مع انطلاق المؤتمر بدأت رحلة الهبوط، ليصل السهم في تمام الثالثة إلى أدنى مستوياته خلال التعاملات عند 158.47 دولار، قبل أن يعاود التقاط الأنفاس في الساعة الأخيرة، ليصحح أوضاعه مغلقا عند 160.82دولار.
وبالعودة إلى المؤتمر الصحافي، فقد أطلقت «آبل» حفنة من المنتجات، تعد الأكبر من نوعها التي تطلق في حدث واحد، متضمنة أحدث نسختين من هواتفها: «آيفون 8» وشقيقه «آيفون 8 بلس»، و«آيفون X» (ينطق آيفون 10)، وهو ما وصفه الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك بأنه «أكبر قفزة منذ النسخة الأولى من آيفون»، خاصة أنه يتزامن مع مرور عقد كامل على النسخة الأولى، ويعتبر إهداء لروح مؤسس الشركة الراحل ستيف جوبز. كما أطلقت أيضا نسختين من الساعات الذكية، وتلفزيونا جديدا بإمكانات فائقة... لكن يبدو أن كل ذلك الإبهار لم يشفع لعملاق التكنولوجيا على مستوى الأسهم.
ويقول محللو الأسواق إن أحد أسباب هبوط أسهم آبل هو إعلانها عن تأخر بيع الهاتف «آيفون X» إلى منتصف الخريف المقبل، إضافة إلى سعره البالغ 999 دولارا، وهو الأعلى تاريخيا في سلسلة الهواتف التي أنتجتها الشركة... وهي عوامل خيبت توقعات عدد كبير من المتلهفين للهاتف الجديد.
وكانت تقارير كثيرة تحدثت خلال شهر يوليو (تموز) الماضي عن ثمة خلل شهدته عمليات التصنيع في «آبل» لهاتفها الجديد، دون الإشارة وقتها إلى أن هناك نسختين وليس نسخة واحدة من الهواتف الجديدة... وأشارت «وول ستريت جورنال» على سبيل المثال آنذاك، إلى أن ذلك الخلل سيؤدي إلى تأخير يصل إلى نحو شهر في عمليات الشحن والتسليم.
لكن خبراء آخرين يرون سببا آخر «إضافيا» ربما يكون ناجما عن طبيعة الجيل الحالي من المستخدمين، وهو «التوقعات المفرطة» over expectations. ويرى هذا الجانب من الخبراء، وهم الأكثر ميلا إلى عالم التقنية منهم إلى الاقتصاد البحت، أن هنالك معضلة كبرى تواجه شركات التكنولوجيا في الفترة الحالية ويتوقع أن تستمر مستقبلا، وربما تكون «مشكلة العصر»، وهي تتصل أساسا بتوقعات المستخدمين لخصائص فائقة تدهشهم بقدر أكبر من المعقول. ورغم أن منتجات «آبل» التي أطلقت الثلاثاء بالفعل حملت كثيرا من الخصائص الفنية المدهشة؛ فإن كثيرا منها جرى «التنبؤ» به أو نشر «تسريبات» تتصل بتفاصيله العامة خلال الأسابيع القليلة الماضية، ما يعني أنه تراجع قليلا من خانة «الإبهار المنتظر».
ويعضد هذا الجانب من الخبراء رؤيته بتكرارية الأمر عدة مرات لأسهم الشركات التقنية الكبرى عقب إطلاق منتجاتها الجديدة على مدار بضعة سنوات مضت، وإن كان يوم الثلاثاء قد شهده بشكل أكبر.
وتعد خصلة «سرعة الملل» بين المستهلكين سلاحا ذا حدين بالنسبة للمنتجين، فقد تكون ميزة جيدة تؤدي إلى دفع لنمو الإنتاج والمبيعات، لكنها قد تؤدي في الوقت نفسه - إذا فاقت حدها ووصلت إلى مرحلة الممل فائق السرعة - إلى تراجع تلك النتائج، كما حدث أول من أمس مع «آبل».
ووسط منافسة شرسة مع الخصوم في القطاع نفسه، على غرار «آبل» و«سامسونغ» و«هواوي» وغيرها من عمالقة التكنولوجيا الهاتفية، فإن تلك الشركات تخوض معركة أخرى جانبية بالتوازي مع وسائل الإعلام، من أجل الحفاظ على علاقة متوازنة، تحقق، من جهة، انتشارا للمنتجات، لكنها لا تصل إلى مرحلة حرق الأوراق مبكرا بما يهبط بالمبيعات.
«مشكلة العصر» تعكر فرحة «آبل»
«مشكلة العصر» تعكر فرحة «آبل»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة