طالبت روسيا، أمس، الولايات المتحدة بإعادة النظر في إغلاقها مقراتها الدبلوماسية، محملة واشنطن المسؤولية كاملة عن تدهور العلاقات بعد ما اعتبرته موسكو «عملا عدائيا» ضدها.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان: «نحن نعتبر ما حصل عملا عدائيا صريحا، وانتهاكا خطيرا للقانون الدولي من قبل واشنطن». وأضافت، وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية: «ندعو السلطات الأميركية إلى العقلانية وإعادة المقرات الدبلوماسية الروسية، وإلا فإن كامل المسؤولية جراء التدهور المستمر في العلاقات بيننا تقع على عاتقها».
وأُجبرت روسيا على إخلاء قنصليتها في سان فرانسيسكو ومقرين دبلوماسيين في نيويورك وواشنطن بناء على أمر من السلطات الأميركية، في آخر فصول النزاع الدبلوماسي بين البلدين. وفتّش عملاء فيدراليون مقر بعثة تجارية في واشنطن للتأكد من إخلائها، في خطوة استدعت تنديدا دبلوماسيا قاسيا من قبل موسكو.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس أن «أجهزة الاستخبارات الفيدرالية، بمساندة الشرطة، باتت تسيطر على المباني التي تمت مصادرتها». وأمرت الولايات المتحدة بإغلاق القنصلية الروسية في سان فرانسيسكو، إلى جانب بعثات تجارية في واشنطن ونيويورك في إطار مبدأ «المعاملة بالمثل».
ولكن وزارة الخارجية الأميركية حرصت على التأكيد على أن عمليات «التفتيش» جرت بحضور مسؤولين روس، وهدفت خصوصا للتأكد من أن الدبلوماسيين الروس غادروا بالفعل هذه المقرات.
وشددت الوزارة في بيان على أن ما قامت به الولايات المتحدة ينسجم بالكامل مع المعاهدات الدولية، مؤكدة أن واشنطن تنفي رسميا الاتهامات التي ساقتها روسيا؛ ومفادها أن مسؤولين أميركيين هددوا بتحطيم أبواب المقرات الدبلوماسية، وأن عملاء من الـ«إف بي آي» أخلوا هذه المقرات. وأضافت الخارجية الأميركية أن «ما من دبلوماسي روسي طرد من الولايات المتحدة لشأن متصل بعمليات إغلاق» هذه المقرات.
وكانت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية للأنباء أفادت بأن عمليات التفتيش بدأت بعد إغلاق المبنى، بحضور ممثلين للسفارة الروسية. وقال المتحدث باسم السفارة الروسية في واشنطن إن «موظفي السفارة سُمح لهم بأن يشهدوا على عمليات التفتيش، وذلك بطلب ملحّ من روسيا».
وكانت الخارجية الروسية استدعت قبل ساعات أنتوني غودفراي، وسلمته «رسالة احتجاج على صلة بنيّة السلطات الأميركية القيام بعمليات تفتيش في البعثة التجارية الروسية بواشنطن». ويشغل غودفراي حاليا، المسؤول الثاني في السفارة الأميركية، منصب كبير الدبلوماسيين في موسكو بعد إعلان السفير جون تيفت في يوليو (تموز) نيته مغادرة موسكو في سبتمبر (أيلول) .
وقالت الخارجية الروسية الجمعة إن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) ينوي السبت تفتيش مقر القنصلية الروسية في سان فرانسيسكو، التي أمهلت السلطات الأميركية موسكو حتى السبت لإغلاقها إضافة إلى البعثتين التجاريتين في واشنطن ونيويورك. وأضافت الوزارة: «نفتقد اعتبارا من اليوم إمكانية دخول (مقر البعثة)، في حين أن المبنى هو ملك للدولة الروسية ويتمتع بالحصانة الدبلوماسية». وبحسب مذكرة الاحتجاج التي سلمت للمسؤول الثاني في السفارة الأميركية بموسكو، تعتبر روسيا تفتيش المباني الدبلوماسية في غياب ممثلين رسميين للدولة الروسية «غير قانوني».
وتابعت الخارجية الروسية: «على السلطات الأميركية أن تتوقف عن انتهاكاتها الفجة للقانون الدولي، والكف عن انتهاك حصانة المؤسسات الدبلوماسية الروسية». وأضافت أن عمليات التفتيش «والتهديد بكسر المدخل» تشكل «عملية اعتداء لا سابق لها يمكن أن تستخدم من الأجهزة الخاصة الأميركية لتدبير استفزاز ضد روسيا بأشياء مغرضة تضعها بداخلها» الأجهزة الأميركية نفسها.
وقال شهود في سان فرانسيسكو إنهم شاهدوا الجمعة دخانا أسود يتصاعد من مدخنة القنصلية. وأكدت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية أن انبعاث الدخان يعود إلى «إجراءات اتخذت للحفاظ على المبنى» دون مزيد من التوضيح.
ويأتي الإجراء الأميركي ردا على قرار خفض عدد الدبلوماسيين الأميركيين والموظفين الروس في البعثات الأميركية في روسيا بـ755 شخصا، بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين ردا على عقوبات اقتصادية جديدة فرضتها واشنطن. ويشكل التصعيد الجديد في التوتر بين القوتين النوويتين نكسة دبلوماسية للرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وكان ترمب تعهد خلال حملته الانتخابية في 2016، كما في أول أيام رئاسته، بالعمل على تحسين العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتدهورت العلاقات الأميركية الروسية إلى أدنى مستوى منذ الحرب الباردة، بعد ضم روسيا القرم عام 2014.
وفرض الغرب عقوبات على روسيا لتدخلها في شؤون جارتها السوفياتية السابقة، ردّت عليها موسكو بفرض حظر على المنتجات الزراعية. وشهد العام الماضي تصعيدا في التوتر بعد اتهام الاستخبارات الأميركية بوتين بتدبير عملية قرصنة، والتأثير على الحملة الانتخابية الأميركية لصالح ترمب.
وفي أكتوبر (تشرين الأول)، تحدثت كل وكالات الاستخبارات الأميركية علنا عن تدخل موسكو، وأوضحت في يناير (كانون الثاني) أن بوتين يقف وراء ذلك. وفي 29 ديسمبر (كانون الأول)، أعلن أوباما فرض عقوبات على موسكو وعمد خصوصا إلى طرد 35 دبلوماسيا روسيا اعتبروا جواسيس، كما أمر بإغلاق مجمعات دبلوماسية روسية في نيويورك وماريلاند.
وامتنعت موسكو في المقابل عن الرد على الخطوة الأميركية، إلا أن إقرار الكونغرس عقوبات جديدة ضدها دفع الكرملين إلى إصدار أمر بتقليص حجم البعثة الدبلوماسية الأميركية في روسيا.
موسكو تطالب واشنطن بإعادة مقراتها المصادرة
اعتبرت تفتيش قنصليتها في سان فرانسيسكو «انتهاكاً للحصانة الدبلوماسية»
موسكو تطالب واشنطن بإعادة مقراتها المصادرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة