في أحد أركان جبل الرحمة، انهمك حجاج في نحت أسمائهم بأشكال هندسية مختلفة؛ تخليداً لذكرى الحج، وترسيخاً لرحلتهم إلى المشاعر المقدسة، في حين ذهب آخرون إلى نقش ذكرياتهم على الخشب والخواتم.
وفي أماكن متفرقة من المشاعر، تبرز ورش صغيرة متحركة تعمل على نقش وطباعة الأسماء والآيات القرآنية وذكريات جبل الرحمة والأدعية الدينية على الخشب، لتبقى شاهداً على عبق المكان وتاريخه، وعلامة فارقة في الرحلة الإيمانية وسحرها.
الكلمات التي نقشت بأحرفٍ جميلة، استوقفت الكثير من الحجاج في خطاهم حول شاخص جبل الرحمة وهم يمضون يوماً إيمانياً عاشوه من لحظات الفجر الأولى من يوم عرفة.
قد تكون الأدوات المستخدمة للكتابة على الخشب بدائية إلى حدٍ ما، إلا أنها ستكون من أكثر الأشياء تخليداً في أرفف منازلهم وتحفهم.
مظهر الخشب المصقول وأرواق الطباعة المزخرفة حوّلت أماكن من عرفة إلى بازارات متحركة. وقال محمد، وهو شاب بنغلاديشي في العشرينات من عمره: «الحاج يختار اسمه أو تاريخاً معيناً أو دعاءً معيناً، ونعمل على نحته عن طريق الطباعة ونمرره على الخشب الذي يختاره، ثم ننتظر فترة لتجف الصورة فيظهر الشكل الذي يريد أو نقوم بالنحت المباشر على الخشب عن طريق أجهزة حفر تخليداً للذكرى».
في مكة المكرمة يخلّد الحجاج ذكريات كثيرة، منها جبل الرحمة ومسجد نمرة ومزدلفة وجسر الجمرات ومسجد الخيف، كلٌ له طوابعه ونقوشه، وتصاميمه الفوتوغرافية التي تمثل أبرز تفاصيل الدخول للمشاعر المقدسة والخروج منها نحو بلدانهم.
النقش على الخشب وغيره موجود في كل البلدان، لكنها في مكة المكرمة تحمل معنى آخر بحسب الحاج محمد من تونس، الذي أشار إلى أن جميع الناس يحنون إلى البيت العتيق ويكنون لهذه المدينة مشاعر خاصة وذكريات ليست محفورة فقط على الخشب، بل في القلوب التي شغفتها مكة حبا وعشقا.
محمد المحمدي يعمل في المنحوتات الخشبية، أكد أن النحت على الخشب من أقدم أنواع النحت على مستوى العالم، والحجاج والسياح في كل العالم يحرصون على نقش ذكرياتهم وأسمائهم، فهي نوع من أنواع الحضارة الإسلامية، وبعض النحاتين يطعمّونها بالقصدير والصدف والنحاس ويصدّرونها إلى قارات العالم وبأسعار ليست رخيصة.
وأضاف المحمدي، أن ميزة النقش على الخشب أنها فن يعتمد على الجماليات الهندسية، خصوصاً في الحج لاختلاف الأذواق والجنسيات، مدللاً في هذا السياق أن الآسيويين شغوفون بالأعمال الخشبية ومتفوقون فيها نظير وجود وكثرة الأنواع الخشبية هناك، وأيضاً أهالي دمياط في مصر يكثر فيها الحرفيون والنحاتون.
ولفت إلى أن بعض السعوديين بدؤوا يلتفتون للنحت، وأثبتوا أنفسهم وبدأوا يجذبون الكثير من الشباب لمعرفة أسراره، خصوصاً في المنحوتات الحجرية، خصوصاً أن السعودية مليئة بسلاسل الجبال الصخرية.
حجّاج يخلدون ذكرياتهم بالنقش والحفر على الخشب والصخور
حجّاج يخلدون ذكرياتهم بالنقش والحفر على الخشب والصخور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة