توسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في أوروبا لمواجهة مخاطر الإرهاب

مراقبة الاتصالات الإلكترونية قد تحتاج إلى إجراء استفتاء شعبي في هولندا

إجراءات أمنية في شوارع بروكسل عقب تفجيرات العام الماضي («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في شوارع بروكسل عقب تفجيرات العام الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

توسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في أوروبا لمواجهة مخاطر الإرهاب

إجراءات أمنية في شوارع بروكسل عقب تفجيرات العام الماضي («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في شوارع بروكسل عقب تفجيرات العام الماضي («الشرق الأوسط»)

تتواصل مساعي حكومات بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في إطار مواجهة مخاطر الإرهاب، إلى العمل من أجل توسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لمراقبة الاتصالات الإلكترونية، وهو الأمر الذي يجد عرقلة من جانب بعض الأحزاب والمجتمع المدني من منطلق حماية الخصوصية. وفي لاهاي، أحرز معارضو قانون هولندي يقضي بتوسيع سلطات وكالات الاستخبارات لمراقبة الاتصالات الإلكترونية، خطوة أخرى في اتجاه تنظيم استفتاء استشاري وطني حول دخول القانون حيز التنفيذ. وذكرت اللجنة الانتخابية، أنها تلقت أكثر من 10 آلاف طلب لإجراء استفتاء حول القانون، وأنها سوف تفتح الباب أمام فرصة إجراء الاستفتاء، على أن تتلقى 300 ألف طلب خلال الفترة من 4 - 16 سبتمبر (أيلول) الحالي. وفي حال تلقت اللجنة الانتخابية هذا العدد من الطلبات، فسوف يتم تنظيم استفتاء، وعندئذ، ستكون المرة الثانية في تاريخ هولندا التي يجرى فيها استفتاء. ونظم الاستفتاء الأول، العام الماضي، وتمخض عن رفض اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا. لكن الحكومة الهولندية أعلنت فيما بعد أنها ستقر الاتفاق رغم نتيجة الاستفتاء غير الملزم.
ولا تقتصر محاربة «داعش» على الأرض فحسب من خلال التحركات الأمنية وعمليات الاستنفار التي شهدتها عدة عواصم أوروبية، في أعقاب هجمات ضربت أوروبا منذ هجمات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 وبعدها تفجيرات بروكسل في مارس (آذار) من العام الماضي، وتلتها هجمات في نيس الفرنسية وبرلين بألمانيا واستكهولم في السويد وغيرها، ولا أيضاً من الجو عبر طلعات جوية تنفذها طائرات التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة الولايات المتحد فوق مواقع قد يوجد فيها عناصر «داعش» في سوريا والعراق.
وانتقلت الحرب ضد «داعش» إلى عالم الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. وصدرت تصريحات من قيادات أوروبية وأيضاً على المستوى الشعبي تحذر من خطورة الإنترنت على الشباب والانجراف إلى عالم التطرف. وأمنياً، وفي مايو (أيار) الماضي، أجرت وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) تحقيقاً في إمكان أن يكون تنظيم الدولة (داعش) ومنظمات إرهابية أخرى في مرحلة إنشاء شبكة تواصل اجتماعية خاصة بهم ينوون استخدامها لأغراض الدعاية والتمويل، ليكونوا بذلك في مأمن من عمليات التفتيش الأمنية. وقال وقتها المتحدث باسم «يوروبول» جان أوب جين أورث: «نُحقّق حالياً في احتمال إنشاء تنظيم الدولة ومجموعات إرهابية أخرى منصة إعلامية اجتماعية». وأوضح لوسائل إعلام أوروبية: «ما زلنا نسعى للتعرف على كل تفاصيل الحساب، بما في ذلك من أنشأه ولأي هدف»، لافتاً إلى أن المؤشرات الأولية يبدو أنها تُظهر روابط بين تنظيم الدولة ومجموعات إرهابية أخرى.
وأجرت «يوروبول» مايو الماضي عملية مدتها 48 ساعة ضد الدعاية التي تقوم بها مجموعات متطرفة وإرهابية على الإنترنت، بحسب ما قال مدير «وكالة الشرطة الأوروبية» (يوروبول) روب وينرايت. وأضاف في مؤتمر أمني في لندن: «خلال تلك العملية تبين أن تنظيم داعش يطور الآن منصة خاصة به للتواصل الاجتماعي على الإنترنت للترويج لجدول أعماله». وتابع: «هذا يظهر أن بعض أعضاء (داعش) على الأقل ما زالوا يبتكرون في هذا الفضاء».
وخلال حملة منسقة شنتها «يوروبول» على مواد لتنظيمي «داعش» و«القاعدة» بمشاركة مسؤولين من الولايات المتحدة وبلجيكا واليونان وبولندا والبرتغال، تم رصد أكثر من ألفي تدوينة للمتطرفين منشورة على 52 منصة للتواصل الاجتماعي، وقال وينرايت إن لجوء «داعش» إلى إنشاء خدمة خاصة به جاء نتيجة تضافر جهود أجهزة الاستخبارات والشرطة وقطاع التكنولوجيا للضغط على التنظيم، ما دفعه إلى البحث عن سبل للتحايل على ذلك. وأردف أنه «من المؤكد أننا جعلنا عملهم في هذا الفضاء أصعب كثيراً، لكننا ما زلنا نرى المقاطع المصورة المروعة تنشر والاتصالات تجرى على نطاق واسع عبر الإنترنت».
وعلى صعيد الدول الأعضاء، فقد حدث في ربيع العام الحالي، أن وافق البرلمان البلجيكي على مشروع قانون يسمح بتوسيع الطرق الخاصة التي تلجأ إليها الاستخبارات الأمنية، ومنها القرصنة على بعض المواقع والتنصت على المكالمات، وذلك في إطار مكافحة الإرهاب وملاحقة المتطرفين ودعاة الكراهية، وأيضاً في رصد عمليات التجسس، وقد اعترضت أحزاب المعارضة من «الاشتراكي الوالوني» و«الديمقراطي المسيحي» على القانون، بينما امتنع «الخضر» و«العمال» عن التصويت.
ومشروع القانون تقدم به وزير العدل جينس كوين ووزير الدفاع ستيفن فاندنبوت لمنح صلاحيات وطرق أكثر للأجهزة الاستخباراتية سواء للأمن العام الداخلي أو الاستخبارات العسكرية، وبالتالي يمكن من خلال الوسائل الجديدة أن تلعب هذه الأجهزة الأمنية دوراً أكبر في مكافحة الإرهاب. وتتعلق الإجراءات الجديدة بطرق خاصة، ولكن وفقاً لشروط معينة. ومن بين هذه الإجراءات قرصنة بعض المواقع والمراقبة والتنصت على المكالمات الهاتفية الخارجية، والسماح لعناصر الاستخبارات الأمنية باستخدام وثائق مزورة لحماية أنفسهم، هذا إلى جانب طريقة جديدة تتعلق بالحصول على البيانات التي تتعلق بالمسافرين وأيضاً بالمشتركين في شركات الاتصالات، وخصوصاً أن هناك حكماً سابقاً للمحكمة العليا يفرض على شركات الاتصالات التعاون بشكل كامل مع الشرطة.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.