انقسام بين القوى العراقية إزاء «الصفقة المشبوهة»

عناصر من {داعش} لدى نقلهم من منطقة الحدود السورية مع لبنان إلى حدودها مع العراق ـ أرشيف (أ.ف.ب)
عناصر من {داعش} لدى نقلهم من منطقة الحدود السورية مع لبنان إلى حدودها مع العراق ـ أرشيف (أ.ف.ب)
TT

انقسام بين القوى العراقية إزاء «الصفقة المشبوهة»

عناصر من {داعش} لدى نقلهم من منطقة الحدود السورية مع لبنان إلى حدودها مع العراق ـ أرشيف (أ.ف.ب)
عناصر من {داعش} لدى نقلهم من منطقة الحدود السورية مع لبنان إلى حدودها مع العراق ـ أرشيف (أ.ف.ب)

ظهر انقسام بين القوى العراقية في رفض «الصفقة المريبة» بين «حزب الله» اللبناني والنظام السوري من جهة وتنظيم داعش من جهة ثانية لنقل عناصر من التنظيم من جرود القلمون السورية إلى دير الزور قرب حدود العراق، في وقت أبدت قوات البيشمركة استعدادها للتحرك لمواجهة «دواعش القلمون».
ولعل انتقادات قوى عراقية، بينها رئيس الوزراء حيدر العبادي دفعت الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله إلى إصدار بيان شرح فيه تفاصيل ما حدث، على أن كثيرا من الشيعة، سواء خارج السلطة أو داخلها اعتبروا البيان مجرد اعتراف من نصر الله بـ» بالتفاوض مع «داعش»، مشفوع بعدم اعتذار للعراقيين».
ومثّل موقف العبادي أوضح المواقف «الشيعية» الرافضة، حيث أعلن صراحة بأنه «أمر غير مقبول». وثمة موقف مؤيد واحد تبناه القيادي في «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، وجاء التأييد على شكل رسالة «مديح» وجهها المهندس إلى نصر الله، قال فيها: «تعلمنا منك كيف نمضي بالمسيرة ومن شهداء الحزب على تراب العراق كيف نحتضن التراب مضمخاً بقيم الدم المشترك»، لكنها لم تأت على ذكر حادثة نقل عناصر «داعش».
نائب الرئيس نوري المالكي، أحد أكثر الشخصيات الشيعية قربا من «حزب الله» وإيران، نسب له بيان، أول من أمس، يهاجم المنتقدين لاتفاق «داعش» و«حزب الله». وقال: «الموجة التي استهدفت (حزب الله) اللبناني وزعيمه نصر الله، يقودها الجهل والحقد والانسياق خلف الرأي العام الموجه عدائيا». لكن مكتبه الإعلامي أصدر، أمس، نفيا قال فيه إن «ما نشر من تصريح عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونسب للمالكي بخصوص الاتفاق الأخير بين (حزب الله) ومسلحي (داعش) غير صحيح وغير رسمي».
ولم يعلق «التيار الصدر» على الصفقة، لكن المتحدث باسمه، صلاح العبيدي، قال إن ما ذكر عن «وقوف الصدر خلف الهجمة ضد نصر الله بسبب اتفاق (حزب الله) – (داعش) غير صحيح».
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الناطق بِاسم هيئة «الحشد الشعبي» أحمد الأسدي نفيه، مزاعم لبنانية تحدثت عن وجود اتفاق مع بغداد حول نقل «دواعش» القلمون. وأشار إلى أن الحكومة العراقية «ليس لديها علم بنقل تلك المجاميع»، واصفا الأنباء التي تحدثت عن وجود تنسيق مسبق مع بغداد بهذا الشأن بـ«الحماقات».
وإذا كانت القوى الشيعية عموما أبدت تحفظها ورفضها لما قام به «حزب الله»، فإن القوى السنية اتخذت مواقف أكثر حدة، حيث رفض رئيس مجلس النواب سليم الجبوري في بيان أي اتفاق من شأنه «إعادة تنظيم داعش إلى العراق أو يقربه من حدوده»، مشددا أن «العراق لن يدفع ضريبة اتفاقات أو توافقات تمس أمنه واستقراره»، محذرا من «العودة إلى المربع الأول والتنكر لدماء الشهداء».
ودعا الجبوري الحكومة الاتحادية «لاتخاذ كافة التدابير اللازمة من أجل مواجهة تداعيات هذا الاتفاق». كما حض لجنة الأمن والدفاع على «التحرك السريع لتقصي الحقائق وتقديم تقرير مفصل يوضح لمجلس النواب تداعيات الاتفاق المبرم بين «حزب الله» وتنظيم داعش الإرهابي وانعكاساته على أمن واستقرار العراق»، في حين اعتبر عضو لجنة الأمن النيابية محمد الكربولي، أن «القضية تتعلق بعمل تقوم به الدولة والحكومة وليس اللجنة النيابية، وهي غير قادرة على عمل أي شيء، فليس لديها طائرات قاذفة». وحذر الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «هجوم وشيك يمكن أن يقوم به دواعش القلمون على الأراضي العراقية».
ولفت الكربولي، إلى أن نقل أعداد كبيرة من عناصر «داعش» إلى الحدود مع العراق «يعطي عناصر (داعش) المتواجدين من قبل دفعة معنوية عالية بعد أن تعرض رفاقهم في مناطق العراق إلى خسائر فادحة». وأبدى الكربولي استغرابه من الصمت الأميركي حيال الموضوع، قال: «حاولنا الاستفسار عن موقفهم من الموضوع ولم يصلنا ردهم».
واتهمت كتلة «متحدون» النيابية المنضوية ضمن «اتحاد القوى العراقية» السني إيران بـ«الوقوف وراء الاتفاق المريب بين (حزب الله) والنظام السوري من جهة وتنظيم داعش الإرهابي من جهة أخرى».
وقال بيان لرئيس كتلة «متحدون» ظافر العاني: «فوجئنا بالاتفاق المريب بين (حزب الله) والنظام من جهة وتنظيم داعش الإرهابي من جهة أخرى والمتضمن نقل الإرهابيين بشكل آمن من لبنان إلى الحدود العراقية، وكأن العراق مكب نفايات للإرهابيين». مضيفا: «الاتفاق الذي تقف خلفه حكومة طهران إنما يمثل استخفافا بدماء العراقيين، وتهديداً مباشرا للأمن الوطني». واعتبره «يفضح زيف الادعاءات المتعلقة بمقاتلة الإرهاب أو مساندة العراق في معركته المصيرية بعدما اتضح أن هذه الأقوال ليست إلا أوهاما لغرض المتاجرة الإعلامية لا أكثر».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم رئاسة إقليم كردستان العراق أوميد صباح: «وفق صفقة مشبوهة، تم نقل قوة كبيرة للإرهابيين من لبنان إلى الحدود العراقية»، موضحا أن «جلب هذه القوات إلى شرق سوريا والحدود العراقية مثار للشكوك». وأضاف: «إقليم كردستان يراقب بدقة وجدية لهذا التحرك»، مبديا «استعداد قوات البيشمركة الكردية للتعاون والتنسيق بشكل كامل مع الجيش العراقي لمواجهة أي طارئ».


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».