انكب سكان مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين الواقع في مدينة صيدا جنوب لبنان، أمس، على لملمة آثار المعارك العنيفة التي استمرت نحو أسبوع بين عناصر القوة الأمنية المشتركة وعلى رأسها حركة «فتح» من جهة؛ ومجموعتي «بلال بدر» و«بلال العرقوب» المتشددتين من جهة أخرى، ما أدّى لمقتل 6 أشخاص وجرح العشرات. إلا أنه ورغم مرور أكثر من 24 ساعة على وقف إطلاق النار وانتشار القوة الأمنية في معظم مواقع الاشتباك، فإن لاجئي المخيم لا يبدون مطمئنين إلى التسوية التي أنهت الجولة الأخيرة من القتال، وهم يتوقعون تجدد المعارك في أي لحظة ما دام لم يتم التوصل لحل جذري للجماعات المتطرفة، خصوصا لظاهرة «البلالين».
وقالت مصادر ميدانية داخل المخيم لـ«الشرق الأوسط»، إن «سكان الأحياء التي شهدت اشتباكات نزلوا (أمس) لتفقد منازلهم ومحلاتهم التجارية التي لحقت بها أضرار بالغة، لكنّهم بلّغوا من قبل قوات الأمن الوطني بوجوب توخي الحيطة والحذر نظرا لوجود قنابل ومتفجرات من مخلفات المعركة»، لافتة إلى أن «القوة الأمنية المشتركة انتشرت على طول الشارع الفوقاني وصولا إلى أطراف حي الرأس الأحمر، كما تمركزت إلى جانب قوات الأمن الوطني بمواقعها داخل حي الطيرة بعد السيطرة الكاملة عليه ودحر المتطرفين منه».
وفي حين أفيد عن تأجيل القيادة السياسية الفلسطينية اجتماعا كان من المفترض أن يُعقد طوال أمس لبحث استكمال انتشار القوة الأمنية وتحديد مهامها بعد تثبيت وقف إطلاق النار، قالت: «الوكالة الوطنية للإعلام» إن هدوءا خيّم ليل الأربعاء - الخميس على المخيم بعد نجاح القيادة السياسية الفلسطينية في تثبيت وقف إطلاق النار وانتشار القوة المشتركة، لافتة إلى أنه يشهد حركة طبيعية بحيث يقوم الأهالي بتفقد ممتلكاتهم.
وتناقل ناشطون داخل «عين الحلوة» بياناً ذيّل باسم «بلال بدر» المطلوب بتهمة الإرهاب للدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية أعلن فيه الانسحاب من حي الطيرة، لافتا إلى أن الحي «دمّر كمخيم جنين بطريقة وحشية، وهجر أهله منه». وأضاف البيان: «من أجل عدم تكرار هذه المأساة في حي الرأس الأحمر أو غيره من أحياء المخيم، وحفاظاً على الأرواح ونحن في الأشهر الحرم التي كان أهل الجاهلية يقدرونها، وعلى أعتاب عيد الأضحى، قررت أن أترك حي الطيرة ليس خوفاً من أحد ولكن لأن الأمر دين وفيه مفسدة (عن) الناس».
وأوضح مصدر في حركة «فتح» أن «المجموعات المتطرفة وبعد طردها من الطيرة باتت تتمركز بشكل رئيسي في حيي الرأس الأحمر والصفصاف كما في حي المنشية»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحل الذي أنهى الجولة الأخيرة من المعارك يؤسس لجولات جديدة نتوقع أن تكون أعنف باعتبار أن الإرهابيين أنهكوا في المواجهات الأخيرة، ونخشى أن يكونوا في هذه المرحلة يستجمعون قواهم ليتحينوا أي فرصة مقبلة لإعادة السيطرة على مناطق خسروها». وأضاف: «نحن اليوم في هدنة، ولا يمكن الحديث عن استقرار الوضع في المخيم».
وفي حين تُحمّل «فتح» القوى الإسلامية المعتدلة في المخيم وأبرزها حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الحركة المجاهدة» و«عصبة الأنصار»، مسؤولية عدم دعمها في معركتها لحسم موضوع المجموعات المتطرفة نهائيا بإطار «الحل العسكري» والضغط لوقف المواجهات بما فيه مصلحة هذه المجموعات، تتحدث القوى السابق ذكرها عن «فشل (فتح) للمرة الثانية على التوالي في حسم المعركة نتيجة تفردها بالقرار واللجوء لعمل عسكري بدل العمل الأمني المحترف».
وفي إطار مواكبة التطورات في «عين الحلوة»، أعلن الأمين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد أنّه بحث مع عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» والمشرف العام على الساحة اللبنانية عزام الأحمد الأحداث الأخيرة التي شهدها المخيم، وأكد على «أهمية المعالجة الجذرية والشاملة لأوضاع المخيم». وجرى التشديد، بحسب المكتب الإعلامي لسعد، على «أهمية الموقف الموحد للفصائل الفلسطينية بعيدا من كل الحسابات الضيقة والخلافات الفئوية، من أجل وضع حد للجماعات الإرهابية وممارساتها التخريبية والتدميرية والتي تؤثر على المخيم ومحيطه».
ولفت أمس إقدام «م.أ»، وهو أحد أبرز المطلوبين داخل «عين الحلوة» ومنتمٍ لتنظيم داعش، على تسليم نفسه إلى شعبة معلومات الأمن العام في الجنوب عبر حاجز درب السيم، بعد التنسيق مع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب.
«عين الحلوة» يلملم آثار المعارك ويستعد لجولات جديدة
«عين الحلوة» يلملم آثار المعارك ويستعد لجولات جديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة