الأطفال والمراهقون... وتشخيص الفصام

على الآباء رصد مؤشرات العدوانية في السلوك وخلط الأحلام بالواقع والأفكار الغريبة

الأطفال والمراهقون... وتشخيص الفصام
TT

الأطفال والمراهقون... وتشخيص الفصام

الأطفال والمراهقون... وتشخيص الفصام

على الرغم من ندرة حدوث الفصام (الشيزوفرينيا Schizophrenia) بشكل عام، سواء لدى البالغين أو الأطفال، فإنه من الأمراض النفسية الحادة التي تؤثر على تفكير الشخص وعواطفه وشخصيته. وقد يكون التشخيص في الأطفال أكثر صعوبة من البالغين، وذلك لطبيعة الطفل الخاصة التي تجعله يدمج الواقع بالخيال. وكلما كان التشخيص مبكراً، بدا العلاج مبكراً، مما يساعد في تحسن الحالة؛ ولا يوجد علاج شافٍ من الفصام.
ويجب الوضع في الحسبان أن لفظ «الفصام» ربما لا يكون دقيقاً في وصف الحالة المرضية على وجه التحديد، خصوصاً أن المؤلفات الأدبية والأفلام السينمائية لعبت دوراً كبيراً في ترسيخ الاعتقاد أن الفصام يعني مجرد شخص لديه شخصيتان عكس الأخرى تماماً. والحقيقة أن الفصام ليس بالضرورة تلك التركيبة النفسية، بل وربما لا يوجد ذلك الشكل المتعارف عليه على الإطلاق.
الأعراض والتشخيص
يعتمد التشخيص بشكل أساسي على الأعراض الإكلينيكية التي تظهر على الطفل، وتستمر لمدة شهر أو أكثر، ومنها الهلاوس hallucinations، سواء سمعية أو بصرية، وأيضاً التفكير الوهمي والمشوش، والحديث غير المنتظم، والسلوك غير المنضبط، وأيضاً يعاني الطفل من السلبية. وكما هو واضح من الأعراض، فإن كثيراً من الأطفال الطبيعيين يمكن أن يعانوا من عرض أو أكثر من هذه الأعراض لفترة معينة، وربما كان ذلك هو سبب صعوبة التشخيص في الأطفال عنه في البالغين. ولذلك، يجب أن تكون هناك استمرارية في الأعراض لفترات طويلة، كما يجب ألا توجد أية مشكلات عضوية أو نفسية أثرت على سلوك الطفل.
كما أن معامل الذكاء IQ يجب أن يزيد على 70، للتأكد من أن الطفل لا يعانى من تراجع عقلي سبب له تلك الأعراض. وبعض هذه الأعراض يستمر للأبد، وبعضها يمكن أن يتحسن ويختفي ويعاود الظهور مرة أخرى. وهناك بعض العلامات التي يجب أن تلفت نظر الآباء إلى احتمالية أن يعانى الابن من ذلك، مثل تأخر علامات النمو العضوي: الزحف والمشي والكلام.
وفي حالة اكتشاف المرض في فترة المراهقة، تأخذ الأعراض الشكل النفسي، الذي يكون أكثر ظهوراً من الخلل العقلي، مثل غياب الحافز، وصعوبات في النوم، والانسحاب من أوساط الأصدقاء والعائلة، وبداية تجربة تعاطي المواد المخدرة، وسوء الأداء الدراسي، والقلق والتوتر والاكتئاب، والسلوك الغريب. وبطبيعة الحال، لا تقل صعوبة التشخيص في هذه المرحلة عنها في الأطفال، إذ إن أغلب المراهقين يمرون بمثل هذه الأعراض لفترة من فترات مراهقتهم، دون أن يكونوا مصابين بأي خلل نفسي أو عقلي، ولذلك يحتاج التشخيص إلى خبرة طويلة في الأمراض النفسية والتعامل معها حتى يمكن الحكم بوجود المرض من عدمه.
مع الوقت، يحدث تطور في الأعراض للأسوأ، وتزداد الهلاوس السمعية والبصرية، ويمكن للشخص أن يتخيل أشخاصاً آخرين. وبالنسبة للأطفال، تكون الهلاوس السمعية أكثر حدوثاً، كما تزداد حدة التفكير الوهمي، سواء بالإيجاب أو بالسلب، بمعنى أن الطفل يمكن أن يشعر بأنه أصبح محبوباً من جميع أقرانه، ويتمتع بشعبية كبيرة وسطهم، أو العكس، فيبدأ في المعاناة من الشعور بالكراهية والرفض والإحساس العام بالاضطهاد. ومع الوقت، تزداد حدة الأعراض والهلاوس والتفكير الوهمي، ويكون الطفل في معزل شبة تام عن العالم من حوله، وقد يتطلب الأمر حجزه في المستشفى، خصوصاً إذا بدأ في الحديث عن الانتحار، حتى ولو بشكل عارض.
رصد التصرفات
يجب أن يضع الآباء في الحسبان بعض التصرفات التي قد تكون مؤشراً على الفصام، مثل العدوانية غير المبررة في سلوك الطفل، أو الكلام والأفكار الغريبة التي لا تمت لبيئة الطفل الطبيعية، ولا يشاهد مثلها في التلفاز أو الكومبيوتر (مثل حديث الطفل باستمرار عن رؤيته لشخصية أو شخصيات معينة، والتعامل معهم كما لو كانوا موجودين بالفعل). كما يجب أن يلاحظ الآباء التأخر في النمو العضوي للطفل عن أقرانه، وتعلم المهارات المختلفة، وعدم الإقبال على المناسبات الاجتماعية بشكل ملحوظ، وخلط الأحلام بالواقع، وعدم التمييز بينهم، وأيضاً تراجع الأداء الأكاديمي في المدرسة، وعدم التفاعل العاطفي، بمعنى أن الطفل لا يظهر الحزن على فقدانه أحد الحيوانات الأليفة بالمنزل، أو حين وفاة شخص عزيز لديه، وأيضاً عدم إظهار الفرح بالأشياء التي يفضلها، مثل الذهاب لمشاهدة فريقه المفضل، أو الحلوى المفضلة لديه.
ويجب أن تتم مناظرة الحالة من اختصاصي الأعصاب والطبيب النفسي للتأكد من عدم وجود سبب عضوي مسبب لهذه الأعراض، مثل وجود ورم في المخ، من خلال عمل أشعة مقطعية أو أشعة رنين مغناطيسي، كما يجب التأكد من أن هذه الأعراض ليست نتيجة لتناول عقار نفسي، أو حبوب مخدرة، أو إدمان مواد معينة، مثل الكحوليات أو بعض أنواع المخدرات، وأيضاً يتم استخدام دليل لتشخيص المرض العقلي من قبل الأطباء النفسيين للتأكد من الإصابة بالمرض Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders لمدة طويلة، إذ إن هذه الأعراض يمكن أن تختلط مع بعض الأمراض الأخرى.
ويمكن للعلاج الذي يستمر مدى الحياة أن يحسن من حدة الأعراض، ويمنع تدهور الحالة بشكل سريع، خصوصاً إذا بدأ في عمر مبكر. ويجب أن يستمر العلاج حتى في أوقات التحسن remission، ويكون العلاج عبارة عن أدوية أو علاج سلوكي، لتدريب الطفل على مهارات التعامل الاجتماعي مع الآخرين، وأيضاً لا بد من الجلسات النفسية. وفى حالة حدوث انتكاسات، أو تدهور للأعراض، يجب أن يتم الحجز بالمستشفى.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
TT

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لأول مرة في المملكة المتحدة، صُمّم جهاز طبي مبتكَر يُعرَف باسم «Genio» يهدف إلى تحفيز الأعصاب في اللسان لتحسين التنفس أثناء النوم، ما يُعدّ إنجازاً طبياً بارزاً لمرضى انقطاع التنفس أثناء النوم، الذي يؤثر على نحو 8 ملايين شخص في البلاد، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

الجهاز، الذي طوّرته شركة «Nyxoah»، يُدار بالكامل عبر تطبيق على الهاتف الذكي، ويُعدّ خياراً حديثاً للمصابين بانقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم، وهو النوع الأكثر شيوعاً من الاضطراب، حيث يتسبب استرخاء جدران الحلق في انسداد مجرى الهواء، ما يؤدي إلى أعراض مثل الشخير العالي، وأصوات الاختناق، والاستيقاظ المتكرر.

وفي عملية استغرقت ثلاث ساعات بمستشفيات كلية لندن الجامعية (UCLH)، قام الأطباء بتركيب الجهاز للمريضة ناتالي بولر (63 عاماً) التي وُصفت تجربتها بأنها تحسن ملحوظ خلال أيام قليلة، مضيفة أنها تتطلع إلى استعادة نشاطها اليومي بعد سنوات من الإرهاق المزمن.

* تقنية متقدمة لعلاج مريح وفعال

يعمل جهاز «Genio» من خلال تحفيز العصب تحت اللسان، المسؤول عن تحريك عضلات اللسان، لمنع انسداد مجرى الهواء أثناء النوم. يجري التحكم في الجهاز بواسطة شريحة تُلصق أسفل الذقن قبل النوم، وتُزال في النهار لإعادة الشحن.

وعبر تطبيق الهاتف الذكي، يمكن للمرضى ضبط مستويات التحفيز، ومتابعة بيانات نومهم، مما يتيح لهم تجربة علاج شخصية ومتكاملة.

الجهاز يُعدّ بديلاً لأجهزة ضغط الهواء الإيجابي المستمر (Cpap)، التي تُعدّ العلاج الأول لانقطاع التنفس أثناء النوم، لكنها غالباً ما تُواجَه بالرفض من المرضى بسبب عدم الراحة المرتبطة باستخدام الأقنعة.