الوراثة السياسية العائلية في آسيا

عزل نواز الشريف فرصة لصعود نسائي آخر للسلطة في باكستان

ماريام ابنة نواز شريف تقلدت عدداً من المناصب السياسية الرفيعة بتكليف من والدها مما زاد من شعبيتها ونفوذها بسرعة في باكستان (إ.ب.أ)
ماريام ابنة نواز شريف تقلدت عدداً من المناصب السياسية الرفيعة بتكليف من والدها مما زاد من شعبيتها ونفوذها بسرعة في باكستان (إ.ب.أ)
TT

الوراثة السياسية العائلية في آسيا

ماريام ابنة نواز شريف تقلدت عدداً من المناصب السياسية الرفيعة بتكليف من والدها مما زاد من شعبيتها ونفوذها بسرعة في باكستان (إ.ب.أ)
ماريام ابنة نواز شريف تقلدت عدداً من المناصب السياسية الرفيعة بتكليف من والدها مما زاد من شعبيتها ونفوذها بسرعة في باكستان (إ.ب.أ)

مع عزل رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف من منصبة، ومنعه من خوض الانتخابات المقبلة، بسبب مزاعم ابتزاز واستغلال منصبه، من المتوقع أن تتولى زوجته بيغوم كلثوم نواز، وابنتهم ماريام نواز، شؤون الحزب الحاكم.
فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، تقلدت ماريام عدداً من المناصب السياسية الرفيعة، بتكليف من والدها نواز شريف، مما زاد من شعبيتها ونفوذها بسرعة كبيرة في باكستان، وداخل حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية» الحاكم. وتقول التقارير الإعلامية إنها قد تخوض الانتخابات الفرعية من خلال المقعد الذي خلفه والدها.
لكن هذا الوضع ليس بالجديد على التاريخ السياسي لقارة آسيا، حيث سبق أن حملت النساء صولجان السياسة عقب خروج الرجال من العائلة نفسها من المشهد السياسي. فلطالما كانت الأسر الحاكمة سمة مميزة للسياسة في آسيا، وكثيراً ما ورثت البنات والزوجات تركات العائلات السياسية الكبيرة. وبلغ عدد النساء اللاتي ورثن مناصب قيادية في تلك القارة نحو العشر، فكان منهن البنت والزوجة والأرملة، ومنهن من قدن حركات المعارضة الديمقراطية بمختلف أرجاء القارة قبل أن يتقلدن السلطة، وبعضهن تولين الرئاسة في دول ذات أغلبية مسلمة.
وعلق الكاتب السياسي أندر مهوترا على ذلك بقوله: «إن جميع النساء اللاتي حكمن البلاد فعلن ذلك مستفيدين من أسماء أبائهن أو أزواجهن. وفي السباقات الجارية حالياً، فإن ماريام، ابنة رئيس الوزراء الباكستاني المعزول، تستعد حالياً لدخول المعترك السياسي خلفاً لوالدها المعزول. وفيما يخص زرداري، أرمل بي نظير بوتو، فهو الآخر يعد ابنتهما بختوار للدخول في حقل السياسة، مما يعنى أن طابوراً طويلاً من الساسة النساء يجرى إعدادهن لحمل لواء عائلاتهن الحاكمة في المعترك السياسي بالمنطقة».
وتعتبر السريلانكية سيرمافو بندرنايك أول سيدة في العالم الحديث ترأس حكومة بلادها، وكان ذلك عندما عينت رئيسة للوزراء عام 1960، عقب اغتيال زوجها سولومون بندرنايك خلال فترة توليه المنصب عام 1959. بعد ذلك، تولت سيدات مقاليد الحكم في الهند وباكستان وبنغلاديش والفلبين وميانمار وكوريا الجنوبية وإندونيسيا، والأغرب كان تولي ابنة بندرنايك شاندريك كومارتونغا رئاسة الوزراء في سيريلانكما، خلفاً لوالدتها التي خلفت زوجها هي الأخرى.

لكن لماذا النساء؟
لماذا جاء بروز النساء في العائلات الحاكمة من قارة آسيا، تحديداً جنوب آسيا الأكثر إيماناً بالقيم الأبوية؟ فرغم أن النساء قد لعبن أدواراً سياسية هامة في مرحلة ما بعد الاستعمار، وخلال فترات النضال من أجل الاستقلال، فإن أدوارهن السياسية تراجعت لاحقاً بدرجة كبيرة.
ومع ما شهدته كثير من الدول، مثل الهند وباكستان وميانمار وبنغلاديش، من بروز لبعض العائلات السياسية، فقد كانت النساء الأكثر استفادة من صعود عائلاتهن للمعترك السياسي، وكن غالبا يلقبن بـ«الأخت» أو «العمة» أو «الأم».
بيد أن «اختيار سيدة لخلافة المنصب كان له ميزته الخاصة، حيث غالبا ما يكون لتلك السيدة (كاريزمتها التي ورثتها» عن عائلتها، فيما يكون الحكم على الرجل الذي تولى منصباً بالخلافة من خلال سماته الخاصة، حيث يصعب الجزم بامتلاكه لسمات الأب أو الأخ نفسها. على الجانب الآخر، فإن الأرملة أو الزوجة أو الابنة غالباً ما ينظر إليها باعتبارها نموذجاً يحاكي كاريزما زوجها أو أبيها.
ويقول تقرير ألماني حمل عنوان «الأسر الحاكمة والقيادة النسائية في آسيا»، الذي أعد لمؤسسة العلوم الألمانية، إنه «ما من شك في أن ظهور القادة السيدات يعود إلى انتمائهن إلى عائلات كبيرة، فهن إما بنات أو زوجات أو أرامل لرؤساء حكومات أو كبار رموز معارضة سابقين».

الاستفادة من اسم العائلة
لجأ كثير من النساء اللاتي ورثن السياسة عن رجال العائلة إلى استخدام اسم عائلاتهن لمنفعتهن السياسية. وذات مرة، صرحت كورازون أكينو، التي تولت رئاسة الفلبين عقب اغتيال زوجها زعيم المعارضة بنين أكينو، عام 1986، بقولها: «أدرك حدودي، ولا أحب السياسة. فقد دخلت هذا المعترك بسبب زوجي فقط».
ولا يختلف الحال كثيراً بالنسبة لإيطالية المولد سونيا غاندي، سليلة عائلة نهرو غاندي السياسية الشهيرة، التي أصبحت رئيسة البرلمان عام 1998، قبل أن تقود حزبها للفوز في الانتخابات عام 2004، ثم عام 2009، عقب اغتيال زوجها رئيس الوزراء راجيف غاندي على يد متمردي التاميل.
كانت والدة زوجها أنديرا غاندي ثالث رئيسة للوزراء، وأول سيدة ترأس الهند. وكان الأب الروحي للهند، جواهر لال نهرو، أول رئيس للوزراء. وشأن كثير من نظيراتها من القادة النساء، حافظت سونيا على التقليد العائلي بوارثتها للمنصب. واغتيلت أنديرا غاندي على يد حراسها، ليخلفها ابنها راجيف غاندي رئيساً للوزراء.
وكابنة لرئيسي وزراء سابقين بسريلانكا، فقد خطت شاندريكا كماراتونغا أول خطواتها في السياسة في سن مبكرة؛ لم تكن قد تخطت الرابعة عشرة من عمرها عندما اغتيل والدها، ولذلك قفزت والدتها إلى رئاسة الحزب، لتصبح أول رئيسة للوزراء في العالم.
وفي عام 1988، قام ماركسي باغتيال فيجايا، زوج شاندريكا كماراتونغا الذي كان ممثلاً سينمائياً وسياسياً معروفاً. وتسببت الحادثة في رحيل الأرملة شاندريكا عن سريلانكا لبعض الوقت، لتعمل لدى بعثة الأمم المتحدة في نيويورك، لكنها عادت إلى بلادها عام 1991 لتصبح رئيسة لسريلانكا من عام 1994 - 2005.
وشغلت خالدة زيا، أرملة القائد العسكري زيوار رحمن الذي تعرض للاغتيال، منصب رئيسة الوزراء في بنغلاديش، خلال الفترة من 1991 - 1996، ثم من 2001 - 2006، وكانت أول سيدة تتقلد منصب رئيس الوزراء في بنغلاديش.

اليتم
الجدير بالذكر أن السبب في دخول الباكستانية بي نظير بوتو، والبنغالية الشيخة حسينة، والبورمية آنغ سان سو كي، المعترك السياسي لم يكن الترمل، بل اليتم. فوالد بي نظير، رئيس الوزراء الباكستاني ذو الفقار على بوتو، أعدم بحكم قضائي صدر عن الحاكم العسكري، فيما تعرض والد حسينة، الشيخ مجبور رحمن، للاغتيال مع أحد أفراد عائلته عقب انقلاب عسكري، وكذلك الحال بالنسبة لسو كي، ابنة زعيم استقلال البلاد أونغ الذي اغتيل عام 1947.
وتشغل الشيخة حسينة حالياً منصب رئيسة وزراء بنغلاديش في فترتها الثانية، وكانت قد أمضت فترة كاملة بين عامي 1996 - 2001، وكان ذلك عقب زواجها. وكانت بي نظير بوتو، أول رئيسة وزراء باكستانية، قد تزوجت من أصف زرادي خلال فترة عملها السياسي. وتولت بوتو رئاسة الوزراء في بلادها مرتين، قبل أن ينتهي عملها السياسي الصاخب باغتيالها عام 2007، لكنها كانت أول سيدة تحتل هذا المنصب في بلادها.
وتعد البورمية أونغ سان سو كي، ابنة الزعيم الثوري البارز أونغ سان، ضمن أشهر بنات كبار الساسة في العالم، حيث ينظر لها باعتبارها قائدة لشعبها. فبعد سنوات من وضعها قيد الإقامة الجبرية لسنوات من قبل ما يعرف بلجنة السياسة ببلادها، أصبحت أونغ عضواً بالبرلمان. وكذلك الحال بالنسبة لبارك جين التي حكمت كوريا الجنوبية، فهي ابنة بارك تشونغ الذي كان ثالث رئيس للبلاد وديكتاتوراً عسكرياً في حقبة الستينات والسبعينات، قبل أن يتعرض للاغتيال أيضاً.



أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)

قال 4 أشخاص مطلعين، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأوكرانيا تخططان لتوقيع صفقة المعادن التي نوقشت كثيراً بعد اجتماع كارثي في ​​المكتب البيضاوي، يوم الجمعة، الذي تم فيه طرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من المبنى.

وقال 3 من المصادر إن ترمب أبلغ مستشاريه بأنه يريد الإعلان عن الاتفاق في خطابه أمام الكونغرس، مساء الثلاثاء، محذرين من أن الصفقة لم يتم توقيعها بعد، وأن الوضع قد يتغير.

تم تعليق الصفقة يوم الجمعة، بعد اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن رحيل الزعيم الأوكراني السريع من البيت الأبيض. وكان زيلينسكي قد سافر إلى واشنطن لتوقيع الصفقة.

في ذلك الاجتماع، وبّخ ترمب ونائب الرئيس جي دي فانس زيلينسكي، وقالا له إن عليه أن يشكر الولايات المتحدة على دعمها بدلاً من طلب مساعدات إضافية أمام وسائل الإعلام الأميركية.

وقال ترمب: «أنت تغامر بنشوب حرب عالمية ثالثة».

وتحدث مسؤولون أميركيون في الأيام الأخيرة إلى مسؤولين في كييف بشأن توقيع صفقة المعادن على الرغم من الخلاف الذي حدث يوم الجمعة، وحثوا مستشاري زيلينسكي على إقناع الرئيس الأوكراني بالاعتذار علناً لترمب، وفقاً لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر.

يوم الثلاثاء، نشر زيلينسكي، على موقع «إكس»، أن أوكرانيا مستعدة لتوقيع الصفقة، ووصف اجتماع المكتب البيضاوي بأنه «مؤسف».

وقال زيلينسكي، في منشوره: «اجتماعنا في واشنطن، في البيت الأبيض، يوم الجمعة، لم يسر بالطريقة التي كان من المفترض أن يكون عليها. أوكرانيا مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن لإحلال السلام الدائم».

ولم يتضح ما إذا كانت الصفقة قد تغيرت. ولم يتضمن الاتفاق، الذي كان من المقرر توقيعه الأسبوع الماضي، أي ضمانات أمنية صريحة لأوكرانيا، لكنه أعطى الولايات المتحدة حقّ الوصول إلى عائدات الموارد الطبيعية في أوكرانيا. كما نصّ الاتفاق على مساهمة الحكومة الأوكرانية بنسبة 50 في المائة من تحويل أي موارد طبيعية مملوكة للدولة إلى صندوق استثماري لإعادة الإعمار تديره الولايات المتحدة وأوكرانيا.

يوم الاثنين، أشار ترمب إلى أن إدارته لا تزال منفتحة على توقيع الاتفاق، وقال للصحافيين إن أوكرانيا «يجب أن تكون أكثر امتناناً».

وأضاف: «وقف هذا البلد (الولايات المتحدة) إلى جانبهم في السراء والضراء... قدمنا لهم أكثر بكثير مما قدمته أوروبا لهم، وكان يجب على أوروبا أن تقدم لهم أكثر مما قدمنا».