تساؤلات أميركية حول خطة إسرائيل لما بعد الاجتياح البري لقطاع غزة

خبراء يحذرون من اجتياح بري يعرقل إنقاذ الرهائن لدى حماس

جانب من حشود الجيش الإسرائيلي جنوبي مدينة أشكيلون بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)
جانب من حشود الجيش الإسرائيلي جنوبي مدينة أشكيلون بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

تساؤلات أميركية حول خطة إسرائيل لما بعد الاجتياح البري لقطاع غزة

جانب من حشود الجيش الإسرائيلي جنوبي مدينة أشكيلون بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)
جانب من حشود الجيش الإسرائيلي جنوبي مدينة أشكيلون بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في محادثته مساء السبت الماضي مع الرئيس الاميركي جو بايدن، إن إسرائيل ليس لديها خيار سوى تنفيذ خطة اجتياح غزة.

ورغم الدعم الأميركي الصارم لإسرائيل، والذي كرره الرئيس بايدن في عدة مناسبات، فإن الإدارة الأميركية تشعر بالقلق إزاء التداعيات المحتملة للغزو البري الوشيك لقطاع غزة، وحجم الخسائر المدنية المحتملة، خصوصا وأن ثمة تساؤلات أميركية حول خطة إسرائيل لما بعد الغزو البري. وتتخوف واشنطن من توسع نطاق الحرب مع تهديدات "حزب الله" اللبناني الذي يضع إصبعه على الزناد ليطلق النار إذا لم توقف إسرائيل هجماتها ضد غزة.

وتحشد إسرائيل قواتها لشن العملية البرية التي قد تبدأ خلال ساعات. ولم يعلن الجيش الإسرائيلي رسميا نيته غزو غزة، لكنه أكد القيام باستعدادات موسعة لحرب برية، ووضع مئات الآلاف من عناصر وحدات الاحتياط في محيط غزة، كما نقلت شبكة "سي أن أن" الأميركية عن مصادر بالجيش الإسرائيلي عن بدء عمليات عسكرية كبيرة بمجرد التأكد من مغادرة المدنيين.

وأشار وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت في محادثاته مع نظيره الأميركي أوستن لويد، إلى أن لديه خطة حول كيفية الدخول إلى غزة بأقل عدد ممكن من الضحايا، وأن القوات الإسرائيلية استفادت وتعلمت الدرس من الغزو البري السابق في عام 2014 معترفا أنها ستكون حرب عصابات ضد الجيش النظامي الإسرائيلي.

كيف ستنفذ إسرائيل الغزو البري؟

وأقر مسؤولون عسكريون إسرائيليون لصحيفة "نيويورك تايمز" أن الاجتياح البري لقطاع غزة سيعتمد على قوة المشاة، والدبابات التي تشكل القوة الضاربة الإسرائيلية إضافة إلى قوات الكوماندوز وخبراء المتفجرات. وأوضح المسؤولون أنه سيتم حماية القوات البرية بغطاء من الطائرات والمروحيات الحربية والمسيرات والمدفعية التي يتم إطلاقها من البر والبحر. ووفقا لبعض التقارير تخطط إسرائيل لاستخدام القنابل المعروفة باسم "بانكر باسترز" التي تهدف إلى تدمير أهداف محصنة تحت الأرض، وهي قنابل تخترق الأرض عند سقوطها وتستهدف ضرب التحصينات والأنفاق.

وقد أعلن الجيش الاسرائيل أن هدفه هو القضاء على القيادات السياسية والعسكرية لحركة حماس التي نفذت الهجوم المفاجئ السبت الماضي. وقال دانيال هاغاري المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي يوم السبت إن قادة حماس سيتحملون المسؤولية عن الفظائع التي ارتكبت ضد الإسرائيليين، والهدف هو هزيمة حماس والقضاء على قادتها.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن نمرود نوفيك، الدبلوماسي الإسرائيلي والمستشار الأمني للحكومة الإسرائيلية، قوله إن القادة العسكريين يريدون أن يقوم الجنود الإسرائيليون بعمليات اعتقال من منزل إلى منزل لمدة 18 شهرا، وتشمل إزالة منصات إطلاق الصواريخ وتدمير الأنفاق وكل ما تمتلكه حماس من معدات عسكرية. ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم يخططون لأشهر من القتال داخل قطاع غزة سواء فوق الأرض أو في الأنفاق التي أقامتها حماس.

تهديدات إيران و"حزب الله"

ونقل موقع إكسيوس تهديدات "حزب الله" المدعومة من إيران والمتحالفة مع حماس بفتح جبهة ثانية مع إسرائيل عند الحدود اللبنانية. ونقل الموقع عن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان تصريحاته بأن إيران ستتدخل إذا استمرت إسرائيل في هجماتها ضد غزة. وقال عبداللهيان للصحفيين في بيروت، إنه على علم بالسيناريوهات التي وضعها "حزب الله" والتي وصفها بأنها ستحدث زلزالا كبيرا في الكيان الصهيوني. ويملك "حزب الله" مجموعة واسعة من عشرات الآف الصواريخ دقيقة التوجيه والقوات البرية.

تدمير حماس أم إنقاذ الرهائن

لكن الخبراء والمحللين يقولون إن أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي خيارا مستحيلا: إما تدمير حماس أو إنقاذ الرهائن، ولا يمكن القيام بالأمرين معا. وحذر الخبراء من أن تقدم "كتائب القسام" (الجناح العسكري لحركة حماس) على قتل الرهائن الذين تحتجزهم، أو استخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية في مواجهة الغزو الإسرائيلي للقطاع، ما سيؤدي إلى خسائر بشرية فادحة، وستشكل معضلة أخلاقية وعملياتية لإسرائيل، كما ستدفع المجتمع الدولي لممارسة ضغوط على تل أبيب لوقف نزيف الدم ووقف قتل المدنيين الأبرياء.

وأبدى خبراء مخاوفهم من تداعيات أي اجتياح بري للقوات الإسرائيلية لقطاع غزة، والمخاطرة بحياة الرهائن الذين تحتجزهم حماس إضافة إلى تعقيدات المعركة. وبافتراض سيطرة الجيش الإسرائيلي على غزة، فان إدارة القطاع بعد حماس محفوف بمخاطر كبيرة لكي تعيد إسرائيل سيطرتها على المنطقة كما فعلت من عام 1967 إلى عام 2005.

وتقول كوري شاك، مديرة دراسات السياسة الخارجية بمعهد أميركان انتربرايز، إن مخاوف الإدارة الأميركية من قيام إسرائيل بحملة عقاب جماعي تسفر عن خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، ستكون المشكلة التي ستلوح في الأفق مع تقدم العمليات الإسرائيلية لتدمير حماس، وأضافت "رغم هذه المخاوف فإن الولايات المتحدة لن تقدم على وضع أي قيود على دعمها المادي والعسكري لإسرائيل نظرا للطبيعة المروعة لهجوم حماس".

حرب عصابات معقدة

ويقول كولن كلارك المتخصص في قضايا الأمن والإرهاب في "مجموعة صوفان"، وهو مركز بحثي مستقل، إن الاجتياح البري وغزو قطاع غزة سيكون صعبا للغاية حيث سيكون أشبه بحرب شوارع أو حرب عصابات وهو أكثر أنواع المعارك تحديا للجيوش النظامية، وسيكون على القوات الإسرائيلية مواجهة تحديات كثيرة من بينها الأنفاق المفخخة، إذا شنت عملية برية في غزة خصوصا وأن حماس أمضت سنوات في بناء شبكة واسعة من الأنفاق تحت الأرض في غزة، وتستخدمها لتخزين ونقل الأسلحة وتنفيذ عمليات ضد إسرائيل ثم الاختباء من الضربات الجوية الإسرائيلية.

ويقول كلارك إن "تعامل القوات الإسرائيلية مع شبكة أنفاق حماس سيجعل العملية معقدة، لأن حماس ستكون قد استعدت للهجوم البري الإسرائيلي وستقوم بتفخيخ الأنفاق، وأضاف "سيتطلب الأمر معلومات استخباراتية واسعة النطاق حول هذه الأنفاق والمشكلة الأكبر سيكون حول أوضاع الرهائن الذين هددت حماس بذبحهم ولذا سيصبح الأمر خطرا للغاية.

استعادة الرهائن

وتقول التقارير إن حماس تحتجز أكثر من 150 شخصا بينهم نساء وأطفال ورعايا أجانب، ومن أجل استعادة الرهائن يقول جون ماكلولين، نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق وأستاذ الدراسات الدولية لدى جامعة جونز هوبكنز، إن هناك خيارين لتحرير الرهائن، الأول هو اللجوء إلى قوات العمليات الخاصة الأميركية؛ لكن كثافة السكان في قطاع غزة في خضم عملية عسكرية عنيفة ستجعل مهمة تحرير الرهائن شبه مستحيلة وأكثر تعقيدا من أي عمليات أخرى جرت لإنقاذ الرهائن، خصوصا وأن حماس يمكنها احتجاز الأسرى في أماكن متعددة ما يجعل جهود الإنقاذ أكثر صعوبة.

وأضاف ماكلولين أن قيام إسرائيل بالقصف المستمر للقطاع قد يعني وجود رهائن بين القتلى نتيجة الغارات الجوية. وبافتراض قيام مسؤولو الاستخبارات بفحص صور الأقمار الصناعية للمنطقة بحثا على علامات للحركة فان حماس بإمكانها استخدام الأنفاق لإخفاء الرهائن، وبالتإلى سيتطلب الأمر استخدام تقنيات أخرى لرسم خريطة للمناطق التي يمكن احتجاز الأسرى فيها، لكنها عملية ستكون بطيئة. وقال "استغرق الأمر سنوات من الاستخبارات الأميركية لمعرفة مكان شخص واحد فقط هو أسامة بن لادن". وشدد على أن الخيار الثاني لتأمين تحرير الرهائن هو الجهود الدبلوماسية، لكن في ظل الوضع الحالي ستتمسك حماس بالرهائن كأدوات للمساومة وإثارة الرعب أو لاستخدامهم كدروع بشرية.

وأشار غيرشون باسكن، مدير سابق لمركز إسرائيل فلسطين للأبحاث وهو مركز أبحاث عمل كوسيط في المفاوضات للإفراج عن الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط، أن على إسرائيل عقد صفقات للإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس، واقترح أن تعلن أن أي مواطن من غزة يقوم بإحضار رهائن إلى الحدود سيتم منحه العفو والمرور إلى الضفة الغربية. واقترح باسكن أن تقوم دول مثل مصر وقطر وتركيا بجهود للضغط على حماس لدفعها إلى إطلاق سراح الرهائن وأن تقوم قطر بطرد قادة حماس من الدوحة إذا لم يستجيبوا لنداءات إطلاق سراح الرهائن.


مقالات ذات صلة

وزير خارجية مصر يعلن التوافق على أسماء قادة اللجنة المسؤولة عن إدارة غزة لمدة 6 أشهر

العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (رويترز)

وزير خارجية مصر يعلن التوافق على أسماء قادة اللجنة المسؤولة عن إدارة غزة لمدة 6 أشهر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الثلاثاء، إن الشخصيات التي سترأس اللجنة المعنية بإدارة قطاع غزة لمدة ستة أشهر جرى «التوافق» عليها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي قادة الدول العربية خلال القمة العربية الطارئة حول غزة، القاهرة 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

«حماس» ترحب باعتماد القمة العربية خطة إعادة إعمار غزة

رحبت حركة «حماس» بانعقاد القمة العربية الطارئة في القاهرة، الثلاثاء، وقالت إنه يدشن مرحلة متقدمة من الاصطفاف العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية العادلة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)

تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

توصَّلت تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي إلى أن هجوم 7 أكتوبر كان يمكن تجنّبه لو تعامل الجهاز بطريقة أفضل مع التهديدات.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج الأمير محمد بن سلمان يتحدث خلال القمة العربية والإسلامية في الرياض نوفمبر 2024 (واس) play-circle

مواقف سعودية راسخة لدعم القضية الفلسطينية

تواصل السعودية مساعيها الداعمة للقضية الفلسطينية، وتبني مواقف ثابتة وراسخة في مختلف المحافل الدولية للدفاع عنها، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص مسلحون من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» أثناء تسليم 3 رهائن إسرائيليين لممثلي الصليب الأحمر في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة 22 فبراير 2025 (إ.ب.أ) play-circle

خاص «حماس» تعاقب مسؤولين بصفوفها «تركوا» مهامهم في الحرب

كشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الحركة اتخذت إجراءات تأديبية بحق مسؤولين ونشطاء تخلّوا عن الأدوار المناطة بهم في الشمال ونزحوا للجنوب

«الشرق الأوسط» (غزة)

طرد برلماني ديموقراطي لإطلاقه صيحات استهجان خلال خطاب ترمب

النائب المخضرم من ولاية تكساس آل غرين خلال إخراجه من القاعة (رويترز)
النائب المخضرم من ولاية تكساس آل غرين خلال إخراجه من القاعة (رويترز)
TT
20

طرد برلماني ديموقراطي لإطلاقه صيحات استهجان خلال خطاب ترمب

النائب المخضرم من ولاية تكساس آل غرين خلال إخراجه من القاعة (رويترز)
النائب المخضرم من ولاية تكساس آل غرين خلال إخراجه من القاعة (رويترز)

طُرد برلماني ديموقراطي من قاعة مجلس النواب الأميركي بسبب إطلاقه صيحات استهجان خلال إلقاء الرئيس دونالد ترمب أول خطاب له أمام الكونغرس بمجلسيه منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل ستة أسابيع.

وما أن بدأ الرئيس الجمهوري بإلقاء خطابه حتى انبرى عدد من البرلمانيين الديموقراطيين إلى إطلاق صيحات استهجان لمقاطعته، وعندما تواصلت هذه الصيحات هدّد رئيس مجلس النواب بإخراج مطلقيها من القاعة إذا لم يكفّوا عنها، فرفض النائب المخضرم من ولاية تكساس آل غرين الاستجابة ووقف رافعا عصاه وصاح بوجه الملياردير الجمهوري ليعمد عندها موظفو الكونغرس إلى مرافقة المشرّع الأسود إلى خارج قاعة مجلس النواب أمام ناظري ترامب.