بعد أمطار غزيرة... عشرات الآلاف محاصَرون وسط صحراء نيفادا

قوس يظهر في سهل صحراوي بعد أن حولت الأمطار الغزيرة موقع مهرجان «Burning Man» السنوي في صحراء بلاك روك بولاية نيفادا إلى حفرة طينية (أ.ف.ب)
قوس يظهر في سهل صحراوي بعد أن حولت الأمطار الغزيرة موقع مهرجان «Burning Man» السنوي في صحراء بلاك روك بولاية نيفادا إلى حفرة طينية (أ.ف.ب)
TT

بعد أمطار غزيرة... عشرات الآلاف محاصَرون وسط صحراء نيفادا

قوس يظهر في سهل صحراوي بعد أن حولت الأمطار الغزيرة موقع مهرجان «Burning Man» السنوي في صحراء بلاك روك بولاية نيفادا إلى حفرة طينية (أ.ف.ب)
قوس يظهر في سهل صحراوي بعد أن حولت الأمطار الغزيرة موقع مهرجان «Burning Man» السنوي في صحراء بلاك روك بولاية نيفادا إلى حفرة طينية (أ.ف.ب)

لا يزال عشرات آلاف الأشخاص محاصَرين في موقع تجمع «بيرنينغ مان Burning Man» السنوي وسط صحراء نيفادا، الذي تحوَّل إلى مستنقع، بعد هطول أمطار غزيرة أودت بحياة أحد المشاركين.

وأعلنت الشرطة في ولاية نيفادا، غرب الولايات المتحدة، السبت، أنها تحقق في حالة وفاة «وقعت خلال هذه الحلقة من الأمطار الغزيرة»، دون تقديم مزيد من التفاصيل حول ظروف الوفاة، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

«بيرنينغ مان» حدث سنوي يجمع صفات الاحتفال بالثقافة المضادة والخلوة الروحية، أُطلق عام 1986 في سان فرنسيسكو. ومنذ تسعينات القرن الماضي، أقيمت هذه الفعالية في صحراء بلاك روك، وهي منطقة محمية في شمال غرب ولاية نيفادا، تعهّد المنظمون بالحفاظ عليها.

منظر للخيام وسط الوحل بعد هطول أمطار غزيرة (أ.ف.ب)

وفي مقاطع فيديو نُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، تظهر منطقة بلايا الضخمة، حيث يقام الحدث في الهواء الطلق، بوضوح على شكل أرض وعرة لا يمكن سلوك مساراتها.

وقال قائد شرطة المقاطعة نايثان كارمايكل، رداً على سؤال لقناة «سي إن إن» الإخبارية، إن «ما يزيد قليلاً عن 70 ألف شخص» كانوا عالقين في الموقع، صباح الأحد.

الوحل الكثيف بعد هطول الأمطار بغزارة في صحراء بلاك روك بولاية نيفادا وتحولت إلى حفرة طينية (أ.ف.ب)

وجرى إغلاق الوصول إلى «بلاك روك سيتي»؛ وهو اسم موقع التجمع الذي يبعد بضعة عشرات من الكيلومترات من أقرب تجمعات سكنية، الجمعة، بسبب سوء الأحوال الجوية.

ويحاول البعض، ممّن أصابهم الوضع بالذعر، مغادرة الموقع سيراً، منتعلين أحياناً أكياساً بلاستيكية كأحذية، للوصول إلى الطريق الوحيد الصالح الذي يقع على بُعد ثمانية كيلومترات تقريباً.

شخص يرتدي زعانف يمشي في الوحل (أ.ف.ب)

وكتب نيل كاتيال، وهو محامٍ شارك في المهرجان، عبر حسابه على منصة «إكس» (تويتر سابقاً): «لقد كانت رحلة شاقة جداً لمسافة 10 كيلومترات، قمنا بها في منتصف الليل وسط طين كثيف وزلق، لكنني تمكنت من اجتيازها بأمان».

وأضاف: «لقد كان الطريق زلقاً جداً، والطين أَشبه بالإسمنت، إذ إنه يلتصق بالأحذية»، ويمكن أن «يتحول إلى ما يشبه الرمال المتحركة»، داعياً الناس إلى عدم محاولة العبور إلا ضمن مجموعات، بشرط أن يكونوا في حالة بدنية جيدة.

وحاول آخرون، دون جدوى، الهروب بالسيارة، بما فيها مركبة رباعية الدفع بَدَت مدفونة في الوحل حتى الجزء السفلي منها، كما ظهر في أحد المقاطع النادرة التي انتشرت من الحدث بسبب النفاذ المحدود إلى شبكة الإنترنت.

قررت الهولندية باسكال براند (40 عاماً) بعد «بكاء شديد»، مغادرة المكان «مهما حدث».

وقالت، لـ«وكالة فرنس برس»: «لقد خفتُ ممّا كان يحدث، وكان كثيرون من الناس يفتقرون إلى ورق المراحيض والماء والطعام، وشعرتُ بأنه يجب عليّ الخروج».

مشاركون بالمهرجان حوصروا فى الوحل بعد سقوط الأمطار (أ.ف.ب)

وركبت براند سيارة أحد الجيران، وتمكنت معه من مغادرة المكان رغم الوحل.

ووفق مسؤول في «البيت الأبيض»، فقد جرى إطلاع الرئيس جو بايدن على الوضع. ونصح المسؤول «المشاركين في الحدث بضرورة الاستماع إلى السلطات الوطنية والمحلية، وكذلك منظمو الحدث».

وتطلب السلطات المحلية من الناس «البقاء في أماكنهم حتى تصبح الأرض صلبة وآمنة بدرجة كافية» للسماح بالسفر.

ومن المفترض أن ينتهي الحدث، الاثنين، لكنّ رواد المهرجان قد يظلون عالقين حتى الثلاثاء أو الأربعاء، إذا هطل المطر مجدداً.

منظر عام يُظهر أشخاصاً يقفون وسط الوحل أثناء حدث «Burning Man» في مستوطنة بلاك روك سيتي الصحراوية المؤقتة، نيفادا (أ.ف.ب)

وقال أحد رواد المهرجان، وهو أوكراني مقيم في كاليفورنيا، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ«وكالة فرنس برس»: «أنا جرّاح ويجب أن أعمل، الثلاثاء، لكنني بدأتُ أدرك أن هذا لن يكون ممكناً، وأن المرضى سيحتاجون إليّ، لكن ليس هناك ما يمكنني فعله حيال ذلك».

ومنذ صباح السبت، دعا المنظمون المشاركين إلى «الحفاظ على المياه والمؤن والوقود والبحث عن ملجأ دافئ وآمن»، وكانوا أيضاً منشغلين بنشر الهوائيات لتوفير الوصول إلى الإنترنت.

وأكد المنظمون، في بيان أرسلوه، السبت، إلى «وكالة فرنس برس»: «لقد جئنا إلى هنا (في وسط الصحراء)، وكنّا نعلم أنه المكان الذي يجب أن نُحضر فيه كل ما نحتاج إليه للبقاء على قيد الحياة. لهذا السبب نحن جميعاً مستعدّون جيداً لهذا النوع من أحداث الأرصاد الجوية».

أحد الحضور يسير عبر الوحل بعد هطول أمطار غزيرة (أ.ف.ب)

ويشهد بعض المشاركين على روح التعاضد بين العالقين في المكان، وأكد كاتيال أن «الناس أسخياء جداً».

وقال المنظمون، الأحد، إن عملية حرق المجسم الخشبي العملاق المثبت وسط موقع «بلايا»، والتي تحصل عادة في نهاية المهرجان الذي يستمد منه اسمه («بيرنينغ مان» أي «الرجل المحترق»)، أرجئت حتى مساء الاثنين.

وتسببت الأمطار في حدوث فيضانات بأماكن أخرى في ولاية نيفادا، خصوصاً في مدينة لاس فيغاس.

وواجه التجمع، العام الماضي، موجة قيظ شديدة مصحوبة برياح عاتية جعلت التجربة شاقة على المشاركين.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ أفراد طاقم البحث والإنقاذ التابع لإدارة إطفاء مقاطعة سان برناردينو يعملون بين أنقاض حريق باليساديس في لوس أنجليس (أ.ب)

لوس أنجليس: اعتقال رجل لإشعاله حريقاً في سان برناردينو

كشفت الشرطة المحلية أن رجلاً اعتقل بتهمة إشعال حريق غابات في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا، امتدّ لأكثر من 30 فداناً قبل احتوائه بعد ظهر أمس (الأربعاء).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق بناء الشبكات الاجتماعية يساعدك في تقييم الفرص بشكل أفضل وتجنب قبول وظيفة تثبت أنها غير مرضية (رويترز)

باحثو «هارفارد» يكشفون خطاً شائعاً يرتكبه الباحثون عن عمل... كيف تتجنبه؟

عندما يتعلّق الأمر بالحصول على وظيفتك التالية، فإن عدد الطلبات التي تقدمها ليس أفضل مقياس للتقدم، حيث إن الاختبار الحقيقي هو عدد المحادثات التي تجريها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض في واشنطن (رويترز)

كبار مسؤولي إدارة ترمب يشاركون بتمرين على الانتقال في البيت الأبيض

شارك كبار المسؤولين من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، بمَن فيهم غالبية مرشحيه للوزارات، في تمرين للانتقال إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)

بعد تهديده باستعادة القناة... هل يدفع ترمب بنما لمزيد من التقارب مع الصين؟

حذّر مسؤولون أميركيون سابقون من أن تهديد الرئيس الأميركي المنتخب ترمب بالقوة العسكرية لاستعادة قناة بنما قد ينفّر الحكومة البنمية ويدفعها للاقتراب من الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لمكافحة القرصنة السيبرانية قبل أيام من مغادرة منصبه

بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لحماية الشبكات الفيدرالية الأميركية من الهجمات السيبرانية من الصين وروسيا (أ.ب)
بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لحماية الشبكات الفيدرالية الأميركية من الهجمات السيبرانية من الصين وروسيا (أ.ب)
TT

بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لمكافحة القرصنة السيبرانية قبل أيام من مغادرة منصبه

بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لحماية الشبكات الفيدرالية الأميركية من الهجمات السيبرانية من الصين وروسيا (أ.ب)
بايدن يصدر أمراً تنفيذياً لحماية الشبكات الفيدرالية الأميركية من الهجمات السيبرانية من الصين وروسيا (أ.ب)

قبل ساعات من رحيله عن البيت الأبيض، أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، أمراً تنفيذياً من 40 صفحة لحماية الشبكات الأميركية الفيدرالية من الهجمات السيبرانية، والتي يردُ أغلبها من الصين وروسيا، وتطوير أنظمة تشفير وحماية هويات الأميركيين الرقمية من عمليات الاحتيال.

كلفة باهظة

ويشمل الأمر التنفيذي توجيهات لتحسين الطرق التي تُراقب بها الحكومة الفيدرالية شبكاتها وبرامجها، واستخدامها للذكاء الاصطناعي، وملاحقة ومعاقبة المتسللين. ويفرض الأمر التنفيذي قيوداً على شركات البرمجيات الأميركية، مثل «مايكروسوفت»، التي تبيع برامج للحكومة الأميركية، حيث كشف التدقيق الأمني عن أخطاء لشركة مايكروسوفت سمحت لمجموعة من المتسللين الصينيين باختراق شبكات عملاقة للتكنولوجيا وحسابات البريد الإلكتروني لكبار المسؤولين الأميركيين في عام 2023.

كما رصد مسؤولون بمجلس الأمن القومي هجمات لهويات أميركيين ورخص قيادة، كان الهدف استخدامها في عمليات احتيال. ويتكبّد الأميركيون خسائر جرّاء عمليات احتيال بقيمة 56 مليار دولار سنوياً.

وقال مسؤولو البيت الأبيض، للصحافيين، إن الأمر التنفيذي هو محاولة إدارة بايدن الأخيرة لتعزيز جهود الاستفادة الأمنية من الذكاء الاصطناعي، وطرح الهويات الرقمية للمواطنين الأميركيين، وسدّ الثغرات التي ساعدت الصين وروسيا وخصوماً آخرين على اختراق أنظمة الحكومة الأميركية بشكل متكرر.

وقالت آن نيوبرغر، نائبة مستشار الأمن القومي لبايدن للتكنولوجيا السيبرانية والناشئة، إن الأمر التنفيذي «مصمَّم لتعزيز الأسس الرقمية لأميركا، ووضع الإدارة الجديدة والبلاد على مسار النجاح المستمر، وجعل الهجمات أكثر صعوبة وأكثر تكلفة للصين وروسيا وإيران، ومجرمي برامج الفدية، للاختراق». وأشارت إلى أن الأمر التنفيذي يتضمن مجموعة من التفويضات لحماية شبكات الحكومة، بناءً على الدروس المستفادة من الحوادث الكبرى الأخيرة.

ملاحقة قضائية محتملة

يتطلب الأمر التنفيذي من بائعي البرامج تقديم دليل على أنهم يتبعون ممارسات التطوير الآمنة، في حين تقوم وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية الأساسية بمراجعة هذه الشهادات الأمنية، والعمل مع مزودي التكنولوجيا لإصلاح أي فجوات، وإحالة الشهادات التي تفشل في التحقق من صحتها، إلى المدعي العام؛ للتحقيق والملاحقة القضائية المحتملة.

أعلنت «مايكروسوفت» خطوات إصلاحية لسياستها الأمنية لمنع المتسللين من اختراق أنظمتها (د.ب.أ)

ويمنح الأمر وزارة التجارة الأميركية ثمانية أشهر لتقييم الممارسات السيبرانية الأكثر اعتماداً في مجتمع الأعمال، وإصدار إرشادات بناءً عليها. وبعد ذلك بفترة وجيزة، ستصبح هذه الممارسات إلزامية للشركات التي تسعى للتعامل مع الحكومة. ويُركز الأمر التنفيذي أيضاً على حماية مفاتيح منصات السحابة، والتي فتح اختراقُها الباب أمام سرقة الصين رسائل البريد الإلكتروني الحكومية من خوادم «مايكروسوفت»، واختراقها الأخير لسلسلة التوريد لوزارة الخزانة. ويتيح الأمر لوزارة التجارة وإدارة الخدمات العامة 270 يوماً لتطوير إرشادات لحماية المفاتيح السحابية، والتي يجب أن تصبح بعد ذلك متطلبات لبائعي السحابة في غضون 60 يوماً.

ولحماية الوكالات الفيدرالية من الهجمات التي تعتمد على عيوب في أدوات إنترنت الأشياء، حدَّد الأمر التنفيذي موعداً نهائياً في 4 يناير (كانون الثاني) 2027 للوكالات، لشراء أجهزة إنترنت تحمل علامة الثقة السيبرانية الأميركية، التي جرى إطلاقها حديثاً. وقالت نيوبرغر: «إذا وجدنا تقنية معينة تستخدمها حكومة أجنبية لاختراق وكالة فيدرالية معينة، فإن هذا يمنح وكالة الأمن السيبراني والبنية التحتية رؤية مركزية للبحث عبر جميع أنظمة الوكالة، لضمان دفاعنا ضد هذا الهجوم على نطاق واسع».

ويطالب الأمر التنفيذي وزارتي الطاقة والأمن الداخلي بإطلاق برنامج تجريبي لاستخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في حماية البنية التحتية للطاقة؛ بهدف اكتشاف الثغرات الأمنية وتصحيحها. وسيتعيّن على وزارة الدفاع الأميركية إطلاق برنامج لاستخدام «نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة» للدفاع السيبراني.

توافق حزبي

توافق حزبي ديمقراطي جمهوري لمكافحة القرصنة السيبرانية (أ.ف.ب)

وكانت الهجمات السيبرانية من القضايا التي اشترك الحزبان الديمقراطي والجمهوري في الاتفاق على مكافحتها، وتأمين الشبكات ومنع المتسللين من الصين وروسيا من القيام بها. لكن ليس واضحاً كيف سيتعامل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي يتولى منصبه يوم الاثنين، مع أمر بايدن التنفيذي.

وأشار مايك والتز، مستشار الأمن القومي في إدارة ترمب المقبلة، إلى ضرورة مكافحة الهجمات السيبرانية، لكنه أوضح أن إدارة ترمب لم تضع استراتيجية محددة للدفاع السيبراني. ولم يقم الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتعيين مسؤولين سيبرانيين في إدارته حتى الآن، في حين قالت نيوبرغر إن البيت الأبيض لم يناقش الأمر مع موظفي ترمب الانتقاليين.