الأزمة السياسية في فرنسا تتفاقم... واليسار المتشدّد يدعو للنزول إلى الشارع

الرئيس إيمانويل ماكرون مستقبِلاً الثلاثاء رئيس وزراء آيرلندا سايمون هاريس على مدخل قصر الإليزيه (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون مستقبِلاً الثلاثاء رئيس وزراء آيرلندا سايمون هاريس على مدخل قصر الإليزيه (رويترز)
TT

الأزمة السياسية في فرنسا تتفاقم... واليسار المتشدّد يدعو للنزول إلى الشارع

الرئيس إيمانويل ماكرون مستقبِلاً الثلاثاء رئيس وزراء آيرلندا سايمون هاريس على مدخل قصر الإليزيه (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون مستقبِلاً الثلاثاء رئيس وزراء آيرلندا سايمون هاريس على مدخل قصر الإليزيه (رويترز)

فرنسا تغرق أكثر فأكثر في أزمتها السياسية، وبعد أكثر من 50 يوماً على نتائج الانتخابات البرلمانية التي خسرها المعسكر الرئاسي وحلّ تحالف اليسار والخضر في المرتبة الأولى، من غير الحصول على أكثرية مطلقة، ما زالت حكومة غابرييل أتال تدير شؤونها اليومية، وما زال الرئيس إيمانويل ماكرون يشاور رؤساء الأحزاب والمجموعات النيابية؛ للخروج من المأزق السياسي الذي قد يذهب في اتجاهات مُقلِقة.

وجاء في البيان الذي صدر عن قصر الإليزيه، مساء الاثنين، إعلان ماكرون رفضه تكليف مرشحة تحالف اليسار، لوسي كاستيه، تشكيل الحكومة، ودعوته 3 مكونات من جبهة اليسار (الاشتراكيون والشيوعيون والخضر) للانضمام إلى كتلة الوسط الداعمة له واليمين التقليدي من أجل قيام حكومة موسّعة، ليفاقم التوتر.

فهم اليسار باكراً أن ماكرون الذي قام بجولة استشارات أولى استتبعها، الثلاثاء، بجولة ثانية، يناور من أجل تحقيق هدفين متصلَين؛ الأول: استبعاد قيام حكومة منبثقة عن جبهة اليسار، من خلال رفض تكليف كاستيه رسمياً. والثاني: إحداث انقسام داخل الجبهة المذكورة، من خلال عزل حزب «فرنسا الأبية» الذي يمثّل اليسار المتشدد، ويتزعمه المرشح الرئاسي الأسبق جان لوك ميلونشون، وإغراء الاشتراكيين بالخروج منها، وربما أيضاً الخضر.

رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه لدى وصوله الاثنين إلى قصر الإليزيه للتشاور مع رئيس الجمهورية في الأزمة الحكومية (رويترز)

وكان لافتاً أن ماكرون سعى إلى عزل «فرنسا الأبية» من خلال استبعاده من جولة المشاورات الثانية، الثلاثاء، كما استبعد حزب «التجمع الوطني» (اليمين المتطرف) الذي حصل على 143 نائباً في البرلمان الجديد، بحجة أنه خارج «القوس الجمهوري»، وحجة ماكرون الرئيسية عنوانها «الحرص على الاستقرار المؤسّساتي»، حيث شدّد على أن حكومة ترأسها كاستيه ستسقط بالبرلمان في اليوم الثاني لتشكيلها، علماً بأن التقليد المعمول به في فرنسا ينص على أن يدعو رئيس الجمهورية المجموعة السياسية التي نجحت في الحصول على أكبر مجموعة نيابية إلى تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما لم يقم به ماكرون، وما زال يناور لرفضه. والحال، أن الرئيس الفرنسي اعترف بأن مجموعته السياسية المشكّلة من 3 أحزاب (تجدّد وهورايزون، والحركة الديموقراطية) خسرت الانتخابات، وحلّت في المرتبة الثانية بحصولها على 162 نائباً.

مارين لوبن زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف مع رئيس الحزب جوردان بارديلا قبل لقائهما الاثنين الرئيس ماكرون في قصر الإليزيه في إطار المشاورات التي دعا إليها الأخير (رويترز)

لا يريد الرئيس الفرنسي أن تأتي حكومة يسارية ذات برنامج انتخابي يسير عكس السياسات الليبرالية التي سار عليها عهده منذ أكثر من 5 سنوات.

وإزاء هذه التطورات كان من الطبيعي أن تأتي ردود اليسار والخضر عنيفة، وأن تنهال الاتهامات على ماكرون، وجاء أول الغيث من خلال قرار الحزب المذكور نقل المعركة إلى الشارع بالدعوة لتعبئة شعبية يوم 7 سبتمبر (أيلول) القادم، وأعلن في بيان «التجاوب مع منظمات الشبيبة واتحاد الطلاب من أجل مظاهرة كبرى رفضاً للانقلاب الذي قام به ماكرون».

ودعا البيان «القوى السياسية والنقابية والجمعيات المتمسّكة بالدفاع عن الديمقراطية» إلى التجاوب مع هذا النداء.

من جانبها، عبّرت كاستيه عن «قلقها العميق» إزاء «الرسالة» التي يحملها قرار ماكرون، ومؤداها إفهام الناخبين أن «تصويتهم لا قيمة له»، وأضافت كاستيه أن ما يقوم به ماكرون «تنكّر للقيم الديمقراطية»، ودعت بدورها للتعبئة ضد أداء الرئيس الفرنسي الذي «لا تعني الديمقراطية شيئاً بالنسبة إليه».

لوسي كاستيه مرشحة جبهة اليسار التي رفض ماكرون تكليفها رئاسة الحكومة لدى مشاركتها في اجتماع لحزب فرنسا الأبية الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

وذهبت مارين توندوليه، الأمينة العامة لحزب الخضر، في الاتجاه عينه باتهامها ماكرون بـ«الانقلاب على نتائج الانتخابات»، واتهم أوليفيه فور، الأمين العام للحزب الاشتراكي، ماكرون بـ«زرع الفوضى»، وليس البحث عن الاستقرار، ورفض فور التجاوب مع مطلب ماكرون الالتحاق بالكتلة الوسطية التي يدعو ماكرون لقيامها، كما رفض الذهاب إلى الاستشارات مجدّداً، وهو ما رفضه أيضاً مسؤولو الحزب الشيوعي والخضر، مشيراً إلى أن ما يحصل لا يتعدى كونه «مسرحية هزلية ديمقراطية».

وقال فابيان روسيل، الأمين العام للحزب الشيوعي، إن ماكرون «يرفض الاعتراف بهزيمته في الانتخابات البرلمانية»، مضيفاً أن الفرنسيين «لم يعودوا راغبين بسياسته، والحال أنه يريد حكومة تواصل السياسة نفسها».

وحتى اليوم، ما زالت الأمور ضبابية، ولا أحد يعرف هوية الشخصية التي سيكلّفها ماكرون تشكيل الحكومة على الرغم من التداول حول مجموعة من الأسماء، والثابت أن الأزمة، وإن ولّدت حكومة، سوف تتواصل تحت قبة البرلمان، وفي الشارع أيضاً، لا، بل يرى المراقبون أن المعركة الرئاسية فُتحت منذ اليوم، وأن «الأيام السعيدة» التي عرفها ماكرون في السنوات الـ7 الماضية حيث كان الحاكم بأمره، انتهت إلى غير رجعة.


مقالات ذات صلة

فيليبي لويس: فلامنغو جاهز للتحدي

رياضة عالمية فيليبي لويس المدير الفني لفلامنغو البرازيلي (رويترز)

فيليبي لويس: فلامنغو جاهز للتحدي

أعرب فيليبي لويس، المدير الفني لفريق فلامنغو البرازيلي، عن سعادته الكبيرة ببلوغ فريقه المباراة النهائية من بطولة كأس القارات للأندية.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
رياضة عالمية الفرنسي عثمان ديمبلي نجم فريق باريس سان جيرمان (إ.ب.أ)

ديمبلي: أشكر عائلتي وسان جيرمان على تألقي

أبدى الفرنسي عثمان ديمبلي، نجم فريق باريس سان جيرمان الفرنسي لكرة القدم، سعادته بالفوز بجائزة أفضل لاعب لعام 2025، ضمن جوائز الأفضل «ذا بيست».

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
رياضة عالمية عثمان ديمبلي مهاجم باريس سان جيرمان والمنتخب الفرنسي (أ.ف.ب)

ديمبلي يفوز بجائزة «ذا بيست» لأفضل لاعب في العالم 2025

فاز عثمان ديمبلي مهاجم باريس سان جيرمان والمنتخب الفرنسي الثلاثاء بجائزة «ذا بيست» المقدمة من الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) لأفضل لاعب في العالم.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عالمية لويس إنريكي مدرب باريس سان جيرمان (رويترز)

إنريكي يعترف بمعاناة باريس سان جيرمان

أكد لويس إنريكي، مدرب باريس سان جيرمان، أن فريقه عانى كثيراً لتحقيق الفوز على ميتز بنتيجة 3 - 2 في الدوري الفرنسي.

«الشرق الأوسط» (ميتز)
رياضة عالمية احتفالية لاعبي باريس سان جيرمان بالفوز على ميتز (رويترز)

«الدوري الفرنسي»: سان جيرمان ينتزع الصدارة بفوز صعب على ميتز

انتزع باريس سان جيرمان صدارة دوري الدرجة الأولى الفرنسي لكرة القدم مؤقتاً بعد فوزه 3-2 على مضيّفه ميتز.

«الشرق الأوسط» (ميتز)

بوتين: أنا مستعد للتفكير في ضمان الأمن إذا أجرت أوكرانيا انتخابات رئاسية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحافي (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحافي (إ.ب.أ)
TT

بوتين: أنا مستعد للتفكير في ضمان الأمن إذا أجرت أوكرانيا انتخابات رئاسية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحافي (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحافي (إ.ب.أ)

تعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، بوقف الهجمات والضربات بالمُسيرات التي تطول عمق أوكرانيا يوم الانتخابات إذا نظّمت كييف الاقتراع الرئاسي الذي تطالب به كل من موسكو وواشنطن.

وقال، في مؤتمر صحافي بثّه التلفزيون: «نحن على استعداد للتفكير في ضمان الأمن أثناء الانتخابات في أوكرانيا. على الأقل الامتناع عن تنفيذ ضربات في عمق الأراضي الأوكرانية يوم الانتخابات».

وكان من المقرر أن تنتهي ولاية فولوديمير زيلينسكي في مايو (أيار) 2024، إلا أن الغزو الروسي المستمر وفرض الأحكام العرفية حالا دون إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد.

وخلال زيارة للقاهرة، ندّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف باقتراح أوروبي يقضي بتشكيل قوة متعددة الجنسيات للإشراف على أي اتفاق سلام محتمل في أوكرانيا، ووصفه بأنه تهديد «وقح» لروسيا.

وقال إن «الأمر لا يتعلق كثيراً بالأمن بمقدار ما يتعلق بمحاولة أخرى، تعلمون، وقحة... لتهيئة الأراضي الأوكرانية كمنصة لتهديد روسيا الاتحادية».

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في القاهرة (إ.ب.أ)

وأعلن قادة الدول الحليفة لأوكرانيا، وبينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، هذا الأسبوع، أنهم على استعداد لنشر «قوة متعددة الجنسيات» في أوكرانيا يقودها الأوروبيون «للمساعدة على إعادة إحياء القوات الأوكرانية، وضمان أمن أجواء أوكرانيا، ودعم مناطق أكثر أماناً بما في ذلك عبر القيام بعمليات داخل أوكرانيا».

وأعربت موسكو مراراً عن رفضها فكرة نشر قوات غربية في أوكرانيا، محذِّرة من أنها ستعدُّها «أهدافاً مشروعة» للقوات الروسية.

على صعيدٍ ميداني، تسلمت أوكرانيا جثامين 1003 جنود من روسيا، وفق ما أعلن مقر تنسيق معاملة أسرى الحرب الأوكراني وكبير المفاوضين الروس فلاديمير ميدينسكي، الجمعة.

وقال الأخير إن الجانب الروسي تسلَّم، في المقابل، رفات 26 جندياً روسياً.

ورغم القتال الجاري، تتبادل أوكرانيا وروسيا جثامين الجنود بانتظام. وكانت عملية التبادل، اليوم الجمعة، الـ16 من نوعها، هذا العام.

وتسلمت كييف رفات أكثر من 15 ألف جندي. ولم تتسلم موسكو، في المقابل، إلا عدداً ضئيلاً لأن الجيش الأوكراني لا يتمكن دائماً من انتشال القتلى بسبب التقدم الروسي في الأراضي الأوكرانية.


إيطاليا 2 – ألمانيا صفر

صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)
صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)
TT

إيطاليا 2 – ألمانيا صفر

صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)
صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)

إيطاليا 2 – ألمانيا صفر. هكذا انتهت القمة الأوروبية الماراثونية بعد 16 ساعة من المخاض التفاوضي المتوتر واللقاءات الجانبية، وأسفرت عن اتفاق سياسي لتمويل أوكرانيا ومنعها من الانزلاق نحو الإفلاس، والتعهد بتوقيع اتفاقية «مركوسور» لإنشاء أكبر منطقة للتبادل التجاري الحر في العالم بين الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية.

وينصّ الاتفاق الذي توصل إليه القادة الأوروبيون في الساعات الأولى من فجر الجمعة في بروكسل، على إصدار حزمة من السندات الأوروبية بقيمة 90 مليار يورو لتغطية احتياجات تمويل أوكرانيا، التي شارك رئيسها فولوديمير زيلينسكي في ردح من أعمال القمة، على أن يسدد هذا المبلغ فقط عندما تدفع روسيا التعويضات عن الأضرار التي سببتها الحرب التي أطلقتها.

ميرتس مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجينا ميلوني (أ.ف.ب)

واتفق القادة الأوروبيون على مواصلة البحث في «قرض الإعمار» باستخدام الأصول الروسية المجمدة بفعل العقوبات التي فرضها الاتحاد على موسكو، وهي الصيغة التي سقطت في المرحلة الأولى من المفاوضات، نتيجة اعتراض بلجيكا التي يوجد القسم الأكبر من هذه الأصول في مصارفها، وتردد غالبية البلدان الأعضاء في منح الحكومة البلجيكية الضمانات التي كانت تطالب بها. وتتوقع المفوضية أن تسهِم كندا والنرويج بتكملة المبلغ الذي تحتاج إليه أوكرانيا في العامين المقبلين، والذي يقدره الخبراء بنحو 120 مليار يورو.

المستشار الألماني فرديريك ميرتس كان الخاسر الأكبر في هذه القمة التي أكّدت أن ثمة تغييراً واضحاً بدأ يترسّخ في موازين القوى داخل الاتحاد، وأن الحكومات اليمينية والشعبوية أصبحت قادرة على توجيه بوصلة القرارات في الملفات الحاسمة. وكانت برلين هي العرّابة الرئيسية لاستخدام الأصول الروسية من أجل تمويل أوكرانيا، والدافعة بقوة نحو إنجاز الاتفاق التجاري مع مجموعة دول أميركا الجنوبية، البرازيل، والأرجنتين، والباراغواي والأوروغواي.

نسي الأوروبيون ذلك التصريح الشهير الذي أطلقته ذات يوم المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عندما قالت: «لن تكون هناك سندات أوروبية طالما أنا على قيد الحياة». وذهبت أدراج الرياح التأكيدات المتكررة للمستشار الحالي بأن الهدف الرئيسي هو استخدام الأصول الروسية المجمدة في أوروبا. وللمرة الثانية في أقل من عشر سنوات، يلجأ الاتحاد إلى إصدار هذه السندات، المرة الأولى إبّان جائحة «كوفيد»، والأخرى الآن لإنقاذ أوكرانيا من الإفلاس ومنع سقوطها عسكرياً على يد روسيا.

رئيسة المفوضية مع المستشار الألماني في قمة الاتحاد (أ.ف.ب)

وكان المزارعون الأوروبيون قد شلّوا العاصمة البلجيكية باحتجاجاتهم ضد اتفاقية «مركوسور» التي تعارضها بشدة فرنسا وبولندا، لكن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني هي التي ضغطت بقوة في اللحظات الأخيرة لتأجيل توقيع الاتفاق حتى أواخر الشهر المقبل بعد مكالمة هاتفية من الرئيس البرازيلي لولا طلبت منه خلالها أن يمهلها فترة شهر لإخماد الضغوط الداخلية المعارضة للاتفاق.

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني خلال حديثها في مهرجان «أتريو» الذي ينظمه حزبها «إخوة إيطاليا» (أ.ف.ب)

ميلوني التي رسّخت صورتها خلال هذه القمة كالنجمة الصاعدة في المشهد الأوروبي، تنهج خط الاعتدال والتوافق في الشؤون الأوروبية وتحتفظ باليد الحديدية في الشأن الداخلي الإيطالي وملف الهجرة. وكان واضحاً أن دور ميلوني كان حاسماً لصرف النظر، في الوقت الراهن، عن فكرة استخدام الأصول الروسية وتأجيل بت اتفاقية «مركوسور»، وذلك على الرغم من الضغوط التي مارستها ألمانيا والمفوضية في الاتجاه المعاكس.

المزارعون في وقفة احتجاجية ضد اتفاقية زراعية مع البرازيل أمام البرلمان الأوروبي في لوكسمبورغ (أ.ف.ب)

ونجحت ميلوني، بفضل تحالفها التكتيكي مع فرنسا، في كسب الوقت لاحتواء الضغوط الداخلية قبل التوقيع على اتفاقية «مركوسور» المطروحة على طاولة المفاوضات بين الاتحاد وأميركا الجنوبية منذ خمسة وعشرين عاماً. وإذا كانت فرنسا أول المعنيين بتداعيات هذه الاتفاقية على قطاعها الزراعي الذي يعارضها بشدة، فإن رئيسة الوزراء الإيطالية تعتمد هي أيضاً على قطاع المزارعين الذين يشكّلون قاعدة أساسية لشعبيتها، فضلاً عن أن صهرها هو الذي يتولى حقيبة الزراعة في حكومتها.

رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان يتوقع فشل القمة (أ.ف.ب)

لكن أوكرانيا كانت هي الطبق الرئيسي على مائدة القمة، وخرجت باتفاق يضمن لها التمويل لفترة عامين، وعدم إلزامها بسداد القرض الذي تقرر أن تستدينه الدول الأعضاء في الاتحاد من أسواق المال، بضمانات من الميزانية الأوروبية المشتركة. واستطاعت أحصنة طروادة الروسية: المجر، والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا، التنصّل من أي التزام مالي مقابل سحب اعتراضها على اتفاق إصدار السندات.

في الندوة الصحافية التي عقدها رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا إلى جانب رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين، فجر الجمعة، قال: «تمكن الاتحاد من الوفاء بالتزامه تمويل أوكرانيا لفترة عامين، وسنواصل تجميد الأصول الروسية إلى أن تدفع موسكو التعويضات عن أضرار الحرب». من جهته، اكتفى المستشار الألماني ميرتس بالقول: «قمنا بواجبنا»، بينما كان رئيس الوزراء البلجيكي دي ويفير يعرب عن ارتياحه لأن الاتحاد الأوروبي «حال دون وقوع الفوضى والتفرقة، وحافظ على وحدة الصف في مرحلة عصيبة وحساسة».

الرئيس الفرنسي ماكرون (إ.ب.أ)

وكانت بلجيكا أشدّ المعارضين لاستخدام الأصول الروسية؛ خشية التبعات الاقتصادية والقانونية، وأيضاً خوفاً من تداعيات الحرب الروسية الهجينة على مؤسساتها. وتعززت جبهة المعارضين لحل اللجوء إلى الأصول المجمدة، بانضمام إيطاليا، والنمسا وبلغاريا إليها عشية القمة، في حين بدا واضحاً أن فرنسا لم تضع ثقلها وراء هذا الحل، علماً أنه لا توجد أرصدة روسية في المصارف الفرنسية الخاصة.


بعد تعليق إضراب العاملين... «اللوفر» يعيد فتح أبوابه مجدداً

زوار يصطفون قرب الهرم الزجاجي لمتحف اللوفر للدخول (رويترز)
زوار يصطفون قرب الهرم الزجاجي لمتحف اللوفر للدخول (رويترز)
TT

بعد تعليق إضراب العاملين... «اللوفر» يعيد فتح أبوابه مجدداً

زوار يصطفون قرب الهرم الزجاجي لمتحف اللوفر للدخول (رويترز)
زوار يصطفون قرب الهرم الزجاجي لمتحف اللوفر للدخول (رويترز)

أعلنت إدارة متحف اللوفر في باريس، والنقابات المعنية، فتح أبواب المتحف بالكامل أمام الزوار، اليوم (الجمعة)، بعدما صوَّت العاملون لصالح وقف الإضراب الذي عرقل الدخول إلى المتحف الأكثر جذباً للزوار في العالم، وفق ما نشرت «أسوشييتد برس».

وتم اتخاذ القرار في أثناء جمعية عمومية للعاملين بالمتحف، حيث صوَّتوا بالإجماع لصالح وقف الإضراب؛ للسماح باستقبال المتحف للزوار، حسبما ذكرت النقابات المعنية في بيان.

وأدى الإضراب لإغلاق المتحف بالكامل في وقت سابق من الأسبوع، وإعادة فتح جزئي، الأربعاء.

وقالت النقابات إن الوقف أعقب 5 اجتماعات مع مسؤولي وزارة الثقافة، لكنها أشارت إلى أن التقدم ما زال غير كافٍ، خصوصاً فيما يتعلق بعدد العاملين والرواتب وخطط التأمين طويلة الأمد. كما أشاروا إلى مخاوف بشأن تدهور حالة المبنى وظروف العمل.

وانتقد ممثلو النقابات ما وصفوه بـ"غياب مشاركة" رئيسة متحف اللوفر، لورانس دي كار، في أثناء الإضراب، ولفتوا إلى أنها لم تلتقِ العاملين، ولم تحدثهم في أثناء الإضراب.

ومن المقرر أن يعقد العاملون جميعة عمومية أخرى في الخامس من يناير (كانون الثاني)؛ لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانوا سيستأنفون الإضراب.