فرنسا قد تعيد إلى مدغشقر جمجمة إذا ثبت أنها لأحد ملوكها

أشخاص من شعب الساكالافا في مدغشقر (أرشيفية - رويترز)
أشخاص من شعب الساكالافا في مدغشقر (أرشيفية - رويترز)
TT

فرنسا قد تعيد إلى مدغشقر جمجمة إذا ثبت أنها لأحد ملوكها

أشخاص من شعب الساكالافا في مدغشقر (أرشيفية - رويترز)
أشخاص من شعب الساكالافا في مدغشقر (أرشيفية - رويترز)

هل تعيد فرنسا إلى مدغشقر جمجمة ملك قَطعت رأسه قواتها الاستعمارية؟ هذه العملية ذات الرمزية البالغة التي طال انتظارها قد يسهّلها قانون جديد، لكنّ شكوكاً لا تزال تحوم حيال أصالة هذا الأثر التاريخي.

ويُتوقَع أن يقرّ البرلمان الفرنسي نهائياً الاثنين اقتراح قانون يتعلق بإعادة الرفات البشري المحفوظ ضمن مجموعات عامة إلى دول أجنبية.

ويهدف هذا النص التوافقي إلى توفير استثناء من «مبدأ عدم التصرف» بالمجموعات بغية «مصالحة الذاكرات»، في حال كان الاستحصال على الرفات تم «بطريقة غير مشروعة أو حتى عنيفة»، بحسب وزيرة الثقافة ريما عبد الملك.

وتمت عمليات الاسترداد الوحيدة حتى الآن بموجب قوانين أُقرّت لكل حالة على حدة، ومنها مثلاً إعادة رفات المرأة التي كانت تسمى هوتنتوت فينوس إلى جنوب أفريقيا. وقال مقرر اقتراح القانون النائب كريستوف ماريون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «حاجة برزت إلى قانون إطاري لتبسيط الإجراءات» في ضوء تزايد الطلبات.

وتطالب مدغشقر بثلاث جماجم عائدة إلى شعب الساكالافا الذي يعيش في غرب الجزيرة، تم الاستحصال عليها في نهاية القرن التاسع عشر، في خضم الفتوحات الاستعمارية، وهي محفوظة في «متحف الإنسان» بباريس، إلى جانب مئات الرفات من مدغشقر.

ومن بين هذه الجماجم الثلاث تلك العائدة إلى الملك تويرا الذي قُطِع رأسه عام 1897 في أمبيكي، العاصمة الملكية السابقة لمينابي، أثناء هجوم شنته القوات الاستعمارية الفرنسية لقمع حركة تمرد. وقالت المؤرخة المتخصصة بأفريقيا كلارا بوير روسول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها «مذبحة حقيقية».

مكانة كبيرة

عندما كانت الباحثة في مينابي عام 2004، سمعت بقصة جمجمة الملك تويرا التي كان طلبُ استردادها قُدّم أصلاً إلى السفارة الفرنسية في أنتاناناريفو.

ولهذه الشخصية مكانة كبيرة لدى شعب الساكالافا؛ فكل 4 سنوات، يتجمع آلاف الأشخاص لاستذكار أجدادهم، ومن بينهم تويرا، وهو آخر ملوك سلالة يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر، الذي أصبح رمزاً لمقاومة مدغشقر للاستعمار.

ويجري في مناسبة هذه الاحتفالات إخراج أجزاء من هيكله العظمي المحفوظ في القبر، ولكن من دون الجمجمة، وبالتالي في كل مرة «يشعر أفراد شعب الساكالافا بجرح حرمانهم» هذه الجمجمة، وفق كلارا بوير روسول.

والتحقيق الذي أجرته هذه المتخصصة في العبودية قادها في عام 2011 إلى المجموعات الأنثروبولوجية في «متحف الإنسان»، حيث لم تُحدد أسماء الأشخاص الذين تعود إليهم غالبية العينات.

وما لبثت المؤرخة أن أمسكت بطرف الخيط بفضل دفاتر ملاحظات عالم الطبيعة غيّوم غرانديدييه الذي قصد مينابي في رحلة استكشافية علمية بعد أشهر قليلة من وفاة الملك تويرا.

وقالت عالمة الآثار ومديرة المجموعات الطبيعية في «متحف الإنسان»، كريستين لوفيفر، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في ذلك الوقت، كان يوجد شغف كبير بجمع القطع الإثنوغرافية والرفات البشري بهدف توثيق تنوع الشعوب».

وأحضر غيّوم غرانديدييه إلى فرنسا جمجمتي اثنين من محاربي المنطقة، وصف أحدهما بأنه «زعيم (بارز)»، على ما شرحت كلارا بوير روسول. ودفعتها مجموعة من القرائن إلى الاعتقاد بأنّ الجمجمة تعود بالفعل إلى الملك تويرا.

مقارنات وراثية

ثم عهد أحفاد العائلة المالكة إلى علماء الوراثة في «متحف الإنسان» بعينات من العظام مأخوذة من المدافن الملكية في مدغشقر، لإجراء تحليلات مقارنة بدأت عام 2018.

لكنّ المشكلة تمثّلت في أن الحمض النووي المستخرج من العظام كان في حال بالغة السوء بحيث لا يمكن مقارنته بالحمض النووي للجمجمة. وقالت كريستين لوفيفر: «في الوضع الحالي لما توصل إليه علم الوراثة، لا يمكننا أن نؤكد أنها جمجمة الملك تويرا».

ويُفترض أن تصدر لجنة فرنسية مدغشقرية مشتركة قريباً رأيها في الموضوع. وأيّدت كلارا بوير روسول طلب مدغشقر إعادة الجماجم الثلاث إليها، آملةً في أن يتيح القانون الجديد ذلك.

ومع أن التعرّف رسمياً على جمجمة الملك تويرا لم يُتَح «عدّت طقوس الساكالافا أنها عائدة إليه»، وفق للوفيفر التي أشارت إلى أنه من الثابت أن الجمجمتين الأخريين «تخصان محاربَي ساكالافا من المقاومة».

وفي حال استرداد الجماجم، سيتمكن أحفاد عرش مينابي من «تكريم أبطال المقاومة، وإعادة تشكيل آخر آثار ساكالافا الملكية، وهو بمثابة تعويض حقيقي لهم».



بعد تأكيد ترمب رغبته بالسيطرة عليها... الدنمارك تعزز دفاعاتها في غرينلاند

لقطة تُظهر المنازل بعد غروب الشمس في تاسيلاك بغرينلاند (أ.ب)
لقطة تُظهر المنازل بعد غروب الشمس في تاسيلاك بغرينلاند (أ.ب)
TT

بعد تأكيد ترمب رغبته بالسيطرة عليها... الدنمارك تعزز دفاعاتها في غرينلاند

لقطة تُظهر المنازل بعد غروب الشمس في تاسيلاك بغرينلاند (أ.ب)
لقطة تُظهر المنازل بعد غروب الشمس في تاسيلاك بغرينلاند (أ.ب)

أعلنت الحكومة الدنماركية عن زيادة ضخمة في الإنفاق الدفاعي على غرينلاند، بعد ساعات من تكرار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب رغبته في شراء المنطقة القطبية الشمالية.

وقال وزير الدفاع الدنماركي، ترويلس لوند بولسن، إن الحزمة عبارة عن «مبلغ مزدوج الرقم» بالكرونة، أو على الأقل 1.5 مليار دولار (1.2 مليار جنيه إسترليني)، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطاني (بي بي سي).

وُصف توقيت الإعلان بأنه «مفارقة القدر». وقال ترمب يوم الاثنين إن ملكية الجزيرة الضخمة والسيطرة عليها «ضرورة مطلقة» للولايات المتحدة.

وغرينلاند منطقة دنماركية تتمتع بالحكم الذاتي، هي موطن لمنشأة فضائية أميركية كبيرة ومهمة استراتيجياً للولايات المتحدة، وتقع على أقصر طريق لها إلى أوروبا. ولديها احتياطيات معدنية ونفطية كبيرة.

وقال بولسن إن الحزمة ستسمح بشراء سفينتي تفتيش جديدتين وطائرتين بدون طيار بعيدتي المدى وفريقين إضافيين للزلاجات بالكلاب.

وستشمل أيضاً تمويلاً لزيادة عدد الموظفين في القيادة القطبية الشمالية في العاصمة نوك، وتحديث أحد المطارات المدنية الرئيسية الثلاثة في غرينلاند للتعامل مع طائرات مقاتلة من طراز «إف - 35».

وأضاف: «لم نستثمر ما يكفي في القطب الشمالي لسنوات عديدة، والآن نخطط لوجود أقوى».

جبال جليدية ضخمة تظهر بالقرب من كولوسوك بغرينلاند (أ.ب)

ولم يقدم وزير الدفاع رقماً دقيقاً للحزمة، لكن وسائل الإعلام الدنماركية قدرت أنها ستكون حوالي 12-15 مليار كرونة.

جاء الإعلان بعد يوم من قول ترمب على منصته للتواصل الإجتماعي «تروث سوشيال»، «لأغراض الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم، تشعر الولايات المتحدة الأميركية أن ملكية غرينلاند والسيطرة عليها ضرورة مطلقة».

ورد رئيس وزراء غرينلاند، ميوت إيجيدي، على تعليقات ترمب قائلاً: «نحن لسنا للبيع». لكنه أضاف أن سكان غرينلاند يجب أن يظلوا منفتحين على التعاون والتجارة، خصوصاً مع جيرانهم.

وأشار المحللون إلى أن الخطة كانت قيد المناقشة لفترة طويلة، ولا ينبغي النظر إليها على أنها رد مباشر على تعليقات ترمب.

حتى الآن كانت الدنمارك بطيئة للغاية في توسيع قدراتها العسكرية في غرينلاند، كما يؤكد الخبراء، ولكن إذا لم تكن البلاد قادرة على حماية المياه المحيطة بالمنطقة ضد التعديات من قبل الصين وروسيا، فمن المرجح أن تطالب أميركا بمزيد من السيطرة.

يعود اقتراح ترمب الأصلي بأن تستحوذ الولايات المتحدة على غرينلاند، وهي أكبر جزيرة في العالم، لعام 2019، وكان سبباً في إثارة توبيخ حاد مماثل من جانب القادة هناك. في ذلك الوقت، وصفت رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسون الفكرة بأنها «سخيفة»، مما دفع ترمب إلى إلغاء رحلة دولة إلى البلاد.

وترمب ليس أول رئيس أميركي يقترح شراء غرينلاند. فقد طُرحت الفكرة لأول مرة خلال ستينات القرن التاسع عشر تحت رئاسة أندرو جونسون.