قبل «قمة العشرين»... اختفاء مناطق عشوائية في نيودلهي يثير جدلاً

اتهامات للحكومة بهدم منازل الضعفاء بحجة التجميل

منظر عام لدارافي أحد أكبر الأحياء الفقيرة في مومباي الهند (رويترز)
منظر عام لدارافي أحد أكبر الأحياء الفقيرة في مومباي الهند (رويترز)
TT
20

قبل «قمة العشرين»... اختفاء مناطق عشوائية في نيودلهي يثير جدلاً

منظر عام لدارافي أحد أكبر الأحياء الفقيرة في مومباي الهند (رويترز)
منظر عام لدارافي أحد أكبر الأحياء الفقيرة في مومباي الهند (رويترز)

عندما سمع سكان منطقة عشوائية في منطقة جانتا كامب في نيودلهي أن قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في العاصمة الهندية على بعد 500 متر فقط من منازلهم، توقعوا أن يستفيدوا من الأمر، لكن بدلا من ذلك أصبحوا بلا مأوى، وفقا لتقرير أعدته «رويترز».

وكان دارميندر كومار وخوشبو ديفي وأطفالهما الثلاثة من بين عشرات الأشخاص في جميع أنحاء دلهي الذين هدمت منازلهم خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو الإجراء الذي يقول السكان والناشطون إنه جزء من أعمال التجميل الخاصة بالقمة التي ستعقد في الفترة من 9 إلى 10 سبتمبر (أيلول).

لكن مسؤولين من الحكومة الفيدرالية لرئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذين ينفذون عمليات الهدم، يقولون إن المنازل بنيت بشكل غير قانوني على أرض حكومية، وإن إزالتها «عملية مستمرة».

العشوائيات في دارافي أحد أكبر الأحياء الفقيرة في مومباي، الهند (رويترز)
العشوائيات في دارافي أحد أكبر الأحياء الفقيرة في مومباي، الهند (رويترز)

ويتم بناء المنازل العشوائية في الأحياء الفقيرة مثل مخيم جانتا على مدى سنوات. ويعمل معظم السكان في المناطق المجاورة ويعيشون في منازلهم الصغيرة منذ عقود.

وبدأت عمليات الهدم منذ أربعة أشهر. وزارت الجرافات مخيم جانتا في صباح حار من شهر مايو (أيار)، وتُظهر لقطات فيديو عملية الهدم لمنازل عشوائية مصنوعة من الصفائح وهي تُسوى بالأرض، بينما يقف أصحابها إلى جانب الركام وبعضهم ينهار بالبكاء.

ويعد المخيم، الذي يقع بالقرب من ميدان براغاتي، المكان الرئيسي للقمة، رمزا لكثير من المناظر الطبيعية في دلهي.

ويعيش العديد من سكان المدينة البالغ عددهم 20 مليون نسمة في مناطق عشوائية بنيت على مر السنين.

وفي عام 2021، قال هارديب سينغ بوري، وزير الإسكان والشؤون الحضرية، في البرلمان إن 13.5 مليون شخص يقيمون في عشوائيات غير مصرح بها في دلهي.

صبي يقص شعره على يد حلاق في زقاق في دارافي، أحد أكبر الأحياء الفقيرة في آسيا، في مومباي الهند (رويترز)
صبي يقص شعره على يد حلاق في زقاق في دارافي، أحد أكبر الأحياء الفقيرة في آسيا، في مومباي الهند (رويترز)

بدوره، قال سونيل كومار أليديا، المدير التنفيذي والعضو المؤسس لمركز التنمية الشاملة ومقره نيودلهي، والذي يعمل مع مركز نيودلهي للتنمية الشاملة، إن «الحكومة تهدم منازل الأشخاص الضعفاء بحجة التجميل من دون أي قلق بشأن ما سيحدث لهم».

وأضاف: «إذا كان لا بد من القيام بذلك، كان ينبغي تحذير السكان في الوقت المناسب وفي الأماكن التي يمكن إعادة تأهيلهم فيها».

وقضت المحكمة العليا في الهند الشهر الماضي بأن «واضعي اليد لا يمكنهم المطالبة بحق احتلال الأراضي العامة». وأضافت أنه في أحسن الأحوال، يمكنهم الحصول على وقت لإخلاء الأراضي العامة والتقدم بطلب لإعادة التأهيل.

استصلاح لا تجميل

وقال كوشال كيشور، وزير الدولة للإسكان والشؤون الحضرية، أمام البرلمان في يوليو (تموز)، إنه تم تنفيذ ما لا يقل عن 49 حملة هدم في نيودلهي في الفترة من 1 أبريل (نيسان) إلى 27 يوليو (تموز)، مع استصلاح ما يقرب من 230 فدانا من الأراضي الحكومية.

وأضاف: «لم يتم هدم أي منزل لتجميل المدينة استعدادا لقمة مجموعة العشرين».

وجاء هدم أكواخ مخيم جانتا بمثابة صدمة قاسية لمحمد شميم، وهو ساكن آخر، الذي قال إنه يعتقد أن «الكبار» الذين يحضرون قمة مجموعة العشرين «سيعطون شيئًا للفقراء... العكس هو ما يحدث هنا. سيأتي أناس كبار ويجلسون على قبورنا ويأكلون».

بالنسبة لكومار، الذي يعمل كاتبًا في مكتب براغاتي ميدان، فإن هدم منزله وإخلاء عائلته كان لهما دلالات أكبر.

وقال: «إذا انتقلنا من هنا، فإن تعليم أطفالي سيتأثر أيضاً. هنا يمكنهم الدراسة لأن المدرسة قريبة».

اثنان من أطفال كومار، سريشتي البالغة من العمر خمس سنوات وإشانت البالغة من العمر 10 سنوات، تذهبان إلى مدرسة حكومية في المنطقة.

الناس يرددون شعارات وهم يرفعون لافتات خلال احتجاج على إعادة تطوير دارافي، أحد أكبر الأحياء الفقيرة في آسيا (رويترز)
الناس يرددون شعارات وهم يرفعون لافتات خلال احتجاج على إعادة تطوير دارافي، أحد أكبر الأحياء الفقيرة في آسيا (رويترز)

وكانت الأسرة، التي تضم أيضا والد خوشبو، ديفي، تقيم في كوخها لمدة 13 عاما حتى طُلب منها إخلاء الأرض «لأن المنطقة يجب تنظيفها».

وقال ديفي لـ«رويترز»: «إذا كان عليهم التنظيف فهذا لا يعني وجوب إخراج الفقراء. إذا كان مظهر الفقراء في حالة سيئة للغاية فيمكنهم صنع شيء جميل مثل وضع ستارة أو ملاءة حتى لا يكون الفقراء مرئيين».

ومع مغادرة الجرافات بعد أن حولت منزليهما إلى أنقاض، بدأ كومار وزوجته في تنظيم ممتلكاتهما التي كانت متناثرة على جانب الطريق.

وبعد ذلك، قاما بتجميعها في عربة ذات ثلاث عجلات نقلتهم إلى مكان إقامتهما الجديد، وهو غرفة واحدة تقع على بعد 10 كيلومترات (6 أميال)، ودفعا مقابلها إيجارا شهريا قدره 2500 روبية (30.21 دولارا).

وبعد شهرين، في أغسطس (آب)، عادت الأسرة إلى جزء من منطقة مخيم جانتا الذي لم تتعرض له الجرافات، ودفعت إيجاراً أعلى قدره 3500 روبية للغرفة.

وقال كومار: «كان من الصعب على أطفالي الذهاب إلى المدرسة كل يوم من المكان الذي كنا نقيم فيه في وقت سابق. أريدهم أن يدرسوا ويحققوا أداءً جيداً، لقد عدنا من أجلهم».


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

الفلبين توقف دوتيرتي وترسله إلى لاهاي بتهم جرائم ضد الإنسانية

رودريغو دوتيرتي في فبراير الماضي (رويترز)
رودريغو دوتيرتي في فبراير الماضي (رويترز)
TT
20

الفلبين توقف دوتيرتي وترسله إلى لاهاي بتهم جرائم ضد الإنسانية

رودريغو دوتيرتي في فبراير الماضي (رويترز)
رودريغو دوتيرتي في فبراير الماضي (رويترز)

أُرسل الرئيس الفلبيني السابق، رودريغو دوتيرتي، على متن طائرة إلى لاهاي، الثلاثاء، بعد أن أوقفته الشرطة في مانيلا بناءً على مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية حربه الدامية على المخدرات. وتُقدِّر منظمات حقوقية أن عشرات الآلاف من الرجال، معظمهم من الفقراء، قتلوا برصاص قوات الأمن، من دون أي دليل على ارتكابهم جرائم مرتبطة بالمخدرات في كثير من الأحيان. وبهذا فقد أصبح أول رئيس دولة سابق في آسيا يمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية.

صورة وزعها مكتب نائب الرئيس سارة دوتيرتي تُظهر رودريغو دوتيرتي (في الوسط) وهو يصافح مؤيديه خلال تجمع في هونغ كونغ 9 مارس 2025 (إ.ب.أ)
صورة وزعها مكتب نائب الرئيس سارة دوتيرتي تُظهر رودريغو دوتيرتي (في الوسط) وهو يصافح مؤيديه خلال تجمع في هونغ كونغ 9 مارس 2025 (إ.ب.أ)

وأقلعت الطائرة التي تقل دوتيرتي (79 عاماً) من مطار مانيلا، ليل الثلاثاء، في طريقها إلى لاهاي الهولندية، وفق صحافيين في «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال محامي الرئيس السابق مارتن ديلغرا إن موكله صعد على متن طائرة في مطار العاصمة الفلبينية الدولي مع 3 أشخاص آخرين.

وقال مسؤولون في الفلبين إنه جرى اعتقال دوتيرتي لدى وصوله مع عائلته من هونغ كونغ إلى مطار مانيلا الدولي، بناءً على مذكرة الاعتقال. وقد أمرت المحكمة باعتقال دوتيرتي بعد اتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الحملة الدموية لمكافحة المخدرات غير المشروعة التي أشرف عليها وهو في منصبه، حسبما قالت الحكومة الفلبينية.

رودريغو دوتيرتي في فبراير الماضي (رويترز)
رودريغو دوتيرتي في فبراير الماضي (رويترز)

وقال مكتب الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الابن في بيان إن دوتيرتي اطلع على مذكرة الاعتقال الصادرة من الإنتربول لدى وصوله إلى المطار الرئيسي في مانيلا قبل احتجازه. وكانت حملة «الحرب على المخدرات» السمة المميزة لحملة دوتيرتي الانتخابية التي أوصلته إلى السلطة في عام 2016. وقد أوفى بالوعود التي قطعها خلال خطبه النارية بقتل الآلاف من تجار المخدرات.

ودافع دوتيرتي مراراً عن الحملة، ونفى أنه أصدر أوامر بقتل مَن يشتبه بأنهم من تجار المخدرات، وقال إنه أصدر تعليمات للشرطة بالقتل في حالة الدفاع عن النفس فقط.

وجاء اعتقال دوتيرتي بعد سنوات من استهزائه بالمحكمة الجنائية الدولية منذ انسحاب الفلبين من جانب واحد من المعاهدة التأسيسية للمحكمة في عام 2019، عندما بدأت المحكمة النظر في مزاعم قتل ممنهج خارج نطاق القضاء في عهده.

وكانت الفلبين ترفض حتى العام الماضي التعاون مع المحكمة في تحقيق تجريه بشأن مزاعم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وأظهر بث مباشر على موقع «إنستغرام» من ابنة دوتيرتي الصغرى فيرونيكا أنه قال للشرطة خلال احتجازه «لماذا ستقومون بتسليمي إلى المحكمة الدولية ونحن لم نعد أعضاء؟ فكروا في الأمر بجدية، لأن هذا ستكون له عواقب».

وأضاف: «إذا ارتكبت جريمة فحاكموني في المحاكم الفلبينية، مع القضاة الفلبينيين، وسأسمح لنفسي بالسجن في بلدي». وتحقق المحكمة الجنائية الدولية فيما يُقال إنها جرائم ضد الإنسانية، وتقول إنها تتمتع بسلطة التحقيق في الجرائم التي وقعت خلال فترة عضوية دولة ما بها.

وجاء في نسخة من مذكرة الاعتقال -كما نقلت عنها «رويترز»- أن دوتيرتي متهم بالمسؤولية الجنائية عن قتل ما لا يقل عن 43 شخصاً بين عامي 2011 و2019، بما في ذلك الفترة التي قضاها رئيساً لبلدية دافاو في جنوب البلاد.

رودريغو دوتيرتي (د.ب.أ)
رودريغو دوتيرتي (د.ب.أ)

وقالت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وأسر الضحايا إن اعتقاله خطوة مهمة نحو المساءلة عن مقتل الآلاف في الفلبين التي تعاني من بطء شديد في تحقيقات الشرطة. ولم توجه اتهامات لدوتيرتي على المستوى المحلي بارتكاب أي جرائم. ووفقاً للشرطة، قُتل 6200 مشتبه به خلال عمليات مكافحة المخدرات، التي تقول إنها انتهت بتبادل لإطلاق النار. لكن نشطاء يقولون إن الخسائر البشرية الحقيقية لهذه الحملة كانت أكبر بكثير، إذ قُتل الآلاف من متعاطي المخدرات في الأحياء الفقيرة في ظروف غامضة، وعدد منهم مدرج في «قوائم المراقبة» الرسمية.

وقال سلفادور بانيلو، حليف دوتيرتي والمستشار القانوني السابق له، إن اعتقاله غير قانوني، وإن الشرطة رفضت أن يكون للرئيس السابق تمثيل قانوني. وأضاف بانيلو في بيان: «مذكرة الاعتقال صدرت من المحكمة الجنائية الدولية، وهي جهة غير شرعية، ليس للمحكمة الجنائية الدولية ولاية قضائية على الفلبين».

وبمجرد وصوله إلى لاهاي، من المقرر نقل دوتيرتي إلى مقر المحكمة الجنائية الدولية التي فتحت تحقيقاً في الحملة التي بدأها عام 2016. وأكدت المحكمة مذكرة التوقيف بحقه. وقال المتحدث باسمها فادي عبد الله: «ما إن يكون هناك مشتبه به في عهدة المحكمة الجنائية الدولية، يتم تحديد موعد لجلسة استماع أولية».