دعوة وزير داخلية «الوحدة» لفرض الحجاب تفجر جدلاً حاداً في ليبيا

سياسيون عدّوا الخطوة مجرد محاولة لـ«إلهاء المواطنين»

وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي خلال مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي (داخلية الوحدة)
وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي خلال مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي (داخلية الوحدة)
TT

دعوة وزير داخلية «الوحدة» لفرض الحجاب تفجر جدلاً حاداً في ليبيا

وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي خلال مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي (داخلية الوحدة)
وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي خلال مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي (داخلية الوحدة)

تصاعد الجدل في ليبيا بشأن فرض الحجاب بالبلاد، عقب تصريحات لوزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة»، عماد الطرابلسي، أخيراً، تحدث فيها عن أهمية الأخلاق بالمجتمع الليبي، ودعوته لـ«منع الاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة، وتفعيل شرطة الآداب بالشوارع». كما توعد بـ«ملاحقة من يدوّن أي محتوى غير لائق عبر منصات التواصل الاجتماعي»، وإغلاق المقاهي التي تقدم الشيشة (الأرجيلة)، داعياً النساء إلى «الالتزام بزي الحجاب عند الخروج للشارع».

وأثارت تصريحات الطرابلسي «تباينات» وردود فعل مختلفة على «السوشيال ميديا»؛ ما بين «منتقد» للوزير و«داعم له». غير أن بعض السياسيين عدّ حديث الطرابلسي محاولة لـ«إلهاء الليبيين».

ناشطون استنكروا تصريحات الطرابلسي بحجة أن جل الليبيات ملتزمات أصلاً بالحجاب (أ.ف.ب)

وهاجمت عضوة مجلس النواب الليبي، ربيعة أبو راس، وزير داخلية «الوحدة»، داعية رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، إلى «مراجعة خطاب الوزير».

ومن جهته، وصف الناشط الحقوقي الليبي، طارق لملوم، حديث الوزير بأنه «إعلامي فقط، يروم من خلاله كسب ود تيار ديني بعينه، وربما أيضاً الحفاظ على موقعه بأي حكومة مقبلة»، مبرزاً «عدم وجود إحصائيات من وزارة الداخلية، أو أي مؤسسة رسمية في البلاد، تفيد بارتفاع نسبة جرائم الآداب في المجتمع»، ومؤكداً أن غالبية النساء «هن محجبات بالأساس».

ورغم إقراره بأنه «بعد عام 2011 ظهر شبان من الجنسين على منصات التواصل الاجتماعي، يقدمون محتوى جنسياً يتسم بجرأة غير معتادة»، فإن لملوم توقع أن يكون الهدف الرئيسي من حديث الطرابلسي هو «محاربة صُناع المحتوى من النشطاء، الذين ينشرون بعض القضايا التي تتعلق بمسؤولين». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ربما تكون هذه رسالة تهديد لهؤلاء النشطاء؛ لأن أغلب المواد المنشورة تكون سياسية».

بعض الليبيين رأى تركيز الطرابلسي على زي النساء محاولة للتغطية على فشله في إخراج التشكيلات المسلحة من العاصمة (أ.ف.ب)

ويتخوف لملوم «من توظيف تهمة ارتكاب فعل مخل بالآداب بحق بعض الفتيات الناشطات، وهي تهمة معيبة جداً بالمجتمع». وشدد على أن «تصريحات الطرابلسي جاءت بمجملها للتغطية على عدم نجاحه في إخلاء العاصمة من التشكيلات المسلحة كما وعد مراراً، لكنه أراد اللعب على وتر مربح وحساس لدى الشارع، من خلال التركيز على الأخلاق، وكذا إلهاء الليبيين»، لافتاً إلى أن «أغلب رجال الدين يقومون بنصح الشباب، وكذا أصحاب محلات الحلاقة فيما يتعلق بقص الشعر مثلاً، لكن لا يقومون بإجبارهم على ذلك».

وبحسب مراقبين، فإنه رغم انتقادات السياسيين والنشطاء للطرابلسي، فإنه حصل على دعم أصوات عديدة بالشارع الليبي «تؤيد خطواته وتدعوه إلى مباشرتها في أقرب وقت؛ كونها تحدّ من الانحدار الأخلاقي». وهو ما أرجعه الناشط السياسي الليبي، أحمد التواتي، إلى «اهتمام الغالبية في المجتمع الليبي بالقضايا الدينية»، لافتاً إلى أن الطرابلسي «يحاول كسب ود بعض التيارات الدينية بالمجتمع، وأيضاً بعض قيادات المنطقة الشرقية، أملاً في أن يستمر بعمله في أي حكومة موحدة يتم التوصل إليها».

وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط» في هذا السياق: «وزير داخلية (الوحدة) يعرف جيداً أن تصريحاته تخالف الإعلان الدستوري، وما تضمنه من حريات للمواطن الليبي، كما أن نفوذ حكومته يقتصر فقط على المنطقة الغربية؛ لأن الحكومة المكلفة من البرلمان هي التي تدير الشرق والجنوب منذ سنوات، وبالتالي فلن تطبق بهما ما ذهب إليه».

وعبّر التواتي عن أسفه بأن تركز حملة الوزير على «النساء اللاتي يمثلن قرابة نصف المجتمع، ومطالبتهن بالالتزام بزيّ هن أصلاً ملتزمات به دون وصي، بدلاً من الاهتمام بعدم وقوع مزيد من الاشتباكات بين المجموعات المسلحة، التي لم ينجح الطرابلسي في إخراج بعضها من العاصمة، وهي الاشتباكات التي سقط على مدار السنوات الكثير من المدنيين بسببها»، مشيراً إلى أن تصريحات الطرابلسي «هي محاولة إلهاء للمجتمع الليبي».


مقالات ذات صلة

الدبيبة يبحث تعزيز التعاون العسكري مع السنغال

شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً وزير القوات المسلحة السنغالي (حكومة الوحدة)

الدبيبة يبحث تعزيز التعاون العسكري مع السنغال

قالت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة ناقش سبل تعزيز التعاون العسكري بين ليبيا والسنغال.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)

تسريبات «قديمة» لتعذيب سجناء تعيد مطالب فتح ملف المعتقلات الليبية

تداول ليبيون على نطاق واسع مقاطع فيديو قالوا إنها من داخل سجن «قرنادة» بمدينة شحّات بشرق البلاد وتظهر الاعتداءات على سجناء شبه مجردين من ملابسهم بالضرب.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة وزعها مجلس النواب لتسلم رئيسه تقرير الهجرة غير النظامية (المركز الإعلامي لصالح)

هدوء حذر غرب طرابلس الليبية بعد ليلة من الاشتباكات المسلحة

أعلن مكتب مركز طب الطوارئ والدعم بمدينة الزاوية، مقتل شخصين وإصابة ستة آخرين في الاشتباكات التي شهدتها مدينة العجيلات غرب العاصمة طرابلس.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حفتر يتوسط المنفي وصالح في لقاء سابق (القيادة العامة)

ليبيا: قانون «المصالحة» يُشعل «صراع الصلاحيات» بين البرلمان و«الرئاسي»

وجّه رئيس البرلمان الليبي حديثه «للمعترضين على قانون المصالحة الوطنية» وقال إن «الطريق في عرض القوانين يكون بمقترح مقدم من 10 نواب أو مشروع قانون حكومي»

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

ليبيا: كيف بدأ الخلاف بين «النواب» و«الرئاسي»... وإلى أين سينتهي؟

تجددت التوترات بين مجلسي «النواب» و«الرئاسي» في ليبيا بعد اعتراض الأخير على إقرار الأول مشروع قانون «المصالحة الوطنية» في جلسته الأخيرة الأسبوع الماضي.

جاكلين زاهر (القاهرة)

انقطاع الكهرباء في عدة مناطق سودانية بعد مهاجمة سد مروي

شهدت مدينة بورتسودان انقطاعاً واسعاً في الكهرباء منذ صباح الاثنين (رويترز)
شهدت مدينة بورتسودان انقطاعاً واسعاً في الكهرباء منذ صباح الاثنين (رويترز)
TT

انقطاع الكهرباء في عدة مناطق سودانية بعد مهاجمة سد مروي

شهدت مدينة بورتسودان انقطاعاً واسعاً في الكهرباء منذ صباح الاثنين (رويترز)
شهدت مدينة بورتسودان انقطاعاً واسعاً في الكهرباء منذ صباح الاثنين (رويترز)

انقطعت الكهرباء، اليوم (الاثنين)، عن بورتسودان، مقر الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش، وفق ما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، بعدما استهدف هجوم بمسيّرة، تمّ تحميل «قوات الدعم السريع» مسؤوليته، سداً لتوليد الطاقة الكهرومائية في شمال البلاد.

وأفاد الجيش السوداني الذي يخوض حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023، في بيان، بأن الهجوم على سد مروي جزء من «حملتها الممنهجة» ضد المواقع العسكرية مع استهداف البنى التحتية «الحيوية».

وأفاد صحافيو «وكالة الصحافة الفرنسية» في بورتسودان، المطلة على البحر الأحمر حيث مقر الحكومة الموالية للجيش والأمم المتحدة منذ بداية الحرب؛ بانقطاع واسع في الكهرباء منذ صباح الاثنين.

وذكر الجيش أن سد مروي ومحطته للطاقة، على بُعد نحو 350 كيلومتراً شمال الخرطوم التي تمد بورتسودان ومناطق أخرى بالكهرباء، استُهدفا «بعدد من المسيّرات الانتحارية». وأضاف أن «هنالك بعض الخسائر وسيجري إصلاحها».

جنود من الجيش السوداني يحتفلون بعد دخولهم ود مدني في 12 يناير 2025 (رويترز)

ومنذ الهجوم الذي وقع صباحاً، قالت وسائل إعلام محلية إن مدن عطبرة ودنقلا وأم درمان الخاضعة جميعها لسيطرة الجيش شهدت انقطاعات في الكهرباء.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، اتهم الجيش «قوات الدعم السريع» باستهداف مروي بـ16 مسيرة من دون تسجيل أي ضحايا أو أضرار كبيرة حينذاك.

والسد من بين أكبر مصادر الطاقة الكهرومائية في السودان.

وتضم مدينة مروي في الولاية الشمالية في السودان مطاراً عسكرياً كبيراً.

مواطنون يحتفلون بعد إعلان الجيش سيطرته على مدينة ود مدني في بورتسودان بالسودان 11 يناير 2025 (رويترز)

جاء الهجوم الأخير بعد يومين من استعادة الجيش ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة (وسط) التي بقيت على مدى أكثر من عام تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وفضلاً عن تدميرها البنى التحتية الهشّة أساساً في السودان، حصدت الحرب أرواح عشرات آلاف الأشخاص، ودفعت أكثر من 12 مليوناً إلى النزوح وتركت الكثير من السودانيين على حافة المجاعة.