كشف النائب العام الليبي الصديق الصور، عن أن السلطات القضائية «تلاحق داخل البلاد وخارجها المتورطين في تهريب النفط»، بعدما أطاحت «تشكيلاً عصابياً» تورط في نقل كميات كبيرة من المحروقات إلى إحدى السفن الراسية قُبالة الساحل الغربي الليبي.
ويأتي الحديث عن تفكيك هذا التشكيل بعد إجراءات اتخذتها حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في مايو (أيار) الماضي، لمواجهة عمليات تهريب النفط المسروق والاتجار بالبشر والمخدرات، الأمر الذي أعاد طرح السؤال عن جدوى هذه الإجراءات، التي وصلت إلى توجيه ضربات جوية أكثر من مرة على معاقل المتورطين في هذه الأعمال على طول الساحل الغربي.
وتحدث مكتب النائب العام، عن أنه عقب اتخاذ تدابير لازمة «لردع أفعال مهربي المحروقات والحد من تداعياتها على الاقتصاد الوطني، تولت نيابة مكافحة الفساد في نطاق اختصاص محكمة استئناف طرابلس، مهمة فحص الدلائل المقدمة من جهاز خفر السواحل بشأن عمليات تهريب المحروقات عبر البحر».
وأوضح مكتب النائب العام، مساء السبت، أن مأمور الضبط القضائي أجرى عملية فحص وتفتيش للسفينة المُبلّغ عنها، فتبين أنها «تستعمل في تهريب المحروقات لغرض تحقيق مكاسب مادية غير مشروعة».
وكانت حكومة «الوحدة الوطنية» أعلنت أنها نفذّت ضربات جوية بطائرات «مسيرة» على مواقع مهربين في غرب البلاد، وقالت وزارة الدفاع التابعة لها في حينها: «طيراننا الوطني نفذ ضربات جوية دقيقة وموجهة ضد أوكار عصابات تهريب الوقود، وتجارة المخدرات، والاتجار بالبشر، في منطقة الساحل الغربي».
وعلى الرغم من أن الحكومة قالت إن الضربات - التي تكررت أكثر من مرة على بلدات بالساحل الغربي - «حققت أهدافها المرجوة»، فإن هناك من يرى أنها استهدفت «تصفية حسابات سياسية» ضد أطراف مختلفة مع الدبيبة.
ويعتقد سياسيون ليبيون أن عمليات تهريب الوقود «تتم على نطاق واسع على مرأى ومسمع من جميع قادة ليبيا، مما يتطلب مواجهة جادة من السلطات المختصة بعيداً عن أي حسابات ومناكفات سياسية».
وبشأن عملية تفكيك التشكيل العصابي، أوضح مكتب النائب العام بطرابلس، أنه «تم الاستدلال على مالك السفينة، والجهة التي تتبع لها، ومعرفة من مد مالكها بالمحروقات في ليبيا»، متابعاً: «بعد اتخاذ جميع الإجراءات الضبطية تم القبض على المهربين متلبسين بالواقعة»، وتبين للمحقق أنهم شخص ليبي، وثمانية وافدين، اعترفوا جميعاً بنقل 100 ألف لتر من وقود الديزل إلى إحدى سفن النقل الراسية قبالة ساحل مدينة زوارة، (الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط).
ونوه النائب العام إلى أن المتهمين «دأبوا على تكرار عملية التهريب أكثر من مرة، فانتهى المحقق إلى حبسهم احتياطياً، وقرر ملاحقة بقية المتورطين على الصعيدين (المحلي والدولي)».
وتنتعش في ليبيا، منذ اندلاع «ثورة 17 فبراير» عام 2011، عملية تهريب النفط إلى خارج البلاد، عبر سفن تابعة لدول أجنبية تمر قُبالة الساحل. وسبق وحرّكت النيابة العامة الليبية دعوى جنائية في مواجهة وافدين، ومواطنين انخرطوا في تشكيل عصابي، لتهريب المحروقات خارج البلاد.
ويعد سياسيون واقتصاديون ليبيون أن تهريب النفط يكلف البلاد أكثر من 30 مليار دينار، (الدولار يساوي 5.20 دينار في السوق الموازية). وقال ناجي عيسى، مدير إدارة الدراسات والبحوث بمصرف ليبيا المركزي، في اجتماع لحكومة «الوحدة» إن فاتورة الدعم، بشكل عام، وفق هيكل الإنفاق العام خلال 2022، بلغت 50.8 مليار دينار.
وكانت نيابة مكافحة الفساد بمحكمة استئناف مصراتة (غرباً)، حققت في واقعة تهريب 20 حاوية «تبين أن بداخلها (تنكات) تحمل 360 ألف لتر من وقود الديزل إلى خارج البلاد، بعدما قدم المتورطون مستندات جمركية أقروا فيها (زوراً) أن البضاعة محل الإفصاح عبارة عن زيوت ميكانيكية مستعملة، وهم على علم أن كمية الزيوت أضيفت إلى الوقود بكميات ضئيلة، تحسُّباً لإجراء معاينة المواد المحملة، فتكرر الفعل المجرم منهم أكثر من مرة في أوقات وموانئ مختلفة؛ تنفيذاً للدافع الإجرامي ذاته».
وأمام منتقدي الضربات الجوية التي شنها طيران «الوحدة» على أوكار المهربين بالساحل الغربي، دافع الدبيبة عن الإجراءات التي اتخذها، وقال إن «العملية العسكرية تستهدف تحييد المجرمين المتورطين في إهدار أموال الليبيين، بتهريب الوقود، والضالعين في عمليات إجرامية منظمة تتجاوز الحدود، وإنها لن تتوقف حتى يتم القضاء على هذه العمليات».