في الوقت الذي يعقد فيه مجلسا النواب و«الدولة» غداً (الاثنين) جلستين متزامنتين، يتوقع ليبيون أن «خريطة طريق» جديدة على الأبواب، تتضمن تشكيل حكومة «موحدة»، بينما يرى سياسيون مقربون من المجلسين أن هناك عقبات تعترض هذا التوجه من بينها غياب الثقة بين الفرقاء بالبلاد.
ويرى عضو مجلس الأعلى للدولة عادل كرموس، أن «التحدي الأول لمقترح الخريطة الجديدة، هو احتمالية رفضها من قبل بعض أعضاء مجلس النواب»، لافتاً إلى أنه «لا بد من موافقة المجلسين على الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة، وكذلك منحها الثقة بعد إتمام تشكيلها، وهو ما قد يعده بعض النواب سلباً لاختصاصات أصلية لمجلسهم كسلطة تشريعية».
وفيما استدرك كرموس، بأن «المطروح على المجلسين هو بالنهاية مقترح قابل للنقاش»، لفت إلى أن الأمر «يتطلب موافقة البعثة الأممية عليه، خوفاً من عرقلته».
ويرى كرموس «أن متابعة البعثة الأممية لمرحلة إعداد القوانين الانتخابية خلال اجتماعات لجنة (6+6) بالمغرب، يضعها والمجتمع الدولي بموقف حرج اليوم، حال استمرت في تجاهل مطلب مجلسين بوجود حكومة (موحدة) للإشراف على الانتخابات»، وقال إن مجلسه سيناقش بجلسة (الاثنين) مقترح الخريطة، وليس القوانين الانتخابية.
وفي المقابل، أكد عضو مجلس النواب الليبي، عصام الجهاني، أن مجلسه سيناقش القوانين التي قدمت من لجنة (6+6)، مؤكداً أنه كان «من الخطأ من البداية النص على أن تكون مخرجات تلك اللجنة نهائية وملزمة».
ورأى الجهاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن العلاقة بين المجلسين وصلت لما يمكن وصفه بـ«مرحلة النضوج»؛ وأن الخريطة المقترحة قد يجري التوافق عليها، وإن «بقيت العقبات التي تعترضها غير هينة، من بينها رفض حكومة الدبيبة تسليم السلطة»، وقال: «تتذرع بأنها لن تترك موقعها إلا لحكومة منتخبة».
ويتفق الجهاني مع الطرح السابق، بأن الموقف الدولي ممثلاً بالبعثة الأممية سيكون «مؤثراً» في ما يتعلق بالاعتراف بالحكومة المستهدفة، مسلطاً الضوء «على المتغيرات الحالية بالساحة الإقليمية مثل عودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا وما له من تداعيات على الساحة الليبية، وكذلك استمرار تأزم العلاقة بين موسكو وواشنطن».
وتوقع عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، ألا يتمكن مجلسه من تمرير الخريطة بجلسة (الاثنين) لعدم اكتمال النصاب القانوني للجلسة وهو 65 عضواً.
وأوضح معزب لـ«الشرق الأوسط» أن «الخريطة تتضمن قضايا جوهرية من بينها تشكيل حكومة، والاستعداد لإجراء انتخابات؛ ولذا لا بد من توافر النصاب عند طرحها للنقاش والتصويت»، متابعاً: «لكن إذا أرادوا تمريرها فقد تعقد جلسة أخرى ربما (الثلاثاء) ويجري حساب النصاب القانوني وفقاً لقاعدة (50+1) من نسبة الحضور وبالتالي تمرر».
ويعتقد معزب أن واشنطن «تفضل عدم الانخراط بتعقيدات تشكيل حكومة جديدة مقارنة باستمرار حكومة الدبيبة، وإيجاد قدر من التفاهم مع حكومة (الاستقرار) التي يترأسها أسامة حماد، خصوصاً أن اللجنة المالية التي شكلها المجلس الرئاسي مؤخراً حلت تقريباً كافة الإشكاليات المالية التي كانت محل نزاع الفترة الماضية».
وشدد معزب على أنه حتى لو أُقِرت الخريطة عبر تعديل جديد للإعلان الدستوري لإيجاد توافق حول تعديلات القوانين الانتخابية فإن هذا لن يؤدي للانتخابات كما يرددون» متابعاً: «الجميع يعرف حجم الخلافات الكبيرة التي تتعلق بالانتخابات الرئاسية والقبول بنتائجها، وهذا يعني أن المشهد السياسي سيزيد تعقيداً فقط مع تطبيق تلك الخريطة».
وأكد المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، على أن تلك الخريطة «لن تؤدي للانتخابات حتى لو استطاعت التغلب على العقبات كافة التي تواجهها».
وتحدث المهدوي لـ«الشرق الأوسط» عن نص الفقرة المتعلق بولاية السلطة التنفيذية في (الخريطة المقترحة) وكيف أن «ولاية المجلس الرئاسي تنتهي بإجراء الانتخابات وفق المدة المحددة بالإعلان الدستوري المتمثلة بـ 240 يوماً، وفي حال عدم إجرائها لأي سبب يعاد تشكيل المجلس الرئاسي بالتوافق بين مجلس النواب والأعلى للدولة».
ويعتقد أن هذا البند يطرح «الشكوك بقوة حول تعويل المجلسين على فشل الانتخابات ليستمرا بمواقعهما الحالية ويقوما بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي»، وفق قوله.
واستدرك المهدوي: «المجلسان لا يملكان القوة على الأرض لإزاحة حكومة الدبيبة، والمبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، أكد في لقاءاته بعناصر حزبية ونشطاء أنه لن يقبل بأي حكومة جديدة إلا إذا جاءت نتاج اتفاق سياسي بين القوى الفاعلة على الأرض».
ورأى المهدوي أن «بطء عمل البعثة الأممية لا يمكن ترجمته سوى أنها تعمل على إدارة الأزمة لا حلها، وتكتفي بالوقت الحالي بمشاهدة تخبط مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) وتمسكهما بالسلطة».
وانتهى المهدوي معتقداً أن «المجلسين يقدمان القوانين والاشتراطات التي تظهر تشبثهما بالسلطة، ثم يقولان، قدمنا كل التزاماتنا نحو إجراء الانتخابات، والخطأ ليس من جانبنا».