​ماذا تعني مطالبة مستشار ترمب باقتراحات بديلة لـ«التهجير»؟

بوهلر دعا القاهرة وعمّان لإيجاد «حل» آخر

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)
فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)
TT

​ماذا تعني مطالبة مستشار ترمب باقتراحات بديلة لـ«التهجير»؟

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)
فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بعد تمسك مصر والأردن برفضهما تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، أعاد مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخاص لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، الحديث في هذا الشأن عقب طلبه من مصر والأردن اقتراح «حل بديل» لـ«مقترح تهجير أهل غزة». وهو ما عدّه خبراء «استفزازاً ومحاولة لكسب الوقت وفرض الرؤية الأميركية - الإسرائيلية»، وقالوا إن «مطالبة مستشار ترمب بـ(مقترح بديل) هي إلقاء للكرة في ملعب الدول العربية للبحث عن حل للقضية الفلسطينية».

وقال بوهلر خلال مقابلة مع «القناة الـ12» الإسرائيلية، الأربعاء، إنه «يجب على مصر والأردن أن يقترحا حلاً بديلاً يعتقدان أنه سيكون أفضل»، إذا لم يرغبا في استقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة. وأضاف: «متأكد من أن الرئيس ترمب سيستمع، إنه منفتح دائماً على الحلول المختلفة، لكن يجب أن تكون حقيقية».

وكان الرئيس الأميركي، قال مساء السبت الماضي، إنه «يتعين على الأردن ومصر استقبال مزيد من الفلسطينيين من غزة، حيث تَسَبّب الهجوم العسكري الإسرائيلي في وضع إنساني صعب، وأسفر عن مقتل عشرات الآلاف»، وفقاً لما نقلته «رويترز». وعندما سُئل عما إذا كان هذا اقتراحاً مؤقتاً أو طويل الأجل، قال ترمب: «يمكن أن يكون هذا أو ذاك».

نازحون فلسطينيون عائدون بسياراتهم إلى بيوتهم في شمال غزة الأربعاء (أ.ب)

أستاذ العلاقات الدولية في جامعة «جورج تاون» بواشنطن، إدموند غريب، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «تصريح بوهلر يأتي في إطار المراوغة والالتفاف من جانب ترمب، فهو حينما وجد غضباً عربياً وعالمياً وأميركياً ضد مقترحه، بعث مندوبه للشرق الأوسط ليقول هذا الكلام، من ناحية يظهر كأنه منفتح على حلول ويطلب من الدول العربية تقديم تلك الحلول، ومن ناحية أخرى هو لم يتراجع عن مقترحه».

وأشار غريب إلى أن «هذه طريقة معروفة عن ترمب في التفاوض، فهو يحاول كسب الوقت والأرض لتنفيذ ما يريده، ويعتقد أنه قادر على فرض كل شيء بسياسة القوة والأمر الواقع، ولم يكن يعتقد أن يجد هذا القدر الكبير من المعارضة لمقترحه في المجتمع الدولي كله، ولم يؤيده في ذلك سوى اليمين المتطرف في إسرائيل».

نازحون من غزة يتجمعون في منطقة النصيرات للعودة إلى منازلهم في الجزء الشمالي بالقطاع (أ.ف.ب)

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء «رفض مقترح التهجير»، قائلاً إن «تهجير الشعب الفلسطيني ظلم لن تشارك فيه مصر التي لديها موقف ثابت وتاريخي من تلك القضية».

كما قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الأحد، إن «الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين، ورفضنا للترحيل ثابت ولا يتغير». وأيضاً كانت هناك تصريحات غربية وأوروبية رافضة للمقترح بشكل واسع.

أستاذة العلوم السياسية في جامعة «القاهرة»، نورهان الشيخ أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «تصريح مستشار ترمب فيه قدر كبير من الاستفزاز، وبه محاولة للتغافل عن الأوضاع القانونية والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، فالحل البديل مطروح منذ عشرات السنوات، وهو (حل الدولتين) وعلى أساسه تم (اتفاق أوسلو) وغيره من الاتفاقات».

وأكدت أن «ترمب يحاول فرض وجهة نظر إدارته، لأن الموقف الأميركي الواضح دائماً والثابت على مدى عقود، هو الالتزام بـ(حل الدولتين)، لذا فالرئيس الأميركي يريد القفز على هذا الموقف وهذا الحل وكأنه لم يعد موجوداً، وفرض وجهة نظر إدارته التي ترغب في تنفيذ صفقة القرن وسيناريو التهجير الذي تخطط له إسرائيل بأي شكل بوصفه حلاً وحيداً للقضية الفلسطينية».

نازحون فلسطينيون عائدون إلى بيوتهم في شمال غزة الأربعاء (أ.ب)

ويعدّ «اتفاق أوسلو» أول اتفاق رسمي بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. وينص على «إنهاء عقود من المواجهة والنزاع، والاعتراف بحقوقهما المشروعة والسياسة المتبادلة». وضم عدّة بنود تتعلق بهيكلية السلطة الفلسطينية وتكوينها، وإقامة سلطة حكم ذاتي انتقالية فلسطينية، وغيرها من البنود.

وتم توقيع الاتفاقية التي تمهد لـ«حل الدولتين» في سبتمبر (أيلول) 1993، وسميت رسميا بـ«إعلان المبادئ الفلسطيني - الإسرائيلي... أوسلو» في حديقة البيت الأبيض بواشنطن.

ويرى مدير «مركز القدس للدراسات السياسية» بالأردن، عريب الرنتاوي، أن «تصريح بوهلر استفزازي، وكأن التهجير أمر لا بد منه، وأن الخلاف المصري - الأردني من جهة، والأميركي من جهة أخرى يدور حول وجهة ومكان هذا التهجير».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «يتجاهل ترمب وإدارته أن مصر والأردن والفلسطينيين قبلهما قالوا بشكل واضح، إن غزة هي وطن الغزاويين، وفلسطين هي وطن الفلسطينيين، ولا وطن آخر لهم، ومن ثم فعلى ترمب أن يتوقف عن طرح مقترح التهجير، وإذا كان يريد حلاً بديلاً فعليه أن يعيد الفلسطينيين المهجرين من ديارهم التي احتلتها إسرائيل، أو ليستقبل الفلسطينيين في أميركا التي يُطارِد فيها المهاجرين حالياً في الوقت الذي يطلب فيه تهجير الفلسطينيين لمصر والأردن».

وأعلن البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، عن بدء تنظيم رحلات جوية مخصصة لترحيل المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة، في إطار حملة صارمة لتنفيذ وعود ترمب بشأن الهجرة. وجاء هذا الإعلان بعد أيام قليلة من تنصيب ترمب لولاية رئاسية جديدة، إذ أكدت إدارته التزامها بتأمين الحدود ومكافحة «الهجرة غير النظامية».

نازحون فلسطينيون عائدون بسياراتهم إلى بيوتهم في شمال غزة الأربعاء (أ.ب)

أما المفكر السياسي عضو مجلس «الشيوخ» المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، عبد المنعم سعيد، فعدّ تصريح مستشار ترمب «تجاوباً مع ما قاله الرئيس المصري، الأربعاء، بأنه يتطلع إلى عملية سلام تلعب فيها الولايات المتحدة دوراً مهماً، وأن هذا هو الحل وليس التهجير، ومن ثم فترمب يطالب بتقديم الحل البديل للتهجير».

ووفق سعيد: «دوماً أطالب بأن نتولى أمورنا بأنفسنا، وأن نقدم مشروعات للحل بعيداً عن الكلام العام، وما يخص حل الدولتين، بل نجيب عن أسئلة مهمة، وهي كيف ستعيش دولة إسرائيل بجوار دولة فلسطين؟ وهل دولة فلسطين سيكون بها 14 تنظيماً مسلحاً؟ الحل لا بد أن يكون عملياً، ويحدد شكل الواقع الذي نريده، وأن نقنع المجتمع الدولي بوجهة نظرنا، بعيداً عن الشرعية الدولية، ومبادئ القانون الدولي التي نلجأ إليها دوماً ولم تحل القضية».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب ألقى الكرة في ملعب الدول العربية، وطالبها بتقديم الحل الأفضل من الحل الذي اقترحه، وعلينا أن نعمل على تقديم حل عملي وحقيقي، مثلما فعل الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، الذي ذهب إلى الكنيست الإسرائيلي وفي جعبته مشروع حقيقي لحل الصراع العربي - الإسرائيلي».


مقالات ذات صلة

تقرير: أميركا تضغط على دول لإرسال قوات إلى غزة... ولا استجابة بعد

المشرق العربي امرأة فلسطينية تمر عبر الدمار الناتج عن الحرب في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

تقرير: أميركا تضغط على دول لإرسال قوات إلى غزة... ولا استجابة بعد

أفادت صحيفة أميركية، السبت، بأن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام.

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وفا)

الرئاسة الفلسطينية: الاستيطان جميعه غير شرعي

أكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن الاستيطان جميعه غير شرعي، ومخالف لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي القيادي في حركة «حماس» رائد سعد (وسائل التواصل الاجتماعي) play-circle

من هو رائد سعد قيادي «القسام» الذي أعلنت إسرائيل اغتياله؟

بعد ملاحقة استمرت عقوداً، أعلنت إسرائيل اليوم (السبت)، اغتيال رائد سعد القيادي البارز في حركة "حماس" الفلسطينية في قصف على مدينة غزة. فمن هو؟

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )
المشرق العربي حنين المبحوح فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع جميعاً بغزة (أ.ب)

مبتورو الأطراف في غزة يكافحون لإعادة بناء حياتهم وسط نقص الأجهزة التعويضية

تجلس حنين المبحوح على كرسيها المتحرك، تحلم بإعادة بناء أسرتها، وحمل طفل رضيع. تحلم بالمشي مجدداً. لكن حياتها في غزة متوقفة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الجيش اللبناني يدعو للتضامن الجامع معه

الدراجة النارية التي استهدفت في بلدة ياطر وأدت إلى مقتل شخص (الوكالة الوطنية للإعلام)
الدراجة النارية التي استهدفت في بلدة ياطر وأدت إلى مقتل شخص (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

الجيش اللبناني يدعو للتضامن الجامع معه

الدراجة النارية التي استهدفت في بلدة ياطر وأدت إلى مقتل شخص (الوكالة الوطنية للإعلام)
الدراجة النارية التي استهدفت في بلدة ياطر وأدت إلى مقتل شخص (الوكالة الوطنية للإعلام)

استأنفت إسرائيل الاغتيالات إلى جنوب لبنان بعد أسبوعين من اقتصار انتهاكات على القصف المتنقل في الجنوب والبقاع، في وقت استمر فيه استنفار الجيش اللبناني في بلدة يانوح بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه علق في شكل موقت ضربة كان قد هدد بها على ما اعتبره بنية تحتية عسكرية تابعة لـ«حزب الله» في البلدة، فيما يتوقع أن يعقد اجتماع الجمعة المقبل للجنة مراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار (الميكانيزم) في الناقورة.

مقتل شخصين في غارات إسرائيلية

واستهدفت غارات إسرائيلية الأحد سيارتين ودراجة نارية في الجنوب، ما أدى إلى مقتل شخصين وجرح ثالث، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف ثلاثة عناصر من «حزب الله» في مناطق في جنوب لبنان، مشيراً إلى أن المستهدفين «شاركوا في محاولات لإعادة بناء البنية التحتية» للحزب، وكانت أنشطتهم تشكل «انتهاكاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان» المبرمة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل شخص وإصابة آخر في غارة إسرائيلية استهدفت دراجة نارية في بلدة ياطر قضاء بنت جبيل. كما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بمقتل شخص في الغارة الإسرائيلية على سيارة بين بلدة صفد البطيخ وبلدة برعشيت. وهذا ما أكدته وزارة الصحة في وقت لاحق، فيما لم يعلن عن وقوع إصابات في غارة استهدفت سيارة في بلدة جويا.

استنفار في يانوح

في غضون ذلك، نفذ الطيران الإسرائيلي منذ صباح الأحد، غارات وهمية في أجواء منطقتي النبطية وإقليم التفاح وعلى علو متوسط، فيما سجل في الساعات الماضية تحليق مكثف للطيران فوق عدد من بلدات الجنوب، لا سيما بلدة يانوح حيث تتمركز قوة من الجيش اللبناني في محيط منزل كان قد تعرّض لتهديد من قبل الجيش الإسرائيلي يوم السبت، فيما تقيم القوى الأمنية نقاط تفتيش عند مداخل البلدة.

الالتزام بالقرار 1701

وبينما يسود التوتر والقلق بلدة يانوح، أوضحت قيادة الجيش ما حصل يوم السبت، داعية إلى التضامن الوطني الجامع مع المؤسسة العسكرية. وقالت في بيان: «في 13 الجاري، وفي إطار التنسيق بين المؤسسة العسكرية ولجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية (ميكانيزم) وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، أجرى الجيش تفتيشاً دقيقاً لأحد المباني في بلدة يانوح بموافقة مالكه، فتبين عدم وجود أي أسلحة أو ذخائر داخل المبنى».

وأضافت: «بعدما غادر الجيش المكان، وفي سياق الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، وَرَد تهديد بقصف المنزل نفسه، فحضرت على الفور دورية من الجيش

وأعادت تفتيشه من دون العثور على أي أسلحة أو ذخائر، فيما بقيت الدورية متمركزة في محيط المنزل منعاً لاستهدافه».

وعبّرت قيادة الجيش عن تقديرها لـ«ثقة الأهالي بالمؤسسة العسكرية، ووقوفهم إلى جانبه وتعاونهم أثناء أدائه لواجبه الوطني»، معربة «عن شكرها العميق للجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية التي قامت بالاتصالات اللازمة بالتنسيق مع قيادة الجيش، وأدت دوراً أساسياً من أجل وقف تنفيذ التهديد».

وثمّنت القيادة «الجهود الجبارة والتضحيات التي يبذلها العسكريون في مواجهة ظروف استثنائية في صعوبتها ودقتها»، مشيرة إلى «إلغاء التهديد في الوقت الحالي، في حين لا يزال عناصر الجيش متمركزين في محيط المنزل حتى الساعة».

وشددت القيادة «أن هذه الحادثة تثبت أكثر من أي وقت مضى أن السبيل الوحيد لصون الاستقرار هو توحيد الجهود والتضامن الوطني الجامع مع الجيش، والالتزام بالقرار 1701 واتفاق وقف الأعمال العدائية، بالتنسيق مع الـ(ميكانيزم) والـ(يونيفيل) في مرحلة صعبة تستلزم أقصى درجات الوعي والمسؤولية».


تقارير: عملية أمنية سورية ضد خلايا «داعش» رداً على هجوم تدمر

عناصر من وزارة الداخلية تستخدم الكلاب المدربة لفحص السيارات في إحدى النقاط الأمنية (الداخلية السورية)
عناصر من وزارة الداخلية تستخدم الكلاب المدربة لفحص السيارات في إحدى النقاط الأمنية (الداخلية السورية)
TT

تقارير: عملية أمنية سورية ضد خلايا «داعش» رداً على هجوم تدمر

عناصر من وزارة الداخلية تستخدم الكلاب المدربة لفحص السيارات في إحدى النقاط الأمنية (الداخلية السورية)
عناصر من وزارة الداخلية تستخدم الكلاب المدربة لفحص السيارات في إحدى النقاط الأمنية (الداخلية السورية)

أفاد تلفزيون «الإخبارية» السوري، الأحد، بأن القوات الأمنية نفذت عملية ضد خلايا تنظيم «داعش» في ريف حمص رداً على هجوم تدمر.

وأوضح التلفزيون أن العملية الأمنية ضد خلايا تنظيم «داعش» نفذت في مناطق الفرقلس والقريتين والبادية بريف حمص.

وتعرضت قوات الأمن السورية وقوات أميركية، السبت، لإطلاق نار قرب مدينة تدمر ما أدى لإصابة عنصرين من قوات الأمن السورية ومقتل عنصرين من القوات الأميركية ومترجم مدني، فيما قُتل مطلق النار، وفقاً لما نشرته وكالة «سانا» الرسمية السورية.


مخيمات تنظيم «داعش» تشكّل مشكلة خطيرة لقادة سوريا

سوق في «مخيم الهول»... وهو معسكر اعتقال في شمال سوريا (نيويورك تايمز)
سوق في «مخيم الهول»... وهو معسكر اعتقال في شمال سوريا (نيويورك تايمز)
TT

مخيمات تنظيم «داعش» تشكّل مشكلة خطيرة لقادة سوريا

سوق في «مخيم الهول»... وهو معسكر اعتقال في شمال سوريا (نيويورك تايمز)
سوق في «مخيم الهول»... وهو معسكر اعتقال في شمال سوريا (نيويورك تايمز)

بعد هجوم تنظيم «داعش» في وسط سوريا الذي أسفر عن مقتل جنديين أميركيين ومترجم مدني أميركي، في أولى خسائر بشرية أميركية في البلاد منذ سقوط الرئيس بشار الأسد العام الماضي، تسلط الضوء على التحديات التي تواجه الحكومة السورية الوليدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، في ظل سعيها لقيادة بلد ممزق بشدة، يخرج من حرب أهلية دامت قرابة 14 عاماً.

ومنذ أن سيطر تحالف المعارضة الذي يتزعمه على حكومة الأسد، اضطر الشرع لمواجهة تهديدات التنظيم وجماعات مسلحة أخرى، بالتزامن مع بناء جيش وطني جديد.

ويأتي هذا الهجوم أيضاً بعد أشهر من بدء الولايات المتحدة تقليص وجودها العسكري في سوريا، من نحو 2000 جندي في بداية العام إلى نحو 1000 جندي اليوم، بحسب مسؤول في «البنتاغون». ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الهجوم الدامي الذي استهدف جنوداً أميركيين يوم السبت سيؤثر على تلك الاستراتيجية.

صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية نشرت تقريراً من شمال شرقي سوريا، قبل أيام، حيث مخيم و«معسكر اعتقال» مترامي الأطراف، بحسب وصف مراسلة الصحيفة التي زارت المنطقة في مارس (آذار) الماضي.

يحيط بالمجمع الشاسع سياج شبكي تعلوه أسلاك شائكة، وتصطف شاحنات الإمدادات على طول الطريق لمسافة تزيد على نصف ميل خارج بوابات المخيم. هذا هو مخيم «الهول» للاحتجاز، حيث غالبية المحتجزين هم أفراد عائلات - زوجات، شقيقات، أطفال - مقاتلين تابعين لتنظيم «داعش». ويوجد أكثر من 8000 مقاتل في سجون مجاورة.

جزء من «مخيم الهول» حيث يُحتجز أفراد عائلات مقاتلي تنظيم «داعش» في شمال سوريا الخاضع لسيطرة الأكراد يوم 24 مارس (نيويورك تايمز)

عهدت القوات الأميركية إلى حلفائها الأكراد السوريين بحراسة المحتجزين والأسر. ولكن الآن، تسحب وزارة الدفاع الأميركية قواتها من سوريا، وهناك مؤشرات على أن المسؤولين الأميركيين يريدون أن تتحمل الحكومة السورية الجديدة مسؤولية السجون ومخيمات الاحتجاز. هذا جزء من جهد حكومي أكبر لدمج الميليشيا القوية التي يقودها الأكراد، والمعروفة باسم «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في الجيش الذي أعيد تشكيله حديثاً في البلاد، في الوقت الذي يحاول فيه المسؤولون إعادة توحيد سوريا بعد حرب أهلية استمرت 14 عاماً.

حتى الآن، اتخذت الحكومة موقفاً عاماً قوياً ضد تنظيم «داعش». وافقت سوريا في نوفمبر (تشرين الثاني) على الانضمام إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم، الذي لا يزال نشطاً في البلاد.

وبحسب تقييمات صادرة عن الأمم المتحدة والمسؤولين الأميركيين على حد سواء، وسّع تنظيم «داعش» من نطاق انتشاره خلال العام الماضي وزاد من وتيرة هجماته وفتكها، بعد سنوات من الهجمات منخفضة المستوى التي استهدفت في المقام الأول القوات التي يقودها الأكراد في شمال شرقي سوريا. واستهدف التنظيم كنيسة للروم الأرثوذكس في دمشق، ونفّذ هجمات تفجيرية بالقنابل ضد قوات الحكومة السورية.

يقول مسؤولو المخيمات، للصحيفة، إن عناصر تنظيم «داعش» لا يزالون داخل المخيمات، ويركزون على تجنيد وتطرف الأطفال هناك.

أطفال وعائلات في «مخيم روج» شمال شرقي سوريا حيث يزيد عدد سكانه دون سن الثامنة عشرة على النصف (نيويورك تايمز)

وتصف المراسلة انطباعاتها بقولها: «كان الأطفال يتجولون في مجموعات داخل المساحة المسيّجة. كان الصغار يتشبثون بعباءات أمهاتهم السوداء الطويلة. وتجنبت بعض النساء التحدث إلى الأجانب، في حين تجمعت أخريات حولي، متوسلات ليتم الاستماع إليهن».

بالنسبة للعديد من المقيمين، لا يهم من هو المسؤول. قالت «أم البراء»، وهي امرأة من مدينة هيت العراقية: «في الربيع نريد العودة إلى الوطن. لقد تعبنا جداً». كانت ترتدي، مثل الكثيرات، عباءة سوداء كاملة الطول وغطاء رأس أسود، وتغطي أنفها وفمها. وارتدت بعضهن أيضاً قفازات سوداء طويلة التزاماً بالقيود الدينية لتنظيم «داعش».

أطفال وعائلات «داعش» في «مخيم روج» شمال شرقي سوريا الذي يزيد عدد سكانه دون سن الثامنة عشرة على النصف (نيويورك تايمز)

قالت مديرة المخيم، جيهان حنان، في نوفمبر إنها غير متأكدة مما إذا كانت «أم البراء» لا تزال في المخيم، أو ما إذا كانت الحكومة العراقية قد أعادتها إلى العراق مع آلاف النساء العراقيات الأخريات من المخيمات.

تحدثت امرأة أخرى بهدوء وهي تضم طفلة صغيرة ذات أنف يسيل. أخبرتني المرأة أن اسمها خولة، وأن لديها ابنتين وابنين معها. قالت إن أطفالها يعانون؛ لأنه لا توجد مدرسة مناسبة، مضيفة أنهم لم يرتكبوا أي خطأ، ويتعرضون للعقاب على أفعال والدهم. وبحسب حنان، سُمح لها ولأطفالها بالعودة إلى العراق في الخريف. كانت خولة وأطفالها قد أمضوا 6 سنوات في «مخيم الهول».

توسلت امرأة أخرى، تُدعى لطف النعسان، وتبلغ 65 عاماً، وهي تجذب كُمّي: «أنا بحاجة إلى علاج طبي». وأوضحت أنها تعاني من مشاكل في القلب، وأن دواءها قد نفد. قال مسؤولو المخيم في أواخر الشهر الماضي إنهم لا يعرفون ما إذا كانت قد عادت إلى العراق.

رجال متهمون بالانتماء لتنظيم «داعش» في سجن بشمال شرقي سوريا في مارس الماضي (نيويورك تايمز)

يضم «مخيم الهول» ومخيم آخر مجاور له، هو مخيم «روج»، حالياً، أكثر من 27 ألف فرد من عائلات مقاتلي تنظيم «داعش»، وفقاً لإدارة المخيمين. ولم توجّه تهمة ارتكاب أي جريمة لأي من أفراد هذه العائلات.

تقع المخيمات في عمق منطقة شمالية شرقية تؤمّنها «قوات سوريا الديمقراطية». ويُحذر مديرو المخيمات من أن جيلاً جديداً ينشأ وقد تم تلقينه أفكار تنظيم «داعش» المتطرفة على أيدي أمهاتهم. قالت حكمية إبراهيم، مديرة «مخيم روج»: «جميع النساء هنا متطرفات. لقد بقين جميعاً مع تنظيم (داعش) حتى النهاية. ولكن المشكلة الكبرى هي أن الأمهات يقمن بتربية أطفالهن وفقاً لآيديولوجية تنظيم (داعش) المتطرفة».

يُشير إداريو المخيمات إلى أن ما يقرب من 60 في المائة من السكان في مخيمَي العائلات هم دون سن 18 عاماً. وقد قضى معظم هؤلاء الأطفال سنوات في مكان تسود فيه الآيديولوجيا المتشددة لتنظيم «داعش». إن أكثر المحتجزين تطرفاً في «الهول» هم بشكل أساسي من دول خارج الشرق الأوسط، مثل طاجيكستان وأذربيجان وفرنسا وروسيا، ويشملون نحو 6000 امرأة وطفل، يعيشون في منطقة منفصلة من المخيم يُحظر على الزوار دخولها؛ لأنها تعتبر شديدة الخطورة، وفقاً لحنان.

يعاني المقيمون بالمخيم من الاستياء والعنف وسوء الحالة الصحية. ويجري تهريب الأسلحة بشكل روتيني، وكثيراً ما تحاول النساء والفتيان الذين هم أكبر سناً الهرب، وفقاً للمسؤولين الإداريين. قالت حنان إن مئات المركبات تدخل يومياً لإحضار الإمدادات، ويمكن استخدامها لتهريب الأشخاص إلى الخارج. وأضافت: «كل يوم، يهرب الناس، ويبدو أنها عملية منظمة. إنهم يعدون أماكن للاختباء في خزانات المياه».

«مخيم الهول»... وهو معسكر اعتقال يقع في شمال سوريا ويخضع لسيطرة الأكراد (قسد) حيث يُحتجز أقارب مقاتلي تنظيم «داعش» (نيويورك تايمز)

يقول المسؤولون الإداريون إنهم بالكاد يستطيعون الحفاظ على تماسك المخيمات، وإن الوضع قد ساء منذ أن قطعت إدارة ترمب هذا العام تمويل وكالة التنمية الدولية الأميركية «USAID» للخدمات الأساسية، مثل إمدادات المياه وحصص الخبز والرعاية الطبية.

وفي حين أن وزارة الخارجية الأميركية سرعان ما استأنفت توزيع المياه والخبز في المخيمات، فقد توقفت جميع خدمات الرعاية الطبية وحماية الأطفال والخدمات التعليمية. قالت حنان إنه بعد تخفيض التمويل، كان هناك ارتفاع في العنف ومحاولات الهروب.

وكانت هناك احتجاجات ضد قرار إدارة ترمب وقف الدفع لبعض المنظمات التي تساعد السكان. وخلال هذه الفترة، هاجم محتجزون في «الهول» مكاتب مجموعات الإغاثة، وحطموا الأبواب والنوافذ وأصابوا الحراس. وقالت إن بعض المحتجزات تجمهرن أمام مكتب حنان، مُطالبات بالخبز والمياه والرعاية الطبية لأطفالهن الرضّع.

وفي أواخر العام الماضي، ارتدى زوجان في «الهول» سترات ناسفة محلية الصنع، وهددا بتفجيرها عندما أتى أفراد «قوات سوريا الديمقراطية» إلى خيمتهما أثناء مداهمة أمنية. وقالت حنان إنه عندما رفض الزوجان الاستسلام، تم إطلاق النار عليهما وقُتلا.

طفل يلعب بطائرة ورقية في «مخيم روج» حيث يزيد عدد سكانه دون سن الثامنة عشرة على النصف بشمال شرقي سوريا يوم 25 مارس (نيويورك تايمز)

يرغب العديد من المحتجزين في مخيمَي «الهول» و«روج» في العودة إلى ديارهم في سوريا أو العراق أو عشرات الدول الأخرى، لكن بعض تلك الدول لا تريدهم بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، مما يترك النساء والأطفال في حالة من الغموض وعدم الاستقرار.

يقول المسؤولون الإداريون في المخيمات إن هناك حاجة ملحة لتقليل أعداد سكان هذه المخيمات. التزم كل من العراق وسوريا بإعادة توطين مواطنيهما، الذين يمثلون أغلب المقيمين في المخيمات.

ووفقاً للأمم المتحدة، كان نحو 40 في المائة من المحتجزين في عام 2024 سوريين. وأعلن العراق في سبتمبر (أيلول) أنه استعاد ما يقرب من 19 ألفاً من مواطنيه، ويستهدف إعادة البقية إلى الوطن بحلول نهاية العام.

ولدى الحكومة السورية جهد مماثل لإعادة مواطنيها في المخيمات إلى ديارهم، ولكن لم تتم إعادة توطين سوى بضع مئات حتى الآن. قالت إيفلين دي هيردت (35 عاماً)، وهي محتجزة بلجيكية، إنه في حين أن بعض النساء في المخيمين ما زلن مخلصات لتنظيم «داعش»، فإن أخريات يردن بشدة العودة إلى عائلاتهن. وأضافت أنها أصيبت بخيبة أمل تجاه التنظيم، وتريد فقط «حياة طبيعية».

أوضحت دي هيردت أنها نشأت كاثوليكية، واعتنقت الإسلام بناء على طلب زوجها، وجاءت معه إلى سوريا في عام 2015. وقالت وهي جالسة على أرضية خيمتها بـ«مخيم روج» في فصل الربيع: «لقد أقنعني بالمجيء إلى هنا لأعيش حياة إسلامية، وكنت حاملاً منه». وأضافت أن ابنتها، آسيا، وُلدت في العام الذي ذهبت فيه إلى سوريا، وبعد أشهر قليلة قُتل زوجها وهو يقاتل في صفوف تنظيم «داعش».

في عام 2019، ومع اشتداد القتال بين تنظيم «داعش» والقوات الدولية الداعمة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، قُتلت آسيا، التي كانت تبلغ من العمر 4 سنوات آنذاك. واحتُجزت دي هيردت في المخيمات. استعادت بلجيكا عدداً صغيراً من النساء اللاتي لديهن أطفال من المخيمين، لكنها رفضت النساء اللاتي أردن العودة ولم يكن لديهن أطفال.

قالت دي هيردت بهدوء: «لأن ابنتي رحلت، فأنا لا أستوفي شروط الأمومة». وهكذا تنتظر، مثل آلاف النساء والأطفال الآخرين، عالقة في الصحراء.