الوساطة الأميركية ــ الفرنسية تكشف عن 3 قضايا عالقة بين أكراد سوريا

«الإدارة الذاتية الديمقراطية» لإقليم شمال وشرق سوريا في بيان إلى الرأي العام (إكس)
«الإدارة الذاتية الديمقراطية» لإقليم شمال وشرق سوريا في بيان إلى الرأي العام (إكس)
TT

الوساطة الأميركية ــ الفرنسية تكشف عن 3 قضايا عالقة بين أكراد سوريا

«الإدارة الذاتية الديمقراطية» لإقليم شمال وشرق سوريا في بيان إلى الرأي العام (إكس)
«الإدارة الذاتية الديمقراطية» لإقليم شمال وشرق سوريا في بيان إلى الرأي العام (إكس)

كثّف المبعوثان الأميركي سكوت بولز والفرنسي فابريس ديبليشان اتصالاتهما مع قادة الأحزاب السياسية الكردية في شمال شرقي سوريا، حيث عقدا اجتماعات ثنائية مع قطبي الحركة «المجلس الوطني الكردي» المعارض وأحزاب «الوحدة الوطنية» بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي».

وقال مصدر مشارك في الاجتماعات إن المبعوثين الأميركي والفرنسي ركّزا، خلال اتصالاتهما مع قادة الأحزاب الكردية، على توحيد الموقف الكردي في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها سوريا والمنطقة، وتشكيل وفد مشترك للسفر إلى العاصمة دمشق لإجراء مباحثات مباشرة مع الإدارة السورية الجديدة التي تقودها «هيئة تحرير الشام» وفصائل المعارضة.

وتعمل واشنطن وباريس لاختراق الجمود السياسي وحالة القطيعة بين قطبي الحركة الكردية المستمرة منذ 4 سنوات، بعدما تعثّرت المباحثات الداخلية بينهما نهاية 2020، وعقد لقاء تصالحي مباشر بين هذه الأحزاب في «المجلس الكردي» و«الوحدة الوطنية»، وتشكيل وفد كردي موحد يشارك في العملية الانتقالية للبلاد.

استعداد للحوار

بدوره، يقول المتحدث الرسمي للمجلس الكردي فيصل يوسف خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» إنهم أبلغوا المبعوث الفرنسي استعدادهم للحوار، في إطار حماية حقوق الشعب الكردي، «المطلوب من الأطراف الكردية اليوم تقييم الأوضاع الجديدة في سوريا، وتبعاتها وانعكاساتها بالدرجة الأولى على شعبنا، وجعل ذلك منطلقاً لأي محادثات داخلية».

فيصل يوسف المتحدث الرسمي للمجلس الوطني الكردي المعارض (الشرق الأوسط)

وأشار يوسف إلى ضرورة الإسراع في التواصل مع السلطات في دمشق، «يتوجب الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي وحقوقه القومية ضمن سوريا لامركزية، ومطلبنا من عموم الشعب السوري تطبيق الفيدرالية في سوريا الجديدة».

ويتهم المجلس الكردي «حزب الاتحاد الديمقراطي» و«قوات سوريا الديمقراطية» بأنهما امتداد لـ«حزب العمال الكردستاني» المحظور في تركيا، والذي يخوض تمرداً عسكرياً هناك منذ 5 عقود راح ضحيته أكثر من 40 ألف مواطن كردي. كما يطالب المجلس بالاعتراف الدستوري بالهوية القومية الكردية وتحقيق اللامركزية السياسية في الحكم، في سياق وحدة الأراضي السورية وعدم التمييز القومي والديني والطائفي.

رسالة الأكراد

وأوضح السياسي الكردي فيصل يوسف أن المطلوب من أكراد سوريا اليوم إيصال رسالة للمجتمع الدولي والعربي، مفادها: «علينا إيصال رسالة إلى المجتمع الدولي والعالم العربي وأطراف المعارضة، أننا أكراد سوريون، ومكون أصيل، ولنا خصوصية داخل بلدنا سوريا، ولسنا مرتبطين بأي طرف أو حزب خارجي، وأن تكون مطالبنا موحدة».

وطفت خلال المباحثات الأميركية الفرنسية مع قادة الأحزاب الكردية 3 قضايا خلافية عالقة على السطح بين الطرفين، وإلى جانب علاقة حزب الاتحاد وقوات «قسد» السورية بحزب العمال الكردستاني التركي؛ يتهم المجلس الكردي هذه الجهات بالتفرد في السلطة ووضع يديها على «الإدارة الذاتية» وهياكل الحكم في المناطق الخاضعة لـ«قسد»، يضاف إليها ضرب الاتفاقات الكردية عرض الحائط وعدم تطبيقها، على الرغم من النداءات الأميركية والأوروبية بضرورة العمل بها.

منعطف مصيري

من جانبه، ذكر بدر ملا رشيد، الباحث المختص بالشأن الكردي في مركز «رامان» للبحوث، أن الحوار الكردي يدخل منعطفاً مصيرياً ومن المفترض أن يتناول طرفا الحوار في الجولة المنتظرة مجموعة من العناوين، التي جرى نقاشها في جولات سابقة وتم تأجيلها مراراً على الرغم من المساعي الأميركية الفرنسية، وقال، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أبرز الملفات الأكثر حساسية، مصير عناصر حزب (العمال الكردستاني)، من غير السوريين، الموجودين في المنطقة»، لافتاً إلى‏ أن قوات «قسد» و«الإدارة الذاتية»، «لا يدركون حتى الآن أبعاد وتبعات سقوط النظام السوري وشبه انهيار كامل الأذرع الإيرانية في المنطقة، بالإضافة إلى الانسحاب الروسي من آلية اتخاذ القرار في مصير سوريا».

الجماعات الكردية

وتتوزع الجماعات السياسية الكردية بسوريا بين إطارين رئيسيين؛ «الوحدة الوطنية الكردية» ويقودها حزب «الاتحاد الديمقراطي السوري»، الذي يعد أحد أبرز الأحزاب التي أعلنت «الإدارة الذاتية» بداية 2014 في 3 مناطق يشكل فيها الأكراد غالبية سكانية، و«المجلس الوطني الكردي» المعارض الذي تشكل نهاية 2011 وينضوي في صفوف «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، ولديه ممثلان في «الهيئة العليا للتفاوض» السورية المعارضة.

ويؤكّد الباحث ملا رشيد أن مصير المباحثات الكردية يتوقف على ضغوط الولايات المتحدة على حلفائها، لافتاً إلى أن «هذه الحوارات لن تكون حلاً سريعاً ناجعاً لتجنيب أهالي المنطقة آثار سياسات حزب الاتحاد و(قسد) التي اتبعوها لسنوات عدّة بحكم المنطقة، كما ستكون لها تبعات كبيرة في حال انهيار الواقع الأمني والعسكري بشمال شرقي سوريا».

اتفاقيات دهوك

ويرهن ملا رشيد مصير «الإدارة الذاتية» وجناحها العسكري بـ«إعلان قيادة (قسد) فك ارتباطها بحزب العمال الكردستاني، فسوريا مقبلة على تغييرات لن يتم قبول آيديولوجيات عابرة للحدود ضمن مشهد اليوم التالي في السياسة» بها. ودعا ملا رشيد إلى العودة السريعة لاتفاقيات «دهوك» و«هولير»، التي وقعت بين قطبي الحركة الكردية بداية 2012 ومنتصف 2015، مع ضرورة إشراك باقي مكونات المنطقة من الشعوب والأديان الأخرى في صيغتها، وختم حديثه قائلاً: «تحتاج منطقتنا إلى قرارات بحجم التغييرات الجذرية في سوريا، خشية حدوث مواجهات عسكرية عنيفة، تؤدي لسقوط (الإدارة الذاتية) وعواقب وخيمة على مناطقنا الكردية».


مقالات ذات صلة

الشرع يناقش مع قادة الفصائل المسلحة «شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة»

المشرق العربي القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع خلال لقائه عدداً من قادة الفصائل العسكرية في دمشق (القيادة العامة في سوريا على تلغرام)

الشرع يناقش مع قادة الفصائل المسلحة «شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة»

قالت القيادة العامة، السبت، إن أحمد الشرع، القائد العام للإدارة السورية الجديدة، ناقش مع قادة من الفصائل العسكرية شكل الجيش الجديد في سوريا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أحمد الشرع زعيم «هيئة تحرير الشام» (وسط) وعلى يساره بالزي العسكري مرهف أبو قصرة المعروف باسم «أبو حسن الحموي» خلال اجتماع بدمشق في 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024 (تلغرام)

الشرع يعين أبو قصرة وزيراً للدفاع في سوريا

قال مصدر رسمي، لوكالة «رويترز» للأنباء، السبت، إن الإدارة الجديدة في سوريا عينت مرهف أبو قصرة المعروف باسم «أبو حسن الحموي» وزيرا للدفاع في حكومة تصريف الأعمال.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقطة من فيديو لعناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» تطلق طائرة مسيّرة تحمل قذيفة مضادة للدبابات

الجماعات الكردية السورية في موقف دفاعي مع تغير ميزان القوى

مع حشد جماعات معادية مدعومة من تركيا ضدها في شمال سوريا، وسيطرة جماعة صديقة لأنقرة على دمشق، تقف الفصائل الكردية الرئيسية في سوريا في موقف دفاعي.

«الشرق الأوسط» (القامشلي - بيروت - أنقرة )
المشرق العربي اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

تحاول الحكومة الإيرانية استعادة بعض نفوذها مع القادة الجدد في سوريا، حيث تواجه طهران صدمة فقدان سلطتها المفاجئ في دمشق عقب انهيار نظام بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي متطوع سوري يساعد الشرطة في تنظيم حركة المرور بدمشق (أ.ف.ب)

مدنيون سوريون يتطوعون لتنظيم ازدحام السير في دمشق بعد سقوط النظام

عند تقاطع مروري في منطقة أبو رمانة بدمشق، يبذل متطوعون شباب بلباس مدني كلّ ما في وسعهم؛ لتنظيم السير في مدينتهم التي تختنق بازدحام السيارات والفوضى المرورية.


حليفان للشرع للخارجية والدفاع... وضم امرأة

سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
TT

حليفان للشرع للخارجية والدفاع... وضم امرأة

سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)

خارج المخيمات باشر القائد العام للحكم الجديد في سوريا، أحمد الشرع، رسم معالم حكومته الأولى بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. ومنح الشرع منصب وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة لحليف وثيق له من مؤسسي «هيئة تحرير الشام» هو أسعد حسن الشيباني، ووزير الدفاع لحليف آخر هو مرهف أبو قصرة (أبو الحسن 600)، فيما ضم أول امرأة لحكومته هي عائشة الدبس التي خُصص لها مكتب جديد يُعنى بشؤون المرأة.

وجاءت هذه التعيينات في وقت باشرت فيه حكومات أجنبية اتصالاتها مع الحكم الجديد في دمشق وغداة إعلان الولايات المتحدة أنَّها رفعت المكافأة التي كانت تضعها على رأس الشرع بتهمة التورط في الإرهاب، البالغة 10 ملايين دولار.

وعقد الشرع اجتماعاً موسعاً أمس مع قادة فصائل عسكرية «نوقش فيه شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة»، بحسب ما أعلنت القيادة العامة التي يقودها زعيم «هيئة تحرير الشام».

وتزامنت هذه التطورات مع إعلان «الجيش الوطني» المتحالف مع تركيا أنَّ مقاتليه يتأهبون لمهاجمة «الوحدات» الكردية شرق الفرات، في خطوة يُتوقع أن تثير غضباً أميركياً. وفي هذا الإطار، برز تلويح مشرعين أميركيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بفرض عقوبات على تركيا إذا هاجمت الأكراد السوريين.