الجيش السوري يبدأ مرحلة المسيّرات المفخخة

دمشق تعلن إحباط عملية تسلل الفصائل إلى نقاط عسكرية في ريف اللاذقية

الجيش يسقط 7 طائرات مسيّرة في إدلب والرقة (سانا)
الجيش يسقط 7 طائرات مسيّرة في إدلب والرقة (سانا)
TT

الجيش السوري يبدأ مرحلة المسيّرات المفخخة

الجيش يسقط 7 طائرات مسيّرة في إدلب والرقة (سانا)
الجيش يسقط 7 طائرات مسيّرة في إدلب والرقة (سانا)

وسط أنباء عن بدء الجيش السوري مرحلة جديدة من استخدام سلاح المسيرات في شمال وغرب سوريا، أعلنت وزارة الدفاع في دمشق إحباط محاولة تسلل لمجموعة مسلحة إلى أحد المواقع العسكرية في ريف اللاذقية الشمالي.

وقالت في بيان، يوم الأحد: «تصدت وحدة من قواتنا المسلحة العاملة على اتجاه ريف اللاذقية الشمالي لمجموعة إرهابية حاولت التسلل إلى أحد مواقعنا العسكرية». وأضاف البيان: «تمكنت قواتنا المسلحة من قتل وإصابة معظم عناصر المجموعة، وسحب جثث ثلاثة من الإرهابيين القتلى».

وكانت وزارة الدفاع السورية، قد أفادت، الجمعة الماضية، بإسقاط وحدات من الجيش عدداً من الطائرات المسيّرة، قالت إنها تتبع «التنظيمات الإرهابية» في ريفي إدلب والرقة. وأوضحت أن طائرتين منهما أميركية الصنع، حاولت «الاعتداء على نقاطنا العسكرية والسكان المدنيين في القرى والبلدات الآمنة» في ريفي إدلب والرقة.

مسيرة انتحارية للجيش السوري تستهدف سيارة مدنية في قسطون بسهل الغاب فبراير الماضي (الدفاع المدني السوري)

يأتي ذلك وسط أنباء عن بدء الجيش السوري مرحلة جديدة من استخدام سلاح المسيّرات في إدلب، بعمق 10 كيلومترات، مع الإشارة إلى أن الجيش السوري وجه ضربات عدة على محور ريف حلب الغربي بصواريخ مضادة للدروع وبعض الضربات جرت بعمق أكثر من 5 كيلومترات عن خطوط التماس.

الدفاع المدني السوري في شمال غربي سورية حذر، الجمعة، من هجمات الطائرات المسيّرة المفخخة، «الانتحارية»، والصواريخ الموجهة التي ازداد استخدامها مؤخراً من قبل القوات السورية وحلفائها، بوصفها «تصعيداً خطيراً» يهدد حياة المدنيين في ظل ضعف الاستجابة الإنسانية.

وأوضح، أن بين الهجمات، استهداف سيارة مدنية محملة بأغصان أشجار على الطريق الواصل بين قريتي سرجة وبينين، وهجوماً استهدف دراجة نارية يستقلها مدني قرب قرية الرويحة، وهجومين بين قريتي سرجة وكفرحايا.

ومن جانبها، قالت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من الحكومة، إن الجيش استهدف، السبت، 4 مسيّرات قتالية، ودكت مدفعيته مواقع للفصائل المعارضة في منطقتي سهل الغاب غرب حماة وجبل الزاوية جنوب إدلب، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد من مسلحي المعارضة. ونقلت «الوطن» عن مصدر ميداني إفادته بقيام غرفة عمليات «الفتح المبين» باستهداف نقاط عسكرية للجيش السوري في منطقة خفض التصعيد، بقذائف صاروخية جرى الرد عليها بغزارة نارية، وبالتوازي، مع إغارة الطيران الحربي الروسي على مواقع للفصائل المعارضة المسلحة في محيط قرية الغسانية بريف إدلب الغربي، وتمركزاتهم في تلال الكبينة بمنطقة جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي.

متداولة لاستهداف الجيش السوري سيارة في جبل الزاوية جنوب إدلب بمسيّرة

وأعلنت فصائل غرفة عمليات (الفتح المبين) على محور مدينة سراقب بريف إدلب الجنوبي، قتلها عنصراً من الجيش السوري قنصاً، بينما استهدفت مسيّرة تركية قرية في ريف حلب ضمن مناطق سيطرة القوات التركية والجيش السوري.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بقيام فصائل المعارضة المسلحة باستهداف مواقع للجيش السوري بقذائف «الهاون»، وذلك على محور قرية الملاجة بريف إدلب الجنوبي، ضمن منطقة خفض التصعيد «بوتين – إردوغان» دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.

استعراض عسكري في الكلية الحربية بحمص قبل استهدافها بالمسيّرات أكتوبر الماضي (سانا)

ووفق المرصد، ارتفع عدد القتلى العسكريين والمدنيين باستهدافات برية ضمن منطقة خفض التصعيد إلى 83 قتيلاً منذ بداية العام الحالي، وذلك خلال 88 عملية تنوعت ما بين هجمات وعمليات قنص واشتباكات واستهدافات ومسيّرات انتحارية، كما أصيب بتلك العمليات أكثر من 34 من العسكريين و49 من المدنيين بينهم 6 أطفال بجراح متفاوتة.

ومنذ السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي احتدمت الاشتباكات في مناطق خفض التصعيد في الشمال السوري بعد تفجير حفل تخرج في الكلية الحربية بحمص الذي قُتل فيه أكثر من 120 قتيلاً عسكريين ومدنيين من أهالي الخريجين.

ورغم إعلان انتهاء العملية الانتقامية السورية ـ الروسية المشتركة، بعد نحو شهر من إطلاقها، فإن الاشتباكات استمرت في مناطق خفض التصعيد، دون تحقيق تغييرات على مناطق السيطرة على الأرض.

اقرأ أيضاً



دعوات عراقية لعقد المؤتمر الأول لـ«الإقليم السني» في سبتمبر المقبل

السوداني خلال استقباله شيوخ عشائر من الأنبار في مناسبة سابقة (مكتب رئاسة الوزراء)
السوداني خلال استقباله شيوخ عشائر من الأنبار في مناسبة سابقة (مكتب رئاسة الوزراء)
TT

دعوات عراقية لعقد المؤتمر الأول لـ«الإقليم السني» في سبتمبر المقبل

السوداني خلال استقباله شيوخ عشائر من الأنبار في مناسبة سابقة (مكتب رئاسة الوزراء)
السوداني خلال استقباله شيوخ عشائر من الأنبار في مناسبة سابقة (مكتب رئاسة الوزراء)

على الرغم من تواصل الحديث عن قضية «الإقليم السني» منذ سنوات طويلة نسبياً، فإن الأسابيع القليلة الماضية شهدت تصاعداً غير مسبوق في المطالبة بإقامته وصل حتى تحديد الشخصية العشائرية رعد السليمان شهر سبتمبر (أيلول) المقبل موعداً لانعقاد المؤتمر العام في محافظة الأنبار لمناقشة قضية الإقليم بحضور عدد كبير من ممثلي المحافظات ذات الأغلبية السنية (الأنبار، ونينوى، وديالى، وصلاح الدين).

ومع ذلك، تشير مصادر سياسية مطلعة إلى أن القوى السنية الرئيسية لا تتداول موضوع الإقليم حتى في «كواليسها الخاصة».

وحتى مع عدم تعويل معظم المصادر والاتجاهات السنية على الحملة «الترويجية» التي «يشنها» رعد السليمان حول موعد «مؤتمر الإقليم»، إلا إنهم يقرون ضمناً بترحيب معظم السكان السنّة بفكرة الإقليم، لكنهم يعترفون بأن فكرة الإقليم غير قابلة للتحقيق ما لم تتوفر فيها عناصر كثيرة؛ في مقدمتها موافقة الشريك الشيعي الذي يهيمن على معظم مفاصل القوة والنفوذ في البلاد، إلى جانب أهمية العوامل الإقليمية والدولية.

ويلاحظ سياسي سني تحدث لـ«الشرق الأوسط» أن «القادة السياسيين السنة يحجمون عن الحديث علناً حول قضية الإقليم، ولعلهم يبدون قدراً من الاستياء العلني من تحركات السليمان، لكنهم يضمرون سعادة خفية، و(يريدون) التعبير عن رغباتهم الدفينة ورغبات مواطنيهم شبه العلنية».

ويعزو السياسي ذلك إلى «معرفة القادة السنة الدقيقة بممانعة الفاعل الشيعي رغم إقرار الدستور بحق المحافظات في إقرار إقليمها. فضلاً عن الانقسامات الشديدة داخل البيت السني التي تعدّ من بين الأسباب التي تحول دون تحقيق مطلب الإقليم».

وتعطي «المادة 119» من دستور البلاد الدائم الحق لكل محافظة أو أكثر في إنشاء إقليمها الخاص من خلال استفتاء ينفذ بطريقتين: «أولاً: طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم. ثانياً: طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم».

محمد الحلبوسي مع شيوخ العموم لعشائر محافظة الأنبار العام الماضي (البرلمان العراقي)

ورغم حماس القوى الشيعية لـ«المادة 119» والإصرار على تثبيتها في دستور البلاد الذي أُقر عام 2005، فإنها اليوم تعارض علناً إنشاء الأقاليم، ولا تسمح به حتى في المناطق ذات الأغلبية الشيعية مثل محافظة البصرة الجنوبية التي ما زالت تتردد فيها دعوات لإعلانها إقليماً.

وتقول مصادر سياسية متطابقة ومقربة من كواليس القوى السنية إن «قضية الإقليم باتت معقدة جداً، رغم معرفة جميع القوى السنية بأنه (إنشاء الإقليم) بات مطلباً جماهيرياً ولا بديل غيره، بالنظر إلى ملامح التغول التي تبديها القوى الشيعية في معظم مفاصل الدولة».

وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «موقف القوى السنية من الرغبة الشعبية يقع في منطقة الحيرة، وهذا ربما ما لا تعرفه القوى الشيعية، ذلك أن تحقيق مطلب الإقليم صعب إن لم يكن مستحيلاً خلال هذه السنوات».

وبشأن الدعوات المتكررة التي يطلقها رعد السليمان مؤخراً، ترى المصادر أن «السليمان لا يعد شخصية فاعلة أو مؤثرة في المشهد السني رغم امتداداته العشائرية، لكن القادة السنة يدركون صعوبة تحقيق ذلك راهناً».

ولا يستبعد أن تكون قضية الإقليم «(مورد صدام جديداً للقوى السنية) في حال سار البعض على هذه الطريق، بالنظر إلى الصراعات الحاصلة بين أطرافها. نعم الفكرة موجودة، لكن لا وجود لجهة سياسية معتبرة تدعمها وتخطط لتجسيدها على الأرض».

ويعتقد أحد المصادر أن «الدعوات الجديدة للإقليم تدفع باتجاهها أطراف تبحث عن مساحة سياسية ما ضمن الفضاء السني والعراقي بشكل عام، لكن الزعامات الرئيسية تستبعد فكرة الإقليم حالياً ولا تناقشها حتى في كواليسها السياسية».

ويعتقد أيضاً أن قضية الأقاليم بشكل عام «مرتبطة بالفاعل السياسي الشيعي، الذي يدفع بقية الأطراف إلى حافة الهاوية من خلال سلوكه السلطوي الذي يفتقر إلى النضوج والاستقامة».

من جانبه، حذّر محافظ نينوى الأسبق والقيادي في حزب «متحدون»، أثيل النجيفي، الثلاثاء، من إثارة موضوع الإقليم السُني في محافظة الأنبار.

وقال النجيفي في تدوينة عبر منصة «فيسبوك»: «هناك تحرك إعلامي متسرع في الأنبار لإثارة موضوع الإقليم السني، يتزعمه شيوخ عشائر».

وأضاف أن «إقامة الإقليم أكثر تعقيداً من مجرد الدعوة له، أو الاستماع لمشجعين من خارج الحدود، أو تقديم دعم إعلامي يفتقد الإجماع الوطني، ويفتقد القدرة الأمنية على حماية نفسه، والقدرة الاقتصادية على استمراره، فضلاً عن عدم قناعة مناطق وجماعات سنية كثيرة بالمشروع أو الاختلاف في بعض تفاصيله».

ويؤيد النجيفي «فكرة الأقاليم الإدارية وليست المذهبية، وحتى هذه الفكرة تحتاج إلى قناعة عراقية شاملة بأهميتها وليست الدعوة إليها من جانب واحد، ولا أجد الوقت مناسباً لإثارتها».