«مهرجان العراق الدولي» يواجه انتقادات شديدة و«العصائب» تركب الموجة

تصادفت إقامته مع «اليوم الوطني» للبلاد وحضره فنانون عرب

متظاهرون يتجمعون في ساحة التحرير ببغداد لإحياء الذكرى الخامسة للمظاهرات المناهضة للحكومة عام 2019 الأحد الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون يتجمعون في ساحة التحرير ببغداد لإحياء الذكرى الخامسة للمظاهرات المناهضة للحكومة عام 2019 الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

«مهرجان العراق الدولي» يواجه انتقادات شديدة و«العصائب» تركب الموجة

متظاهرون يتجمعون في ساحة التحرير ببغداد لإحياء الذكرى الخامسة للمظاهرات المناهضة للحكومة عام 2019 الأحد الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون يتجمعون في ساحة التحرير ببغداد لإحياء الذكرى الخامسة للمظاهرات المناهضة للحكومة عام 2019 الأحد الماضي (أ.ف.ب)

قوبل «مهرجان العراق الدولي» الذي أقيم، مساء الثلاثاء، في ساحة الاحتفالات الكبرى في «المنطقة الخضراء»، حيث توجد فيها معظم المقار الرئاسية، بموجة انتقادات شديدة عبرت عنها مختلف الاتجاهات المدنية والثقافية والدينية، بالنظر للخطأ الذي وقعت فيه المطربة شذى حسون أثناء غنائها للنشيد الوطني، إلى جانب ما رافقه من ظهور ممثلات وموديلات بملابس «تفتقر إلى الحشمة» بنظر كثيرين الأمر الذي زاد من حدة الانتقادات الموجهة للمهرجان أقيم بالتزامن مع «اليوم الوطني» للبلاد الذي صادف الثلاثاء.

ورغم أن نقابة الفنانين العراقية أعلنت أنها غير مسؤولة أو راعية للمهرجان، أو أن المهرجان لم يحظ بدعم حكومي، فإن معظم الانتقادات وجهت إلى السلطات الرسمية واتهمتها بتمويل المهرجان من «أموال الشعب».

وتناولت انتقادات الجانب الثقافي والفني من المهرجان، ورأت أنه «متواضع وغير مفيد» رغم حضور مجموعة كبيرة من الفنانين العرب لأول مرة إلى بغداد في مهرجان من هذا النوع، ومن بين الحضور الفنانات، هالة صدقي وصفية العمري وبشرى منذر، وإيناس الدغيدي ودانيلا رحمة، إضافة إلى الممثل السوري جمال سليمان والإماراتي حبيب غلوم.

وتباينت الآراء حول الجهة الحقيقة المنظمة للمهرجان، وما إذا كانت رسمية أو غير رسمية، لكن بعض المقربين من كواليسه يؤكدون أنه من تنظيم شركة فنية تابعة للمطربة شذى حسون وممول من جهات راعية غير رسمية.

ولم يشهد المهرجان حضورا رسميا، باستثناء حضور وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي وهو من الشخصيات المنضوية تحت مظلة قوى «الإطار التنسيقي».

وشأن معظم الاحتفالات التي تقام في بيئة اجتماعية محافظة «وشبه دينية»، واجه المهرجان موجة انتقادات شديدة انتقلت عدواها إلى بعض الكتل والجماعات السياسية، في مؤشر على «رغبة بعض الجماعات في إحراج حكومة السوداني» ومن ورائه قوى «الإطار التنسيقي» التي عارضت وانتقدت في أوقات سابقة مهرجانات من هذا النوع ومنعت إقامتها في بعض الأحيان.

لكن اللافت أن «عصائب أهل الحق» أحد الأطراف المهمة في الإطار التنسيقي، ركبت موجة الانتقادات الشديدة للحفل ودعت إلى محاسبة القائمين عليه، وبعد بيان شديد اللهجة أصدرته الجماعة ضد المهرجان، أعلن النائب عن كتلة «الصادقون» التابعة للعصائب محمد البلداوي، اليوم الأربعاء، جمع تواقيع نيابية لمحاسبة القائمين على المهرجان.

وقال البلداوي في تصريحات إعلامية إن «ما جرى في ساحة الاحتفالات لا يمت للعراق بأي صلة، وإن الإساءة للعراق في احتفالية العيد الوطني انتكاسة على المستوى الثقافي». وأضاف أن «الاحتفال لم يراع فاجعة الحمدانية والمناسبات الدينية، والحفل جرى في مكان الاحتفال بعيد الجيش والمناسبات الرسمية ولا يمكن اعتباره حرية شخصية».

وهاجم عضو «العصائب» والمفوض في هيئة الإعلام والاتصالات محمود الربيعي المهرجان بقوة، وقال في تدوينة عبر منصة «إكس»: «الإساءة للعراق والعراقيين في المهرجان المخزي بساحة الاحتفالات، ومظاهر السقوط والانحلال لن نسمح أن تمر بلا حساب ولا عقاب». وأضاف أن «إقالة المسؤولين ومحاسبتهم على هذه الإساءة مهما كانت عناوينهم ومناصبهم لن تداوي الجرح لكنها ستمنع تكراره، حاربنا المحتوى الهابط في المواقع ولن نسكت عنه في الواقع».

وهاجم عضو «العصائب» ورئيس لجنة الشهداء والضحايا في البرلمان، حسن سالم هو الآخر المهرجان عبر بيان مطول، طالب فيه رئيس الوزراء ووزير الثقافة بـ«منع تكرار مثل هذه المهرجانات ومحاسبة المسؤولين عليها لمخالفتها الشرائع الدينية والأعراف الاجتماعية».

بدوره، أعرب «مركز النخيل للحقوق والحريات الصحافية»، الأربعاء، عن أسفه لحجم «الإسفاف والابتذال» الذي رافق فعاليات مهرجان العراق الدولي. ودعا المركز في بيان إلى «إجراء تحقيق بمجريات هذا المهرجان والمسؤول عن توجيه الدعوات ووفق أي أسس تمت، كونها قضية تمس اسم العراق ويومه الوطني». وشدد على «ضرورة التحقيق بالمعلومات والأنباء كافة التي تحدثت عن إنفاق مبالغ مالية كبيرة على هذا الحدث الذي أثار استهجان الأوساط الشعبية والفنانين والمثقفين والإعلاميين».


مقالات ذات صلة

أنباء عن زيارة قاآني لبغداد قبل زيارة السوداني إلى طهران

المشرق العربي السوداني يتوسط وزير الدفاع ثابت العباسي ورئيس أركان الجيش الفريق أول عبد الأمير رشيد يار الله خلال مراسم إحياء ذكرى تأسيس الجيش العراقي (رئاسة الوزراء)

أنباء عن زيارة قاآني لبغداد قبل زيارة السوداني إلى طهران

حسم رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الجدل بشأن ما أُشيع عن تلقيه رسالة تحذير أميركية تتعلّق بـ«الحشد الشعبي» والفصائل المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي كلية الإسراء - إعلام الكلية

العراق... هجوم مسلح على كلية أهلية يصيب 6 أشخاص

شن شاب مسلح، الأحد، هجوماً على كلية الإسراء الأهلية الواقعة في تقاطع الأندلس ببغداد، وأسفر الهجوم عن إصابة 6 أشخاص.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني: نجحنا في إبعاد العراق عن الحرب والحزام الناري

السوداني: نجحنا في إبعاد العراق عن الحرب والحزام الناري

صعّد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، من موقفه حيال تواتر الأنباء مؤخراً بشأن احتمالية حصول تغيير غير مسبوق في العراق أو تعرضه لضربة إسرائيلية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي الرئيس الجديد للبرلمان العراقي محمود المشهداني (رويترز)

سنة العراق... يواصلون التمسك بالتغيير السلمي المستند إلى الدستور

في مقابل تأكيدات القوى والشخصيات السياسية الشيعية على «متانة» نظام الحكم، بات من غير المتعذر سماع أصوات سنية، وهي تطالب بالتغيير وتعديل معادلة الحكم «المختلة».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يلتقي المشهداني الجمعة (رئاسة الوزراء العراقية)

السوداني يسخر من دعاة التغيير... والمشهداني يدعو إلى تعديلات جذرية

بينما سخر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من الدعوات لتغيير النظام السياسي في البلاد، طالب رئيس البرلمان محمود المشهداني بإجراء تعديلات جذرية في النظام.

حمزة مصطفى (بغداد)

سكان القنيطرة السورية محبطون بسبب عدم اتخاذ إجراءات لوقف التقدم الإسرائيلي

سيارات تمر أمام دوار يرفع العلم السوري الجديد بعد الإطاحة بنظام الأسد في مدينة السلام التي كانت تُسمّى سابقاً مدينة البعث نسبة للحزب الحاكم في القنيطرة بسوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)
سيارات تمر أمام دوار يرفع العلم السوري الجديد بعد الإطاحة بنظام الأسد في مدينة السلام التي كانت تُسمّى سابقاً مدينة البعث نسبة للحزب الحاكم في القنيطرة بسوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)
TT

سكان القنيطرة السورية محبطون بسبب عدم اتخاذ إجراءات لوقف التقدم الإسرائيلي

سيارات تمر أمام دوار يرفع العلم السوري الجديد بعد الإطاحة بنظام الأسد في مدينة السلام التي كانت تُسمّى سابقاً مدينة البعث نسبة للحزب الحاكم في القنيطرة بسوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)
سيارات تمر أمام دوار يرفع العلم السوري الجديد بعد الإطاحة بنظام الأسد في مدينة السلام التي كانت تُسمّى سابقاً مدينة البعث نسبة للحزب الحاكم في القنيطرة بسوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)

أُغلق طريق رئيسي في عاصمة محافظة القنيطرة في جنوب سوريا بأكوام من التراب وأشجار النخيل المتساقطة وعمود معدني، يبدو أنه كان في السابق إشارة مرور، بينما يمكنك رؤية دبابة إسرائيلية وهي تتجول في منتصف الشارع على الجانب الآخر من الحواجز.

ودخلت القوات الإسرائيلية المنطقة -التي تقع في منطقة عازلة تحرسها الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان التي تم إنشاؤها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974 بين سوريا وإسرائيل- بعد وقت قصير من سقوط الرئيس بشار الأسد الشهر الماضي في الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاماً في البلاد. كما توغل الجيش الإسرائيلي في الأراضي السورية خارج المنطقة العازلة، مما أثار احتجاجات السكان المحليين.

وقال سكان إن القوات الإسرائيلية هدمت منازل ومنعت المزارعين من الذهاب إلى حقولهم في بعض المناطق. وفي مناسبتين على الأقل، ورد أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على المتظاهرين الذين اقتربوا منها. وقال سكان القنيطرة -وهي منطقة ريفية تتألّف من قرى صغيرة وبساتين زيتون- إنهم يشعرون بالإحباط، سواء بسبب التقدم الإسرائيلي أو بسبب الافتقار إلى التحرك من جانب السلطات السورية الجديدة والمجتمع الدولي، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت سيدة تُدعى ريناتا، إن القوات الإسرائيلية داهمت مباني الحكومة المحلية، ولكنها لم تدخل الأحياء السكنية حتى الآن. ويقع منزل ريناتا داخل المنطقة المحاصرة حديثاً في العاصمة الإقليمية التي كانت تُسمّى سابقاً مدينة البعث، على اسم الحزب الحاكم السابق للأسد، التي سُمّيت الآن «مدينة السلام». وأضافت أنها تخشى أن تتقدم القوات الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك.

ولا تزال إسرائيل تسيطر على مرتفعات الجولان التي استولت عليها من سوريا خلال حرب عام 1967، وأعلنت ضمها لاحقاً من طرف واحد. ويعدّها المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة، منطقة محتلة.

وقالت ريناتا إنها تدرك أن سوريا التي تحاول الآن بناء مؤسساتها الوطنية وجيشها من الصفر، ليست في وضع يسمح لها بمواجهة إسرائيل عسكرياً. وتساءلت: «لكن لماذا لا يخرج أحد في الدولة السورية الجديدة ويتحدث عن الانتهاكات التي تحدث في محافظة القنيطرة وضد حقوق شعبها؟».

واتهمت الأمم المتحدة إسرائيل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974 بدخول المنطقة العازلة. قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن قوات بلاده ستبقى «حتى يتم التوصل إلى ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل». وكان نتنياهو يتحدث من قمة جبل الشيخ المغطاة بالثلوج، وهو أعلى جبل في سوريا، والمعروف عند الإسرائيليين بجبل حرمون، الذي استولت عليه القوات الإسرائيلية الآن.

قال مسؤول إسرائيلي -تحدّث شرط عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مخوّل بالتعليق- إن الجيش سيبقى في المنطقة التي استولى عليها حتى يقتنع بأن السلطات السورية الجديدة لا تشكل خطراً على إسرائيل.

وقد تقدّمت الحكومة السورية الجديدة بشكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بشأن الغارات الجوية الإسرائيلية والتقدم داخل الأراضي السورية. وتبدو الأولوية لحكام سوريا الجدد محاولة تعزيز السيطرة على البلاد، وتحويل خليط من الفصائل المعارضة السابقة إلى جيش وطني جديد، والدفع نحو رفع العقوبات الغربية.

كما قال الزعيم الفعلي الجديد للبلاد، أحمد الشرع إن سوريا لا تسعى إلى صراع عسكري مع إسرائيل، ولن تشكل تهديداً لجيرانها أو للغرب. في غضون ذلك، تُرِك سكان القنيطرة إلى حد كبير ليدافعوا عن أنفسهم.

في قرية الرفيد داخل المنطقة العازلة، قال السكان المحليون إن الجيش الإسرائيلي هدم منزلين مدنيين وبستان أشجار بالإضافة إلى موقع سابق للجيش السوري. وقال رئيس البلدية عمر محمود إسماعيل إنه عندما دخلت القوات الإسرائيلية القرية استقبله ضابط إسرائيلي وقال له: «أنا صديقك». وقال إسماعيل: «قلت له: أنت لست صديقي، وإذا كنت كذلك فلن تدخل بهذه الطريقة».

وواجه السكان المحليون الذين نظموا احتجاجاً نيراناً إسرائيلية في الدوايا، وهي قرية خارج المنطقة العازلة، كان عبد الرحمن خالد العقة البالغ من العمر 18 عاماً مستلقياً في منزل عائلته يوم الأحد، ولا يزال يتعافى بعد إصابته برصاصة في ساقيه. وقال العقة إنه انضم إلى نحو 100 شخص من المنطقة في 25 ديسمبر (كانون الأول) احتجاجاً على التوغل الإسرائيلي، مرددين هتافات «سوريا حرة... إسرائيل اخرجي!».

وقال: «لم يكن معنا أي أسلحة، كنا هناك فقط بالملابس التي نرتديها»، وأضاف: «لكن عندما اقتربنا منهم، بدأوا إطلاق النار علينا».

وفقاً لسكان وتقارير إعلامية، أُصيب ستة متظاهرين. كما أُصيب رجل آخر في 20 ديسمبر في حادث مماثل بقرية المعرية. وقال الجيش الإسرائيلي، في ذلك الوقت، إنه أطلق النار؛ لأن الرجل كان يقترب بسرعة ويتجاهل دعوات التوقف.

«الاحتلال يحتل أرضنا»

كان عادل صبحي العلي، وهو مسؤول ديني سني محلي، يجلس مع ابنه البالغ من العمر 21 عاماً، معتصم، الذي كان يتعافى بعد إصابته برصاصة بالمعدة في احتجاج 25 ديسمبر. فقد تم نقل ابنه أولاً إلى مستشفى محلي لم تكن لديه القدرة على علاجه، ثم إلى دمشق حيث خضع لعملية جراحية.

عندما رأى العلي الدبابات الإسرائيلية تتقدم، قال: «شعرنا أن الاحتلال يحتل أرضنا. لذلك كان علينا الدفاع عنها، على الرغم من أننا لم نكن نملك أسلحة... من المستحيل أن يستقرّوا هنا».

وقال إنه منذ يوم الاحتجاج، لم يعد الجيش الإسرائيلي إلى المنطقة. ودعا العلي المجتمع الدولي إلى «الضغط على إسرائيل للعودة إلى ما تم الاتفاق عليه مع النظام السابق»، في إشارة إلى اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974، وإعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا. لكنه أقر بأن بلاده ليس لديها نفوذ يُذكر.

وقال العلي، مردداً صدى زعماء سوريا الجدد: «نحن نبدأ من الصفر، نحن بحاجة إلى بناء دولة». وتابع: «نحن بصفتنا دولة لسنا مستعدين الآن لفتح حروب مع دولة أخرى».