الغلاء يضرب «الولائم الرمضانية» في مصر

مواطنون تخلوا عن بعض عاداتهم السنوية بسبب التضخم

معرض «أهلاً رمضان» الحكومي لعرض السلع الرمضانية (صفحة وزارة التموين والتجارة الداخلية على «فيسبوك»)
معرض «أهلاً رمضان» الحكومي لعرض السلع الرمضانية (صفحة وزارة التموين والتجارة الداخلية على «فيسبوك»)
TT

الغلاء يضرب «الولائم الرمضانية» في مصر

معرض «أهلاً رمضان» الحكومي لعرض السلع الرمضانية (صفحة وزارة التموين والتجارة الداخلية على «فيسبوك»)
معرض «أهلاً رمضان» الحكومي لعرض السلع الرمضانية (صفحة وزارة التموين والتجارة الداخلية على «فيسبوك»)

رغم سعادة المصرية الستينية نادية السيد، بحلول شهر رمضان، فإنها حملت عناء «وليمة» أول أيامه، التي تجمع بناتها الثلاث وأزواجهن وأطفالهن، «في عادة سنوية لم تنقطع منذ 10 سنوات»، بحسب حديثها لـ«الشرق الأوسط».

وأضافت ربة المنزل، التي تقطن بحي شبرا الخيمة (التي تُعد قسماً جغرافياً من القاهرة الكبرى)، أنه رغم بهجة التجمع العائلي، فإن الوليمة ستكلفها مادياً بشكل كبير، مقارنة بالأعوام الماضية، نتيجة ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والأرز والزيوت.

ويستقبل المصريون شهر رمضان هذا العام في ظل أعباء اقتصادية، بعد أن أرهق غلاء الأسعار مختلف فئات المصريين على مدار الأشهر الماضية، بالتزامن مع ارتفاعات متتالية في أسعار السلع منذ بداية العام الحالي، خصوصاً أسعار المواد الغذائية، ومنتجات الألبان، واللحوم والدواجن، مدفوعة بتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار (الدولار يساوي 48.9 جنيه مصري).

وتعد تجمعات وولائم الأهل والأقارب طقساً رمضانياً متعارفاً عليه تحرص الأسر عليه لا سيما في أول أيام الصيام، إلا أن «الغلاء طال هذه الموائد»، بحسب الأم المصرية، التي تشير إلى أنها أمام أسعار هذا العام لجأت إلى الدواجن بدلاً من اللحوم، التي تجاوز الكيلوغرام منها الـ400 جنيه في الأسواق، إلا أنها مع توجهها للشراء فوجئت أيضاً بارتفاع أسعار الدواجن اليوم لتسجل 105 جنيهات للكيلوغرام.

وتفاقم التضخم في مدن مصر خلال فبراير (شباط) للمرة الأولى بعد 4 أشهر من التراجعات، نتيجة ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية والخدمات.

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الأحد، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية قفز إلى 35.7 في المائة في فبراير من 29.8 في المائة في يناير (كانون الثاني)، مدفوعاً بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات.

وارتفعت أسعار الأغذية والمشروبات بنسبة 50.9 في المائة على أساس سنوي في الشهر الماضي. أما على أساس شهري، فزادت وتيرة التضخم إلى 11.4 في المائة.

عودة إلى «السيد»، التي قالت: «اشتريت 3 دجاجات، كلفتني نحو 600 جنيه، بخلاف الأرز (35.4 جنيه للكيلو)، وغيره من متطلبات إعداد وليمة رمضان من خضراوات، وهي بالطبع أسعار مرتفعة الثمن تفوق قدرتي الشرائية، فهذه الدجاجات الثلاث كان يمكنني شراؤها العام الماضي بأقل نحو مائتي جنيه».

وعملت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة التموين، خلال الأيام الماضية على ضخ كميات كبيرة من اللحوم الحمراء الطازجة والمستوردة والدواجن بمعارض «أهلاً رمضان» الحكومية، وكذلك داخل منافذ المجمعات الاستهلاكية، بتخفيضات نحو 30 في المائة عن السوق الحرة.

كما أعلن وزير التموين المصري علي المصيلحي، قبل أيام، عن التعاقد على كميات ضخمة من رؤوس الماشية من السودان وجيبوتي، إضافة إلى التعاقد على 25 ألف طن دواجن برازيلي مجمدة تم تسلم 7 آلاف رأس طن منها، وجارٍ توريد باقي الكميات بمعدل 2000 طن شهرياً.

في جانب آخر من القاهرة، أوضحت الثلاثينية مروة ياسين، الموظفة الحكومية، أن حالة الغلاء فرضت عليها الاستغناء عن بعض العادات والأصناف الرمضانية التي اعتادت عليها، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «استغنيت بداية عن شراء الياميش والمكسرات التي أفضلها، بعد ارتفاع أسعارهما هذا العام، كما استغنيت عن إعداد عصائر رمضان الشهيرة مثل السوبيا والتمر هندي والخروب، التي يفضلها أبنائي وزوجي، حيث تتطلب هذه الأنواع كميات كبيرة من السكر، الذي لا يمكنني الحصول عليه حالياً نتيجة ارتفاع سعره وشحه بالأسواق».

وشغل السكر اهتمام المصريين خلال الأسابيع الماضية، في ظل شكاوى من عدم توافره في الأسواق والمجمعات الاستهلاكية، وبلوغ ثمنه نحو 55 جنيهاً، بحسب وسائل إعلام محلية.

وشدد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي، على أن شغل الحكومة الشاغل خلال الفترة المقبلة، هو تدبير السلع التي كانت تشهد نقصاً، نتيجة للنقص السابق في الموارد الدولارية، وعلى رأسها سلعة السكر.

وهي الكلمات التي صرح بها خلال إشرافه على الإفراج الفوري عن الشحنات والسلع الأساسية التي كانت عالقة بالموانئ المصرية، ما يسهم في زيادة حجم المعروض السلعي بالأسواق، على نحو يساعد في إحداث توازن للأسعار وانخفاضها خلال الفترة المقبلة؛ وهو ما يأتي في إطار حرص الدولة على تخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل المواطنين.

أمام غلاء الأسعار، ظهرت قبل حلول شهر رمضان دعوات ومبادرات لعدم المغالاة في الولائم، والاقتصاد في الوجبات، خصوصاً مع ارتفاع الأسعار. منها مبادرة «وجبة الخير من بيتك»، التي أطلقتها الدكتورة داليا الحزاوي، الخبيرة الأسرية والاجتماعية، ومؤسس «ائتلاف أولياء أمور مصر»، حيث تهدف هذه المبادرة إلى تشجيع أولياء الأمور على تجميع الفائض عن حاجاتهم كل يوم في شهر رمضان، من أجل إعادة توزيعه على المحتاجين، وذلك بعد تغليفه بشكل لائق في عبوات.

وقالت الحزاوي لـ«الشرق الأوسط»: «شهر رمضان له طقوس خاصة في مصر، فهو شهر اجتماع الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران على مائدة الإفطار، لكن نظراً لاستمرار الأزمة الاقتصادية يتطلب ذلك إيجاد أفكار بديلة، وهو ما تسعى إليه المبادرة، فجزء منها تكافلي لصالح المحتاجين، وجانب آخر للتكامل بين الأسر باللجوء إلى ما يعرف بـ(ديش بارتي) أو المشاركة، فهي تعد حلاً اقتصادياً ومبتكراً لتخفيف أعباء ميزانية الأسرة في رمضان، خصوصاً في ظل ارتفاع تكاليف السلع الأساسية».



تراجع مؤشر أسعار الغذاء العالمي في ديسمبر بقيادة السكر

فلسطينيون يتزاحمون للحصول على مساعدات غذائية في جنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتزاحمون للحصول على مساعدات غذائية في جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

تراجع مؤشر أسعار الغذاء العالمي في ديسمبر بقيادة السكر

فلسطينيون يتزاحمون للحصول على مساعدات غذائية في جنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتزاحمون للحصول على مساعدات غذائية في جنوب قطاع غزة (رويترز)

أظهرت بيانات يوم الجمعة أن مؤشر أسعار الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة انخفض في ديسمبر (كانون الأول) الماضي مقارنة بمستويات شهر نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، بقيادة انخفاض أسعار السكر العالمية، لكنه لا يزال يُظهر ارتفاعاً قوياً على أساس سنوي.

وانخفض المؤشر، الذي جمعته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) لتتبع السلع الغذائية الأكثر تداولاً على مستوى العالم، إلى 127.0 نقطة الشهر الماضي من 127.6 نقطة معدلة في نوفمبر. وكان الرقم المسجل في نوفمبر قد تم تحديده سابقاً عند 127.5 نقطة.

وقالت «الفاو» إن أسعار السلع في ديسمبر ارتفعت بنسبة 6.7 في المائة على أساس سنوي، لكنها ظلت أقل بنسبة 20.7 في المائة عن أعلى مستوى على الإطلاق الذي بلغته في مارس (آذار) عام 2022.

وبالنسبة لعام 2024 ككل، بلغ متوسط ​​المؤشر 122.0 نقطة، وهو أقل بنسبة 2.1 في المائة من متوسطه في عام 2023، حيث عوضت الانخفاضات الكبيرة في أسعار الحبوب والسكر زيادات أصغر في أسعار الزيوت النباتية ومنتجات الألبان واللحوم.

وتصدرت أسعار السكر الانخفاض الشهري في ديسمبر، حيث انخفضت بنسبة 5.1 في المائة على أساس شهري بفضل تحسن آفاق محصول قصب السكر في البلدان المنتجة الرئيسية، لتتراجع بنسبة 10.6 في المائة من مستواها في ديسمبر 2023.

وانخفضت أسعار منتجات الألبان بعد سبعة أشهر متتالية من الزيادات، حيث خسرت 0.7 في المائة عن نوفمبر، لكنها لا تزال تسجل مكسباً بنسبة 17.0 في المائة على أساس سنوي. وانخفضت أسعار الزيوت النباتية بنسبة 0.5 في المائة على أساس شهري، لكنها ارتفعت بنسبة 33.5 في المائة عن مستواها قبل عام.

وارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 0.4 في المائة في ديسمبر مقارنة بنوفمبر، وبلغت 7.1 في المائة أعلى من قيمتها في ديسمبر 2023.

ولم يشهد مؤشر أسعار الحبوب لدى منظمة الأغذية والزراعة تغيرا يذكر في الشهر الماضي مقارنة بشهر نوفمبر، وكان أقل بنسبة 9.3 في المائة عن مستواه قبل عام، حيث عوض ارتفاع طفيف في أسعار الذرة انخفاض أسعار القمح، حسبما ذكرت منظمة الأغذية والزراعة.

ولم تقدم منظمة الأغذية والزراعة توقعات جديدة لإنتاج الحبوب العالمي، ومن المقرر أن تصدر التقديرات التالية الشهر المقبل.